الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب فيمن تفوته الركعتان قبل الفجر
إلخ].
قوله [يصليهما بعد صلاة الصبح] هذا معارض بحديث النهي (1)، وأما قوله فلا إذن فمحتمل لمعينين إذ لتبديل اللهجة أثر، كما تعلم مع أنها شخصيته ولا يبعد أن يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم حين رآه يصلي لم يحمل صلاته إلا على الفريضة، لأنه قد كان نهاهم عن النافلة في هذا الوقت ثم لما تبين أنه يصلي النافلة، فأما رخصه كما هو بحسب معنى (2)، وأما نهاه كما هو على معنى، لكن النهي موافق للروايات الواردة في النهي والرخصة لو ثبتت كانت مقتصرة على المورد، وأما ما ورد من أنه سكت عند ذلك، فممكن حمله على الحديث (3) الوارد ههنا ومداره على تقدير اسم لا ما هو ولا يبعد أن يكون معناه لا صلاة إذن أو لا تصل إذن، وإن كان يمكن أن يقال فيه فلا بأس إذن، ولما لم تكن الرواية نصًا في أحد المرامين وجب الرجوع في كشف معناها إلى غيرها فرأينا روايات تمنع النافلة في تلك الأوقات فرأينا العمل بموجبها وهي صريحة في معانيها أولى.
قوله [سمع عطاء بن أبي رباح من سعد] أراد بذلك توثيق سعد، وأما
(1) أي بالأحاديث التي نهى فيها عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس.
(2)
لما تقدم أن قوله فلا إذن يحتمل معنيين بتبديل اللهجة الإباحة والمنع.
(3)
وهو قوله فلا إذن فإن من فهم من هذا القول الإباحة بمعنى ال بأس إذن عبر الرواية بقوله فسكت بمعنى أقر ولم ينكر فإنهم يقولون الحديث سكت عليه فلان أي لم ينكره، ولم يضعفه ولا يذهب عليك أن ضمير جده في السند لسعد لا لمحمد.
ما جاء من إعادتها بعد طلوع الشمس قبل الزوال، فهو رواية عن محمد، ولم ينه الشيخان عنه، بل الرواية (1) عنهما في ذلك أنه لا قضاء عليه ولا يجب عليه أن يقضي، وأما أنه لو صلى بعد طلوع الشمس، فليس في ذلك رواية عنهما، قوله [والمعروف من حديث قتادة إلخ] أراد بذلك أن عاصمًا (2) وهم فيه فغير الحديث، وأنت تعلم ما فيهما من البون، فلا يجوز أن عاصمًا روى بحسب المعنى فتغير مع أن اشتهار رواية عن همام عن قتادة ليس ينفي لسائر ما يروى عنه ثقة فوجب القول بقبولهما.
قوله [كنا نرى فضل حديث عاصم بن ضمرة] اعلم أن الحارث الأعور وعاصم بمن ضمرة آخذان (3) عن علي، وقد تكلموا في الحارث والحارث هذا
(1) ففي الهداية إذا فاتته ركعتا الفجر لا يقضيهما قبل طلوع الشمس لأنه يبقى نفلاً مطلقًا، وهو مكروه بعد الصبح، ولا بعد ارتفاعهما عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: أحب إلي أن يقضيهما إلى وقت الزوال لأنه صلى الله عليه وسلم قضاهما بعد ارتفاع الشمس غداة ليلة التعريس، ولهما أن الأصل في السنة أن لا تقضي لاختصاص القضاء بالواجب والحديث ورد في قضائهما تبعًا للفرض فبقى ما وراءه على الأصل، وإنما تقضي تبعًا إلى وقت الزوال، وفيما بعده اختلاف المشايخ، انتهى، وأما غير الحنفية، فقال الشافعي في أظهر أقواله يقضي مؤبدًا وقال أحمد يقضيها بعد طلوع الشمس، وقال مالك: يقضيها بعد الطلوع إن أحب والبسط في الأوجز.
(2)
كذا في الأصل والصحيح عمرو بن عاصم في المحلين، فذكر عاصم بدل عمرو بن عاصم سبقة قلم، ثم ما أفاده الشيخ ظاهر لا سيما، وقد صحح الحاكم حديث عمرو هذا على شرط الشيخين وأقره عليه الذهبي.
(3)
يعني أكثر الرواية عنه، وما حكى المصنف عن الثوري، هكذا حكاه الحافظ عن أحمد ويحيى وغيرهما: إن عاصمًا أعلى من الحارث، وقال ابن حبان عاصم ردئ الحفظ فاحش الخطأ على أنه أحسن حالاً من الحارث، وقال أبو إسحاق الجوزجاني: هو عندي قريب من الحارث.
هو الحارث الأعور وعاصم أقوى منه ونسبوا الحارث إلى الرفض، وقد مر الكلام في الحارث فيما تقدم وحديث عاصم، وإن لم يبلغ الصحة، لكنه بالغ درجة الحسن لا محالة. قوله [ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها] والأوليان تحية المسجد، فإن سنن الظهر الأربع كان يصلي النبي صلى الله عليه وسلم تلك في بيته، كما روته عائشة وحفصة وأم حبيبة، وأما ابن عمر (1) فإنما روى أنه صلاهما، وإنها هل من السنة المؤكدة فلا مع أن ابن عمر فلعله لم يعلم بحالهما (2).
قوله [إذا لم يصل أربعًا قبل الظهر صلاهن بعدها] فمن حملها (3) على
(1) وتوضيح ذلك أن الروايات في صلاته صلى الله عليه وسلم قبل الظهر مختلفة، فرواها ابن عمر ركعتين، وأزواجه صلى الله عليه وسلم أربعًا، كما ذكر الترمذي رواياتها تفصيلاً وإجمالاً ولذا اختلفت الأئمة في المؤكدة قبل الظهر، فقالت الحنابلة: ركعتان، وهو المرجح عند الشافعية، وقالت الحنفية: أربع ركعات: وهي رواية عن الإمام الشافعي، ولذا اختلفت نقلة المذاهب في بيان مسلك الشافعي واختلفوا في توجيه ما روى عن ابن عمر فقيل: كانت تحية المسجد، كما أفاده الشيخ، وقيل نسى ابن عمر الركعتين اللتين لم يذكرهما وهو بعيد، وقيل محمول على اختلاف الأحوال، وقيل كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى في البيت صلى أربعًا، وإذا صلى في المسجد صلى ركعتين، وقيل غير ذلك، ولا توقيت للسنن عند الإمام مالك بل يصلي حسب ما يشتهي والبسط في الأوجز.
(2)
أي بحال هاتين الركعتين هل هما سنة أو تحية، كما في تقرير مولانا رضى الحسن.
(3)
قولان للحنفية في قضاء الرواتب القبلية للظهر هل يأتي بها بعد الشفعة البعدية أو قبلها والمراد بالفتح شرح الهداية لابن الهمام.