المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في تخليل اللحية] - الكوكب الدري على جامع الترمذي - جـ ١

[رشيد الكنكوهي]

فهرس الكتاب

- ‌تقديمبقلم: فضيلة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي

- ‌مقدمة المحشى

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌أبواب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء لا تقبل صلاة إل

- ‌[باب الاستنجاء بالماء]

- ‌[باب ما جاء إذا استيقظ أحدكم إلخ]

- ‌[باب في التسمية عند الوضوء]

- ‌[باب المضمضة والاستنشاق من كف واحد]

- ‌[باب في تخليل اللحية]

- ‌ باب الوضوء مرة مرة، وليس هذا بشيء]

- ‌[باب وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان]

- ‌[باب في النضح]

- ‌[باب كراهية الإسراف في الوضوء]

- ‌[باب الوضوء لكل صلاة]

- ‌[باب في وضوء الرجل والمرأة من إناء واحد]

- ‌[باب ما جاء أن الماء طهور لا ينجسه شيء]

- ‌[باب كراهية البول في الماء الراكد]

- ‌[باب في ماء البحر آه]

- ‌[باب التشديد في البول إلخ]

- ‌[باب ما جاء في بول ما يؤكل لحمه]

- ‌[باب ما جاء في الوضوء من الريح]

- ‌[باب الوضوء من النوم]

- ‌[باب الوضوء مما غيرت النار]

- ‌[باب الوضوء من لحوم الإبل]

- ‌[باب الوضوء من مس الذكر]

- ‌[باب الوضوء من القيء والرعاف]

- ‌[باب الوضوء بالنبيذ]

- ‌[باب في كراهية رد السلام غير متوضئ]

- ‌[باب ما جاء في سور الكلب إلخ]

- ‌[باب ما جاء في سور الهرة، قوله إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات]

- ‌[باب المسح على الخفين، قوله وهذا حديث مفسر]

- ‌[باب في المسح أعلى الخف وأسفله]

- ‌[باب في المسح على الجوربين والنعلين]

- ‌[باب ما جاء في الغسل من الجنابة]

- ‌[باب ما جاء أن تحت كل شعر جنابة]

- ‌[باب ما جاء إذا التقى الختانان إلخ]

- ‌[باب في من يستيقظ ويرى بللا]

- ‌[باب ما جاء في المني والمذي]

- ‌[باب في المذي في الثوب، فقال بعضهم لا يجزئ إلا الغسل]

- ‌[باب في المني يصيب الثوب، صفراء]

- ‌[باب الجنب ينام قبل أن يغتسل إل

- ‌[باب ما جاء في مصافحة الجنب]

- ‌[باب ما جاء في المرأة ترى مثل ما يرى الرجل]

- ‌[باب الرجل يستدفئ بالمرأة بعد الغسل]

- ‌[باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء]

- ‌[باب في المستحاضة

- ‌[باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة

- ‌[باب المستحاضة تغتسل عند كل صلاة]

- ‌[باب ما جاء في مباشرة الحائض]

- ‌[باب الحائض تتناول الشيء من المسجد]

- ‌[باب في كراهية إتيان الحائض]

- ‌[باب ما جاء في غسل دم الحيض من الثوب]

- ‌[باب كم يمكث النفساء]

- ‌[باب إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء]

- ‌[باب ما جاء في الوضوء من الموطئ]

- ‌[باب ما جاء في التيمم]

- ‌[باب]

- ‌[باب البول يصيب الأرض]

- ‌أبواب الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ باب التغليس بالفجر]

- ‌[باب ما جاء في تعجيل الظهر]

- ‌[باب الرخصة في السمر بعد العشاء]

- ‌[باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل]

- ‌[باب ما جاء في النوم عن الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة الوسطى أنها العصر]

- ‌[باب الصلاة بعد العصر]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة قبل المغرب]

- ‌[باب ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر]

- ‌[باب ما جاء في الجمع بين الصلاتي

- ‌[باب بدء الأذان]

