الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله عليه وسلم أن الغسل والوضوء لا يجوزان به فلذلك سألوه عنه فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم بأن الذي ذكرنا ليس في باب الطهورية والكلام (1) في ميتة البحر سيأتي في موضعه غير أن المراد بها السمك عندنا وأعم منه عند الشافعي رحمه الله.
[باب التشديد في البول إلخ]
أي التغليظ في أمر نجاسته كي يستبرأوا منه ويستنزهوا ولا يعدوه سهلاً فيعذبوا بسببه (2).
[وما يعذبان في كبير] ليس المعنى أنهما ليسا كبيرين في نفس الأمر، وفي أنفسهما إذ ليس التعذيب إلا على الكبيرة بل المعنى أنهما لم يكونا كبيرتين عندهما أو المعنى لا يعذبان في أمر يكبر ويشق على المرأ أو عليهما خاصة التحرز عنهما والتنزه منهما.
[قوله من بوله] وفي بعض الروايات ((من البول)) فيجب حمل كل منهما على حسب مقتضاه فالمطلق يجري على إطلاقه فالمقيد على تقييده والقائلون بحل بول مأكول اللحم وطهارته حملوا الروايتين معًا على معنى واحد يحمل اللام على العهد قلنا لا حاجة إليه لاحتمال تعدد الوقائع مع أن الذي ذكر الإطلاق من الروايات لم يأت بالمطلق إلا لفهمه الإطلاق من قرائن هذا المقام على أن القصة (3) التي كانت
(1) وفي الحديث عدة أبحاث لطيفة بسطت في ((أوجز المسالك إلى مؤطأ مالك)) لم تذكر ههنا تبعًا لكلام الشيخ رضي الله عنه رومًا للاختصار وقال ابن العربي فيه ثماني مسائل ثم بسطها فأرجع إليهما لو شئت التفصيل والتوضيح.
(2)
وفي الحديث إثبات عذاب القبر وهو ثابت عند أهل السنة خلافًا للمبتدعة بسطت المسألة في محلها.
(3)
وبهذا جزم غير واحد كصاحب نور الأنوار إذ قال بعد ذكر حديث العرنيين: وعندهما أي أبي حنيفة وأبي يوسف هو منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم ((استنزهوا من البول)) وهو عام لمأكول اللحم وغيره، فقد نسخ الخاص بهذا العام وقصة هذا الحديث الناسخ ما روى أنه صلى الله عليه وسلم لما فرغ من دفن صحابي صالح ابتلى بعذاب القبر جاء إلى امرأته فسألها عن أعماله فقالت كان يرعى الغنم ولا يتنزه من بوله فحينئذ قال عليه السلام: استنزهوا من البول الحديث، فهو بحسب شأن النزول أيضًا خاص ببول ما يؤكل لحمه كما كان المنسوخ خاصًا به لكن العبرة لعموم اللفظ، انتهى وذكر محشيه الحديث الناسخ رواه الحاكم وقال هذا حديث صحيح واتفق المحدثون على صحته، كذا في تنوير المنار، انتهى.
سبب قوله صلى الله عليه وسلم «استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه» تعين الذي أردنا من المعنى فإنه صلى الله عليه وسلم قاله في رجل كان يرعى غنمًا له وكان لا يستتر من أبوالها فكيف يسوغ لهم حمل البول ههنا على بول نفسه.
[وروى منصور هذا الحديث عن مجاهد إلخ] اعلم أن مجاهدًا وطاؤسًا أكثر ما يأخذان عن ابن عباس وقد يأخذ أحدهما عن الآخر وهذا الحديث من هذا القبيل فقد أخذه مجاهد عن طاؤس عن ابن عباس فرواية منصور في هذا لا يصح (1) لأنه لم يذكر فيها طاؤسًا ثم أراد توثيق الأعمش بنسبته إلى المنصور ليعتمد على روايته بمقابلته فقال الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصور ولما ثبت ذلك في إسناده عن إبراهيم كان الأمر في غير إسناد إبراهيم، كذلك أيضًا ما لم يقم قرينة خلافه أو يعلم اختصاصه بهذا المقام فهذا إثبات للمرام بقرينة القياس والبناء على ما هو الظاهر من حفظ
(1) يعني على ظاهر صنيع الترمذي إذ أخرج طريق الأعمش ووجه ترجيحه لكن البخاري أخرج الحديث من الطريقين معًا، قال العيني: وإخراجه بالوجهين يقتضي أن كليهما صحيح عنده فيحمل على أن مجاهدًا سمعه من طاؤس عن ابن عباس وسمعه أيضًا عن ابن عباس بلا واسطة والعكس ويؤيد ذلك أن في طريق مجاهد عن طاؤس زيادة على ما في روايته عن ابن عباس وصرح ابن حبان بصحة الطريقين معًا وقال الترمذي رواية الأعمش أصح، وقال أيضًا في العلل سألت محمدًا أيهما أصح فقال رواية الأعمش أصح.
الحافظ حيثما كان ومن ليس بحافظ في موضع فهو كذلك في غيره، وهذا هو الوجه في تعرض المؤلف لإسناد إبراهيم وإن لم يكن إبراهيم مذكورًا ههنا فأفهم وتشكر.
[باب ما جاء في نضح بول الغلام (1) قبل أن يطعم] ليس المراد بالنضح هو الرش (2) بل المراد به ههنا الغسل الخفيف الذي ليس فيه كثير عصر ولا مبالغة في الدلك وهذا لأنه لما كان لطيفًا غير لزج لحرارة مزاجه دون الجارية لم يحتج
(1) اختلف العلماء فيه على ثلاثة مذاهب وهي ثلاثة أوجه للشافعية الصحيح المختار عندهم يكفي النضج لبول الصبي دون الجارية بل لا بد من غسل بولها كسائر النجاسات وبه قال الإمام أحمد وإسحاق وداؤد وروى عن أبي حنيفة، وروى عن مالك أيضًا لكن قال أصحابه إن هذه رواية شاذة، والثاني يكفي النضج فيهما وهو مذهب الأوزاعي وحكى عن مالك والشافعي والثالث أنهما سواء في وجوب الغسل وهو المشهور عن مالك وأبي حنيفة وأتباعهما وسائر الكوفيين، قال ابن العربي: الصحيح أنه لا يفرق بينهما وأنه يغسل لأنه نجس داخل تحت عموم إيجاب غسل البول وما ورد في الأحاديث لا يمنع غسله وإنما هو موضوع لبيان الغسل وإنما سقط العرك لأنه لا يحتاج إليه، انتهى، وهذا الخلاف في تطهير ما أصابه البول، وأما نفس البول فنجس عند الجميع حتى نقل عليه الإجماع جماعة إلا ما نقل عن داؤد الظاهري، وما نقل بعضهم عن الشافعي ومالك قولاً بطهارته غلط، رد عليه النووي والزرقاني وغيرهما وكان القائل استنبط من قولهما بالنضح كذا في الأوجز.
(2)
قال ابن العربي: النضح في كلام العرب ينقسم إلى قسمين: أحدهما الرش والثاني صب الماء الكثير وقوله فنضحه يريد فصبه عليه بدليل رواية الموطأ بلفظ فأتبعه إياه وقوله لم يغسله إشارة إلى أنه لم يعركه بيده.