الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأولى على الكثير والثانية على القليل وأيضًا فقد ورد في قول علي رضي الله تعالى عنه أو وسعة (1) تملأ الفم.
[وقد جود حسين المعلم إلخ] أي أورد هذا الحديث جيدًا.
وروى [معمر هذا الحديث إلخ] فيه خطأ من وجهين بل ثلاثة ترك الأوزاعي فإنه قال عن يحيى بن كثير عين يعيش بن الوليد، والثاني وضع خالد بن معدان موضع معدان بن أبي طلحة، والثالث ترك قوله عن أبيه.
[باب الوضوء بالنبيذ]
النبيذ أقسام (2) نقوع التمر غير مطبوخ والامتراء
(1) ذكره في الهداية فقال وقول على حين عد الأحداث أو وسعة تملأ الفم وذكر الزيلعي أنه غريب ثم قال: وأخرج البيهقي في الخلافيات عن أبي هريرة مرفوعًا يعاد الوضوء من سبع وعد فيها من وسعة تملأ الفم ثم قال وضعف فإن فيه سهل بن عفان والجارود بن يزيد وهما ضعيفان. انتهى.
(2)
قال ابن عابدين: محل الخلاف ما إذا ألقى في الماء تميرات حتى صار حلوًا رقيقًا غير مطبوخ ولا مسكر فإن لم يحل فلا خلاف في جواز الوضوء به أو أسكر فلا خلاف في عدم الجواز وطبخ فكذلك في الصحيح كما في المبسوط ورجح غيره الجواز، انتهى، فعلم من ذلك أن النبيذ أربعة أنواع ومراد الشيخ القسم الأخير من أنواع ابن عابدين المختلف فيه عند صاحب المبسوط وغيره وتوضيح ذلك أن الماء إذا ألقى فيه تميرات حتى صار حلوًا رقيقًا غير مطبوخ فيجوز الوضوء به عندنا مطلقًا سواء وجد الماء أو لا؟ خلافًا لهم، وهذه مسألة لا خلاف فيها عندنا وهي مسألة الماء المخلوط بالشيء وهم لا يجوزون الطهارة بذلك ولذا يؤلون روايات غسل الميت بالماء والسدر ورواية خلط الملح في غسل المستحاضة ورواية غسل الكافر بماء وسدر وغسله صلى الله عليه وسلم رأسه بالحظمى والاجتزاء بذلك وغير ذلك من الروايات الكثيرة، والحنفية قائلون بجواز ذلك لهذه الروايات وغيرها وهذه المسألة هي التي قال فيها الشيخ لا امتراء فيها، ومسألة أخرى هي خلافية بيننا أيضًا وهي مسألة النبيذ وهي الذي قال فيها الشيخ، إنما الخلاف واحتياج الإثبات إنما هو في ثاني أقسامه، قال العيني قال ابن بطال: اختلفوا في الوضوء بالنبيذ فقال مالك والشافعي وأحمد لا يجوز الوضوء بينه ومطبوخه مع عدم الماء ووجوده تمرًا كان أو غيره وقال أبو حنيفة لا يجوز الوضوء به مع وجود الماء فإذا عدم فيجوز بمطبوخ التمر خاصة، وقال الحسن جاز الوضوء بالنبيذ، وقال الأوزاعي جاز بسائر الأنبذة وروى عن علي أنه كان لا يرى بأسًا بالوضوء بنبيذ التمر، وقال عكرمة: النبيذ وضوء من لم يجد الماء، وقال إسحاق: النبيذ الحلو أحب إلى من التيمم وجمعهما أحب، انتهى.