- ‌[باب ما جاء في الترجيع

- ‌[باب من أذن فهو يقيم]

- ‌[باب كراهة الأذان]

- ‌[باب ما جاء أن الإمام أحق بالإقامة]

- ‌[باب ما جاء في الأذان بالليل

- ‌[باب كراهية الخروج عن المسجد بعد الأذان]

- ‌[باب الأذان في السفر]

- ‌[باب فضل الأذان]

- ‌[باب ما جاء الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن]

- ‌[باب ما يقول إذا أذن المؤذن]

- ‌[باب كم فرض الله على عباده من الصلوات]

- ‌[باب ما جاء في فضل الجماعة]

- ‌[باب فيمن سمع النداء فلا يجيب]

- ‌[باب الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة]

- ‌[باب فضل العشاء والفجر في جماعة]

- ‌[باب فضل الصف الأول]

- ‌[باب إقامة الصفوف]

- ‌[باب ما جاء ليليني منكم أولو الأحلام والنهي]

- ‌[باب ما جاء في كراهة الصف بين السواري]

- ‌[باب الصلاة خلف الصف وحده]

- ‌[باب الرجل يصلي ومعه رجل]

- ‌[باب الرجل يصلي مع الرجلين]

- ‌[باب من أحق بالإمامة يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله إل

- ‌[باب في نشر الأصابع عند التكبي

- ‌[باب فضل التكبيرة الأول

- ‌[باب ما جاء في ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم]

- ‌[باب ما جاء أنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب]

- ‌[باب ما جاء في التأمين]

- ‌[باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال]

- ‌[باب رفع اليدين عند الركوع والسجود]

- ‌[باب ما جاء في النهي عن القراءة]

- ‌[باب ما جاء فيمن لا يقيم صله في الركوع والسجود]

- ‌[باب وضع الركبتين]

- ‌[باب ما جاء في السجود على الجبهة والأنف]

- ‌[باب ما جاء في التجافي في السجود]

- ‌[باب ما جاء في وضع اليدين ونصب القدمين]

- ‌[باب إقامة الصلب إذا رفع رأسه]

- ‌[باب كراهية الإقعاء بين السجدتين]

- ‌[باب ما جاء في التشهد التحيات

- ‌[باب منه أيضًا]

- ‌[باب ما جاء في الإشارة]

- ‌[باب ما جاء أن حذف السلام سنة]

- ‌[باب ما يقول إذا سلم]

- ‌[باب ما جاء في القراءة خلف الإمام]

- ‌[باب النوم في المسجد]

- ‌[باب ما جاء في كراهة البيع والشراب وإنشاد الضالة والشعر في المسجد]

- ‌[باب ما جاء في المسجد الذي أسس على التقوى

- ‌[باب ما جاء لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى]

- ‌[باب المشي إلى المسجد]

- ‌[باب القعود في المسجد]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الخمرة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الحصير]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على البسط]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة في الحيطان]

- ‌[باب في كراهية المرور بين يدي المصلي]

- ‌[باب ما جاء لا يقطع الصلاة شيء]

- ‌[باب الصلاة في الثوب الواحد]

- ‌[باب ما جاء في ابتداء القبلة

- ‌[باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة]

- ‌[باب كراهية ما يصلي إليه]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الدابة]

- ‌[باب الصلاة عند النعاس]

- ‌[باب من أم قومًا وهم له كارهون]

- ‌[باب ما جاء إذا صلى الإمام قاعدًا فصلوا قعودًا]

- ‌[باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيًا]

- ‌[باب ما جاء في الإشارة]

- ‌[باب التسبيح للرجال والتصفيق للنساء]

- ‌[باب ما جاء في كراهية التثاؤب في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء إن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم]

- ‌[باب فيمن يتطوع جالسًا]

- ‌[باب ما جاء لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار]

- ‌[باب ما جاء في كراهة مسح الحصى في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في كراهة النفخ في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في النهي عن الاختصار

- ‌[باب التشبيك]

