الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قائمة ههنا وهي التي عليها مدار حمل لا على نفي الكمال أو نفي الذات فإن قوله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ} نزل بمكة بعد عدة أشهر من النبوة واشتهر اشتهار الضروريات التي لا تنكر فاتكل عليه النبي صلى الله عليه وسلم في نفيه الصلاة بفظة ((لا)) وهو موضوعة لنفي الذات إلا إذا قامت قرينة خلافه فعلم أن خبر لا هذه ليست ههنا شيء من الأفعال العامة، ومن القرائن الدالة على أن المراد نفي الكمال ما ورد في بعض الروايات من لفظ فهي خداج غير تمام فهل هذا إلا تصريحًا (1) بالفساد بالنقصان دون الفساد بالبطلان، ومن العجائب ههنا ما وقع للبخاري من إنكاره هذه (2) الزيادة التي يبناها من قبل وأسند السهو إلى معمر مع علو شأنه بحيث لا ينكر ورفعة مرتبته في هذا الفن بمنزلة لا تذكر وهل هذا إلا شيء لست أقدر على بيان وجهه وأعجب منه حمل النووي شارح المسلم قوله تعالى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ} على الفاتحة، ولا أدري كيف ساغ التخصيص مع كون اللفظ عامًا مع أن الفاتحة ليست بأقصر من أكثر (3) سور القرآن فأنى التيسر فيها دون غيرها من السور وهل هذا إلا تعصب ظاهر.
[باب ما جاء في التأمين]
لا خلاف في ذلك إلا في اختيار (4) ما هو أولى
(1) هكذا في الأصل ومقتضى القواعد إلا تصريح بالرفع.
(2)
أي زيادة فصاعدًا في حديث عبادة فقال البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام قال معمر عن الزهري فصاعدًا وعامة الثقاة لم تتابع معمرًا في قوله فصاعدًا وتعقبه شيخنا في البذل فقال هذا سفيان بن عيينة قد تابع معمرًا في هذه اللفظة، وكذلك تابعه فيها صالح والأوزاعي وعبد الرحمن بن إسحق وغيرهم كلمهم عن الزهري، انتهى.
(3)
ليس المراد بالأكثر معنى التفضيل بل بمعنى كثير ولا شك أن الفاتحة أطول من عدة سور القرآن.
(4)
صرح بذلك في الفروع والشروح وعد في سنن الدرالمختار التأمين وكونه سرًا، قال ابن عابدين أفاد أن الأسرار بها سنة أخرى فعلى هذا سنة الإتيان به تحصل ولو مع الجهر.
وأنت تعلم أن لفظ [مد بها صوته] ليس نصًا على المدعي إذ المد كما يحصل في الرفع يحصل في الخفض أيضًا، ومن العجائب في هذا المقام أن سفيان نفسه في الرواية الثانية (1) مصرح بلفظ خفض بها صوته فلزم حمل روايتيه على معنى (2) لئلا تتعارضا، وأما ما رواه بعضهم من لفظ رفع بها صوته وجهر بها فلعله فهم من لفظ مد بها ما رواه، وأما قوله فقال عن حجر أبي العنبس وإنما هو حجر بن العنبس فقد أجاب عنه صاحب الجوهر النقي (3) بأن اسم ابن حجر اسم أبيه فكان أبا العنبس كما هو (4) ابن العنبس وهذا موضعه علم أسماء الرجال فليتعرف وهذا كثير في أسماء الرواة.
وقوله [وزاد فيه عن علقمة بن وائل] وهذا الاعتراض ناش من قلة الاطلاع أيضًا فإن حجرًا كما هو آخذ عن وائل أبي علقمة كذلك متلقف عن علقمة (5) بن وائل فبين مرة هذا ومرة هذا.
(1) سيأتي الكلام على ذلك قريبًا ولم أجد هذه الرواية بعد.
(2)
أي على معنى واحد وهو الأداء بالمد مع الخفض.
(3)
لم أجده في الجوهر النقي لكن الجواب موجه أجاب به جمع من المحققين وأيضًا روى في حديث الثوري أيضًا بلفظ أبي العنبس وأقر به البيهقي مع عصيبته فلا إيراد على شعبة وقد أخرجه أبو داؤد والدارقطني بسنديهما عن الثوري بهذه الكنية.
(4)
وصرح بذلك الحافظ في تهذيبه وحكى عن ابن حبان أنه قال حجر بن عنبس أبو العنبس بسطه الشيخ في البذل وتكنيه بأبي السكن بعد صحته لا ينافي تكنيه بأبي العنبس فكم من رجاله له كينتان.
