المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب ما جاء في الأذان بالليل - الكوكب الدري على جامع الترمذي - جـ ١

[رشيد الكنكوهي]

فهرس الكتاب

- ‌تقديمبقلم: فضيلة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي

- ‌مقدمة المحشى

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌أبواب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء لا تقبل صلاة إل

- ‌[باب الاستنجاء بالماء]

- ‌[باب ما جاء إذا استيقظ أحدكم إلخ]

- ‌[باب في التسمية عند الوضوء]

- ‌[باب المضمضة والاستنشاق من كف واحد]

- ‌[باب في تخليل اللحية]

- ‌ باب الوضوء مرة مرة، وليس هذا بشيء]

- ‌[باب وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان]

- ‌[باب في النضح]

- ‌[باب كراهية الإسراف في الوضوء]

- ‌[باب الوضوء لكل صلاة]

- ‌[باب في وضوء الرجل والمرأة من إناء واحد]

- ‌[باب ما جاء أن الماء طهور لا ينجسه شيء]

- ‌[باب كراهية البول في الماء الراكد]

- ‌[باب في ماء البحر آه]

- ‌[باب التشديد في البول إلخ]

- ‌[باب ما جاء في بول ما يؤكل لحمه]

- ‌[باب ما جاء في الوضوء من الريح]

- ‌[باب الوضوء من النوم]

- ‌[باب الوضوء مما غيرت النار]

- ‌[باب الوضوء من لحوم الإبل]

- ‌[باب الوضوء من مس الذكر]

- ‌[باب الوضوء من القيء والرعاف]

- ‌[باب الوضوء بالنبيذ]

- ‌[باب في كراهية رد السلام غير متوضئ]

- ‌[باب ما جاء في سور الكلب إلخ]

- ‌[باب ما جاء في سور الهرة، قوله إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات]

- ‌[باب المسح على الخفين، قوله وهذا حديث مفسر]

- ‌[باب في المسح أعلى الخف وأسفله]

- ‌[باب في المسح على الجوربين والنعلين]

- ‌[باب ما جاء في الغسل من الجنابة]

- ‌[باب ما جاء أن تحت كل شعر جنابة]

- ‌[باب ما جاء إذا التقى الختانان إلخ]

- ‌[باب في من يستيقظ ويرى بللا]

- ‌[باب ما جاء في المني والمذي]

- ‌[باب في المذي في الثوب، فقال بعضهم لا يجزئ إلا الغسل]

- ‌[باب في المني يصيب الثوب، صفراء]

- ‌[باب الجنب ينام قبل أن يغتسل إل

- ‌[باب ما جاء في مصافحة الجنب]

- ‌[باب ما جاء في المرأة ترى مثل ما يرى الرجل]

- ‌[باب الرجل يستدفئ بالمرأة بعد الغسل]

- ‌[باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء]

- ‌[باب في المستحاضة

- ‌[باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة

- ‌[باب المستحاضة تغتسل عند كل صلاة]

- ‌[باب ما جاء في مباشرة الحائض]

- ‌[باب الحائض تتناول الشيء من المسجد]

- ‌[باب في كراهية إتيان الحائض]

- ‌[باب ما جاء في غسل دم الحيض من الثوب]

- ‌[باب كم يمكث النفساء]

- ‌[باب إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء]

- ‌[باب ما جاء في الوضوء من الموطئ]

- ‌[باب ما جاء في التيمم]

- ‌[باب]

- ‌[باب البول يصيب الأرض]

- ‌أبواب الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ باب التغليس بالفجر]

- ‌[باب ما جاء في تعجيل الظهر]

- ‌[باب الرخصة في السمر بعد العشاء]

- ‌[باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل]

- ‌[باب ما جاء في النوم عن الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة الوسطى أنها العصر]

- ‌[باب الصلاة بعد العصر]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة قبل المغرب]

- ‌[باب ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر]

- ‌[باب ما جاء في الجمع بين الصلاتي

- ‌[باب بدء الأذان]

- ‌[باب ما جاء في الترجيع

- ‌[باب من أذن فهو يقيم]

- ‌[باب كراهة الأذان]

- ‌[باب ما جاء أن الإمام أحق بالإقامة]

- ‌[باب ما جاء في الأذان بالليل

- ‌[باب كراهية الخروج عن المسجد بعد الأذان]

- ‌[باب الأذان في السفر]

- ‌[باب فضل الأذان]

- ‌[باب ما جاء الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن]

- ‌[باب ما يقول إذا أذن المؤذن]

- ‌[باب كم فرض الله على عباده من الصلوات]

- ‌[باب ما جاء في فضل الجماعة]

- ‌[باب فيمن سمع النداء فلا يجيب]

- ‌[باب الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة]

- ‌[باب فضل العشاء والفجر في جماعة]

- ‌[باب فضل الصف الأول]

- ‌[باب إقامة الصفوف]

- ‌[باب ما جاء ليليني منكم أولو الأحلام والنهي]

- ‌[باب ما جاء في كراهة الصف بين السواري]

- ‌[باب الصلاة خلف الصف وحده]

- ‌[باب الرجل يصلي ومعه رجل]

- ‌[باب الرجل يصلي مع الرجلين]

- ‌[باب من أحق بالإمامة يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله إل

- ‌[باب في نشر الأصابع عند التكبي

- ‌[باب فضل التكبيرة الأول

- ‌[باب ما جاء في ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم]

- ‌[باب ما جاء أنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب]

- ‌[باب ما جاء في التأمين]

- ‌[باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال]