- ‌[باب طول القيام في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في قتل الأسودين في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في سجدتي السهو قبل السلام]

- ‌[باب ما جاء في سجدتي السهو بعد السلام والكلام]

- ‌[باب ما جاء في التشهد في سجدتي السهو]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة في النعال]

- ‌[باب ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة]

- ‌[باب في نسخ الكلام في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة عند التوبة]

- ‌[باب متى يؤمر الصبي بالصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الرجل يحدث بعد التشهد]

- ‌[باب ما جاء إذا كان المطر فالصلاة في الرحال]

- ‌[باب التسبيح في إدبار الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الدابة في الطين والمطر]

- ‌[باب ما جاء في الاجتهاد في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة]

- ‌[باب من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة]

- ‌[باب ما جاء في الكلام بعد ركعتي الفجر]

- ‌[باب ما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر]

- ‌[باب ما جاء إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكنوبة]

- ‌[باب فيمن تفوته الركعتان قبل الفجر

- ‌[باب ما جاء أنه يصليهما في البيت]

- ‌[باب ما جاء في فضل التطوع

- ‌[باب منه

- ‌أبواب الوتر

- ‌[باب ما جاء في فضل الوتر]

- ‌[باب ما جاء أن الوتر ليس بحتم]

- ‌[باب ما جاء في الوتر بخمس]

- ‌[باب ما جاء ما يقرأ في الوتر]

- ‌[باب ما جاء في الوتر على الراحلة]

- ‌[باب ما جاء في صلاة الضحى]

- ‌[باب صلاة الحاجة]

- ‌[باب صلاة الاستخارة]

- ‌[باب صلاة التسبيح]

- ‌أبواب الجمعة

- ‌[باب فضل الجمعة]

- ‌[باب ما جاء أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة]

- ‌[باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر]

- ‌[باب ما جاء في الخطبة على المنبر]

- ‌[باب القراءة على المنبر]

- ‌[باب في استقبال الإمام إذا خطب]

- ‌[باب في الركعتين إذا جاء الرجل والإمام يخطب]

- ‌[باب ما جاء في كراهية الاحتباء والإمام يخطب]

- ‌[باب رفع الأيدي في الدعاء على المنبر]

- ‌[باب فيمن يدرك من الجمعة ركعة]

- ‌[باب ما جاء في السفر يوم الجمعة]

- ‌[باب السواك والطيب يوم الجمعة]

- ‌أبواب العيدين

- ‌[باب في صلاة العيدين قبل الخطبة]

- ‌[باب أن صلاة العيدين بغير أذان ولا إقامة]

- ‌[باب القراءة في العيدين]

- ‌[باب التكبير في العيدين

- ‌[باب لا صلاة قبل العيدين ولا بعدها

- ‌[باب في خروج النساء في العيدين]

- ‌[باب ما جاء في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العيد في طريق ورجوعه من طريق]

- ‌[باب في الأكل يوم الفطر قبل الخروج]

- ‌أبواب السفر

- ‌[باب الجمع بين الصلاتين

- ‌[باب في صلاة الكسوف]

- ‌[باب ما جاء في صلاة الخوف]

- ‌[باب خروج النساء]

- ‌[باب في كراهة البزاق في المسجد]

- ‌[باب ما يقول في سجود القرآن]

- ‌[باب ما ذكر فيمن فاته حزبه من الليل فقضاه بالنهار]

- ‌[باب ما جاء من التشديد في الذي يرفع رأسه قبل الإمام

- ‌[باب ما جاء في الذي يصلي الفريضة ثم يؤم الناس]

- ‌[باب الرخصة في السجود على الثوب]

- ‌[باب ما ذكر مما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح إلخ]

- ‌[باب ما ذكر في الالتفات في الصلاة]

- ‌[باب الرجل يدرك الإمام ساجدًا]

- ‌[باب كراهية أن ينتظر الناس الإمام وهم قيام]

- ‌[باب في تطييب المساجد]

- ‌[باب كراهية الصلاة في لحف النساء]