في جواز الوضوء وإن لم يسلمه المخالفون كيف والأخبار فيه مستفيضة وقال النبي صلى الله عليه وسلم تمرة طيبة وماء طهور وهو منادي الصم بصوت جمهوري أن اختلاط الطاهر بالماء لا يخرجه من الطهورية سواء كان ذلك الشيء مما يقصد به النظافة أو لم يكن وإنما الخلاف واحتياج الإثبات إنما هو في ثاني أقسامه وهو المطبوخ الذي لم يبلغ حد السكر لكنه صار حلوًا، وأما القسم الثالث الذي صار مسكرًا فلا يجوز التوضئ به عندنا أيضًا فنقول لما كان إطلاق النبيذ على النقيع وجب أن يحمل على أحد القسمين الباقيين ومن الظاهر أن عبد الله بن مسعود ذلك الفقيه الأجل شأنه أرفع من أن يأخذ في أدواته ما بلغ الاسكار وصار حرامًا لا سيما وكان مطمح نظره أن يشربه النبي صلى الله عليه وسلم فإنما كان قد أخذ النبيذ الحالي لوفور رغبته صلى الله عليه وسلم في شرب الحالي فلم يبق المفتقر إلى الإثبات إلا القسم الثاني وهو ما حصل له بالطبخ تغير ما ولم يبلغ أن يسكر فالتوضئ بذلك الماء الذي لم يبق ماء مطلقًا وإن لم يجز
نظرًا إلى ظاهر قوله تعالى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} لأنه لم يبق ماء مطلقًا والآية تتناول المطلق منه إلا أن فعله صلى الله عليه وسلم صار تفسيرًا للآية ببيان أن هذا الماء ملحق بالماء المطلق وترك القياس في مقابلة النص وكيف لا والحديث (1) صحيح أقربه الترمذي في التفسير (2) وأما قولهم إن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه لم يكن معه صلى الله عليه وسلم ليلة الجن مستندًا بما قاله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه لم يك مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة (3) الجن منا أحد، فالجواب عنه (4) أن ليلة الجن كانت غير مرة فإنكار المعية في مرة
(1) كيف وقد رواه أربعة عشر رجلاً مثل ما رواه أبو زيد بسطها العيني في شرح البخاري وتبعه الشيخ في البذل.
(2)
قلت: الحديث الذي أقر الترمذي بصحته في التفسير هو حديث اغتيل واستطير، والحديث الذي ذكر فيه كون ابن مسعود معه صلى الله عليه وسلم وقال فيه حسن غريب صحيح من هذا الوجه ذكره قبيل التفسير.
(3)
قال ابن رسلان: نقل ابن السمعاني أن ابن المديني نقل باثني عشر طريقًا أن ابن مسعود كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن، انتهى.
(4)
جزم بهذين الجوابين العيني في شرح البخاري والبيهقي والحافظ بالثاني فقط على أن المثبت مقدم على النافي، وقال ابن قتيبة معناه لم يكن معه غيري وذكر الشيخ في البذل أن ذهاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجن وقع ست مرات فيمكن أن يكون ابن مسعود معها في بعضها ولم يكن في بعضها، وقد ذكر الترمذي كونه معه وصححه، انتهى، قلت: وهذه المواضع الستة على ما في السعاية من آكام المرجان وتلخيصه لقط المرجان هكذا الأولى هي الليلة التي قيل فيها أنه اغتيل أو استطير وكانت بمكة ولم يحضرها ابن مسعود معه صلى الله عليه وسلم كما في رواية مسلم والترمذي في تفسير سورة الأحقاف وغيرهما، والثانية كانت بمكة بالحجون جبل بها، والثالثة كانت بأعلى مكة وقد غاب النبي صلى الله عليه وسلم فيها في الجبال، والرابعة كانت بالمدينة ببقيع الغرقد وفي هذه الليالي الثلاث حضر ابن مسعود معه صلى الله عليه وسلم، والخامسة خارج المدينة حضرها الزبير بن العوام، والسادسة في بعض أسفاره حضرها بلال بن الحارث، انتهى.
من تلك المرات لا يستلزم إنكار معيته في التارة الأخرى أو المعنى أنه لم يكن منا معه في موضع تعليمه الأحكام إياهم إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أجلسه على حدة منهم وخط حوله خطأ ومنعه أن يخرج منه كما هو مصرح في الروايات.
[وقوله أبو زيد رجل مجهول] قول من غير بينة ولا دليل ليس لمدعيه إلى إثباته من سبيل ولا يجب تسليمه على أن عدم علم المؤلف بحاله لا يخرجه عن الشهرة والمعلومية إلى الغربة والجهالة كيف وقد روى (1) عنه جماعة.
