الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأفضل الأذكار كلام الله تعالى وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم القرآن على كل حال إلا الجنابة مع ملاحظة ما روى أنه عليه السلام عليه رجل فلم يرد عليه حتى تيمم.
[قوله هذا أصح من الحديث الأول] لأنه ثبت من أكثر الحفاظ هكذا موقوفًا على أبي هريرة مع أن في الحديث الأول (1) انقطاعًا أيضًا.
[قوله فكرهه بعضهم] وإن كان (2) كراهة تنزيهية ورخص في ذلك قوم وهذا أخف من الأول فليس إلا ترك فضيلة ونحن في هذه الطائفة.
[باب ما جاء أن الإمام أحق بالإقامة]
أي لا يقام إلا إذا حضر الإمام إلا إذا خيف فوت الوقت وليس (3) أن يقيموا حتى يحضر الإمام من غير اختيار منه فعلم أن المؤذن إذا أقام فليس على الإمام وجوب الحضور بفوره بل له أن لا يحضر فتعاد الإقامة عند حضوره إن كان بعد زمان.
[باب ما جاء في الأذان بالليل
(4)] هذا مما يرد على الطرفين فإنهما لم يجوزا
(1) قلت: الانقطاع لا يختص بالحديث الأول بل مشترك فيهما معًا لرواية الزهري عن أبي هريرة.
(2)
اختلفت نقلة المذاهب في بيان مسلك الأئمة في أذان المحدث فأرجع إلى فروعهم ومذهب الحنفية كما في الهداية أنه يجوز اذان المحدث والوضوء مستحب.
(3)
أي ليس للمصلين أن يقيموا الصلاة ليحضر الإمام اضطرارًا بغير قصده.
(4)
اعلم أنهم أجمعوا على أن الأذان قبل الوقت في غير الفجر لا يجزئ قال ابن قدامة لا نعلم فيه خلافًا، وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن السنة أن يؤذن للصلوات بعد دخول وقتها، انتهى، وأما أذان الفجر فقالت الأئمة الثلاثة وأبو يوسف من الحنفية بجوازه قبل الوقت مع الاختلاف فيما بينهم في وقته فقيل لا يجوز حتى يبقى السدس الأخير وقيل يجوز من نصف الليل وقيل من بعد العشاء، قال الباجي وهذا بعيد، وقال أبو حنيفة ومحمد لا يؤذن لها حتى يطلع الفجر وبه قال الثوري وزفر، كذا في الأوجز.
أن يؤذن قبل الوقت ولو أذن قبل الوقت فالإعادة عندهما واجبة، وأما أبو يوسف فقد اختار جواز التقديم على الوقت في أذان الفجر وهذا لا ينتهض حجة له فإن التأذين المذكور لم يكن تأذين الفجر بل لإيقاظ (1) النوام ولو سلم فلم يثبت الاكتفاء (2) به بل ثبتت إعادته في الوقت فأما أن يقال بجواز التأذين للنوافل وهذا أيضًا خلاف تصريحاتهم فإن علماءنا لم يصرحوا بذلك أو يقال بالتزام التأذين قبل الوقت وهذا أيضًا مخالف لمذهبهم، وأما الشافعية فقد جوزوا كون هذا التأذين لصلاة الفجر (3) غاية ما يلزم من ذلك تكرار الأذان لصلاة واحدة ولا ضير في ذلك فإن تكرار التأذين عند الاحتياج إليه مسلم بين كلمهم فالتفصي عن ذلك إما بما ذهب إليه بعض شراح صحيح البخاري أن تفاوت ما بين الأذانين إنما كان مقدار أن ينزل هذا ويرقي هذا فإن بلالاً كان يؤذن في أول بروق الفجر وهو خفي لا يدركه كل أحد حتى إذا فرغ من تأذينه ودعائه نزل، فلما نزل بلال وعرج عبد الله ابن أم مكتوم
(1) ففي رواية مسلم أنه ينادي ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم، الحديث.
(2)
قال ابن المنذر وطائفة من أهل الحديث والغزالي أنه لا يكتفي به وادعى بعضهم أنه لم يرد في شيء من الحديث ما يدل على الاكتفاء، قال القرطبي هو مذهب واضح، انتهى، وقال ابن قدامة: لأن الأذان قبل الفجر يفوت المقصود من الأعلام بالوقت فلم يجز كبقية الصلوات إلا أن يكون له مؤذنان يحصل الأعلام بأحدهما، انتهى، كذا في الأوجز.
(3)
قلت: كون هذا التأذين لصلاة الفجر مشكل جدًا لأنه يفوت المقصود بالأذان كما تقدم قريبًا عن ابن قدامة، قال الباجي: والذي يظهر لي أنه ليس في الآثار ما يقتضي أن الأذان قبل الفجر هو لصلاة الفجر فإن كان الخلاف في الأذان في ذلك الوقت فالآثار حجة لمن أثبته وإن كان الخلاف في المقصود به فيحتاج إلى ما بين ذلك من اتصال الأذان إلى الفجر أو غير ذلك مما يدل عليه، انتهى، كذا في الأوجز.
