المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الوضوء بالنبيذ] - الكوكب الدري على جامع الترمذي - جـ ١

[رشيد الكنكوهي]

فهرس الكتاب

- ‌تقديمبقلم: فضيلة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي

- ‌مقدمة المحشى

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌أبواب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء لا تقبل صلاة إل

- ‌[باب الاستنجاء بالماء]

- ‌[باب ما جاء إذا استيقظ أحدكم إلخ]

- ‌[باب في التسمية عند الوضوء]

- ‌[باب المضمضة والاستنشاق من كف واحد]

- ‌[باب في تخليل اللحية]

- ‌ باب الوضوء مرة مرة، وليس هذا بشيء]

- ‌[باب وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان]

- ‌[باب في النضح]

- ‌[باب كراهية الإسراف في الوضوء]

- ‌[باب الوضوء لكل صلاة]

- ‌[باب في وضوء الرجل والمرأة من إناء واحد]

- ‌[باب ما جاء أن الماء طهور لا ينجسه شيء]

- ‌[باب كراهية البول في الماء الراكد]

- ‌[باب في ماء البحر آه]

- ‌[باب التشديد في البول إلخ]

- ‌[باب ما جاء في بول ما يؤكل لحمه]

- ‌[باب ما جاء في الوضوء من الريح]

- ‌[باب الوضوء من النوم]

- ‌[باب الوضوء مما غيرت النار]

- ‌[باب الوضوء من لحوم الإبل]

- ‌[باب الوضوء من مس الذكر]

- ‌[باب الوضوء من القيء والرعاف]

- ‌[باب الوضوء بالنبيذ]

- ‌[باب في كراهية رد السلام غير متوضئ]

- ‌[باب ما جاء في سور الكلب إلخ]

- ‌[باب ما جاء في سور الهرة، قوله إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات]

- ‌[باب المسح على الخفين، قوله وهذا حديث مفسر]

- ‌[باب في المسح أعلى الخف وأسفله]

- ‌[باب في المسح على الجوربين والنعلين]

- ‌[باب ما جاء في الغسل من الجنابة]

- ‌[باب ما جاء أن تحت كل شعر جنابة]

- ‌[باب ما جاء إذا التقى الختانان إلخ]

- ‌[باب في من يستيقظ ويرى بللا]

- ‌[باب ما جاء في المني والمذي]

- ‌[باب في المذي في الثوب، فقال بعضهم لا يجزئ إلا الغسل]

- ‌[باب في المني يصيب الثوب، صفراء]

- ‌[باب الجنب ينام قبل أن يغتسل إل

- ‌[باب ما جاء في مصافحة الجنب]

- ‌[باب ما جاء في المرأة ترى مثل ما يرى الرجل]

- ‌[باب الرجل يستدفئ بالمرأة بعد الغسل]

- ‌[باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء]

- ‌[باب في المستحاضة

- ‌[باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة

- ‌[باب المستحاضة تغتسل عند كل صلاة]

- ‌[باب ما جاء في مباشرة الحائض]

- ‌[باب الحائض تتناول الشيء من المسجد]

- ‌[باب في كراهية إتيان الحائض]

- ‌[باب ما جاء في غسل دم الحيض من الثوب]

- ‌[باب كم يمكث النفساء]

- ‌[باب إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء]

- ‌[باب ما جاء في الوضوء من الموطئ]

- ‌[باب ما جاء في التيمم]

- ‌[باب]

- ‌[باب البول يصيب الأرض]

- ‌أبواب الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ باب التغليس بالفجر]

- ‌[باب ما جاء في تعجيل الظهر]

- ‌[باب الرخصة في السمر بعد العشاء]

- ‌[باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل]

- ‌[باب ما جاء في النوم عن الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة الوسطى أنها العصر]

- ‌[باب الصلاة بعد العصر]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة قبل المغرب]

- ‌[باب ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر]

- ‌[باب ما جاء في الجمع بين الصلاتي

- ‌[باب بدء الأذان]

- ‌[باب ما جاء في الترجيع

- ‌[باب من أذن فهو يقيم]

- ‌[باب كراهة الأذان]

- ‌[باب ما جاء أن الإمام أحق بالإقامة]

- ‌[باب ما جاء في الأذان بالليل

- ‌[باب كراهية الخروج عن المسجد بعد الأذان]

