الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيه بعد إذ لم تكن الفريضة أسهل شيء حتى يكونوا اكتفوا فيها على الرأي ولم يسألوه صلى الله عليه وسلم مع أن نزولهم في منازل السفر لم تكن إلا بتقارب بعضهم عن بعض فكيف يتوهم أنهم لم يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم لبعد مدى بينه وبينهم مع أن في وقت العشاء الآخرة سعة فلا يتوهم أنهم خافوا فوت الوقت لو وقفوه على السؤال ويثبت مسألة التحري به وإن جهة الخائف والمعذور أين ثبتت قدرته وأدى فهمه وأنهم المرادون في قوله تعالى (1){فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} إن خصص بالصلاة.
[باب كراهية ما يصلي إليه]
وفيه قوله [في المزبلة والمجزرة] لعلة النجاسة والدم [والمقبرة] للتشبه واحتمال النجاسة إن أخرجت الدابة نعش الميت [وقارعة الطريق] السبيل المسلوك لأنه لا يخلو أن يؤذي أو يؤذى فإن كان الأول فلعلة الإيذاء وإن كان الثاني فأما أن تفسد صلاته إن صادمه شيء فسقط أو يلزم نقصان بحضوره وخشوعه إن لم يصل النوبة إلى ذلك [وفي الحمام] لعلة النجاسة والتصاوير وانكشاف عورات الناس فإن أعدوا موضعًا في الحمام أو المقبرة (2) جازت الصلاة فيه من غير كراهة [ومعاطن الإبل] لما فيه (3)
(1) واختلفوا في تفسير الآية على أقوال: قال ابن العربي قيل نزلت في استقبال بيت المقدس حين عابت اليهود ذلك وقيل نزلت في شأن النجاشي وقيل نزلت في نافلة السفر وهي كلمها أقوال ضعيفة وأصحها أنها نزلت في شأن قبلة المسجد الأقصى انتهى. قلت: وفيه أقوال أخر ذكرت في محله.
(2)
أي بشرط أن ليس فيه قبر ولا نجاسة ولا قبلته إلى قبر كما يظهر من كلام الشيخ وذكر هذه القيود الفقهاء منهم ابن عابدين.
(3)
الوجه ضمير التأنيث وللتأويل مساغ ولعل الشيخ اختاره لما فيه من إيهام رجعه إلى المعاطن كما لا يخفى.
من الخبث والشرارة (1) مع طول الجثة التي لا يتحلها ابن آدم لو تعرض بشيء وهو في صلاته فأما أن تفسد ذاتًا أو صفة [وفوق ظهر بيت الله] لما فيه من ترك التعظيم [وكذلك المسجد] أي سائر المساجد فإن التعلي على سقوفها (2) لا يخلو عن سوء أدب ثم في الصلاة فوق بيت الله تبارك وتعالى وكذا في جوفه ثلاثة أقوال للعلماء (3) قال الإمام بجواز الفريضة والنافلة فوق ظهر بيت الله وفي جوفه وإن لم يخل الصلاة فوقها عن نوع إساءة ومنع الشافعي كليهما في كليهما هذا ما نسبه إليه فقهاؤنا (4) والصحيح من مذهبه الجواز فيهما وجوز مالك النفل لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم دون الفرض قوله [وحديث ابن عمر أصح وأشبه] من حديث الليث بن سعد أي عدم توسط عمر رضي الله عنه كما في رواية الليث (5)[صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في معاطن الإبل] هذا ظاهر
(1) قال المجد: الشر نقيض الخير جمعه شرور وقد شر يشر ويشر شرًا وشرارة وشررت يا رجل مثلثة الراء وهو شرير،
(2)
قال ابن عابدين: أما الوطء فوقه بالقدم فغير مكروه إلا في الكعبة لغير عذر لقولهم بكراهة الصلاة فوقها ثم رأيت القهستاني نقل عن المفيد كراهة الصعود على سطح المسجد ويلزمه كراهة الصلاة أيضًا فوقه، انتهى.
(3)
قال العيني تحت حديث صلاته صلى الله عليه وسلم في الكعبة: فيه حجة على ابن جرير الطبري حيث قال بعدم جواز الصلاة في الكعبة فرضًا كان أو نفلاً وقال مالك لا تصلى فيه الفريضة ولا ركعتا الطواف الواجب فإن صلى أعاد في الوقت وعند أبي حنيفة يجوز الفرض والنفل فيه وبه قال الشافعي، انتهى.
(4)
منهم صاحب الهداية وصرح شراحه عن أصحاب الشافعي أنه يرى جواز الفرض والنفل معًا.
(5)
وقد عرفت أنه ضعف أولاً حديث ابن عمر أيضًا فمراده أن الحديثين ضعيفان وكونه من مسند ابن عمر أقل ضعفًا قال الحافظ في الدراية الحديث رواه الترمذي وابن ماجة عن ابن عمر قال الترمذي ليس إسناده بذلك القوى وقد روى عن ابن عمر عن عمر والأول أشبه قال أبو حاتم الأسنادان، وأهيان انتهى، فعلم بذلك أن غرض الترمذي ترجيح كونه من مسند ابن عمر فما أول كلامه الشوكاني خلاف ظاهر سياقه.