الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واعلم أن هذا والذي روى من حديث التعريس يؤيد ما قلنا من أنه ليس عليه أن يصلي في وقت الطلوع وأن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم إذا ذكرها إذا لم يكن الوقت مكروهًا وإلا لم يؤخرها فعلم أن لفظة إذا في إذا ذكرها ليست للمفاجأة والفور (1).
[باب ما جاء في الصلاة الوسطى أنها العصر]
.
[قوله وقد سمع عنه] وذلك أنه خرج من المدينة وهو ابن خمس عشرة سنة ولا ينكر لقاؤه بكثير من الصحابة لأن إقامته بمدينة إنما كانت أيام (2) خلافة علي وقد كان فيها إذًا من الصحابة غير قليل فتحمل روايته عن علي وغيره على الاتصال وإنما كان يعنعن لأنه كان زمان خلافة معاوية وأتباعه فخاف في روايته (3)
(1) فإن الروايات بأسرها مصرحة بأن صلى الله عليه وسلم لم يصلها إذا ذكرها على الفور بل أخر الصلاة حتى تعالت الشمس فصلى كما هو مصرح في عدة روايات.
(2)
الظاهر أنه سقط منه لفظ إلى يعني كان قيامه في المدينة المنورة إلى خلافة علي فإنه ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر بلا خلاف بين أهل الرجال وحنكه عمر بيده الشريفة وكانت أمه مولاة أم سلمة فربما غابت عنه فتعطيه أم سلمة ثديها تعلله بها إلى أن تجيئ أمه فيدر عليه ثديها فيشربه وكانوا يقولون إن الذي بلغ الحسن من الحكمة ببركة ذلك، ولد بالمدينة وأقام بها إلى مقتل عثمان وبعده قدم البصرة، كذا في الإكمال، وليت شعري كيف ينكرون لقائه عليًا وكان إذ ذاك بلغ عمره خمس عشرة سنة فتأمل.
(3)
ففي هامش الخلاصة عن تهذيب الكمال قال يونس بن عبيد سألت الحسن قلت يا أبا سعيد إنك تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنك لم تدركه قال يا ابن أخي لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ولولا منزلتك مني ما أخبرتك إني في زمان كما ترى وكان في عمل الحجاج كل شيء سمعتي أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو عن علي بن أبي طالب غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر عليًا رضي الله تعالى عنه، انتهى.
عن علي وقوع فتنة فعنعن يرى بذلك أنه لم يأخذ عنه وإذا جعل دأبه ذلك فيه جعل في غيره كذلك لئلا يظهر المراد وأما روايته عن سمرة فهي مما لا يتطرق فيه احتمال أن يكون بينهما أحد فإن إمكان اللقاء بين الراويين يوجب حمل عنعنة عنه على الاتصال عند مسلم ومن دان دينه وزاد البخاري ومن حذى حذوة ثبوت اللقاء في وقت من الأوقات وإذا ثبت اللقاء بينهما مرة حمل كل الروايات المعنعنة له عنه على أنه سمعه منه من غير وسط وعلى كل من المذهبين فسماع الحسن عن سمرة ثابت لأنه صرح بسماعه منه في حديث عقيقة كما بينه المؤلف فتحمل الروايات جمعاء على التشافه ثم إن الاختلاف في الصلاة الوسطى ظاهر من المذاهب التي بينها المؤلف ولكل منها وجه فوجب المحافظة على الصلوات الخمس ليكون آتيًا بالمأمور به على جهة اليقين ولعل النكتة في إخفائها هو ذلك ولا يبعد (1) أن يقال كل منها وسطى فبعضها من الوسط بمعنى التوسط وبعضها من الوسط بمعنى الخير العدل ويجتمع السببان في بعضها معًا وفيها مذاهب (2) كثيرة وراء ما ذكره المؤلف ههنا والأكثر على أن المراد بها صلاة ال عصر لتنصيص الروايات على ذلك ولمن ذهب إلى أنها غيرها الاعتذار بأن المقصود في الآية غير المعنية في الرواية وهذا لا يرد. والله تعالى أعلم.
(1) قال ابن العربي: يحتمل أن يراد بالوسطى الفضلى ويحتمل أن يراد به من الوسط وهو المساوي في البعد لكل واحد من الطرفين.
(2)
بسطت في البذل والأوجز أكثر من عشرين قولاً والمشهور منها ثلاثة أقوال: أحدها أنها الصبح وهو مختار مالك والشافعي وغيرهما، والثاني أنها الظهر وبه قال ابن عمر وعروة وغيرهما وهو رواية عن الإمام أبي حنيفة، والثالث مذهب الحنفية وأحمد والجمهور أنها العصر وهو قول جمهور الصحابة والتابعين وقواه النووي والحافظ وغيرهما من محققي الشافعية وابن حبيب من المالكية.