- ‌[باب ما ذكر في قراءة السورتين في ركعة]

- ‌[باب في الاغتسال عندما يسلم الرجل]

- ‌[باب ما ذكر من التسمية في دخول الخلاء]

- ‌[باب ما يستحب من التيمن في الطهور]

- ‌[باب ما يجزئ من الماء]

الفصل: ‌[باب في تخليل اللحية]

وبينه كما فعله بعض الأعلام إلا عدم الوقوف على المذهب وخالد ثقة فكانت زيادته معتبرة فإن زيادة الثقة معتبرة ما لم تقع منافية لرواية أوثق منه كما فيما نحن فيه (1).

[قوله يفرقهما] مبتدأ (2) بتأويل تجريده عن النسبة إلى الفاعل والزمان فصلح للحكم عليه أو بتقدير أن المصدرية.

[باب في تخليل اللحية]

تفرقت آراء الفقهاء (3) الحنفيين في هذه المسألة فمن

(1) يعني فلأجل ذلك صار حديث الوصل صالحًا للاستدلال لمن استدل به وإلا فصارت روايته ضعيفة لكن بعد صحة الاستدلال أيضًا تبقى بيانًا للجواز جمعًا بين الروايات على أن روايات الفصل نص في الباب بخلاف روايات الكف الواحد فإنها محتمل للاحتراز عن الكفين واليدين أو للاحتراز عن اليد اليسرى لأن الاستنشاق في الأنف وهو موضع الأذى مما لا يخفى، ورواية بماء واحد رواية بالمعنى ضرورة.

(2)

أو يقال إن قوله أحب خبر مبتدأ محذوف فهما جملتان، وفي بعض النسخ تفريقهما فلا حاجة إلى التأويل.

(3)

ففي الدر المختار غسل جميع اللحية فرض على المذهب الصحيح المفتى به المرجوع إليه وما عدا هذه الرواية مرجوع عنه كما في البدائع ثم لا خلاف أن المسترسل لا يجب غسله ولا مسحه بل يسن وأني الخفيفة التي ترى بشرتها يجب غسل ما تحتها، انتهى، قال ابن عابدين قوله جميع اللحية ظاهر كلامهم أن المراد بها الشعر الثابت على الخدين والذقن، وقوله ماعدا هذه الرواية أي من رواية مسح الكل أو الربع أو الثلث أو ما يلاقي الشك أو غسل الربع أو الثلث أو عدم الغسل والمسح فالمجموعة ثمانية، قوله ثم لا خلاف أي بين أهل المذهب على جميع الروايات، وقوله المسترسل أي الخارج عن دائرة الوجه، انتهى، وقال ابن العربي: اختلف العلماء في تخليلها على أربعة أقوال: أحدها أنه لا يستحب، قاله مالك في العتية، الثاني أنه يستحب، قاله ابن حبيب، الثالث إن كانت خفيفة وجب إيصال الماء إليها وإن كانت كثيفة لم يجب، قاله مالك عن عبد الوهاب، الرابع من علمائنا من قال يغسل ما قابل إيجابًا وما ورائه استحبابًا، وفي تخليلها في الجناية روايتان عن مالك إحداهما أنه واجب وإن كشفت، رواه ابن وهب وروى ابن القاسم وابن عبد الحكم سنة لأنها قد صارت في حكم الباطن ووجه آخر وهو قول أبي حنيفة والشافعي أن الفرض قد انتقل إلى الشعر بعد نباته كشعر الرأس.

ص: 62

قائل بفرضية مسح ربع اللحية قياسًا على مسح الرأس فإنه لما سقط غسل كله قام مسح الربع مقامه فكذلك في اللحية وأنت تعلم ما فيه فإن القياس على الرأس إنما كان صحيحًا لو كان الرأس مغسولاً كالذقن ثم سقط غسله إلى مسح ربعه وإذ ليس فليس ومن ذاهب إلى وجوب غسل السطح الظاهر ومسح ما استرسل منها، والصحيح أن غسل ما يلاقي البشرة واجب فإنه إذا سقط وجوب غسل الذقن تاب منابه غسل ما يلاقي بشرة الوجه منها، وأما الشعر المسترسل منها فلا يجب غسله ولا مسحه ولكن لا خلاف في أن تخليل اللحية واستيعابه بالمسح سنة والله تعالى أعلم.

