الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذي رواه بلفظ قال الشعبي موقوف على الشعبي.
[باب الاستنجاء بالماء]
لا خلاف في أنه مستحب ومندوب، وأما الوجوب فالمذهب (1) عندنا أن النجاسة إذا تجاوزت موضع الاستنجاء فإن زادت على قدر الدرهم افترض غسله وإن نقصت عنه سن غسله وإن بقدره وجب ثم إن وجود تلك الكيفية فيهم رضى الله تعالى عنهم معلوم حيث يقول قائلهم ما كنا إلا نبعر بعرًا فأتى التنجس فلم يكن الغسل إلا أدبًا وندبًا، وأما إذا أكلوا الخمير والفطير فلا يمكن ذلك.
[قوله مرن أزواجكن إلخ] فيه أن الأمر بما يستحي من ذكره لمن ليس بمحرم منه ينبغي أن يكون بواسطة محرم.
[قوله أبعد في المذهب] مصدر ميمي (2) أي اختار البعد في الذهاب ليكون أستر.
[قوله كما يرتاد منزلاً] أي كما يرتاد مريد المنزل للنزول فيه ويتفحص أمورًا من خيرية الجار وفسحة الدار وقرب المسجد والماء وغير ذلك من المرافق والأشياء كذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يرتاد لبوله أي يطلب (3) مكانًا وأن مطمح النظر فيه أمور أن لا يكون مرتفعًا حتى يرجع إليه البول ولا يكون في مستقبل
(1) اختلفت أقوال الفقهاء في هذا التفصيل كما بسطت في الفروع سيما في رد المختار والمذكور في التقرير هو مختار الشيخ وهو فقيه أوانه وبذلك جزم صاحب الدر المختار إذ قال: وعفا الشارع عن قدر الدرهم وإن كره تحريمًا فيجب غسله وما دونه تنزيهًا فيسن وفوقه مبطل فيفرض.
(2)
هو المتعين في رواية الترمذي ورواية أبي داؤد تحتمل الظرفية والمصدر.
(3)
قال ابن رسلان: هذا أدب مجمع عليه ويؤخذ منه أن الرشاش لا يعني في الجسد والثوب وهو مذهب الشافعي وصحح النووي العفو، انتهى، قلت: ويعفى عندنا إلا في الماء فإن طهارته أوكد
الريح لئلا يترشش منه إليه وأن لا يكون الأرض صلبة وأن يكون في موضع الستر إلى غير ذلك.
[قوله قال إن عامة الوسواس منه] يعني بذلك أن الرجل إذا بال في المستحم فوقع عليه الماء وطارت رشاشة توهم تنجس العضو الذي وصل منه إليه شيء ثم إذا أمر الماء على هذا العضو توهم تنجس ممر الماء وهلم جرأ إلى أن يشتد الأمر على المصلي فقطع النبي صلى الله عليه وسلم أصل ذلك السبب حيث نهى عن المبال فيه، وأما في نفس الأمر فليس البول في المستحم مورثًا للوهم بنفسه بل يكون سببًا إليه لما ذكرنا فأما إذا أمر الماء بعد البول فإنه لا يبقى شيء ثمة سيما إذا كان الأرض مجصصة أو مشيدة وهذا الذي ذكرناه مراد بن سيرين رحمه الله تعالى بقوله ((ربنا الله لا شريك له)) فإنه قصد أن الموجد بنفسه والمؤثر الحقيقي هو الله تعالى ولكنه وضع أسبابًا ومناشي تنسب إليه الأشياء فإذا ارتفعت لم يبق للمسبب وجود بعدها فإذا انقطع أثر البول فيما نحن فيه عن المستحم لم يبق للوسواس وجود، وغرض ابن سيرين من هذا الإنكار على ما رأى من تشدد أهل زمانه على البول في المستحم وليس المعنى ما يتبادر من ظاهر العبارة حتى يلزم أنه رفض لما عليه السنة والجماعة وتمذهب بما ذهب إليه الجبرية.
[قوله لأمرتهم بالسواك] أمر إيجاب [ولأخرت العشاء] أي وقته إذ ذاك، وأما الآن فكلاهما ندب واستحباب والمراد بالصلاة ههنا هي الطهارة استظهارًا بسائر الروايات مع أن السواك يناسب الطهارة لا الصلاة فجعله من أجزائها أولى، والشافعية رحمهم الله تعالى جمعوا بين الروايتين يحمل كل منها على السنية والاستحباب وهو حسن في نفسه إلا أنه عمل بما فهم الراوي من الرواية وما فهموه منها وليس عملاً بشيء من مقتضيات الرواية ثم إن المؤلف إنما ذكر تصحيح رواية أبي هريرة موجهًا وترك توجيه تصحيح الثانية للاتفاق على صحتها (1) فلم يفتقر
(1) أو لما سيذكر عن البخاري إذ قال إن حديث أبي سلسة عن زيد بن خالد
إلى توجيه ثم إن حمل رواية السواك عند كل صلاة على رواية الوضوء من المجاز المتعارف الشائع بين النصوص نظيره حمل القيام على الإرادة والقصد في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} والاستنان الاستياك وأصله السنن وهو الجري والإجراء.
أصح بخلاف حديث أبي هريرة فإنه ذكره أهل الأصول في مثال الصحيح لغيره قال العراقي:
والحسن المشهور بالعدالة
…
وصدق راويه إذا أتى له
طرق أخرى نحوها من الطرق
…
صححته كمتن لولا أن أشق
إذ تابعوا محمد بن عمرو
…
عليه فارتقى الصحيح يجرى
ثم قول المصنف وحديث أبي هريرة إنما صحح لأنه قد روى عن غير وجه هكذا هذه العبارة في النسخ الهندية فالغرض منه التأكيد لما سبق، وفي المصرية: وحديث أبي هريرة أصح لأنه قد روى من غير وجه فيكون الكلام تأسيسًا ويكون الدليل على الأصحية هو كثرة الطرق بعينها كما أنها دليل على نفس الصحة ثم يشكل على ما قاله الإمام البخاري من أصحية حديث زيد أنه ذكر في صحيحه قال = أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء ويروي نحوه عن جابر وزيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديث أبي هريرة بلفظ الجزم وحديث زيد بلفظ التمريض والمعروف عن البخاري أن ما ذكره بصيغة الجزم مجزوم بسحته بخلاف ما ذكره بصيغة التمريض، قال العبي: وإنما ذكره بصيغة التمريض لأجل محمد بن إسحاق ويمكن أن يوجه بينهما بأن أصحية حديث أبي هريرة باعتبار حديث زيد بن خالد على الإطلاق، وأما أصحية حديث زيد فباعتبار حديثي أبي سلمة عن أبي هريرة عن زيد ففي حديثي أبي سلمة حديث زيد أصح عند البخاري لتضمنه زيادة قصة وضعف ابن إسحاق منجبر بالمتابعة فتأمل.