الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلافًا لما قاله بعض من لا يعتد بقوله من أنه يلزم عليه بذلك سجدة السهو بتأخير الفرض الثاني فإنه ليس الأمر على هذا عند الإمام وإلا لزم سجدة السهو بإطالة القيام وكنا (1) قد تركنا أولاً بيان قوله صلى الله عليه وسلم من همزه ونفثه ونفخه اتكالاً على ما في الحاشية ثم يتبين أنه لا بد ههنا من ذكر أن هذه الدعاء إنما كانت لتعليم الأمة وأما النبي صلى الله عليه وسلم فقد أجاره الله وأعاذ من أن ينفخ فيه الشيطان أو ينفث ومعنى النفث إلقاء رغبة السحر أو الشعر والهمز هو الوسوسة.
قوله [أبو الرجال] كان بنوه (2) كثيرين.
[باب ما جاء في ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم]
اختلف فيه أقوال الفقهاء المجتهدين واختلافهم في ذلك (3) مبني على اختلاف القراء من قبل ففيه ثلاثة أقوال قال بعضهم التسمية آية من الفاتحة ومن كل سورة، وممن ذهب إلى ذلك الشافعي فوجب عنده الجهر بالتسمية عند الجهر بالسورة، والثاني أن التسمية ليست جزءًا لسورة ما ولا آية مستقلة فوجب الإخفاء عند هذا القائل إخفاء الثناء والتعوذ وغير ذلك وهذا الذي اختاره (4) مالك.
(1) كان هذا القول إلى آخره ملحقًا من كلام الشيخ في هامش تقريره.
(2)
ففي الخلاصة ولد عشرة رجال.
(3)
أي باعتبار الأغلب وإلا فالحنفية متبعة لقراءة حفص وهو يقرأ بسم الله على كل سورة وهم لا يقولون بذلك.
(4)
أي في إحدى الروايات عند المالكية كما حكاها الدسوقي وإلا فمشهور مذهب مالك ترك التسمية، ففي الشرح الكبير جازت البسملة كمتعوذ بنفل في الفاتحة وفي السورة وكرها بفرض، قال الدسوقي أي للإمام وغيره سرًا أو جهرًا في الفاتحة أو غيرها ابن عبد البر وهذا هو المشهور عند مالك ومحصل مذهبه عند أصحابه وإنما كرهت لأنها ليست آية في القرآن إلا في النمل، انتهى.
وأما مذهب الإمام (1) فهو القول الثالث وهو أن التسمية ليست جزءًا من الفاتحة ولا من أي سورة وإنما هي آية أنزلت للفصل بين السور فكان تركها في كل القرآن نقصًا وتقصيرًا واللازم قراءتها مرة على سبيل الوجوب، وأما الجهر بها عند الجهر بالفاتحة فمما لا يجوز إذ ليست جزء الفاتحة حتى يعطي لها حكمها وأدلة الفريقين من الشافعية والأحناف مما لا ينكر ثبوتها وإن كان لبعض منها قوة على بعض فقال كل واحد من المقدامين المقدمين بما ترجح عنده وجهه، وأما الدلائل التي ذكرها أئمة الحديث من القديم والحديث على إثبات جهر التسمية ففي كل منها شق ولذلك اعترف صاحب سفر السعادة بأن ليس في باب جهر التسمية رواية صحيحة فلعل الشافعي بلغه ما لم يبلغنا حتى يتكلم فيه.
قوله [سمعني أبي وأنا في الصلاة أقول] أي (2) [أجهر ببسم الله الرحمن
(1) وبذلك قال أحمد قال ابن قدامة أن قراءة بسم الله الرحمن الرحيم مشروعة في الصلاة في أول الفاتحة وأول كل سورة في قول أكثر أهل العلم ولا تختلف الرواية عن أحمد أن الجهر بها غير مسنون، وفي الشرح الكبير لرواية نعيم المجمر قال صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن وقال والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم رواه النسائي وروى شعبة وشبان عن قتادة قال سمعت أنس بن مالك قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلم أسمع أحدًا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وفي لفظ كلهم يخفي بسم الله الرحمن الرحيم وفي لفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسر بسم الله الرحيم وأبا بكر وعمر رواه ابن شاهين، قال ابن قدامة سائر أخبار الجهر ضعيفة فإن رواتها هم رواة الإخفاء وإسناد الإخفاء صحيح ثابت بغير خلاف فدل على ضعف رواية الجهر وقد بلغنا أن الدارقطني قال لم يصح في الجهر حديث، انتهى.
(2)
وعلى الجهر حمله المقدسي في الشرح الكبير فقال وحديث عبد الله بن مغفل محمول على هذا جمعًا بين الروايات.
