الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو إحراز صلاته سواء حصل بشموله معهم في صلاتهم نصيبًا أو لا.
[باب ما جاء في النوم عن الصلاة]
هذا الباب معقود لبيان النوم وذكر النسيان إنما وقع تبعًا واستطرادًا بخلاف الباب الآتي إذ الأمر فيه بالعكس ولا يخفى عليك الفرق بين السهو المذكور في الباب الذي تقدم وبين النسيان المذكور في هذا الباب إذ المراد بالسهو ما يلزمه من الغفلة وقلة المبالات والاهتمام بأمر الصلاة لاشتغاله بالأمور الدنيوية وعدم احتياطه فكان التفريط جاء من جانبه فجوزي على فعله وأما في النوم والنسيان فإن كان خسرانه أظهر أن يبين إلا أنه غير مفرط في ذلك، هذا ولا يبعد أن يقال (1) المراد بهما واحد والفرق أن الباب الأول معقود لبيان مقدار الخسارة التي وقعت عليه والثاني لبيان تدارك ما فاته حتى الإمكان والمقدرة.
[وقال بعضهم: لا يصلي حتى تطلع الشمس أو تغرب] هؤلاء القائلون غير الأحناف إذ الأحناف لم يقولوا أن لا يصلي عصر يومه حتى تغرب بل قالوا يشرع في الصلاة وإن أخذت الشمس في الغروب أو نسبه إليهم لما لم يعلم بتفريقهم فيهما.
[وأما أصحابنا فذهبوا إلى قول علي بن أبي طالب] رضي الله عنه وهو أن يصليهما متى ذكرها في وقت أو في غير وقت إجراء للعام على عمومته وهو قوله صلى الله عليه وسلم إذا ذكرها فإن ذلك وقتها فإن لفظة إذًا لعموم (2) الأزمان وأنت تعلم أن الشافعية
(1) وعلى هذا التوجيه فلا يكون قيد العصر في الباب الأول للاحتراز عن غيرها من الصلوات وتحتمل في الفرق بين البابين وجوه أخر تظهر بالتأمل فيهما نتركها اختصارًا.
(2)
أي ههنا كما يدل عليه السياق، والمسألة خلافية كما في الأصول والفقه، ففي الهداية لو قال لها أنت طالق إذا شئت أو إذا ما شئت أو متى شئت أو متى ما شئت فردت الأمر لم يكن ردًا ولا يقتصر على المجلس، أما كلمة متى ومتى ما فلأنها للوقت وهي عامة في الأوقات كلها كأنه قال في أي وقت شئت وهمه إذا وإذا ما فهي ومتى سواء عندهما وعند أبي حنيفة إن كان للشرط كما يستعمل للوقت لكن الأمر صار بيدها فلا يخرج بالشك، انتهى، وفي نور الأنوار: إذا عند نحاة الكوفة تصلح للوقت والشرط على السواء فيجازى بها مرة ولا يجازى بها أخرى وهو قول أبي حنيفة وعند نحاة البصرة هي للوقت حقيقة فقط وقد تستعمل للشرط على المجاز وهو قولها، انتهى.
تركوا هنا قولهم الذي كان من أصولهم وهو أنه ما من عام إلا وخص منه البعض أو لم يعملوا به هنا أيضًا أو لم تر أن قوله صلى الله عليه وسلم.
[فليصلها إذا ذكرها] نص في أداء الصلاة ظاهر في بيان الوقت ونهيه عن الصلاة في الأوقات المكروهة نص في بيان الوقت الذي يحترز عن الصلاة فيه فكيف يعارض به فلذلك قدمنا حديث النهي على حديث الأمر أو يقال هذا عام خص عنه الوقت المكروه بحديث آخر كما أشرنا إليه آنفًا وسيجيئ بعض بيانه أيضًا فيما يأتي.
[شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات] فيه تغليب فإنهم لما شغلوا عن الثلاثة وفي أدائها تأخرت صلاة العشاء أيضًا عن وقتها المعهود فكأنهم شغلوا عن الأربع وهذا هو أصل (1) في ثبوت الترتيب في الفوائت ما بينها وغيرها لصاحب الترتيب.
(1) والمسألة خلافية بين الأئمة، قال ابن العربي اختلف العلماء في معنى هذا الحديث إذا اجتمع على المكلف صلوات فاتت هل يرتبها فيقضيها حسب ما كانت وجبت عليه أم لا (هكذا في الأصل) قد يسقط الترتيب فيها فيصليها كيف شاء فقال الإمام مالك وأبو حنيفة: ومعنى قول أحمد وإسحق أن الترتيب فيها واجب مع الذكر ساقط مع النسيان ما لم يتكرر فيكثر، وقال الشافعي وأبو ثور لا ترتيب فيها فإن ذكرها وهو في صلاة حاضرة فلا يخلو أن يكون وحده أو وراء إمام فإن كان وحده بطلت وصلى الفائتة وأعاد التي كان فيها وإن كان وراء إمام أتم معه ثم صلى التي نسى ثم أعاد التي صلى مع الإمام هذا هو مذهبنا وبه قال أبو حنيفة وأحمد وإسحاق، وقال الشافعي: يعيد التي نسى خاصة، انتهى، قلت: الترتيب واجب عند الإمام أحمد نص عليه في مواضع كما قاله ابن قدامة ولا يسقط عنده بالكثرة أيضًا خلافًا للحنفية والمالكية إذ قالوا بسقوطه بالكثرة كما في الأوجز بالتوضيح والدلائل.
[قوله إلا أن أبا عبيدة] فعلم أن من المنقطع ما يبلغ درجة الحسن إذا كانوا تلقوه بالقبول.
[قوله ما كدت أصلي العصر حتى تغرب الشمس] أي ما كنت أظن أتى أصلي العصر قبل غروب الشمس وإن كنت أتوهم ذلك، والحاصل أن استعمال كاد لما كان حيث يترصد وقوع الفعل فالمعنى أني لم أكن أتيقن أن أصلي الصلاة وإن كان ذلك يتوهم أيضًا (أي أنه لكنا تهاكه نماز بزهونكا مين قبل إذ غروب).
[قوله والله إن صليتها] كلمة إن نافية وهذا تسلية منه صلى الله عليه وسلم لعمر أن هون بعض ما تجد من ذلك فإني أيضًا ما فرغت حتى أصلي ولم يكن عمر يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل لما كان لكل عن غيره شغل ووقعة غزوة الخندق قد كانت بقيت أيامًا (1) ففات يومًا أربع من الصلوات كما ذكر وفات يومًا صلاة العصر فقط،
(1) هذا جمع من الشيخ في روايتي الباب واختلفت العلماء في ذلك فمنهم من جمع بينهما بنوع من وجوه الجمع وأحسنها ما أفاده الشيخ ومنهم من مال إلى الترجيح منهم ابن العربي فقال هو حديث منقطع إلا أن رواته وإسناده لا بأس به والصحيح أن الصلاة التي شغل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم الخندق صلاة واحدة وهي العصر، انتهى.