الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو الخطأ فإن عبد الله علم لرجلين: ابن عبد الرحمن (1) بن أبي ليلى وابن عبد الله الرازي فوضع الأول في موضع الثاني، وقوله عن أسيد بن حضير هذا خطأ ثان لوضعه أسيدًا موضع البراء كما أن في الأول خطًا (2) فقط ذكر أسيد في محل البراء.
[باب الوضوء من مس الذكر]
هذا مما ذهب إليه شرذمة (3) من الفقهاء والرواية التي ذكرها الترمذي قصتها (4) أن مروان حاج فيه عروة بن الزبير المذكور في الرواية مطلقًا وهو المراد حيث أطلق ولم ينسب وكان مذهب عروة أن مس الذكر لا ينقض الطهارة فلما تحاجا في ذلك أرسل مروان شرطيًا إلى بسرة بنت صفوان يسألها عن الوضوء يمس ذكره فأتى الشرطي من عندها وذكر أنها قالت بالوضوء من مس الذكر فهذه هي الرواية التي رواها عروة عن بسرة أفترى عروة رواها عن بسرة بنت صفوان إلا بواسطة مروان (5) أو ذلك الشرطي ولذلك
(1) لم أجد لعبد الرحمن هذا ابنًا يسمى عبد الله نعم حفيده يسمى بذلك وهو عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن فلعله هو مراد الشيخ والنسبة إلى الجد شائع عند أهل الحديث.
(2)
أي خطأ واحدة فقط وهو ذكر أسيد موضع البراء.
(3)
وهم الشافعية وإحدى الروايتين عن مالك وإحداهما عن أحمد بن حنبل والأخريان عنهما وهو قول الحنفية عدم النقض.
(4)
هكذا أخرجه الطحاوي وغيره مفصلاً.
(5)
وما أجاب عنه بعضهم بأنه قد جزم غير واحد من الأئمة بأن عروة سمعه من بسرة كما في صحيح ابن خزيمة وابن حبان قال عروة فذهبت إلى بسرة فسألتها فصدقته لا يعتمد عليه لأنه لو ثبت ذلك لاعتمد عليه البخاري ومسلم أفلا ترى أنهما لم يقنعا على ذلك ولم يعتمد عليه قاله الشيخ في البذل، وبسط الكلام عليه فأرجع إليه ولذا قال البيهقي لم يخرجاه لاختلاف وقع في سماع عروة عن بسرة، قلت: ويؤيده أيضًا أن في مناظرة بين أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين، فقال ابن المديني ليحيى كيف تتقلد إسناد بسرة، ومروان أرسل شرطيًا حتى روجوا بها فلم ينكر عليه يحيى وصوبه أحمد بن حنبل أيضًا، فقال: الأمر كما قال ولم يقل أحد من هؤلاء الثلاثة أن عروة له سماع بدون واسطة أيضًا فتأمل.
لم يروه إلا بلفظة ((عن)) دون التصريح بالسماع والتحديث ولو أنه رواها عنها بقوله سمعت بسرة أو حدثتني بسرة لكنا سلمنا كيف وأنه مصرح بتوسط مروان في الإسناد الآخر فيحمل عليه ما لم يصرح فيه بتوسطه والقرينة عليه لفظة ((عن)) وهذه القصة هي مشهورة معروفة، وفي كتب الحديث مسوقة مرصوفة مع أن لفظ الحديث يحمل (1) معاني آخر فكيف يعارض ما هو نص في مدلوله وقد رواه أجلة الصحابة وكبار التابعين وحجم غفير ممن تبعهم من المستندين وهو قوله صلى الله عليه وسلم «هل هو إلا مضغة منك أو بضعة منك» وقد تأيد قوله هذا بعمل فقهاء الصحابة مثل علي رضي الله تعالى عنه وغيره (2)، وأما الروايات التي ذكر فيها الوضوء بمس الذكر فأعلاها وأجودها حديث بسرة كما اعترف به الترمذي حيث قال قال محمد: أصح شيء في هذا الباب حديث بسرة وقد عرفت حاله وصحته (3) فما بال الروايات
(1) كما ستجيء قريبًا وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
(2)
منهم ابن مسعود وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وأبو هريرة وابن عباس وأبو الدرداء وعمران بن حصين وسعد بن أبي وقاص والآثار عن هؤلاء شهيرة بسطت في محلها وقال الطحاوي لم نعلم أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أفتى بالوضوء غير ابن عمر وقد خالفه في ذلك أكثر الصحابة، انتهى.