(5)
فقال البيهقي رادًا على الترمذي: أما قوله عن علقمة فقد بين في روايته أن حجرًا سمعه من علقمة وقد سمعه أيضًا من وائل نفسه، انتهى، وفي البذل عن الطيالسي بسنده إلى حجر قال سمعت علقمة يحدث عن أوائل وقد سمعت من وائل، الحديث، وأخرج أبو مسلم الكجي في سننه بسنده عن حجر عن علقمة عن وائل قال وسمعه عن وائل، انتهى.
وقوله [وخفض بها صوته وإنما هو مد بها صوته] قد عرفت حال هذا الاعتراض فيما سبق من أن سفيان الذي اعتدوا بروايته ونسبوا إلى شعبة الخطيات بمخالفته له مصرح نفسه في روايته بهذا الإسناد بلفظ خفض بها صوت كما قاله مترجم شرح الوقاية (1) ناقلاً عن مصنف ابن أبي شيبة وههنا شبهة أخرى بنسبة الخطأ إلى شعبة أورده ابن الهمام فقال مستدلاً بما في العلل الكبير للترمذي أن علقمة لم يلق أباه وائلاً وإنما ولد بعد وفاة أبيه بستة أشهر فهذا إما غلط من الترمذي أو ابن الهمام إذ الترمذي نفسه مصرح في صحيحه في كتاب الحدود أن علقمة (2) تلمذ على أبيه وائل وإنما المولود بعده أخوه عبد الجبار، كيف وقد روى مسلم في صحيحه عن علقمة قال سمعت وائلاً، وكذلك روى القزويني والنسائي رواية علقمة عن وائل بتصريح التحديث فعلم من ذلك كله أن الروايات في الجانبين صحيحة لا يذكر نقص في شيء منها إلا ويرجحه مثله أو ما هو فوقه فوجب المصير
(1) فقال حاكيًا عن ابن أبي شيبة حدثنا وكيع ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ولا الضالين فقال آمين وخفض بها صوته، انتهى، قلت: لكن النسخة التي بأيدينا من مصنف ابن أبي شيبة لفظها بهذا السند فقال آمين يمد بها صوته فلينظر النسخ الصحيحة.
(2)
وفي هامش النسائي عن القارئ: الصحيح أن علقمة سمع من أبيه والذي لم يسمع من أبيه هو عبد الجبار، كذا نقله الترمذي عن البخاري ذكره ميرك، انتهى، وحققه الشيخ في البذل.
إلى غيره إذ لا اعتداد بكثرة الطرق فرأينا قوله تعالى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} يرجح ما ذهبنا إليه إذ لا خلاف في أن التأمين دعاء لأن معناه استجب كما صرح به المفسرون في قوله تعالى خطابًا لموسى وهارون وكان الداعي موسى وهارون مؤمنًا على دعائه فقد أجيبت دعوتكما ومع ذلك فلو ثبت جهره عليه السلام لكان محمولاً على بيان الجواز وعلى كونه في أول الأمر.
وأما قوله في الرواية الآتية إذا أمن الإمام فآمنوا فليس بنص على جهر الإمام فإن علم المأموم بذلك ليس بداير على جهره بل هذا معلوم بإتمام الإمام الفاتحة بل هو اللائق بحال الإمام والمأموم لئلا يلزم المنازعة بخلاف ما إذا أمن كلهم سرًا فإنها لا تلزم إذا، ولا كذلك التكبيرات فإن المقصود منها وهو الأعلام يفوت بالإخفاء.
قوله [عن الحسن عن سمرة قال سكتتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم] يستنبط منه لقاء الحسن سمرة وعمران بن حصين كما يظهر لمن نظر في الكتاب لأن المعبر بقوله كتبنا إنما هو الحسن وسمرة وأصحابهما لا سمرة وإلا لكان المناسب في جوابه أن يقال حفظت لكن للمخالف فيه توسعًا بأن يحمل المتكلم على أنه سمرة وأصحابه غير أن سمرة ذكر القصة للحسن بعد ذلك لكن المرام حاصل بعد وهو ثبوت لقاء الحسن (1) سمرة، والسكتتان إحداهما سكتة الثناء وثانيتهما سكتة التأمين، وقوله إذا قرأ ولا الضالين بيان لما بينه (2) بقوله بعد القراءة لئلا يظن أن تلك السكتة في آخر السورة والسكتتان المذكورتان في الرواية محمولتان عندنا على الثناء والتأمين وإطلاق السكتة على الإخفاء باعتبار السامع لا التالي فإنه لم يسكت.
(1) وبه جزم أبو داؤد وحكاه الترمذي عن البخاري كما في البذل.
(2)
وفي بعض الروايات تصريح بعد الفاتحة وسورة عند الركوع فالروايات بعد اتفاقهما على السكتة الأولى عند الافتتاح مضطربة في الثانية هل بعد الفاتحة أو السورة، والبسط في البذل.