[قوله لم يسمع عبد الكريم] لكن الرواية لما تعددت طرقها اتجبر الضعف الناشئ من سوء حفظه.

[قوله مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر] الإقبال الإتيان إلى قبل الرأس والأدبار الذهاب إلى دبره فكان الابتداء الإقبال من خلف وابتداء الأدبار من قدام.

ثم قوله [بدأ بمقدم رأسه] دفع لما عسى أن يتوهم من تقديم ذكر الإقبال أنه ابتدأ المسح من خلف فدفعه بأن الواو في قوله أقبل بهما وأدبر للجمع وليس تقديم

ص: 63

ذكره للتقدم بالوجود ولعل الوجه في تقديم ذكره الاكتفاء بالإقبال في المسح فناسب تأكده.

ثم المراد بقوله [ذهب بعض أهل الكوفة] إن كان الحنفية فمعنى العبارة أنهم ذهبوا إلى جواز الوضوء بذلك وقالوا بسقوط الواجب به لا أنه سند عندهم وإن كانوا قومًا آخرين فلا علم (1) لنا بهم [بدأ بمؤخر رأسه (2)] إنما فعل ذلك والله تعالى أعلم لئلا يذهب بدوام ابتدائه بالمقدم إلى حرمة خلافه أو عدم الأجزاء به في باب الطهارة فأظهر بهذا القلب إنما المقصود هو الإتيان بالمسح كيف كان ولا يبعد أن يستنبط منه أن الترتيب في غسل الأعضاء لا يشترط فإن الوضوء هو مجموع تلك الأركان، فلما لم يجب إتيان كل ركن حسب ما ثبت دوامه عليه من الكيفية لم يجب في كل الأركان إتيانها كذلك مع أن المسح في ذاته لزم أن يكون على تقدير وجوب الترتيب مرتبًا بعضه على بعض ويجب أن يكون مسح مقدمه مقدمًا على مسح مؤخره فإذا عكس فيه علم أنه لا ترتيب، نعم يكون الترتيب سنة لدوام عمل النبي صلى الله عليه وسلم.

[قوله مرة واحدة] إما أن يقال في بيان معناه إن الإقبال والأدبار كله مسح واحد وعلى هذا فمؤدي الروايتين واحد أو يحمل على اختلاف الأحوال

(1) قال ابن العربي: لا أعلم أحدًا قال إنه بدأ بمؤخر الرأس إلا وكيع بن الجراح كما ذكره أبو عيسى والصحيح البداية بالمقدم وهي رواية الحفاظ كلهم، انتهى، قلت: وحكى العيني عن الحسن بن صالح أنه قال يبدأ بمؤخر الرأس، وحكى صاحب السعاية عن الحسن البصري، السنة البداية من الهامة يضع يده عليها ويمر بها إلى مقدم الرأس ثم يعيدها إلى القفا، انتهى، فهذا قول ثالث.

(2)

قال ابن العربي لعله من تفسير الراوي لقول الآخر فأدبر بهما فحمله على البداية بالمؤخر فذكره بذلك اللفظ، انتهى.

