الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصحابنا رحمهم الله تعالى فالأمر ظاهر إذ الصلاة حق الله تعالى فلما أسقطه في ابتداء أيام الدم لا محالة لا يعود الوجوب بالشك لأن اليوم الثاني والثالث مشكوك في كونه حيضًا وطهرًا فإن اليقين يعارض لليقين ولا يعارضه الشك فإذا تم العشر من أيام الدم علم خروج أيام الحيض يقينًا فهذا اليقين يصلح لمعارضة مثله.
[باب المستحاضة تغتسل عند كل صلاة]
.
[قوله لا إنما ذلك دم عرق إلخ] فيه دلالة على أن الحكم في الخارج من السبيلين وغيرهما مشترك في النقض وإن كان التفاوت بينهما ثابتًا بوجوه مفصلة في الفقه ولا يتوهم خروج دم الاستحاضة من إحدى السبيلين وإن كان هذا هو الظاهر بحسب ما يبدو للناظر وذلك لأن المراد بالسبيل ههنا مخرج البول لا أعم منه ودم
الاستحاضة لا يخرج (1) منه كما هو ظاهر لمن له أدنى درية بأحوالهن نعم سبيل المني والاستحاضة واحد وكذلك الحكم في سبيل البراز فإن الخارج منها بحسب الظاهر لا يؤتي له حكم الخارج من المبرز ما لم يكن منه حقيقة كما في غدد البواسير فإن الطهارة لا تنتقض بخروج شيء منها ما لم يسل لأنها غير السبيلين فالخارج منها ليس له حكم الخارج منها بل هو خارج من حكمها وقاسوا على دم الاستحاضة كل ما هو خارج من غير السبيلين نجس وجعلوا الخارج النجس من غير السبيلين ناقضًا للوضوء بهذا الحديث وأمثاله غير أن قوله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل ما الناقض كل ما خرج من السبيلين أهدر التفاوت بين الكثير والقليل إبقاء لكلمة ما على عمومها سيما وقد وصفت بصفة عامة ولا كذلك فيما خرج من غير السبيلين وليس هذا موضع تفصيله.
[باب ما جاء في الحائض أنها لا تقضي (2) الصلاة] لما فيه من التضاعف الموجب للحرج وليس عليكم في الدين من حرج ولما فيه من الدم والتنجس، وفيه من المضادة لأمر الصلاة ما لا يخفى وذلك لأن الصلاة يشترط لها الطهارة فالتلبس بها ينافي كون الملتبس بها قابلاً لأداء الصلاة ولا كذلك الصيام فإن الركن ثمة هو الإمساك عن المفطرات الثلاثة نهارًا ناويًا فليس في مفهومه منافاة بالتلبس بشيء من الأنجاس، والحاصل أن منافاة التنجس بنجاسة الدماء لكون المتلبس قابلاً لأداء الصوم
(1) ففي الفتح الرحماني عن نهاية النهاية أن مدخل الذكر هو مخرج الولد والمني والحيض وفوقه مخرج البول كاحليل الرجل وبينهما جلدة رقيقة وفوق مخرج البول جلدة رقيقة يقطع منها في الختان، كذا في الأوجز.
(2)
نقل ابن المنذر والنووي وغيرهما إجماع المسلمين على أنه لا يجب على الحائض قضاء الصلاة ويجب عليها قضاء الصيام وحكى عن طائفة من الخوارج أنهم يوجبون عليها قضاء الصلاة، وعن سمرة بن جندب أنه كان يأمر به فأنكرت عليه أم سلمة، قال الحافظ لكن استقر الإجماع على عدم الوجوب كما قاله الزهري وغيره، كذا في البول.
أكثر (1) من منافاته لكونه قابلاً لأداء الصلاة وإن كان نفس التلبس بدماء الحيض والنفاس يساوي في كون المتلبس بها غير قابل (2) لأداء الصوم كما أنه غير قابل لأداء الصلاة وإذا كان كذلك فلا يبعد أن يكون شهود رمضان يقتضي وجوب صيامها لتلك القابلية التي أشرنا إليها بخلاف وقت الصلاة إلا أنها مع كونها أهلاً للوجوب منعت عن أدائه لهذا التلبس المانع عن الأداء فأفهم فإنه وإن كان أمرًا لم يقرع سمعك قبله مثله إلا أنه لا يخلو عن لطافة وهذا من أدنى إفادات شيخنا العلامة أدام الله ظلال مجده وأفاض على العالمين من بره ورفده.
[باب الجنب والحائض (3) لا يقرآن القرآن].
[وقال أحمد بن حنبل: إسماعيل بن عياش إلخ] لأن إسماعيل (4) لا يروي
(1) كذا في الأصل والصواب على الظاهر بدله أقل.
(2)
لا يقال إن الطهارة ليست بشرط للصوم فلا يظهر كون المتلبس بالدماء غير قابل للصوم لأنا نقول إن الشارع عليه الصلاة والسلام لما نهى المتلبس بها عن الصوم علم به عدم قابليته له بداهة إلا أن التنجس لما لم يكن منافيًا لحقيقة الصوم أوجب قضائه بخلاف الصلاة إذ لم يوجب قضائها.
(3)
الأئمة الأربعة وجمهور الفقهاء على أنهما لا يقرآن القرآن إلا الحائضة عند مالك فعنه فيها روايتان، قال ابن العربي: الجنب لا يقرأ القرآن، وقال بعض المبتدعة: يقرأ وحديث على دليل على ما قلنا، وأما الحائض ففي قراءتها عن مالك روايتان إحداهما المنع حملاً على الجنب ووجه الأخرى أن الحيض ضرورة يأتي بغير الاختيار ويطول أمرها فلو منعت من ذلك لنسيت ما تعلمت بخلاف الجنب فإنه تأتي الجنابة باختياره ويمكن إزالتها في الحال وهو أصح، انتهى، قلت: وعامة شراح البخاري على أن ميل البخاري إلى الجواز فتأمل.
(4)
فقد قال يعقوب بن سفيان: تكلم قوم في إسماعيل وهو ثقة عدل أعلم الناس بحديث الشام وأكثر ما قالوا يغرب عن ثقات المدنيين والمكيين، وكذا قال غيره جمع من الأئمة أن أحاديثه عن الشاميين مستقيمة.