(3)
فقد أورد الطحاوي على الحديث بعدة وجوه، وقال يحيى بن معين ثلاثة أحاديث لم يصح منها شيء: حديث كل مسكر خمر، وحديث من مس ذكره فليتوضأ، وحديث لا نكاح إلا بولي.
التي ليست بتلك المثابة ومنهم من قال إن مروان ليس ممن لا يحتج بروايته ويرد حديثه كيف وقد أخذ عنه البخاري في صحيحه والجواب أنه إنما روى عنه ما روى قبل إمرته أو يقال (1) إنه إنما أخذ منه إذا وثقه بغيره لا أنه اكتفى به ولو سلم أنه كان معتبرًا في باب الروايات ولم يكن يكذب فيها فحال هذا الشرطي غير معلوم فإن قيل مرسل التابعي عندكم مقبول فمالكم لا تعتبرون بما أرسله عروة قلنا هذا عندنا إذا لم يعلم حال المتروك وأما إذا علم كما فيما نحن فيه فلا، ومن المعلوم أن فسق مروان وأتباعه أظهر من الشمس وأبين من الأمس ويرد عليكم معشر الشافعية إنكم كيف أثبتم بتلك الرواية المرسلة مذهبًا وقد أنكرتم حجيتها ثم الرواية إما محمولة على أنها منسوخة أو الأمر استحباب لا إيجاب لئلا يخالف الرواية الصحيحة التي ذكرناها وعمل الصحابة على ما سردناها أو هو مقيد بما إذا خرج منه شيء ولا يبعد أن يقال ترك مفعول المس ولم يذكر استهجانًا بذكره وصونًا للسانه الشريفة عنه والمعنى من مس ذكره بفرج امرأة فليتوضأ إقامة للداعي والسبب مقام المدعي والمسبب فإن التقاء الختانين داع إلى خروج شيء ونفسه يتغيب عن البصر فأدير الأمر على المس احتياطًا وتيسرًا وهذا مذهب لا يشك فيه عندنا فإن قيل قد وقع في بعض الروايات من أفضى بيده فكيف يتمشى هذا التأويل فيه مع أن فيه تصريحًا بذكر اليد ولا يمكن تقدير المفعول قلنا لما كانت الرواية بالمعنى شائعة ذائعة روى من فهم عنه هذا المعنى هذا اللفظ على حسب ما فهمه ظانًا أنهما بمعنى وإن لم يكن الأمر كذلك في نفس الأمر مع أن التأويل فيه ممكن أيضًا فإن الإفضاء يستدعي مفعولاً واليد ليست إلا آلة له مع أن حمل الأمر على استحباب يغنينا عن ارتكاب تكلف ويرد على الشافعي رحمه الله فرقه بين باطن الكف وظاهره مع أن لفظ الحديث يتناول اليد مطلقًا فتخصيصه النقض بباطن الكف تخصيص من
(1) على أنه قد طعن على البخاري إخراج حديثه ولذا ذكره الحافظ في أسماء من طعن فيه من رجال البخاري.
غير مخصص ولعل (1) العذر له رضي الله تعالى عنه أن االعرف خصص اللمس بما إذا كان بباطن الكف (2) فإن الذي تماس ظاهر كف بشيء لا يقال إنه لمسه وإنما يقال إنها وقعت يده عليه والحكم الغير المعقول معناه لا يجوز تعديته إلى غير المنصوص فيه فلم يحكم بانتقاض الطهارة إلا بما تناوله النص دون ما لم يتناوله ولا يبعد أن يكون الوارد في بعض الروايات لفظ الكف صراحة فجعل رواية اليد عليه لحمله المطلق على المقيد كما تقرر عنده والله تعالى أعلم.