ص: 64

فيكون كله سنة، تكرار المسح وتثليثه وإفراده كلها سنة وإنما الخلاف بيننا وبين الشافعي رحمه الله تعالى في أخذ الماء الجديد هل يسن؟ قالوا نعم والعجب منهم جوزوا شرب المستعمل من الماء والتطهر به ولم يجوزوا المسح به، والعذر (1) أن الجواز لا ينكر وإنما الكلام في السنية ولا تثبت إلا بفعله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

[قوله بما غير فضل يديه] هذا وإن كان غلطًا من الراوي كما صرح به المؤلف إلا أنه يمكن تصحيحه بحسب المعنى بأن يقال قوله فضل يديه بدل عن ما غبر أو هو فاعل لقوله غير أي بماء تركه فضل يديه وإسناد الترك إلى الفضل لا استبعاد فيه، فإن الماء لم يبق على اليد إلا لأجل كونه فاضلاً على اليد عن حاجة الغسل فإن السائل والنازل من العضو الذي وقع على الأرض كان فضلاً على القدر الضروري للغسل وترك هذا الفضل ذلك البلل ويحتمل منصوبًا بنزع الخافض أبي بماء بقى من فضل يديه على أن يكون كلمة من هذه المقدرة المنزوعة للبيان والأول أولى وأسلم (2).

(1) يعني يمكن أن يجاب عن الشافعية بأنهم لا ينكرون الجواز إذ الماء المستعمل طاهر عندهم وإنما أنكروا السنية وهي لا تثبت إلا بفعله صلى الله عليه وسلم وثبت عنه صلى الله عليه وسلم عندهم تجديد الماء فقالوا به فتأمل ثم لا يذهب عليك أن ما حكاه الترمذي من مذهب الشافعي يخالف المشهور من مذهبه، وفي السعاية أن التثليث هو قول الشافعي على ما حكاه النووي وابن حجر وغيرهما، وهو المشهور في كتب مذهبه لكن عده الترمذي ممن رأوا المسح مرة واحدة ونقل العيني عن النووي أنه قال لا أعلم أحدًا من أصحابنا حكى هذا عن الشافعي لكن حكاه الرافعي وجهًا لأصحابنا، انتهى.

(2)

قلت: هذا باعتبار اللفظ وأما باعتبار الفقه فالمشهور على الألسن أن حديث عمرو بن الحارث حجة على الحنفية إذ قالوا بجواز المسح بالبلة الباقية على اليدين بعد غسل اليدين قال الحلبي: لو توضأ ومسح ببلة بقيت على كفيه

ص: 65

[قوله لا أدري هذا من قول إلخ] هذا انتصار لمذهبه (1) وأنت تعلم

= بعد الغسل يجوز مسحه لأن البلة الباقية بعد الغسل غير مستعملة إذ المستعملة فيه ما سال على العضو وانفصل عنه ولو مسح رأسه ثم مسح خفيه ببلة بقيت بعد المسح لا يجوز مسحه على الخف لأن البلة الباقية بعد المسح مستعملة لأن المستعمل فيه ما أصاب الممسوح، انتهى.

وأنت خبير بأن الحديث لا ينافي قولهم لأنهم لا ينكرون جواز المسح بالماء الجديد بل قالوا بجواز الأمرين معًا قال القارئ: وفي الحديث أنه عمل بأحد الجائزين عندنا، انتهى، قال النووي معناه أنه مسح الرأس بماء جديد لا ببقية من ماء يديه ولا يستدل بهذا على أن الماء المستعمل لا تصح الطهارة به لأن هذا إخبار عن الإتيان بماء جديد للرأس ولا يلزم من ذلك اشتراطه انتهى، على أن أصحية رواية عمرو عند المصنف لا يستلزم أن يكون رواية ابن لهيعة غير صحيح عنده فضلاً عند غيره لا سيما إذ هي مؤيدة بعدة روايات فقد أخرج أبو داؤد من حديث الربيع أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من فضل كان في يده وسكت عليه فهو صالح للاحتجاج، قال الحافظ وروى الدارقطني والبيهقي بلفظ ((مسح رأسه بماء فضل في يديه)) وفي رواية ((ببلل في يده)) وإسناده حسن، انتهى، وقال ابن قدامة في المغنى: روى عن علي وابن عمر وأبي أمامة فيمن نسى مسح رأسه إذا وجد بللاً في لحيته أجزأه أن يمسح رأسه بذلك البلل، انتهى.