- ‌[باب الأذان في السفر]

- ‌[باب فضل الأذان]

- ‌[باب ما جاء الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن]

- ‌[باب ما يقول إذا أذن المؤذن]

- ‌[باب كم فرض الله على عباده من الصلوات]

- ‌[باب ما جاء في فضل الجماعة]

- ‌[باب فيمن سمع النداء فلا يجيب]

- ‌[باب الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة]

- ‌[باب فضل العشاء والفجر في جماعة]

- ‌[باب فضل الصف الأول]

- ‌[باب إقامة الصفوف]

- ‌[باب ما جاء ليليني منكم أولو الأحلام والنهي]

- ‌[باب ما جاء في كراهة الصف بين السواري]

- ‌[باب الصلاة خلف الصف وحده]

- ‌[باب الرجل يصلي ومعه رجل]

- ‌[باب الرجل يصلي مع الرجلين]

- ‌[باب من أحق بالإمامة يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله إل

- ‌[باب في نشر الأصابع عند التكبي

- ‌[باب فضل التكبيرة الأول

- ‌[باب ما جاء في ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم]

- ‌[باب ما جاء أنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب]

- ‌[باب ما جاء في التأمين]

- ‌[باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال]

- ‌[باب رفع اليدين عند الركوع والسجود]

- ‌[باب ما جاء في النهي عن القراءة]

- ‌[باب ما جاء فيمن لا يقيم صله في الركوع والسجود]

- ‌[باب وضع الركبتين]

- ‌[باب ما جاء في السجود على الجبهة والأنف]

- ‌[باب ما جاء في التجافي في السجود]

- ‌[باب ما جاء في وضع اليدين ونصب القدمين]

- ‌[باب إقامة الصلب إذا رفع رأسه]

- ‌[باب كراهية الإقعاء بين السجدتين]

- ‌[باب ما جاء في التشهد التحيات

- ‌[باب منه أيضًا]

- ‌[باب ما جاء في الإشارة]

- ‌[باب ما جاء أن حذف السلام سنة]

- ‌[باب ما يقول إذا سلم]

- ‌[باب ما جاء في القراءة خلف الإمام]

- ‌[باب النوم في المسجد]

- ‌[باب ما جاء في كراهة البيع والشراب وإنشاد الضالة والشعر في المسجد]

- ‌[باب ما جاء في المسجد الذي أسس على التقوى

- ‌[باب ما جاء لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى]

- ‌[باب المشي إلى المسجد]

- ‌[باب القعود في المسجد]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الخمرة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الحصير]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على البسط]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة في الحيطان]

- ‌[باب في كراهية المرور بين يدي المصلي]

- ‌[باب ما جاء لا يقطع الصلاة شيء]

- ‌[باب الصلاة في الثوب الواحد]

- ‌[باب ما جاء في ابتداء القبلة

- ‌[باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة]

- ‌[باب كراهية ما يصلي إليه]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الدابة]

- ‌[باب الصلاة عند النعاس]

- ‌[باب من أم قومًا وهم له كارهون]

- ‌[باب ما جاء إذا صلى الإمام قاعدًا فصلوا قعودًا]

- ‌[باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيًا]

- ‌[باب ما جاء في الإشارة]

- ‌[باب التسبيح للرجال والتصفيق للنساء]

- ‌[باب ما جاء في كراهية التثاؤب في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء إن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم]

- ‌[باب فيمن يتطوع جالسًا]

- ‌[باب ما جاء لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار]

- ‌[باب ما جاء في كراهة مسح الحصى في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في كراهة النفخ في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في النهي عن الاختصار

- ‌[باب التشبيك]

- ‌[باب طول القيام في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في قتل الأسودين في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في سجدتي السهو قبل السلام]

- ‌[باب ما جاء في سجدتي السهو بعد السلام والكلام]

- ‌[باب ما جاء في التشهد في سجدتي السهو]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة في النعال]

- ‌[باب ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة]

- ‌[باب في نسخ الكلام في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة عند التوبة]

- ‌[باب متى يؤمر الصبي بالصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الرجل يحدث بعد التشهد]

- ‌[باب ما جاء إذا كان المطر فالصلاة في الرحال]

