الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأول بحسب معالجة الشدة بما لا يفتقر إليه في الثاني، وفي لفظ الحديث إشارة ما إلى ذلك حيث خص الخطاب بعلي ولم يعمم لعلمه من حاله ما أوجب له هذا الحكم لا غير، فكل من كان ممن يكثر ورود المذي فيه كفاه ذلك لحصول المقصود وكذلك من ليس بمثابته.
[باب في المني يصيب الثوب، صفراء]
من غير عصفر أو زعفران فإن باقي الألوان لا ضير في استعمالها للرجال كما هو المذهب المنصور.
[وحديث الأعمش أصح] أي من حديث أبي معشر حيث وضع الأسود موضع همام وما كتبه (1) بين السطور خطأ ومما ينبغي أن ينتبه له أن الاختلاف بين أئمتنا الحنفيين والشافعي رحمهم الله تعالى في نجاسة المني وطهارته مبني على أصل آخر مختلف فيه بيننا وبينهم وذلك أنه رضي الله تعالى عنه لم يجوز الصلاة إذا تلبس المصلي بشيء من النجاسات قليلاً كان أو كثيرًا فليس عنده العفو في شيء من النجاسات وأثبته الإمام رضي الله تعالى عنه في النجس المغلظ قدر الدرهم وفي المخفف أقل من ربع الثوب كما هو مبسوط في كتب مذهبه فإذا كان كذلك كان التلبس ببعض تلك الأشياء حيثما ثبت لا يمنع الحكم بنجاسته عند الإمام بخلاف الشافعي رحمه الله تعالى وذلك لأن الإمام يحمله على أنه أقل من القدر المانع ولا يمكن هذا الحمل عند الشافعي رحمه الله تعالى فإذا ثبت من الروايات بما فيه كثرة أنه صلى الله عليه وسلم اكتفى فيه بالمسح والقرص والفرك والحك والحت، ومن المعلوم أنه غير مقلع وإنما (2) أثره التقليل لا غير كما هو ظاهر فلزم القول بطهارته (3)
(1) يعني قوله من حديث منصور لأن أصحيته ليس على حديثه بل على حديث أبي معشر وما ذكره من وجه الأصحية مشكل لأن لحديث أبي معشر أيضًا متابعات فتأمل وذكر الشيخ في البذل بعد ذكر الاختلاف على إبراهيم أن كل هؤلاء حفاظ وثقات لا يقدح هذا الاختلاف في حديثهم فثبت أن إبراهيم روى عنهما جميعًا.
(2)
قال ابن قدامة: والمعنى فيه أن الفرك يراد للتخفيف إلخ، وكذا قال غيره لكن يظهر من فروع الحنفية أنهم قالوا بكونه مطهرًا ولذا صرح صاحب الدر المختار بأنه لا يعود نجسًا بعد الفرك على المعتمد فتأمل.
(3)
ولذا استدل الشافعية ومن وافقهم بأحاديث الفرك على الطهارة.
فيمن لم يجوز الصلاة بملابسة شيء منها وإن قل، وأما الإمام (1) ومن تبعه فلما لم يكن هذا من أصوله لم يلزمه القول بطهارته ومما لا ينبغي أن يغفل عنه أن الاكتفاء بالفرك إنما هو الثياب (2) وأمثالها لا البدن، أما أولاً فلأن الرواية إنما وردت في الثوب لا في البدن فلا تتعدى موردها مع أن الثوب ليس في معنى البدن حتى يلتحق أحدهما بالآخر، وأما ثانيًا فلأن حرارة البدن جاذبة فلا يعود ما انجذب منه في الجلد إلى جرمه مع أن الإزالة على تقدير عوده إليه إنما يكون بالفرك ولا يمكن فرك البدن، وقيل (3) بل البدن يطهر أيضًا بالفرك واستظهر
(1) وتوضيح مسالك الأئمة في ذلك أنه نجس عند الحنفية قولاً واحدًا ويعفي عن قليله ويكفي فرك يابسه وكذلك هو نجس عند مالك ولا بد من غسله رطبًا ويابسًا واختلفت الروايات عن أحمد فالمشهور عنه أنه ظاهر وعنه أنه كالدم أي نجس ويعفى عن يسيره وعنه أنه لا يعفى عن يسيره ويجزئ فرك يابسه على كل، وكذلك اختلفت الروايات عن الشافعية فالمشهور أنه طاهر، والثاني أن مني الرجل طاهر دون المرأة، والثالثة كلاهما نجسان ونسب النووي هذين القولين إلى الشذوذ، كذا في الأوجز.
(2)
كما حكاه صاحب الهداية عن الإمام فقال: ولو أصاب البدن قال مشايخنا: يطهر بالفرك لأن البلوى فيه أشد وعن أبي حنيفة أنه لا يطهر إلا بالغسل لأن حرارة البدن جاذبة فلا يعود إلى الجزم والبدن لا يمكن فركه، انتهى.
(3)
رجح هذا القول صاحب الدر المختار فقال بلا فرق بين منيه ومنيها ولا بين ثوب وبدن على الظاهر، انتهى.
بدلالة النص فإن البلوى والضرورة في البدن أشد منه في الثياب واستبدل بالفرك الدلك لقريه منه ثم إن هذا كله (1) إذا لم يتلطخ رأس الذكر بشيء من النجاسات الآخر كالبول ونحوه فإنه إذا تنجس بشيء من تلك لم يطهر بالفرك ثوبًا كان أو غيره فإن التخفيف والاكتفاء بالفرك ثبت في المني لا غير على خلاف القياس فلا يمكن الحكم بطهارته بالفرك فيما لم يرو فيه النص ويشكل عليه ما يروى (2) من أن كل فحل يمذي ثم يمني فلم يكن المذي منفكًا عن المني وقت خروجه إذا الرواية صرحت بأن المني لا يخرج إلا وقد خرج المذي قبله فلا يتحقق للرخصة معنى لعدم مصداقه ويكون قول عائشة رضي الله تعالى عنها كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجًا إلى ضرب من التأويل وإلا لزم التطهير من غير المني أيضًا والاكتفاء فيه بالفرك، والجواب أن الإذن بالشيء يستلزم الإذن بلوازمه الغير المنفكة عنه فلما كان البول غير لازم للمني في خروجه والمذي لازمًا وقد عرف الشارع ذلك تم إذن بالاكتفاء بالفرك في المني علم منه أن هذا القدر من المذي معفو عنه تبعًا وإلا لأورث حرجًا ولا كذلك إذ كان المذي منفردًا من المني لا معه فإنه غير معفو عنه إذ ذاك فلا بد من الغسل إذًا ثم لا يذهب عليك أن الإجزاء بالفرك والحت وغيره في الغليظ منه لا الرقيق لأن الفرك فيه لا يأتي بفائدة من نحو التقليل والقلع وهو المقصود ولعلك عرفت مما هنا أن الشرع إنما رخص في الاكتفاء بالفرك في المني تخفيفًا منه ورخصة مع الحكم بنجاسته فلا يفهم منه طهارته، وأما قول ابن
(1) صرح بذلك في الدر المختار وما ذكره الشيخ من الإشكال ذكره ابن الهمام وأشار إلى هذا الإشكال والجواب ابن عابدين.
(2)
أما أول الحديث من قوله كل فحل يمذي فمشهور يروي من حديث عبد الله بن سعد ومعقل بن يسار وعلي رضي الله عنه بسط طرقها الزيلعي وأما زيادة قوله ثم يمني لم أجدها إلا ما ذكره ابن الهمام وغيره من أهل الفروع من كلام شمس الإسلام فتأمل.