[قال أبو عيسى وقول من قال إلخ] هذا بظاهره لا يرد، لكن الحديث الصحيح لما أخبره أن النبيذ ملحق بالماء المطلق صار ما قلنا أشبه بكتاب الله تعالى وأولى به مع موافقته لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
[وقوله باب المضمضة من اللبن] لما كان فيه نم الدسومة (2) ما يبقى به
(1) فقد قال ابن العربي: إن أبا زيد مولى عمرو بن حريث روى عنه راشد بن كيسان العبسي وأبو روق وبهذا يخرج عن حد الجهالة ولا يعرف إلا بكنيته فيجوز أن يكون الترمذي أراد به أنه مجهول الاسم ولا يضر ذلك فإن جماعة من الرواة لا تعرف أسمائها وإنما عرفوا بالكنى قاله العيني وفي البذل عن البدائع: أما أبو زيد فهو مولى عمرو بن حريث فكان معروفًا في نفسه وبمولاه فالجهالة بعد الته لا يقدح في روايته وأجاب صاحب السعاية بأن جهالته لا تقدح في ثبوت الحديث بعد ورود المتابعات له فقد تابعه جماعة عن ابن مسعود، انتهى، قلت: وتقدم أنه روى عن ابن مسعود بأربعة عشر طرق.
(2)
قال ابن العربي: إسناد الحديث صحيح مروي من طرق في الصحاح، والدسم في اللغة ما سدل من أجزاء الطعام أو الودك بيد الإنسان فيحدث تغير الرائحة وذلك مكروه شرعًا، والنظافة محبوبة شرعًا ولذلك استحبها العلماء ولم يوجبوها إلا أن تكون غالبة من صناعة أو ملازمة شعث (كذا في الأصل) فتكون إزالتها واجبة والخروج عن الجماعة لأجلها فرض كالثوم والبصل يأكلهما المرأ فيمتنع من الجماعات والمساجد لئلا تتأذى الملائكة وعمرة بيوت الله وجلساء المسلمين، انتهى، قلت: وقد ورد عند ابن ماجة وغيره الأمر بالوضوء، قال الحافظ: والدليل على أن الأمر فيه للاستحباب ما رواه الشافعي عن ابن عباس راوي الحديث أنه شرب لبنًا فتمضمض ثم قال لو لم أتمضمض ما باليت، وروى أبو دؤاد بإسناد حسن عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبنًا فلم يتمضمض ولم يتوضأ، وأغرب ابن شاهين فجعل حديث أنس ناسخًا لحديث ابن عباس ولم يذكر من قال فيه بالوجوب حتى يحتاج إلى النسخ، انتهى.
ذائقته في القم تدب المضمضة منه لئلا يشغل قلب المصلي في صلاته، وكذلك كل ما فيه لزج أو دسم، وقوله هذا عندنا على الاستحباب وقوله ولم ير بعضهم المضمضة من اللبن إنما هما (1) مذهب واحد لا مذهبان كما يتوهم من ظاهر العبارة
(1) أفاد ذلك حضرة الشيخ لما أن عامة نقلة المذاهب لا يذكرون في الباب إلا الاستحباب سيما الحافظين ابن حجر والعيني وغيرهما نفوا الخلاف في ذلك وتقدم قريبًا كلام الحافظ ابن حجر رادًا على ابن شاهين أنه لم يذكر من قال فيه بالوجوب، والأوجه عندي أن الترمذي أراد بذلك اختلاف المذاهب في الباب ولعله أشار إلى ثلاثة مذاهب ولا أقل من اثنين، الأول الوجوب أشار إليه بقوله وقد رأى بعض أهل العلم وبعض آثار السلف يؤمي إليه أخرجها ابن أبي شيبة بلفظ الأمر وأخرج عن أبي سعيد لا وضوء إلا من اللبن لأنه يخرج من بين فرث ودم، وأخرج عن أبي هريرة «لا وضوء إلا من اللبن» ، والثاني الاستحباب وهو مسلك الجمهور، والثالث ترك الاستحباب وإليه أشار ابن أبي شيبة في تبويبه بلفظ من كان لا يتوضأ ولا يمضمض وأخرج فيه عن طلحة سألت أبا عبد الرحمن عن الوضوء من اللبن قال من شراب سائغ للشاربين، وفي رواية كان أبو عبد الرحمن في المسجد فأتاه مدرك بن عمارة بلبن فشربه فقال مضمض فقال من أي شيء أمن السائغ الطيب إلا أنه يحتمل كما أفاده الشيخ أن يرجع قول الترمذي وهذا عندنا ولم ير بعضهم إلى قول واحد وهو عدم الوجوب مع بقاء الاستحباب فيكون مؤدي كلام المصنف مذهبان الوجوب والاستحباب ويشير إلى الاختلاف تبويب أبي داؤد إذ بوب أولاً باب الوضوء من اللبن ثم عقبه بقوله باب الرخصة في ذلك فتأمل.