الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثبوت التطوع منه صلى الله عليه وسلم بمن هو أكثر من ثلاثة.
[اليتيم] هذا اسمه (1) وأما كونه صبيًا فمعلوم من موضع آخر.
[باب من أحق بالإمامة يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله إل
خ] هذا ما ذهب إليه أبو يوسف (2)، وأما الباقون فقد اختاروا تقديم الأعلم على الأقرأ ومستدلهم ما وقع بعد ذلك من تقديم أبي بكر، وفي الجماعة أبي بن كعب وكان أقرأهم فكان منسوخًا (3) ولا يبعد أن يقال معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أقرأهم ليس هو المجود بل الأعلم بوجوه القراءات وتأويلات الآيات ومعانيها فلزمه العلم بمسائله فإذا تساووا في ذلك فأعلمهم بالسنة التي هي سوى (4) مسائل الصلاة من علم الحلال
(1) وبه جزم القارئ في المرقاة فقال اسم علم لأخي أنس وحكى عن ميرك وغيره أن اسمه ضميره وهو الأوجه عندي كما حررته في الأوجز مفصلاً.
(2)
قلت: وحكى عن الإمام أحمد أيضًا ويؤيده فروعه ففي الروض المربع الأولى بالإمامة الأقرأ العالم فقه صلاته ثم الأفقه إن استووا في القراءة واستدل بحديث الباب.
(3)
وإليه مال الشيخ ابن الهمام في الفتح.
(4)
قلت: ما ذكره من التعليل يدل على أن المراد علم الصلاة فقط، ففي الهداية أولى الناس بالإمامة أعلمهم بالسنة، وعن أبي يوسف أقرأهم لأن القراءة لا بد منها والحاجة إلى العلم إذا نابت نائبة ونحن نقول القراءة مفتقر إليها لركن واحد والعلم لسائر الأركان، انتهى، ومعلوم أن العلم الذي يحتاج إليه لسائر الأركان هو علم الصلاة لا غير.
والحرام وأكثر ما هو مذكور في السنة وليس له صريح تعرض في كتاب الله الكريم إلا بتعسر وكذلك الروايات الواردة في المعاملات والسير وغير ذلك وعلى هذا فلا يكون الحديث مخالفًا لما ذهب إليه الجمهور حتى يفتقر إلى القول بنسخه والدليل على إرادة ذلك أن قراءتهم لم تكن كقراءتنا من غير فهم المعاني والمسائل بمجرد اقتناع على الألفاظ، وأما الترتيل والتجويد بالمقدار الذي يتوقف عليه صحة الصلاة فكانوا في ذلك سواء ولم يك منهم أحد لا يقرأ كذلك فأفهم (1) ثم إن الوجوه التي ذكرها الفقهاء في الأحقية بالتقديم، إنما ملاك الأمر فيها كونه ممن يرغب إليه لا من يرغب عنه وذلك باجتماع أوصاف اعتبرهما الشرع منقبة وكمالاً من كبر السن وشرافة النسب وغير ذلك على حسب ما يبنوه من الترتيب ثم إن بعض تلك الوجوه مصرحة بها في الروايات والبعض الآخر مدركة (2) بالنظر في موارد التعليلات ولا ضير فيه بعد ثبوت أصله من حضرة الرسالة صلى الله عليه وسلم.
قوله [إلا بإذنه] اختلفوا في أن القيد والظرف وغير ذلك إذا ذكر بعد جمل متعددة هل يعتبر في كل من هاتيك الجمل أم يقتصر حكمه على ما اتصل به وإلى كل ذهب ذاهب والذي (3) ذهب إليه الإمام عدم اعتباره في الكل
(1) لعل فيه إشارة إلى أنه يلزم على هذا المعنى أن يكون أبي رضي الله تعالى عنه أعلم الصحابة لكونه أقرأهم.
(2)
كقولهم بعد استواء السن الأحسن خلقًا ثم الأحسن وجهًا أي أكثرهم تهجدًا ثم الأسمح وجهًا ثم الأشرف نسبًا ثم الأحسن صوتًا ثم الأحسن زوجة ثم الأكثر ما لا ثم الأكثر جاهًا إلى آخر ما قالوا.
(3)
ففي نور الأنوار الاستثناء متى تعقب كلمات معطوفة بعضها على بعض ينصرف إلى الجميع كالشرط عند الشافعي وعندنا ينصرف الاستثناء إلى ما يليه بخلاف الشرط.
ولكن مذهبه (1) ههنا جواز الصلاة خلف غير صاحب البيت وجواز الإمامة للغير بقرينة أخرى لحقته وهي أن المنع إنما هو لحق صاحب البيت فإذا أذن فقوله صلى الله عليه وسلم صلوا خلف كل ير وفاجر يجوز الصلاة خلفه.
قوله [إذا أم أحدكم الناس فليخفف] هذا لا ينافي سنية الطوال في الفجر والظهر إلى غير ذلك فإن في الطوال مراتب فعليه اختيار أدناها.
قوله [من أخف الناس صلاة في تمام] معناه المشهور أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن صلاته يحس بطولها لحسنه وحسنها وهذا مما يرده قوله عليه السلام في غير هذا الحديث مخافة أن تفتتن أمة إذ لا معنى للافتتان على هذا التقدير فالمعنى أنه كان يختار من مراتب السنة أسهلها وأخفها.
