الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التوجيه فلا ينبغي التعويل (1) عليه وليس هذا من مقاصدنا حتى نلتفت إليه والله ولي التوفيق.
[وقد روى (2) عن بعض أهل العلم إلخ] ووجه (3) قولهم مع جوابه مذكور في سنن أبي داؤد وتعاليقها فلا علينا أن نتركه وقول الترمذي والتوقيت ظاهر الوجه فإن التوقيت لما استند بالروايات الصحيحة كان الأخذ به هو الصحيح.
[باب في المسح أعلى الخف وأسفله]
هذا ما اختاره (4) بعضهم ودلالة
(1) لما أنه يأباه قوله تعالى {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} فإن المسح لا يكون إليهما.
(2)
ذكر ابن العربي في التوقيت ستة أقوال للعلماء لكن المشهور منها قولان ترك التوقيت وهو قول مالك كما قال به الترمذي والتوقيت مذهب جمهور الفقهاء الأئمة الثلاثة وأصحابهم والثوري والأوزاعي وإسحاق وداؤد ومحمد بن جرير وغيرهم كما في البذل.
(3)
أي مستدل من قال بعدم التوقيت حديث أبي داؤد بسنده عن أبي بن عمارة أنه قال يا رسول الله أمسح على الخفين قال نعم قال يومًا قال ويومين قال وثلاثة قال نعم وما شئت، قال ابن العربي: وفي طريقه ضعفاء ومجاهيل منهم عبد الرحمن بن رزين ومحمد بن يزيد وأيوب بن قطن؛ وقال أبو داؤد: وليس إسناده بالقوى، ورواه يحيى بن معين، وقال: إسناده مضطرب، وقال البخاري: في إسناده مجهول لا يصح، وقد روى فيه عن عمر حديث صحيح لكن ليس بنص عن النبي صلى الله عليه وسلم والنص عن النبي صلى الله عليه وسلم أولى من قول عمر، انتهى، قلت: وادعى النووي الاتفاق على ضعف حديث أبي داؤد وأجيب أيضًا أنه من قبيل ((التيمم وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين)).
(4)
وهم الشافعي ومالك وإسحاق كما حكى عنهم المصنف وبه جزم أهل فروعهم وقال أبو حنيفة وأصحابه وأحمد بن حنبل وغيرهم أن محله ظاهر الخفين، كذا في الأوجز.
الرواية على ما ذهبوا إليه ظاهرة وأجاب عنه العامة (1) أن مسحه عليه الصلاة والسلام إنما كان لعذر فلا تشريع فلا يؤخذ به سنة نعم لو فعله أحد لمثل ذلك العذر كان غير مثرب والعذر أن خفه عليه الصلاة والسلام كان بالغًا إلى ركبته فلم يستمسك ركبته الشريفة بنفسها لمنع الخف بثخانته أن تجتمع إليه ساقه فأخذ رجله اليمنى بيده اليسرى ومسح عليه باليمنى ومدها فامتد اليسرى ففهم من رآه ولم يتبين السبب فيه أنه صلى الله عليه وسلم مسحهما تشريعًا مع أن الأمر لم يكن كذلك والله أعلم.
وربما يتوهم أن المسح على الجانبين كليهما إكمال للفرض في محله فلا يمنع بل يكون سنة لما أن السنة إكمال للفرض في محله والجواب أن محل الفرض حين التخفف هو الجانب الأعلى معا لا الجميع فإن الغسل لم يبق مشروعًا ما دام المرء متخففًا وإنما المشروع المفروض المسح لا غير ومحل المسح هو الأعلى نعم لو كان الفرض هو الغسل لكان المسح في أعلاه وأسلفه كما لا للفرض في محله ولا كذلك إذا سقط الغسل وصار المسح مشروعًا ففيما نحن فيه الفرض قد ثلاث أصابع والزيادة عليها إكمال للفرض في محله ولا ينبغي أن يتوهم عاقل أن غسل الساق والركبة يكون إكمالاً للفرض في محله ولا يبعد أن يستنبط من هذا أن مسح الحلقوم بدعة لأن الحلقوم ليس محلاً للفرض حتى يكون المسح عليه إكمالاً له فأفهم.
