الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هوزان وأهل الطائف وغيرهم فإنى له إجماع إقامة هذا القدر، وإنما أقام بهذا القدر بنية أن يخرج غدًا فلم يتفق وهكذا قوله [فما رأيته ترك الركعتين إذا زاغت الشمس] وهذه صلاة الزوال، وهذا دليل على أن ابن عمر رأى التأكد (1) منفيًا دون التنفل مطلقًا [وروى عن ابن عمر إلخ] هذه الروايات عن ابن عمر تشير إلى تعارض في قوله ورواياته، لكنها تجتمع بما قدمنا من أن الإنكار والنفي للتأكد والإثبات للنوافل والسنن مطلقًا.
قوله [ولم ير طائفة من أهل العلم أن إلخ] المراد بذلك أنها لا تبقى سنة، لا أنها لا تبقى جائزة، والفرق بين القول الأول وبين هذا القول أن (2) الأولون لم يخرجوها عن السنية بل التأكد، وهؤلاء أخرجوها عن التأكد والسنية كليهما، وإنما الباقي فضل الصلوات كما قاله الترمذي بقوله ومن تطوع فله إلخ، قوله [وهي وتر النهار] إنما عدها وتر النهار لما أن أثر النهار من الضياء والاشتغال بالأعمال وغير ذلك باق إليه، وقد قال بعض أهل الظاهر لا يجوز الإفطار إلا بعد زمان من الغروب مساو لزمان الصبح الصادق.
[باب الجمع بين الصلاتين
(3)].
(1) كما تقدم قريبًا.
(2)
هكذا في الأصل، وله عدة توجيهات لا تخفى على من مارس كتب النحو.
(3)
اعلم أنهم اختلفوا في الجمع بين الصلاتين في غير عرفة والمزدلفة على ستة أقوال: الأول لا يجوز مطلقًا، وهو قول الحنفية والحسن وابن سيرين وإبراهيم النخعي والأسود، ورواية ابن القاسم عن مالك وبه قال ابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وجابر بن زيد وأسود وعمر بن عبد العزيز والليث وغيرهم، الثاني يجوز كما يجوز القصر، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق ومن المالكية أشهب، الثالث يجوز إذا جد به السير، قاله مالك، الرابع يجوز إذا أراد به قطع الطريق، الخامس مكروه، قاله مالك في رواية المصريين عنه، السادس يجوز جمع تأخير لا جمع تقديم، وهو اختيار ابن حزم، وروى عن مالك وأحمد، وما قال النووي أن صاحبي أبي حنيفة خالفاه، رد عليه صاحب الغاية، والبسط في الأوجز.
والجواب عنه أن الجمع بينهما لا يخلو من أن يكون في وقت العصر أو الظهر أو وقتيهما، فتعيين أحد هذه المحتملات تعيين من غير دليل، مع أن الذي عينوه (1) يخالف صريح قوله تعالى {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} وحاصل الجواب أنه لما لم يكن في الحديث تنصيص بجمعهما في وقت إحداهما، وإنما الاحتمال (2) باق فقط، فلا يجوز العمل بمجرد الاحتمال على خلاف كتاب الله المجيد، ولفظة عجل إنما معناها التعجيل عن وقتها المعهود لا عن أصل الوقت، والصلاة في الحالتين أي في قوله عجل العصر وقوله أخر الظهر واقعة في وقت واحد (3) والفرق في التعبير فقط، مع أن رواية ابن عمر الآتية من بعد ذلك فيها تصريح بما عينا من أحد الاحتمالات وهو ما سيأتي من قوله حدثنا هناد إلى أن قال حتى غاب الشفق فالقصة التي رووها عن ابن عمر أنه استغيث على بعض أهله، ففي هذه القصة تصريح في رواية أبي داؤد (4) والنسائي من أنه قرب الشفق للغروب، وليس المراد الغروب حقيقة، فوجب حمله عليه
(1) أي من الجمع في وقت إحداهما.
(2)
أي لم يبق بعد ذلك إلا الاحتمال فقط.
(3)
أي في وقت هذه الصلاة.
(4)
ولفظ رواية أبي داؤد عن نافع وعبد الله بن واقد أن مؤذن ابن عمر قال: الصلاة، قال: سر حتى إذا كان قبل غيوب الشفق نزل فصلى المغرب ثم انتظر حتى غاب الشفق فصلى العشاء ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عمل به أمر صنع مثل الذي صنعت الحديث، وقد وردت في هذا المعنى عدة روايات ذكرت في الأوجز.
أيضًا، وإلا فكيف يصح المعنيان والقصة واحدة، أو يراد بالشفق الحمرة، فكان وقت المغرب باقيًا على مذهب الإمام، ثم قال ابن عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، فوجب حمل ما ورد من الروايات جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين على هذا، وإلا فكيف يصح قوله: كان النبي صلى الله عليه وسلم إلخ.
قوله [باب ما جاء في صلاة (1) الاستسقاء] قد اشتهر في المتون من مذهب الإمام أنه لا صلاة في الاستسقاء، والمراد بذلك نفى سنيتها ودخولها في أركان الاستسقاء لما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم دعا للمطر وهو يخطب (2) ليوم الجمعة، وكذلك ثبت منه صلى الله عليه وسلم استسقى ولم يصل (3)، وأما استحباب الصلاة في الاستسقاء وجوازها فيه، فلا ينكر إذ هو أدعى للإجابة، وأما تحويل الرداء فعلى هذا القياس (4) وهو أن يجعل يمين ردائه يسارًا ويساره يمينًا، وتحته فوقًا وفوقه تحتًا. وأما جعل ظهره بطنًا وبطنه ظهرًا فليس يجتمع بهذين، قوله [وصلى ركعتين كما كان
(1) ههنا عدة أبحاث نفيسة بسطت في الأوجز في اللغة وفي السبب وفي بدء الشرعية وفي حكم الصلاة ووقتها وكيفيتها وتكرارها إذا لم يمطروا.
(2)
وهو حديث الداخل في الخطبة، فقال: يا رسول الله هلك الكراع هلك الشاء، الحديث المشهور في الأمهات.
(3)
أي لم يذكر الصلاة فيها بل ذكر الاستسقاء بمجرد الدعاء كما بسطت الروايات في الأوجز على أنه عز اسمه رتب إرسال السماء على مجرد الاستغفار، فقال تعالى {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} قال السرخسي: والأثر الذي روى أنه صلى الله عليه وسلم صلى شاذ فيما تعم به البلوى وما يحتاج العام والخاص إلى معرفة لا يقبل فيه شاذ، وهذا مما تعم به البلوى في ديارهم، انتهى.
(4)
أي ليس بسنة عند الإمام وبه قال بعض المالكية ومسنون عند صاحبي أبي حنيفة والأئمة الثلاثة ثم اختلفوا في كيفية التحويل كما بسطت في الأوجز في مسالكهم.