قوله [مفتاح الصلاة الطهور] قد بيناه من قبل أن الدخول في باب الصلاة لا يمكن من دون فتح بابها ودخول حرمها بالتكبير، وقوله تبارك وتعالى {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)} يجوز الشروع بأي (2) اسم كان فوجب تنزيل كل من الآية القطعية
(1) هكذا في الأصل والظاهر عندي أنه وقع فيه سبق قلم أو سقوط من الناسخ وتوضيح كلام الشيخ ما خطر في البال أن أصل مذهب الإمام عدم اعتباره في الكل كما بسط في الأصول ومع هذا مذهبه ههنا اعتباره في الكل لقرينة لحقته وهي الروايات الأخر: منها حديث مالك بن الحويرث مرفوعًا من زار قومًا فلا يؤمهم، الحديث، وحديث ابن مسعود من السنة أن لا يؤمهم إلا صاحب البيت وله شاهد ذكره الحافظ في التلخيص ولكن لو صلى غير صاحب البيت بدون إذنه فالصلاة خلفه جائز لأن المنع ليس لأمر في الصلاة بل لحق صاحب البيت فأكثر ما فيه غصب حقه وقد قال صلى الله عليه وسلم: صلوا خلف كل بر وفاجر، فتأمل.
(2)
وتوضيح اختلاف الأئمة في ذلك أن تكبيرة الإحرام فرض عند الجمهور، منهم الأئمة الأربعة مع الاختلاف فيما بينهم، أنه ركن كما قالوا أو شرط كما قالته الحنفية وهو وجه للشافعية، وقيل سنة كما حكى عن بعض السلف ثم اختلفوا في لفظه، قال ابن قدامة: وجملته أن الصلاة لا تنعقد إلا لقول الله أكبر عند إمامنا ومالك، وكذا عند الشافعي إلا أنه قال تنعقد بالله الأكبر أيضًا، وقال أبو حنيفة تنعقد بكل اسم الله تعالى على وجه التعظيم، كذا في الأوجز.
والرواية الظنية في منزلتها فقلنا بوجوب تعيين لفظ التكبير وفرضية ذكر مطلق الاسم فلو شرع بغير لفظ الله أكبر تمت صلاته وأثم لترك الواجب وهكذا يقول في قوله عليه السلام تحليلها التسليم فإن الخروج بلفظ السلام إنما هو واجب عليه والفرض الخروج أو الخروج بصنعه فلو أحدث بعد التشهد أجزأته عن فرض الوقت وإنما الاحتياج إلى الإعادة في أداء الواجب لا غير وذلك لقوله في حديث الأعرابي إذا قلت هذا أو فعلت فقد تمت صلاتك فلما علق الاتمام بذاك لم يبق للفظ السلام إلا الوجوب إذ لو كان من الأركان لما كان للتمام معنى.
قوله [ولا صلاة لمن لم يقرأ بالفاتحة وسورة معها] هذه الرواية توجب تخصيص النص القرآني المطلق وهو قوله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ} فإن مقتاضاها جواز الصلاة بأية سورة كانت فوجب القول بالوجوب في حق الفاتحة حتى لا يبطل موجب النص فقلنا يجب عليه قراءة الفاتحة كوجوب (1) قراءة سورة
(1) وضم السورة واجبة عندنا وحكى عن أحمد، وبه قال ابن كنانة من المالكية قاله العيني، وقال ابن قدامة لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أنه يسن، والأصل في ذلك فعله صلى الله عليه وسلم فإن أبا قتادة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأولين من الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين وغير ذلك من الروايات وقد اشتهرت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للسورة مع الفاتحة في صلاة الجهر ونقل نقلاً متواترًا وأمر به معاذًا فقال اقرأ بـ {الشَّمْسِ وَضُحَاهَا} و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} ، انتهى انتهى، قال العيني: وقد وردت في ذلك (أي الوجوب) أحاديث كثيرة، منها ما رواه أبو سعيد مرفوعًا بلا صلاة «إلا بفاتحة الكتاب وسورة معها» رواه ابن عدي في الكامل، وفي لفظ:((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ الفاتحة وما تيسر)) ورواه بن حبان في صحيحه، ولفظه أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ الفاتحة وما تيسر ورواه أحمد وأبو يعلى في مسنديها، قال النيموي: إسناده صحيح، قال العيني وروى ابن عدي من حديث ابن عمر مرفوعًا لا تجزئ المكتوبة إلا بفاتحة الكتاب وثلث آيات فصاعدًا وروى أبو نعيم من حديث أبي مسعود لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وشيء معها وصح أيضًا عن جماعة من الصحابة إيجاب ذلك، انتهى، قلت حديث أبي سعيد هذا ذكره النيموي بلفظ ((أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر ثم قال رواه أبو داؤد وأحمد وأبو يعلى وابن حبان، وإسناده صحيح وحكى في التعليق عن ابن سيد الناس إسناده صحيح ورجاله ثقات، وعن الحافظ في التلخيص: إسناده صحيح، وفي فتح الباري بسند قوي، وفي الدراية صححه ابن حبان، انتهى.
معها، وأما فرض القراءة فيسقط بمطلق ما يطلق عليه لفظ القراءة مع أن الرواية المذكورة ههنا تسوي أمر الفاتحة والسورة فمن أتى الفرق الذي فرق به المخالف بين الفاتحة وغيرها من السور بل يجب كونهما سواء وهو فيما قلنا من أن الفريضة ساقطة والإعادة واجبة سواء ترك الفاتحة أو السورة ما كانت ولا يثبت البطلان بترك الفاتحة بهذه الرواية هذا والتفصيل في بيانه ههنا مستغنى عنه فكتب الأحناف قد شحنت بأمثالها.
قوله [إنما الأمر على وجهه] المراد بالأمر إما الاصطلاحي فالمراد بكونه على وجهه معناه المشهور وهو الوجوب ويكون تحليلها التسليم وتحريمها التكبير مما ليس فيه صريح لفظ الأمر أمرًا بحسب المعنى فإنه أخبار معناه الإيجاب كما في