الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفرائض بتلك المثابة والنوافل غير متعينة ولكن للمخالف أن يتعذر (1) بأن الزيادة على الرواتب من السنن وهي متعينة، وقوله [حمر النعم] هي الإبل الحمر ولم يك شيء أنفس منها عندهم جعله الله لكم فيما بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر، هذا إشارة إلى وقته وإن الترتيب بينه وبين الفرائض فرض ويسقط كسقوطه في الفرائض بسهو ونسيان وخوف فوت وزيادتها على ست، قوله [لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي حبيب] يعني لم يكن راو (2) عن عبد الله بن راشد إلا يزيد، ولم يأخذ عن عبد الله غير أبي حبيب هذا.
[باب ما جاء أن الوتر ليس بحتم]
لما كان يستنبط من ألفاظ الحديث السابق وجود الوتر من قوله {إن الله أمدكم} ومن قوله {جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ} أراد أن يرد ذلك بما ورد في الحديث الثاني من صريح قوله الوتر ليس بحتم، قلنا لا يضرنا قول علي، هذا بعد ما ثبت وجوبه بقوله صلى الله عليه وسلم المذكور على أن هذا لا يضرنا أيضًا، إذ معناه أن الوتر ليس وجوبه كوجوب صلاتكم المفروضة (3) بل وجوبه دون وجوبها وإن كان في حق العمل سواء، لكنه يرد عليه أن الوتر
(1) هكذا أورد ابن همام على الاستدلال بحديث الباب على وجوب الوتر وأنت خبير بأن الإيراد لو سلم يأبى عنه الإضافة إلى الله كما أشار إليه صاحب العناية قريبًا وذكر في هامش الزيلعي أن الاستدلال من الحديث بثلاثة أوجه ثم بسطها فأرجع إليه.
(2)
أي لهذا الحديث وإلا فقد ذكر الحافظ في تهذيبه عبد الله بن راشد روى عنه يزيد بن أبي حبيب وخالد بن يزيد انتهى، وفي مرقاة السعود ليس له ولا لشيخه عبد الله بن مرة وشيخه خارجة في أبي داؤد والترمذي وابن ماجة إلا هذا الحديث الواحد ولا رواية لهم في بقية الستة.
(3)
فإن وجوبها في ليلة المعراج بمؤكدات وخصيصات، ووجوب الوتر ليس بهذه المثابة.
عندكم وإن كان واجبًا عليكم لكنه يجب أن يكون فرضًا على الأصحاب إذ هم سمعوا بآذانهم، قوله صلى الله عليه وسلم الذي أوجبه قلنا قوله صلى الله عليه وسلم وإن كان قطعي الثبوت لكنه لم يكن قطعي الدلالة فلذلك لم يثبت إلا الوجوب عليهم أيضًا وذلك لما في قوله إن الله أمدكم من احتمال الامداد الثوابي وإن كان الظاهر من الامداد هو الزيادة في نفس صلاتهم المفروضة عليهم، وقوله ولكن سن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى، إطلاق السنة على ما ثبت بها غير قليل ولكن (1) في قوله فأوتروا يا أهل القرآن إذا أريد به المؤمنون (2) إشارة إلى وجوبه إذ أصل الأمر للوجوب فأراد أن يتكلم في هذا اللفظ ليسلم مذهبه ولا يثبت الوجوب فأورد بعده طريق ما ليس فيه هذا الفظ ولم يتذكر أن زيادة الثقة مقبولة مع أنه لا يضرنا عدم ثبوت ذلك اللفظ مع أن رواية هذه الزيادة متبوعة عليها كما أقر به بنفسه [وفي قول أبي هريرة أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أوتر قبل أن أنام] كراهة النوم قبل الوتر خشية الفوات وهذا إمارة الوجوب مع عدم قرينة تدل على غيره وكان أبو هريرة ممن يذاكر العلوم بعد العشاء [وفي قول الترمذي: وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من خشى إلخ] جواب عما يفهم من كراهة الوتر بعد النوم والنوم قبله، إن هذا الاحتياط
(1) استدراك من مفهوم الكلام السابق أول الباب وحاصله أن الباب السابق لما كان يستنبط منه الوجوب أراد أن يرد ذاك بهذا الباب ولكن في هذا الباب أيضًا كان هذا اللفظ مشيرًا إلى الوجوب فتكلم عليه.
(2)
قلت ويحتمل أيضًا أن يراد بأهل القرآن المهرة به وهم الحفاظ وعلى هذا يكون المراد بالوتر صلاة الليل فإن إطلاق الوتر على صلاة الليل شائع في الروايات، وعلى هذا فتخصيص الأمر بالحفاظ لما أنهم تتجافى جنوبهم عن المزاجع برهة من الليل فإن الحافظ يقوم الليل إلا قليلاً نصفه أو ينقص منه قليلاً أو يزيد عليه ويرتل القرآن ترتيلاً بخلاف غير الحافظ فإنه لا يقرأ إلا شيئًا قليلاً.