الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن الآخر وبين انقلاب الماهية وتبدلها مع أن بينهما (3) بينًا لا يدركه قياس والمجوز للاستعمال المزيل لنجاسة هو هذا لا ذاك ولا يذهب عليك أن اعتبار عموم البلوى إنما يكون في فصل مجتهد فيه كما أن محمدًا حين شاهد تعسر أهل بلده وزمانه عن احتراز ذلك الطين أفتى بما ذهب إليه مالك وإن كان مخالفًا لما ذهب إليه وليس المراد بذلك أن الناس حين تعاوروا أمرًا وتعاملوا به حكم بجوازه وإن كان حرامًا بالنص أو غيره.
[باب في كراهية المرور بين يدي المصلي]
.
[قوله لكان أن يقف أربعين خيرًا له] وأنت تعلم ماذا في وقوف أربعين من الجوع والعطش ونزول الأمطار والرياح الهوج (1) وبرد الليل وشمس النهار وهلاك الأهل والعيال إلى غير ذلك، فهذا كله يكون سهلاً له نظرًا إلى ما في المرور بين يدي المصلي من الإثم والعذاب وقد علم من الرواية الأخرى أنها أربعون سنة.
[باب ما جاء لا يقطع الصلاة شيء]
لما كان اشتهر بينهم قطع الصلاة من الحمار والكلب والمرأة لما ورد في ذلك من الرواية فكان من قال بالقطع حكم بالقطع من الثلاثة ومن لم ير ذلك (2) لم ير القطع بشيء من هذه الثلاثة فكان
(3) قال المجد: البين يكون فرقة ووصلاً واسمًا وظرفًا متمكنًا والبعد وبالمكسر الناحية والفصل بين الأرضين.
(1)
قال المجد: الهوجاء الريح تقلع البيوت جمعه هوج.
(2)
أي من الجمهور وإلا فالتفريق ثابت عن الإمام أحمد كما سيأتي في كلام الترمذي أيضًا وحكاه عن إسحاق أيضًا وأما غيرهما من جمهور الفقهاء فلا قائل بالفصل منهم فالأئمة الثلاثة والجمهور قالوا بأن الصلاة لا تبطل بمرور شيء من هذه الثلاثة ولا غيرها والظاهرية قالوا يقطعها مرور واحد من الثلاثة المذكورة والبسط في الأوجز.
إثبات القطع بأحد هذه الثلاثة إثبات القطع بكل منها وإثبات عدم القطع بكل منها إنما يثبت بإثبات القطع (1) بأحد منها كان إثبات عدم القطع بمرور الحمار الذي هو أحد الثلاثة كافيًا في إثبات ما عقد الباب عليه وبذلك يظهر انطباق الدليل على ما استدل به عليه.
قوله [فمرت بين أيديهم] أي داخل سترة الإمام (2) إذ لو كان خارجها لم يثبت استدلال ابن عباس على مرامه ومع ذلك فإن اللفظ آب إلا عن مروره بين السترة وبينهم لأنهم لما كانوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم والسترة كانت أمامه فالمرور أمام السترة يستدعي بعدها عنهم جدًا مع أن لفظ بين أيديهم مشعرة بقربها عنهم وكذلك يدل عليه أن راكبها كان يريد الشمول في جماعة الصلاة وهذا يقتضي إرسالها قريبًا من الصف للاستعجال لئلا يفوت الركعة.
قوله [إلا الكلب الأسود والحمار والمرأة] أما القطع فقطع خشوع الصلاة وخضوعها والكلب الأسود لما فيه من قلة الحزم وعدم التيقظ الذي لا يبعثه على الفرار إذا تحرك المصلي أو ركع وسجد، أما في سائر الكلاب فليس كذلك فإنها تتوحش وتتنفر بقليل تحرك مع ما ورد فيه من قوله عليه السلام الكلب الأسود شيطان (3) ولذلك حرم بعضهم صيد الأسود من الكلاب وأما الحمار فلما فيه
(1) هكذا في الأصل والظاهر فيه سقوط من الناسخ والثواب عدم القطع.
(2)
اختلفت مهرة الحديث في صلاته صلى الله عليه وسلم هذه هل كانت فيها السترة أم لا، وإلى الأول ظاهر ميل البخاري إذ بوب عليه سترة الإمام سترة لمن خلفه وحققه العيني في شرحه لهذا المحل وهو محل كلام الشيخ وذهب البيهقي إلى الثاني إذ بوب عليه من صلى إلى غيره سترة وبه جزم الشافعي كما حكاه الحافظ والبسط في الفتح والعيني.
(3)
وفي البذل حمله بعضهم على ظاهره وقال إن الشيطان يتصور بصورة الكلاب وقيل بل هو أشد ضررًا من غيره فسمى شيطانًا، انتهى.