الرحيم] إذ لا قائل (1) بكراهة الجهر (2) والإخفاء كليهما وأيضًا لا يصح إيراده ههنا (3) لو لم يسلم الجهر وأيضًا فإن قوله سمعني أبي لا يترتب على القراءة الخافية ظاهرًا، فأما سمعه مع الإخفاء بعيد وإن أمكن.
قوله [يعني منه] لما كان استعمل أفضل التفضيل ههنا وهو أبغض من غير اللام والإضافة ولفظة من أظهرها حتى يصح ومعنى العبارة أن كل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان يبغض الحدث في الإسلام لكن أبي كان من بينهم أشد منهم أجمعين في إبغاض الحدث في الإسلام (4).
(1) تعليل لما تقدم من تفسير قوله: أقول بلفظ أجهر يعني لما لم يكن أحد قائلاً بكراهة القول مطلقًا حمل ذلك على الجهر، هذا ما أفاده الشيخ فتأمل.
(2)
قلت هذا مبني على ما أفاده الشيخ من مذهب مالك بندب الإسرار وهو رواية عنه وإلا فمشهور مذهب مالك كراهتها في الفرض مطلقًا سرًا وجهرًا كما تقدم عن الشرح الكبير.
(3)
أي في باب ترك الجهر كما أورده المصنف.
(4)
ويمكن أن يكون مرجع الضمير الحدث والغرض إظهار تقدير من قبل الحدث ويكون تقدير الكلام كان أبغض إليه شيء من الحدث في الإسلام والمقصود منه أن كلام ابن عبد الله لا يصح بظاهره إذ المقصود إثبات أبغضية الحدث في الإسلام للصحابة والذي يظهر من الكلام نقيضه لأنه يدل على أن الحدث لم يكن مبغوضًا إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبين أن الحدث ههنا مفضل عليه والمقصود أنهم لم يكن شيئًا أبغض إليهم من الحدث في الإسلام وهذا لا يفيد أرجحية أبيه في بغض الحدث بل يقتضي أبغضية الحدث بالنسبة إلى سائر الأشياء إلى الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، أفاده الشيخ الجليل والحبر النبيل مولانا السيد خليل، قلت: هذه العبارة مكتوبة على هامش التقرير من كلام الشيخ مولانا خليل أحمد شارح أبي داؤد أولها مكتوبة بيد الشيخ وآخرها بيد والدي المرحوم نور الله مرقدهما.
قوله [يفتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم] أنت تعلم أن هذا ليس يكفي للمستدل على دعوى (1) الجهر بها وذلك لأن الصحابة كانوا يسمعون قراءته وأدعيته وإن أخفت هو بنفسه وربما كان يسمعهم الكلمة والكلمتين أو علموا افتتاحه بها بإخباره عن افتتاحه بها فلا قرينة فيها على الجهر غاية ما يلزم من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقولها عند افتتاح القراءة ونحن لا ننكره فلو كان يلزم الجهر بهذا الافتتاح لزم القول يجهر الثناء والتعوذ مع أنهم ليسوا بها قائلين.
[باب في افتتاح بالحمد لله رب العالمين] غرض الترمذي من وضع هذا الباب بيان أن قراءة الفاتحة في الصلاة قبل قراءة السورة وأنت تعلم أنه يدل على ترك الجهر ببسم الله وتأويل الشافعي في ذلك يحكي (2) تأويله في الأسفار ولكن نقول من جانبه وجانب أتباعه في شأنه:
إذا قالت حذام فصدقوها
فإن القول ما قالت حذام
وأعوذ بالله أن أقول طعنًا عليه وتنقيصًا لشأنه وإنما سبق ذلك مني لغلبة حب حماة الدين وحملة لواء العلم واليقين فإن التسمية لو كانت جزءًا من الفاتحة لما صح التكلم بجزئها المتوسط للتعريف والتمييز فإن الشائع في مثل ذلك التلفظ بأول الجزء وابتداء السورة ولكن محل العذر منهم واسع بأن يقال (3) لما لم يكن
(1) كيف وقد ورد في حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة كبر ثم قال إن صلاتي ونسكي، الحديث، وفي حديث عائشة الاستفتاح بسبحانك اللهم وفي حديث علي بالتوجيه وهكذا أدعية الركوع والسجود ولم يستدل أحد بها على الجهر بها.
(2)
أي يشبه قال المجد حكيت فلانًا حاكيته شابهته وفعلت فعله أو قوله سواء، انتهى.
(3)
فيه أن في مثل هذا الموضع يذكر أول الجزء والجزء الفارق معًا كقولهم ((حم السجدة)) لا أن يذكر الجزء الوسطاني.