الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالمراد بالآخر الحقيقي وهو بعد أن يفرغ منها وإن كان المتبادر من لفظة في وهي للظرفية كونه في شيء من أجزائها الآخرة، قوله [قال سفيان] التخيير ينافي الوجوب (1) والسنة المؤكدة قوله [قال كانوا يوترون] انتهى، ليس المراد أن كلاً منهم كان يفعل ذلك بل المراد أنهم كانوا يفعلون ذلك ويرون كل ما فعله أحد منهم أنه فعل حسنًا (2)، وذلك لما أن الحق دائر بين المذاهب كلها وليس التخيير كل كل كلا كلا، قوله [سألت ابن عمر فقلت: أطيل في ركعتي الفجر] المراد بهما السنن كما يظهر عن الجواب وإنما لم يجبه بقوله لا تطل لئلا يفهم منه حرمة الإطالة أو كونه، قال ذلك برأيه بل ذكر عنده فعل النبي صلى الله عليه وسلم ليعلم أن السنة هو الاختصار، ومع ذلك فلو أطالهما لم يرتكب محرمًا، وقوله [كان يصلي الركعتين والأذان في أذنه] هذا كناية عن سرعة في أدائهما وارتكاب التخفيف في أدائها إذ سامع الإقامة إذا شرع في ركعتي الفجر فإنه يطلب الفراغ عنهما والدخول في صلاة الإمام ما أمكنه ويستفرغ (3) في ذلك مجهوده.
قوله
[باب ما جاء ما يقرأ في الوتر]
.
هذا الباب معقود لتصريح ما قد علم تبعًا في الأبواب السابقة في الوتر في
(1) ولا بعد في أن مذهب سفيان ومن تبعه يكون سنية الوتر فإنهم مجتهدون.
(2)
فقد أخرجه البخاري في صحيحه: أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لابن عباس فأتى ابن عباس فقال: دعه فإنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي أخرى له قيل لابن عباس هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة قال أصاب أنه فقيه، ففي هذين الأثرين كالتصريح بأن فعل معاوية هذا كان خلاف فعل ابن عباس وخلاف المعروف وعندهم وإلا لم يكن للشكوى معنى ومع ذلك فصوب ابن عباس فعل معاوية.
(3)
قال المجد: استفرغ مجهوده بذل طاقته.
الركعة الثالثة بالمعوذتين وقل هو الله أحد ولا يتوهم بذلك لزوم طول الركعة الثالثة على الأولى فإن كل شفع صلاة على حدة، وهذا إنما يلزم إذا ثبت أن قرأته بين تلك السور الثلاث كان في الوتر الذي قرأ في ثاني ركعاته بقل يا أيها الكافرون وهو غير ثابت بهذه الرواية وأما إن ثبت فالجواب ما ذكرنا، قوله [وعبد العزيز هذا والد ابن جريج] أي والد الرجل الذي اشتهر باسم ابن جريج واسمه عبد الملك وهو ابن عبد العزيز لابن جريج ولكنه نسب إلى جده إذ والد عبد العزيز جريج، فكان معنى قوله عبد العزيز هذا والد ابن جريج أن عبد العزيز والد من اشتهر بكونه ابن جريج وهو ليس بابن جريج ولكنه ابن عبد العزيز ابن جريج، وأما إثبات القنوت في الوتر في السنة كلها وإن محلها قبل الركوع فلا أتذكر من مقالته -مد الله ظله- في ذلك شيئًا حتى أذكره فليسأل (1) ولا يهمل غير أن ابن مسعود (2) اختار ذلك الذي اخترنا في أمرين جميعًا فذهبنا إلى سنته، قوله [من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا ذكر وإذا استيقظ] هذا شأن الفريضة دون النافلة، قوله [إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر] لا دليل في ذلك لمن قال بسنية الوتر إذ الذهاب يعم صلاة العشاء أيضًا
(1) بسط الكلام عليها في المطولات كالبذل والأوجز وغيرهما فأرجع إليها لو شئت.
(2)
فقد روى ابن أبي شيبة بسنده عن علقمة: أن ابن مسعود وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقنتون في الوتر قبل الركوع وأخرج محمد في كتاب الآثار عن إبراهيم: أن ابن مسعود كان يقنت السنة كلها في الوتر قبل الركوع كذا في الأوجز، ثم لا يذهب عليك ما حكى الترمذي من موافقة الإمام أحمد الشافعي في قنوت الوتر يأباه كتب فروعه فإنها مصرحة بدوام الوتر السنة كلها بخلاف قنوت الفجر كما حكى في الأوجز من فروعه فلو صح ما حكى يكون رواية عنه.
فكما يجب قضاؤها يجب قضاؤه، قوله [لا وتران في ليلة] هذا يؤيد الوجوب فإن تكرار النافلة غير منفي والعذر لهم نفى تأكدها، فإن الوتر لما كان سنة مؤكدة فتكرارها يوجب زيادة في السنن وذلك شأنه صلى الله عليه وسلم دون غيره من أفراد أهل الأمة فكما لا يجوز تكرار سنة الظهر بنية السنة كذلك هذا بقى ههنا شيء وهو أن هذا الحديث ظاهره ينافي ما ورد اجعلوا آخر صلاتكم وترًا فذهب بعضم إلى أن ينقض الوتر بأن ينضم إليه ركعة إذا أراد الصلاة في آخر الليل وهذا عجيب جدًا فإن الركعة التي صلاها بعد ثلاث الوتر بكثير كيف تنضم معها وتعد المجموع صلاة واحدة مع ما يلزم من مخالفة قولهم نهى عن البتيراء، فالصواب أن الأمر بجعل الوتر آخر الصلاة، إما محمول على الاستحباب أو المراد بذلك بيان وقت الوتر أنه آخر أوقات الصلوات الخمس فيكون وقته بعدما صلى العشاء أو المراد بيان وجوب الترتيب بين الفرائض والوتر كوجوبه في الفرائض فيما بينها فلا يصح تقديم الوتر على شيء منها أجاء وقضاء، قوله [عن الحسن عن أمه عن أم سلمة] يستنبط من ههنا لقاء الحسن بأم سلمة وبقاؤه في المدينة فلا يبعد بقاؤه مع علي، وذلك لأنها لما كانت تخدم أم سلمة والحسن معها إذ كان خروجها معه من المدينة حين هو ابن خمس عشرة سنة، وظاهر أن التحمل والرواية يمكن في أقل من ذلك فكيف ننكر تحمله من علي فإن اللقاء ممكن واكتفى كثير من العلماء في هذا بإمكانه، قوله [وهذا أصح لأنه قد روى من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى بعد الوتر] لما كان نقض الوتر مبنيًا على نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد الوتر بقوله اجعلوا آخر صلاتكم الوتر، أراد أن ينقض دليلهم حتى ينتقض دعواهم المبني عليه فلذلك قال وهذا أصح لأنه قد روى إلخ ثم بين إسناده فقال حدثنا، قوله [أليس لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، ] اعلم أن اقتداء رسول الله صلى الله عليه وسلم كله حسن فليس لفظ حسنة ههنا إلا لبيان ما هو عليه في الواقع ويعلم أن إتياره على الأرض لم يكن