- ‌[باب التسبيح في إدبار الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الدابة في الطين والمطر]

- ‌[باب ما جاء في الاجتهاد في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة]

- ‌[باب من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة]

- ‌[باب ما جاء في الكلام بعد ركعتي الفجر]

- ‌[باب ما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر]

- ‌[باب ما جاء إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكنوبة]

- ‌[باب فيمن تفوته الركعتان قبل الفجر

- ‌[باب ما جاء أنه يصليهما في البيت]

- ‌[باب ما جاء في فضل التطوع

- ‌[باب منه

- ‌أبواب الوتر

- ‌[باب ما جاء في فضل الوتر]

- ‌[باب ما جاء أن الوتر ليس بحتم]

- ‌[باب ما جاء في الوتر بخمس]

- ‌[باب ما جاء ما يقرأ في الوتر]

- ‌[باب ما جاء في الوتر على الراحلة]

- ‌[باب ما جاء في صلاة الضحى]

- ‌[باب صلاة الحاجة]

- ‌[باب صلاة الاستخارة]

- ‌[باب صلاة التسبيح]

- ‌أبواب الجمعة

- ‌[باب فضل الجمعة]

- ‌[باب ما جاء أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة]

- ‌[باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر]

- ‌[باب ما جاء في الخطبة على المنبر]

- ‌[باب القراءة على المنبر]

- ‌[باب في استقبال الإمام إذا خطب]

- ‌[باب في الركعتين إذا جاء الرجل والإمام يخطب]

- ‌[باب ما جاء في كراهية الاحتباء والإمام يخطب]

- ‌[باب رفع الأيدي في الدعاء على المنبر]

- ‌[باب فيمن يدرك من الجمعة ركعة]

- ‌[باب ما جاء في السفر يوم الجمعة]

- ‌[باب السواك والطيب يوم الجمعة]

- ‌أبواب العيدين

- ‌[باب في صلاة العيدين قبل الخطبة]

- ‌[باب أن صلاة العيدين بغير أذان ولا إقامة]

- ‌[باب القراءة في العيدين]

- ‌[باب التكبير في العيدين

- ‌[باب لا صلاة قبل العيدين ولا بعدها

- ‌[باب في خروج النساء في العيدين]

- ‌[باب ما جاء في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العيد في طريق ورجوعه من طريق]

- ‌[باب في الأكل يوم الفطر قبل الخروج]

- ‌أبواب السفر

- ‌[باب الجمع بين الصلاتين

- ‌[باب في صلاة الكسوف]

- ‌[باب ما جاء في صلاة الخوف]

- ‌[باب خروج النساء]

- ‌[باب في كراهة البزاق في المسجد]

- ‌[باب ما يقول في سجود القرآن]

- ‌[باب ما ذكر فيمن فاته حزبه من الليل فقضاه بالنهار]

- ‌[باب ما جاء من التشديد في الذي يرفع رأسه قبل الإمام

- ‌[باب ما جاء في الذي يصلي الفريضة ثم يؤم الناس]

- ‌[باب الرخصة في السجود على الثوب]

- ‌[باب ما ذكر مما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح إلخ]

- ‌[باب ما ذكر في الالتفات في الصلاة]

- ‌[باب الرجل يدرك الإمام ساجدًا]

- ‌[باب كراهية أن ينتظر الناس الإمام وهم قيام]

- ‌[باب في تطييب المساجد]

- ‌[باب كراهية الصلاة في لحف النساء]

- ‌[باب ما ذكر في قراءة السورتين في ركعة]

- ‌[باب في الاغتسال عندما يسلم الرجل]

- ‌[باب ما ذكر من التسمية في دخول الخلاء]

- ‌[باب ما يستحب من التيمن في الطهور]

- ‌[باب ما يجزئ من الماء]

الفصل: ‌[باب الوضوء بالنبيذ]

الأولى على الكثير والثانية على القليل وأيضًا فقد ورد في قول علي رضي الله تعالى عنه أو وسعة (1) تملأ الفم.

[وقد جود حسين المعلم إلخ] أي أورد هذا الحديث جيدًا.

وروى [معمر هذا الحديث إلخ] فيه خطأ من وجهين بل ثلاثة ترك الأوزاعي فإنه قال عن يحيى بن كثير عين يعيش بن الوليد، والثاني وضع خالد بن معدان موضع معدان بن أبي طلحة، والثالث ترك قوله عن أبيه.