[معلول (2)] وهو في عرفهم ما فيه علة خفية لا يكاد يصل إليه إلا الماهر في الفن المنطلع على الأسانيد والروايات ثم أخذ يبينه (3) بقوله لم يسنده يعني
(1) أي بعد صحة الرواية وإلا فهي ضعيفة جدًا كما سيأتي.
(2)
بسط أهل الأصول أن هذا لحن على طريق أهل اللغة لأنه من علة بالشراب إذا سقاه مرة بعد أخرى، كذا في لقط الدرر، إلا أنهم يستعملونه كثيرًا في محاوراتهم.
(3)
والجملة أن في الحديث خمسة علل بسطها الحافظ في التلخيص والشيخ في البذل، الأولى أن كاتب المغيرة أرسله ونبه عليه المصنف أيضًا، والثانية أن رجاء لم يسمعه عن كاتب المغيرة كما نبه عليه الشيخ برواية البخاري، والثالث أن ثورًا لم يسمعه من رجاء، والرابع أن كاتب المغيرة مجهول، والخامس أن الوليد مدلس لكن رواية الترمذي تأبى هذا الخامس إذ فيها رواية الوليد بالإخبار وكذلك يمكن الجواب عن بعض العلل المذكورة إلا أن بعضها عقيمة عن الجواب كما يظهر من ملاحظة البذل والتلخيص.
أن كل من أخذه من ثور أرسله عن كاتب المغيرة غير الوليد بن مسلم فإنه أسنده حيث قال عن كاتب المغيرة عن المغيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم إن الذي رواه البخاري عن ابن المبارك فيه فرق آخر أيضًا فإنه قال حدثت عن كاتب المغيرة فإنه مشير إلى أن رجاء لم يسمعه من كاتب المغيرة إلا بتوسط فكان في عنعنة الوليد بن مسلم في ذلك شيء أيضًا.
[ولا نعلم أحدًا يذكر عن] عروة عن المغيرة على ظاهرهما بل إنما (1) رووا يمسح على الخفين.
[قال محمد وكان مالك يشير بعبد الرحمن] أشار المؤلف بذكر هذا القول بعد ما حكم على الرواية بالحسن إلى أن إشارة مالك بضعفه لم يبلغ إلى حيث يخرجه من رواة الحسن نعم لا تكون روايته صحيحة لذاتها أو المعنى بذكر هذا الكلام عقيب ما أثبته من المرام أن مالكًا وإن أشار إلى ضعفه إلا أنه لم يكن كذلك فيما أراه (2) فكان حديثه حسنًا عندي فلا يغرنك إشارة مالك بضعفه أن تنسبني إلى غلط
(1) قلت: وأشار إلى ذلك أبو داؤد أيضًا فأخرج الحديث برواية محمد بن الصباح البزاز عن عبد الرحمن بن أبي الزناد بهذا السند بلفظ ((كان يمسح على الخفين)) ثم قال وقال غير محمد على ظهر الخفين وعلم من ذلك أنه اختلف في هذا اللفظ على عبد الرحمن أيضًا.
(2)
ولذلك صحح عدة من أحاديثه في كتابه كما أقر به الحافظ في تهذيبه وهذا كله إذا كان الغرض من قول مالك الإشارة إلى ضعفه كما قال الحافظ في تهذيبه تكلم فيه مالك لرواية عن أبيه كتاب السبعة يعني الفقهاء، وقالل أين كنا عن هذا، ويحتمل عندي أن يكون غرض الترمذي بذكر قول مالك تقوية تحسينه، ومعنى قوله ((كان مالك يشير بعبد الرحمن)) أي إلى الأخذ منه، ففي التهذيب عن موسى بن سلمة قدمت المدينة فأتيت مالك بن أنس فقلت له إني قدمت إليك لأسمع العلم وأسمع ممن تأمرني به فقال عليك بابن أبي الزناد، انتهى، وهذا إشارة من الإمام مالك إلى الأخذ منه.