[وكأنه لم ير هذا الحديث صحيحًا] يعني أن البخاري لما لم يثبت عنده سماع مكحول عن عنيسة وما رواه مكحول عن عنيسة فبواسطة آخر لا مشافهة فالظاهر من ذلك أن محمدًا لا يرى حديث مكحول عن عنبسة صحيحًا لعدم ثبوت اللقاء وكون الرواية معنعنة ولما كان هذا الأمر غير مستيقن (3) به زاد لفظة ((كان)) إشارة إلى ذلك
(1) لو ثبت ذلك فأي فرق بين القاصد وغيره والشهوة وغيرها واليد والذراع والأصبع الزائدة وغيرها والصغير والكبير وذكر نفسه وغيره وذكر الميت والحي والإنسان والبهيمة والدبر والانثيين والحائل وغيره والخنثى وغيره من الفروع المختلفة بين القائلين بالنقض البالغة إلى قريب من الأربعين بسطها ابن العربي، وهذا الاختلاف يشعر إلى أنه لم يتحقق عندهم محمل الحديث فلو صح الحديث وثبت ترجحه على حديث طلق فمجمل أيضًا لم يظهر مراده عند القائلين به فضلاً عمن لم يقل به.
(2)
قلت: هذا مختلف عند القائلين بالنقض، قال ابن قدامة: لا فرق بين بطن الكف وظهره وهذا قول عطاء والأوزاعي، وقال مالك والليث والشافعي وإسحاق: لا ينقض مسه إلا بباطن كفه لأن ظاهر الكف ليس بآلة اللمس فأشبه ما لو مسه بفخذه واحتج أحمد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفضى أحدكم بيده، وفي لفظ إذا أفضى أحدكم إلى ذكره وظاهر كفه أفضى أحدكم بيده، وفي لفظ إذا أفضى أحدكم إلى ذكره وظاهر كفه من يده، انتهى.
(3)
وذلك لأن البخاري لم يحكم عليه بعدم الصحة نصًا لكنه لما حكم بالانقطاع لزم منه عدم الصحة عنده وحديث مكحول هذا أخرجه ابن ماجة في سننه.
والمراد بحديث مكحول هذا هو الذي أشار إليه بقوله قال أبو زرعة ولما كان استدلال الشافعية على انتقاض الوضوء بلمس الرماة بالنص لقوله تعالى {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} لم يفتقر إلى إيراد حديث لذلك ولم يضع له بابًا بخلاف مذهبهم في انتقاض الطهارة بلمس اليد فإنه غير ثابت بالنص فاحتيج إلى إثباته بالرواية وكذلك ترك الوضوء من القبلة مخالف لمعنى الآية عندهم لحملهم اللمس في قوله تعالى {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} على المعنى الشامل للمس الخالي عن الجماع والذي فيه فعقد له بابًا فقال: [باب ترك الوضوء من القبلة]
[قوله من هي إلا أنت إلخ] هذا بظاهره وإن كان ينسب إلى سوء أدب لما أن عائشة رضي الله تعالى عنها أم المؤمنين وخالته فإنه ابن أسماء بنت أبي بكر كما أن عائشة رضي الله تعالى عنها بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنه إلا أنه لما كان يتضمن تحقيق مسألة فقهية ساغ له ذلك إذ ليس في تحقيق مسألة الدين وقاحة فإن القضية لو كانت قد وقعت لغير عائشة لم يكن لها تحقيقها كتحقيقها إذا وقعت معها فإن الأول بيان والثاني عيان وليس الخبر كالمعاينة فأراد عروة رضي الله تعالى عنه أن يعلم أي النوعين من العلم حصلته فعلم أن ما يستحي من ذكره يجوز إذا توقف عليه البحث عن مسألة شرعية ثم أن ضحكها رضي الله تعالى عنها جواب بقبول مقالته بمنزلة قوله نعم.
[علي بن المديني] هذه نسبة إلى مدينة (1) أخرى غير مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم
(1) قال الجوهري: النسبة إلى مدينة يثرب مدني وإلى مدينة المنصور مديني للفرق، كذا في المعنى وغيره، قلت: لكن علي بن عبد الله بن جعفر هذا مع كونه مدنيًا يقال له ابن المديني، وفي معجم البلدان ذكر ابن طاهر بإسناده إلى البخاري، قال المديني هو الذي أقام بالمدينة ولم يفارقها والمدني الذي تحول عنها وكان منها والمشهور عندنا أن النسبة إلى مدينة الرسول مدني مطلقًا وإلى غيرها من المدن مديني للفرق لا لعلة أخرى وربما رده بعضهم إلى الأصل فنسب إلى مدينة الرسول أيضًا مديني وقال الليث المدينة اسم لمدينة الرسول والنسبة للإنسان مدني فأما الغير ونحوه فلا يقال إلا مديني وعلى هذا الصيغة ينسب أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر السعدي المعروف بابن المديني كان أصله من المدينة ونزل البصرة، انتهى، وفي العيني عن السمعاني الأصل فيمن ينسب إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم يقال فيه مدني بحذف الياء وفي غيرها المديني بإثبات الياء واستثنوا هذا أي من هذه القاعدة فقالوا المديني بإثبات الياء، انتهى.