[باب الوضوء بالنبيذ]

النبيذ أقسام (2) نقوع التمر غير مطبوخ والامتراء

(1) ذكره في الهداية فقال وقول على حين عد الأحداث أو وسعة تملأ الفم وذكر الزيلعي أنه غريب ثم قال: وأخرج البيهقي في الخلافيات عن أبي هريرة مرفوعًا يعاد الوضوء من سبع وعد فيها من وسعة تملأ الفم ثم قال وضعف فإن فيه سهل بن عفان والجارود بن يزيد وهما ضعيفان. انتهى.

(2)

قال ابن عابدين: محل الخلاف ما إذا ألقى في الماء تميرات حتى صار حلوًا رقيقًا غير مطبوخ ولا مسكر فإن لم يحل فلا خلاف في جواز الوضوء به أو أسكر فلا خلاف في عدم الجواز وطبخ فكذلك في الصحيح كما في المبسوط ورجح غيره الجواز، انتهى، فعلم من ذلك أن النبيذ أربعة أنواع ومراد الشيخ القسم الأخير من أنواع ابن عابدين المختلف فيه عند صاحب المبسوط وغيره وتوضيح ذلك أن الماء إذا ألقى فيه تميرات حتى صار حلوًا رقيقًا غير مطبوخ فيجوز الوضوء به عندنا مطلقًا سواء وجد الماء أو لا؟ خلافًا لهم، وهذه مسألة لا خلاف فيها عندنا وهي مسألة الماء المخلوط بالشيء وهم لا يجوزون الطهارة بذلك ولذا يؤلون روايات غسل الميت بالماء والسدر ورواية خلط الملح في غسل المستحاضة ورواية غسل الكافر بماء وسدر وغسله صلى الله عليه وسلم رأسه بالحظمى والاجتزاء بذلك وغير ذلك من الروايات الكثيرة، والحنفية قائلون بجواز ذلك لهذه الروايات وغيرها وهذه المسألة هي التي قال فيها الشيخ لا امتراء فيها، ومسألة أخرى هي خلافية بيننا أيضًا وهي مسألة النبيذ وهي الذي قال فيها الشيخ، إنما الخلاف واحتياج الإثبات إنما هو في ثاني أقسامه، قال العيني قال ابن بطال: اختلفوا في الوضوء بالنبيذ فقال مالك والشافعي وأحمد لا يجوز الوضوء بينه ومطبوخه مع عدم الماء ووجوده تمرًا كان أو غيره وقال أبو حنيفة لا يجوز الوضوء به مع وجود الماء فإذا عدم فيجوز بمطبوخ التمر خاصة، وقال الحسن جاز الوضوء بالنبيذ، وقال الأوزاعي جاز بسائر الأنبذة وروى عن علي أنه كان لا يرى بأسًا بالوضوء بنبيذ التمر، وقال عكرمة: النبيذ وضوء من لم يجد الماء، وقال إسحاق: النبيذ الحلو أحب إلى من التيمم وجمعهما أحب، انتهى.

ص: 119

في جواز الوضوء وإن لم يسلمه المخالفون كيف والأخبار فيه مستفيضة وقال النبي صلى الله عليه وسلم تمرة طيبة وماء طهور وهو منادي الصم بصوت جمهوري أن اختلاط الطاهر بالماء لا يخرجه من الطهورية سواء كان ذلك الشيء مما يقصد به النظافة أو لم يكن وإنما الخلاف واحتياج الإثبات إنما هو في ثاني أقسامه وهو المطبوخ الذي لم يبلغ حد السكر لكنه صار حلوًا، وأما القسم الثالث الذي صار مسكرًا فلا يجوز التوضئ به عندنا أيضًا فنقول لما كان إطلاق النبيذ على النقيع وجب أن يحمل على أحد القسمين الباقيين ومن الظاهر أن عبد الله بن مسعود ذلك الفقيه الأجل شأنه أرفع من أن يأخذ في أدواته ما بلغ الاسكار وصار حرامًا لا سيما وكان مطمح نظره أن يشربه النبي صلى الله عليه وسلم فإنما كان قد أخذ النبيذ الحالي لوفور رغبته صلى الله عليه وسلم في شرب الحالي فلم يبق المفتقر إلى الإثبات إلا القسم الثاني وهو ما حصل له بالطبخ تغير ما ولم يبلغ أن يسكر فالتوضئ بذلك الماء الذي لم يبق ماء مطلقًا وإن لم يجز