(1)

وتوضيح ذلك أنهم اختلفوا في أن السنة لمسح الأذنين أخذ الماء الجديد أو تمسحان بماء الرأس وبالأول قالت الأئمة الثلاثة مع اختلاف نقلة المذاهب في بيان مسالكهم كما بينته في أوجز المسالك ولم يختلفوا في أن الحنفية قالوا بالثاني مستدلاً برواية الباب وهو حديث مشهور روى من عدة صحابة مرفوعًا منها عن أبي أمامة عند أبي داؤد والترمذي وابن ماجه

ص: 66

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعن عبد الله بن زيد عند ابن ماجة وغيره قواه المنذري وابن دقيق العيد وعن ابن عباس عند الدارقطني، قال ابن القطان: إسناده صحيح لاتصاله وثقة رواته، قال الزيلعي بعد ذكر حديث عبد الله بن زيد هذا أمثل إسنادًا في هذا الباب ثم قال فأنظر كيف أعرض البيهقي عن حديث عبد الله بن زيد وابن عباس واشتغل بحديث أبي أمامة وزعم أن إسناده أشهر وترك هذين الحديثين وهما أمثل منه ومن ههنا يظهر تحامله، انتهى، وروى من عدة صحابة أخر بسطت طرقه في التلخيص والسعاية، وفيه أيضًا روى بطرق مختلفة، وبعضها وإن كان فيه ضعف إلا أنه ينجبر بالكثرة ثم قال وتقرير دلالة الحديث على المدعي على ما ذكره الاتقاني في غاية البيان وغيره أنه لا يخلو من أحد الأمرين إما أن يراد به الحكم أو بيان الخلقة لا يجوز الثاني لكونه عليه الصلاة والسلام مبعوثًا لبيان الأحكام دون الحقائق ولكونهما من الرأس مشاهدة (لا يخالف هذا ما تقدم في كلام الشيخ من أنهما عضو على حدة كما هو مشاهد إلخ لاختلاف الجهات فالأول مشاهد حسًا وهذا مشاهد عرفًا) مغنية عن البيان فتعين الأول ثم لا يخفى إما أن يكون المراد من الحكم كونهما ممسوحتين بماء الرأس أو كونهما ممسوحتين كالرأس ولا يجوز الثاني لأن اشتراك الشيء مع الشيء في حكم لا يوجب أن يكون ذلك الشيء من الشيء الآخر كالرجل مع الوجه يشتركان في حكم الغسل ولا يقال إن الرجل من الوجه فتعين الأول وهو كونهما ممسوحتين بماء الرأس وذلك ما أردنا، انتهى.

قلت: ويؤيد الحنفية حديث التكفير بالوضوء عن ابن عباس في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم ثم غرف غرفة فمسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما ثم غرف غرفة فغسل رجله اليمنى، الحديث، رواه ابن حبان وآخرون وصححه ابن خزيمة وابن مندة قال النيموي، وقال ابن القيم لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم أخذ للأذنين ماءًا جديدًا، وفي المعنى قال ابن المنذر وهذا الذي قالوه أي أخذ ماء جديد غير موجود في الأخبار وقد روى أبو أمامة وأبو هريرة وعبد الله بن زيد مرفوعًا ((الأذنان من الرأس)) رواهن ابن ماجة وروى ابن عباس والربيع والمقدام بن معد يكرب أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وأذنيه مرة واحدة، رواهن أبو داؤد، انتهى.

ص: 67

ما فيه فإنه مرفوع على تقدير تسليمه موقوفًا أيضًا لكونه ما لا يدرك بالقياس والنبي صلى الله عليه وسلم بعث لبيان الحكم لا الخلقة مع أنه على تقدير كونه بيان الخلقة غير صحيح أيضًا فحاشاه أن يقول ذلك كيف والرأس عضو والأذنان عضو على حدة كما هو مشاهد ومسلم في باب الديات لا يقال مراده صلى الله عليه وسلم أنهما واحد في الحكم فكما يأخذ لرأسه ماءًا جديدًا كذلك ينبغي للأذن لأنا نقول الشيئان اللذان حكمهما واحد لا يقال لأحدهما أنه من الآخر وإنما يقال إنه مثله أو من جنسه فلو أريد ذلك لقيل: الأذنان مثل الرأس أو من جنسه والتزام حذف المضاف فرار عن الظاهر من غير ضرورة ناشئة أو قرينة مواتية بخلاف قوله صلى الله عليه وسلم الجراد من صيد البحر فإن وقوع الأمر بخلافه ملجئ إلى التزام حذف المضاف ومع هذا كله فلو أخذ لأذنيه ماءًا جديدًا لم يفعل بأسًا.