وأثبتت ياؤه عند النسبة فرقًا بينه وبين المنسوب إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يعكس الأمر طلبًا للتخفيف في استعمال ما يكثر دوره على الألسنة دون ما ليس بتلك المثابة.
[قال وسمعت إلخ] المقر بالسماع وفاعل القول هو المؤلف رضي الله تعالى عنه.
[قوله حبيب بن أبي ثابت إلخ] يريد أن عروة عروتان، عروة المزني وعروة بن الزبير ورواية (1) حبيب هذا إنما هو عن عروة المزني دون عروة
(1) قلت: لم يصرح الترمذي أنه أي العروتين أراد بذلك وكلاهما محتمل لأن أهل الحديث والرجال مختلفون في ذلك، قال ابن عبد البر في الاستذكار هذا الحديث عندهم معلول فمنهم من قال لم يسمع حبيب من عروة ومنهم من قال هو عروة المزني وضعفوا هذا الحديث وصححه الكوفيون وأثبتوه لرواية الثقات من أئمة الحديث وحبيب لا ينكر لقاؤه عن عروة لروايته عمن هو أكبر من عروة وأقدم موتًا، انتهى، كذا في السعاية، زاد الزيلعي وقال في موضع آخر: لا شك أنه أدرك عروة، انتهى، ومال البيهقي إلى أنه عروة المزني وبذلك جزم غيره، ولذا فسر الشيخ كلام الترمذي بذلك، والأوجه عندي أن الترمذي مال إلى كونه عروة ابن الزبير ولذا ذكر أن حبيبًا لم يسمعه عنه، وأما عروة المزني فإنهم لا ينكرون لقائه عنه بل عللوه بأن المزني هذا مجهول، والجملة أن الحديث مروي من كليهما، قال الشوكاني: أخرجه أبو داؤد والترمذي وابن ماجة من طريق ابن الزبير عن عائشة وأخرجه أيضًا أبو داؤد من طريق المزني وغاية ما أوردوا على الحديث الإرسال وليس بجرح عند الجمهور سيما إذا توبع بروايات كثيرة.
بن الزبير وليس له سماع عن عروة المزني هذا الذي روى عنه فكان مرسلاً هو مما لا يعتد به وأنت تعلم ما فيه فإنهم قد اصطلحوا على أن مطلق تسميتهم عروة غير منسب منصرف إلى ابن الزبير (1) دون غيره مع أن أبا دؤاد مصرح بسماع حبيب عن عروة بن الزبير وأثبت هو في سننه لهذا الحديث إسنادًا جيدًا فكان شبه (2) شيء لا شبه لا شيء، وأما الذي ذكره من أن إبراهيم (3) التيمي ليس له سماع عن عائشة فهو حق لا يرتاب فيه لكنه لا يضرنا فإنه وصله في رواية أخرى فقال عن إبراهيم التيمي عن أبيه كما رواه الدارقطني وغيره فعلم أن التي لم يذكر فيه الواسطة أرسلها على اعتماد ذكره في موضع آخر فلا ضير في انقطاعه بعد علم اتصاله
(1) وبرهن الشيخ في البذل بسبعة وجوه على أنه عروة بن الزبير وهو ظاهر لا شك فيه لا سيما إذ صرح بكونه ابن الزبير في رواية ابن ماجة والدارقطني ومسند أحمد ومسند أبي حنيفة وابن أبي شيبة وغيرها بأسانيد صحيحة وأقر بذلك أئمة الحديث كما حكى عنهم الزيلعي والحافظ وغيرهما.
(2)
على أن للحديث متابعات كثيرة بسطت في الزيلعي والسعاية وغيرهما.
(3)
قال ابن عبد البر: إبراهيم التيمي أحد الثقات ومراسيلهم حجة ويكفي في تحسين الخبر قول النسائي بعد ما رواه بالطريق المذكور ليس في الباب حديث أحسن من هذا وإن كان مرسلاً، كذا في السعاية، قلت: ووالد إبراهيم يزيد بن شريك من رواة الستة وثقة جماعة كما في التهذيب.