ص: 120

نظرًا إلى ظاهر قوله تعالى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} لأنه لم يبق ماء مطلقًا والآية تتناول المطلق منه إلا أن فعله صلى الله عليه وسلم صار تفسيرًا للآية ببيان أن هذا الماء ملحق بالماء المطلق وترك القياس في مقابلة النص وكيف لا والحديث (1) صحيح أقربه الترمذي في التفسير (2) وأما قولهم إن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه لم يكن معه صلى الله عليه وسلم ليلة الجن مستندًا بما قاله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه لم يك مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة (3) الجن منا أحد، فالجواب عنه (4) أن ليلة الجن كانت غير مرة فإنكار المعية في مرة

(1) كيف وقد رواه أربعة عشر رجلاً مثل ما رواه أبو زيد بسطها العيني في شرح البخاري وتبعه الشيخ في البذل.

(2)

قلت: الحديث الذي أقر الترمذي بصحته في التفسير هو حديث اغتيل واستطير، والحديث الذي ذكر فيه كون ابن مسعود معه صلى الله عليه وسلم وقال فيه حسن غريب صحيح من هذا الوجه ذكره قبيل التفسير.

(3)

قال ابن رسلان: نقل ابن السمعاني أن ابن المديني نقل باثني عشر طريقًا أن ابن مسعود كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن، انتهى.

(4)

جزم بهذين الجوابين العيني في شرح البخاري والبيهقي والحافظ بالثاني فقط على أن المثبت مقدم على النافي، وقال ابن قتيبة معناه لم يكن معه غيري وذكر الشيخ في البذل أن ذهاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجن وقع ست مرات فيمكن أن يكون ابن مسعود معها في بعضها ولم يكن في بعضها، وقد ذكر الترمذي كونه معه وصححه، انتهى، قلت: وهذه المواضع الستة على ما في السعاية من آكام المرجان وتلخيصه لقط المرجان هكذا الأولى هي الليلة التي قيل فيها أنه اغتيل أو استطير وكانت بمكة ولم يحضرها ابن مسعود معه صلى الله عليه وسلم كما في رواية مسلم والترمذي في تفسير سورة الأحقاف وغيرهما، والثانية كانت بمكة بالحجون جبل بها، والثالثة كانت بأعلى مكة وقد غاب النبي صلى الله عليه وسلم فيها في الجبال، والرابعة كانت بالمدينة ببقيع الغرقد وفي هذه الليالي الثلاث حضر ابن مسعود معه صلى الله عليه وسلم، والخامسة خارج المدينة حضرها الزبير بن العوام، والسادسة في بعض أسفاره حضرها بلال بن الحارث، انتهى.

ص: 121

من تلك المرات لا يستلزم إنكار معيته في التارة الأخرى أو المعنى أنه لم يكن منا معه في موضع تعليمه الأحكام إياهم إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أجلسه على حدة منهم وخط حوله خطأ ومنعه أن يخرج منه كما هو مصرح في الروايات.

[وقوله أبو زيد رجل مجهول] قول من غير بينة ولا دليل ليس لمدعيه إلى إثباته من سبيل ولا يجب تسليمه على أن عدم علم المؤلف بحاله لا يخرجه عن الشهرة والمعلومية إلى الغربة والجهالة كيف وقد روى (1) عنه جماعة.

[قال أبو عيسى وقول من قال إلخ] هذا بظاهره لا يرد، لكن الحديث الصحيح لما أخبره أن النبيذ ملحق بالماء المطلق صار ما قلنا أشبه بكتاب الله تعالى وأولى به مع موافقته لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.