[قوله وقال إسحاق اختار بلفظ المتكلم هذا مبني على ما قاله بعض أهل العلم (1).

[قوله قال أبو عيسى لا نعرفه إلا إلخ] مثل ذلك قد سبق مرارًا أن الضعف منجبر بتعدد الطرق فلا ضير في ضعفه لغرابة أو غيرها.

[قوله وفقه هذا الحديث] فيه وجهان: الأول أن الاستيعاب لا يشترط

(1) قلت ما أفاده الشيخ محتمل ويحتمل أن يكون المراد بقول بعض أهل العلم مذهب الشعبي والحسن وغيرهما إذ قالوا يغسل ما أقبل منهما مع الوجه ويمسح ما أدبر مع الرأس وعلى هذا يكون مختار إسحاق مذهبًا ثالثًا وبالتثليث شرح صاحب السعاية كلام الترمذي وذكر في المسألة ثمانية مذاهب تبعًا للعيني.

ص: 68

في شيء من المسرح (1) والتيمم خارج بعارض الخلفية فلما كان كذلك فاعتراضه صلى الله عليه وسلم على ما كان لامعًا من الأعقاب الغير المغسولة مستدع عدم جواز المسح في غير حالة التخفف، والوجه الثاني على تقدير تسليم الاستيعاب في المسح هو أن المسح لو كان كافيًا في الرجل لكان لكان مسحهم الأعقاب بالأيدي المبلولة كافيًا وإن لم يتدارك الماء عليها ولم يسل فقوله صلى الله عليه وسلم ويل للأعقاب من النار بعد إمرارهم الأيدي المبلولة على الأعقاب مستدع عدم إجزائه إذ كاذبوا (2) قد فعلوه.

وأما القراءة التي أنجز فيها لفظ الأرجل فالجواب عنه أن العمل بإحدى القراءتين يجب أن يكون بحيث لا يفوت العمل بالمثانية فقلنا بالمسح في حالة التخفف والغسل في ساعة التكشف وبأن الجر فيه للجوار، وأورد عليه عبد الرسول شارح عوامل النحو بأن جر الجوار إنما يجوز حيث لم يتخلل بينهما عاطف وههنا ليس كذلك فلا يكون من هذا القبيل وهذا تحقيق منه للمسألة لأنه كان رافضيًا وأصل هذا الإيراد للرازي في تفسيره ثم الجواب عن إيراده هذا أن جر الجوار في لسان العرب، وفي القرآن مع وجود العاطف بينهما كيف وقد قرئ قوله تعالى {وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23)} ومن الظاهر أنه لا يصح عطفًا على قوله كأس إذ ليس المراد أن الغلمان تطوف على أهل الجنة بحور عين فكان الجر فيه للمجاورة نعم يرد عليه أن الجر فيه يمكن أن يكون عطفًا على قوله {فِي جَنَّاتِ} صرح به

(1) هكذا في الأصل، والظاهر الممسوح ولو أريد الجمع لقيل المسحات.

(2)

فقد روى عن عبد الله بن عمر وقال تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر سافرناها فأدركنا وقد أرهقنا صلاة العصر ونحن نتوضأ ونمسح على أرجلنا فنادى ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثًا، قال الطحاوي فدل أنهم كانوا يمسحون حتى أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسباغ الوضوء وخوفهم بالنار فدل ذلك على أن حكم المسح الذي كانوا يمسحونه قد نسخه ما تأخر عنه، كذا في السعاية.

ص: 69