فقيل له أصبحت أصبحت وكان مدار ذلك على ما ذهب إليه بعض فقهائنا أن حرمة الطعام على الصائم ليس من انبلاج الفجر إنما هو على التبين إذ على هذا التقدير كلا التأذينين يقعان في الوقت، وأما على مذهب من قال بحرمة الأكل من حين الانبلاج فليس لصحة ذلك التأويل من سبيل إذ قول النبي صلى الله عليه وسلم كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم إنما هو تصريح بوقوع الأكل بعد أذان بلال لا يقال إذا كان تفاوت بين الأذانين مقدار العروج والنزول فكيف يمكن في ذلك المقدار من الزمان الأكل والشرب قلنا إن طعامهم كان علقمة (1) لا يحتاج فيها إلى كثير وقت فإنما هي تميرات وشربة ماء ويمكن الجواب عن أصل الإيراد الواقع على الأحناف بتسليم إباحة الأذان لغير الفرائض وقد ثبت مثل ذلك في الشرع فإن النبي عليه السلام أمر بالأذان عند الحريق وظهور الغول وغير ذلك ولا يبعد استنباط ذلك عن كلام الفقهاء أيضًا فإنهم قالوا بسنية الأذان للفرائض الخمس فحسب، وأما إباحته لغيرها (2) فغير منفى.
[قال أبو عيسى هذا حديث غير محفوظ] اشتبه الأمر في الجمع بين هذين الحديثين: حديث أن العبد نام، وحديث أن بلالاً يؤذن بليل على هؤلاء الفحول فأجابوا بما ليس له مسحة من القبول وأقروا بتضعيف إحدى الروايتين من غير شاهد عليه عدول وما ذلك إلا ميل عن الصراط السوي أو عدول، وتقرير الحافظ في هذا المقام ظاهر لا يحتاج إلى حل وبيان لكنه يرد عليه أن تضعيف إحدى
(1) قال في المجمع يجتزئ بالعلقة أي يكتفي بالمبلغة من الطعام وهو بضم عين أي قدر ما يمسك الرمق يريد القليل، انتهى.
(2)
ففي الأوجز مشروعيته في أذن المولود وعند تغول الغيلان وإذا استصعبت دابته وساء خلق رجل يحسن الأذان في أذنه وفي أذنه المهموم والمصروع والغضبان وعند مزدحم الجيش وعند الحريق ولمن ضل الطريق في أرض قفر، انتهى.
هاتين الروايتين إنما هو مبني على كون مورد الحديثين واحدًا ولم يبين وعلى كون بلال متعينًا للأذان الأول وعبد الله بن أم مكتوم للثاني وذلك غير متيقن كيف (1) وقد سبق عن قريب أن زياد بن الحارث أذن في الفجر فالجمع بين الحديثين بأن بلالاً كان يؤذن أحيانًا بالليل وأحيانًا بعد الفجر وكذلك ابن أم مكتوم مرة كذا ومرة كذا فاتفق أن بلالاً نام يوم توبته لتأذين الفجر مع أن الأذان الأول قد قاله غير بلال في وقته في الليل فلما استيقظ بلال ورأى ضياء ولغفلة نومه لم يميزه (2) عن ضياء الفجر بادر إلى التأذين الذي كانوا انتظروه لصلاة الفجر وحرمة الطعام والشراب فلما كان الفجر لم ينبلج أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنداء أن العبد نام حتى لا يعتدوا به، وبذلك يصح أثر عمر فإنه كان يعلم أن تأذين الفجر لا يصح إلا بعد الفجر فأمر بإعادة الأذان فعلم أن حديثي أن العبد نام ولا يمنعكم أذان بلال كلاهما صحيح فإنما هما واقعتان ونداء نوم العبد كمان لتأذين صلاة الفجر قبل انبلاج الفجر وبذلك عرفت جواب ما يرد على ظاهر قوله أن بلالاً يؤذن بليل
(1) بل وقد ورد عكس حديث الباب رواه أبو الوليد وكذا أخرجه ابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان من طرق عن عائشة وكذلك أخرجه الطحاوي والطبراني من طريق آخر وادعى ابن عبد البر وجماعة أنه مقلوب وأن الصواب حديث الباب، قال الحافظ: وكنت أميل إلى ذلك إلى ان رأيت الحديث في صحيح ابن خزيمة من طريقين آخرين عن عائشة، وفي بعض ألفاظه ما يبعد وقوع الوهم فيه ثم جمع بينهما بأن الأذان كان بينهما نوبًا وحكى هذا الجمع عن ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما.
(2)
فقد روى عن ابن عمر أن بلالاً أذن قبل الفجر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما حملك على ذلك فقال استيقظت وأنا وسنان فظننت أن الفجر طلع فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي بالمدينة ثلاثًا أن العبد قد نام، الحديث، رواه البيهقي وإسناده حسن قاله النيموي.