[وقوله باب المضمضة من اللبن] لما كان فيه نم الدسومة (2) ما يبقى به

(1) فقد قال ابن العربي: إن أبا زيد مولى عمرو بن حريث روى عنه راشد بن كيسان العبسي وأبو روق وبهذا يخرج عن حد الجهالة ولا يعرف إلا بكنيته فيجوز أن يكون الترمذي أراد به أنه مجهول الاسم ولا يضر ذلك فإن جماعة من الرواة لا تعرف أسمائها وإنما عرفوا بالكنى قاله العيني وفي البذل عن البدائع: أما أبو زيد فهو مولى عمرو بن حريث فكان معروفًا في نفسه وبمولاه فالجهالة بعد الته لا يقدح في روايته وأجاب صاحب السعاية بأن جهالته لا تقدح في ثبوت الحديث بعد ورود المتابعات له فقد تابعه جماعة عن ابن مسعود، انتهى، قلت: وتقدم أنه روى عن ابن مسعود بأربعة عشر طرق.

(2)

قال ابن العربي: إسناد الحديث صحيح مروي من طرق في الصحاح، والدسم في اللغة ما سدل من أجزاء الطعام أو الودك بيد الإنسان فيحدث تغير الرائحة وذلك مكروه شرعًا، والنظافة محبوبة شرعًا ولذلك استحبها العلماء ولم يوجبوها إلا أن تكون غالبة من صناعة أو ملازمة شعث (كذا في الأصل) فتكون إزالتها واجبة والخروج عن الجماعة لأجلها فرض كالثوم والبصل يأكلهما المرأ فيمتنع من الجماعات والمساجد لئلا تتأذى الملائكة وعمرة بيوت الله وجلساء المسلمين، انتهى، قلت: وقد ورد عند ابن ماجة وغيره الأمر بالوضوء، قال الحافظ: والدليل على أن الأمر فيه للاستحباب ما رواه الشافعي عن ابن عباس راوي الحديث أنه شرب لبنًا فتمضمض ثم قال لو لم أتمضمض ما باليت، وروى أبو دؤاد بإسناد حسن عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبنًا فلم يتمضمض ولم يتوضأ، وأغرب ابن شاهين فجعل حديث أنس ناسخًا لحديث ابن عباس ولم يذكر من قال فيه بالوجوب حتى يحتاج إلى النسخ، انتهى.

ص: 122

ذائقته في القم تدب المضمضة منه لئلا يشغل قلب المصلي في صلاته، وكذلك كل ما فيه لزج أو دسم، وقوله هذا عندنا على الاستحباب وقوله ولم ير بعضهم المضمضة من اللبن إنما هما (1) مذهب واحد لا مذهبان كما يتوهم من ظاهر العبارة

(1) أفاد ذلك حضرة الشيخ لما أن عامة نقلة المذاهب لا يذكرون في الباب إلا الاستحباب سيما الحافظين ابن حجر والعيني وغيرهما نفوا الخلاف في ذلك وتقدم قريبًا كلام الحافظ ابن حجر رادًا على ابن شاهين أنه لم يذكر من قال فيه بالوجوب، والأوجه عندي أن الترمذي أراد بذلك اختلاف المذاهب في الباب ولعله أشار إلى ثلاثة مذاهب ولا أقل من اثنين، الأول الوجوب أشار إليه بقوله وقد رأى بعض أهل العلم وبعض آثار السلف يؤمي إليه أخرجها ابن أبي شيبة بلفظ الأمر وأخرج عن أبي سعيد لا وضوء إلا من اللبن لأنه يخرج من بين فرث ودم، وأخرج عن أبي هريرة «لا وضوء إلا من اللبن» ، والثاني الاستحباب وهو مسلك الجمهور، والثالث ترك الاستحباب وإليه أشار ابن أبي شيبة في تبويبه بلفظ من كان لا يتوضأ ولا يمضمض وأخرج فيه عن طلحة سألت أبا عبد الرحمن عن الوضوء من اللبن قال من شراب سائغ للشاربين، وفي رواية كان أبو عبد الرحمن في المسجد فأتاه مدرك بن عمارة بلبن فشربه فقال مضمض فقال من أي شيء أمن السائغ الطيب إلا أنه يحتمل كما أفاده الشيخ أن يرجع قول الترمذي وهذا عندنا ولم ير بعضهم إلى قول واحد وهو عدم الوجوب مع بقاء الاستحباب فيكون مؤدي كلام المصنف مذهبان الوجوب والاستحباب ويشير إلى الاختلاف تبويب أبي داؤد إذ بوب أولاً باب الوضوء من اللبن ثم عقبه بقوله باب الرخصة في ذلك فتأمل.

ص: 123