الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يؤمهم وليؤمهم رجل منهم] وقد تقدم أن ذلك على الإذن وههنا أيضًا المراد مثل المراد ثمة [فيخص نفسه بالدعاء] ذهب بعضهم إلى تغليظ هذا الحديث لما ورد في الصحاح من الصيغ المفردة في أدعية النبي صلى الله عليه وسلم مثل اغفر لي وارحمني وتب علي والصحيح أن المراد بالتخصيص الحصر والقصر كما ورد في حديث الأعرابي «اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا» لا ما فهم من ظاهر العبارة إذا الوكيل والساعي عن قوم وإن أسند الأسئلة إلى نفسه فالمشارك له فيه كل من خلفه.
[باب من أم قومًا وهم له كارهون]
جملة الأمر أنه لو كان فيه ما يوجب كراهته شرعًا اعتبرت كراهته وإن لم يكرهه أحد وإن لم يكن فيه ذلك شرعًا لم يعتبر فيه كراهة من كرهه وإن كرهه الكل وأما إذا لم يكن أمره ظاهرًا شرعًا فالمعتبر غالب رأي من خلفه [لا تجاوز صلاتهم إذ أنهم] المراد بذلك عدم القبول كما ورد في قوله تعالى {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} يرفعه فأما ما لم يرفع فغير صالح كما هو الظاهر.
[باب ما جاء إذا صلى الإمام قاعدًا فصلوا قعودًا]
هذا الحديث لما كان من جملة ما وقع في أواخر السنين (1) ذهب إلى ذلك أحمد (2) وإسحاق ولنا أن
(1) وقع سقوط صلى الله عليه وسلم عن الفرس في ذي الحجة من السنة الخامسة وقيل في الربيع الأول منها كما بسط في الأوجز.
(2)
حكى العيني وغيره من شراح الحديث عن أحمد وإسحاق وابن حزم والأوزاعي ونفر من أهل الحديث أن الإمام إذا صلى قاعدًا يصلي من خلفه قعودًا وقال مالك لا يجوز صلاة القادر على القيام خلف القاعد لا قاعدًا ولا قائمًا وقال أبو حنيفة والشافعي والثوري وأبو ثور وجمهور السلف لا يجوز للقادر على القيام الصلاة خلف القاعد إلا قائمًا، انتهى.
قلت هكذا حكاه عن أحمد غير واحد لكن في فروعه من الروض وغيره لا تصح إمامة العاجز عن القيام لقادر عليه إلا إمام الحي الراتب المرجو زوال علته لئلا يفضي إلى ترك القيام على الدوام ويصلون وراءه جلوسًا ندبًا ولو كانوا قادرين على القيام وتصح الصلاة خلفه قيامًا والأفضل لإمام الحي أن يستخلف، انتهى. وتفصيل اختلاف نقلة المذاهب في ذلك في الأوجز.
النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالجلوس في الصلاة يريد بذلك أن يستقر في أذهانهم كراهته ما يفعله أهل فارس والروم بخدمة ملوكهم من القيام إذ كانت فيه شائبة وشبه بالشرك فلما استقر ذلك تركه كما فعل في آخر صلاة صلاها بالجماعة فإنه كان إمام القوم لحصر أبي بكر عن القراءة كما كان وقع مثل ذلك قبل ذلك أيضًا في صحته صلى الله عليه وسلم وأما ما رواه البعض من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مؤتمًا بأبي بكر لا إمامًا لهم فيرده قعوده صلى الله عليه وسلم عن شمال (1) أبي بكر فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو لم يكن إمامًا لما جلس إلا إلي يمينه والعذر أنه إنما فعل ذلك لما كان حسر عن المشي غير مسلم لأنه لم يكن ليترك سنة القيام توقيًا عن أدنى المشقة ولم يكن يثقل عليه أن يشير بأبي بكر فيصير عن يساره وقال أحمد وإسحاق روايات عائشة في صلاته تلك متخالفة فوجب المصير إلى غيرها فقلنا بما رواه أنس بن مالك قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه خلف أبي بكر قاعدًا في ثوب متوشحًا به مع أن فعله هذا لا يخالف ما فعله قبل ذلك وأمر به وإذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا أجمعين وأما إذا حمل على ما حمل عليه أبو حنيفة والشافعي وغيرهم يلزمهم النسخ بغير دليل إذ الروايات متعارضة فامتنع الترجيح قلنا لا تعارض في روايتي عائشة فإنها روت حسب ما علمت من إمامة أبي بكر ثم لما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام روت ذلك أو يقال أن قول عائشة وغيرها في ائتمامه صلى الله عليه وسلم بأبي بكر موجه بأنه ليس في قولهم ما فيه
(1) فقد ورد نصًا عند الشيخين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم جلس عن يسار أبي بكر كذا في الأوجز.