- ‌[باب رفع اليدين عند الركوع والسجود]

- ‌[باب ما جاء في النهي عن القراءة]

- ‌[باب ما جاء فيمن لا يقيم صله في الركوع والسجود]

- ‌[باب وضع الركبتين]

- ‌[باب ما جاء في السجود على الجبهة والأنف]

- ‌[باب ما جاء في التجافي في السجود]

- ‌[باب ما جاء في وضع اليدين ونصب القدمين]

- ‌[باب إقامة الصلب إذا رفع رأسه]

- ‌[باب كراهية الإقعاء بين السجدتين]

- ‌[باب ما جاء في التشهد التحيات

- ‌[باب منه أيضًا]

- ‌[باب ما جاء في الإشارة]

- ‌[باب ما جاء أن حذف السلام سنة]

- ‌[باب ما يقول إذا سلم]

- ‌[باب ما جاء في القراءة خلف الإمام]

- ‌[باب النوم في المسجد]

- ‌[باب ما جاء في كراهة البيع والشراب وإنشاد الضالة والشعر في المسجد]

- ‌[باب ما جاء في المسجد الذي أسس على التقوى

- ‌[باب ما جاء لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى]

- ‌[باب المشي إلى المسجد]

- ‌[باب القعود في المسجد]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الخمرة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الحصير]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على البسط]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة في الحيطان]

- ‌[باب في كراهية المرور بين يدي المصلي]

- ‌[باب ما جاء لا يقطع الصلاة شيء]

- ‌[باب الصلاة في الثوب الواحد]

- ‌[باب ما جاء في ابتداء القبلة

- ‌[باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة]

- ‌[باب كراهية ما يصلي إليه]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الدابة]

- ‌[باب الصلاة عند النعاس]

- ‌[باب من أم قومًا وهم له كارهون]

- ‌[باب ما جاء إذا صلى الإمام قاعدًا فصلوا قعودًا]

- ‌[باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيًا]

- ‌[باب ما جاء في الإشارة]

- ‌[باب التسبيح للرجال والتصفيق للنساء]

- ‌[باب ما جاء في كراهية التثاؤب في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء إن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم]

- ‌[باب فيمن يتطوع جالسًا]

- ‌[باب ما جاء لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار]

- ‌[باب ما جاء في كراهة مسح الحصى في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في كراهة النفخ في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في النهي عن الاختصار

- ‌[باب التشبيك]

- ‌[باب طول القيام في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في قتل الأسودين في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في سجدتي السهو قبل السلام]

- ‌[باب ما جاء في سجدتي السهو بعد السلام والكلام]

- ‌[باب ما جاء في التشهد في سجدتي السهو]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة في النعال]

- ‌[باب ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة]

- ‌[باب في نسخ الكلام في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة عند التوبة]

- ‌[باب متى يؤمر الصبي بالصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الرجل يحدث بعد التشهد]

- ‌[باب ما جاء إذا كان المطر فالصلاة في الرحال]

- ‌[باب التسبيح في إدبار الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الدابة في الطين والمطر]

- ‌[باب ما جاء في الاجتهاد في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة]

- ‌[باب من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة]

- ‌[باب ما جاء في الكلام بعد ركعتي الفجر]

- ‌[باب ما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر]

- ‌[باب ما جاء إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكنوبة]

- ‌[باب فيمن تفوته الركعتان قبل الفجر

- ‌[باب ما جاء أنه يصليهما في البيت]

- ‌[باب ما جاء في فضل التطوع

- ‌[باب منه

- ‌أبواب الوتر

- ‌[باب ما جاء في فضل الوتر]

- ‌[باب ما جاء أن الوتر ليس بحتم]

- ‌[باب ما جاء في الوتر بخمس]

- ‌[باب ما جاء ما يقرأ في الوتر]

- ‌[باب ما جاء في الوتر على الراحلة]

- ‌[باب ما جاء في صلاة الضحى]

- ‌[باب صلاة الحاجة]

- ‌[باب صلاة الاستخارة]

- ‌[باب صلاة التسبيح]

- ‌أبواب الجمعة

- ‌[باب فضل الجمعة]

- ‌[باب ما جاء أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة]

- ‌[باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر]

- ‌[باب ما جاء في الخطبة على المنبر]

- ‌[باب القراءة على المنبر]

- ‌[باب في استقبال الإمام إذا خطب]

- ‌[باب في الركعتين إذا جاء الرجل والإمام يخطب]

- ‌[باب ما جاء في كراهية الاحتباء والإمام يخطب]

- ‌[باب رفع الأيدي في الدعاء على المنبر]

- ‌[باب فيمن يدرك من الجمعة ركعة]

- ‌[باب ما جاء في السفر يوم الجمعة]

- ‌[باب السواك والطيب يوم الجمعة]

- ‌أبواب العيدين

- ‌[باب في صلاة العيدين قبل الخطبة]

- ‌[باب أن صلاة العيدين بغير أذان ولا إقامة]

- ‌[باب القراءة في العيدين]

- ‌[باب التكبير في العيدين

- ‌[باب لا صلاة قبل العيدين ولا بعدها

- ‌[باب في خروج النساء في العيدين]

- ‌[باب ما جاء في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العيد في طريق ورجوعه من طريق]

- ‌[باب في الأكل يوم الفطر قبل الخروج]

- ‌أبواب السفر

- ‌[باب الجمع بين الصلاتين

- ‌[باب في صلاة الكسوف]

- ‌[باب ما جاء في صلاة الخوف]

- ‌[باب خروج النساء]

- ‌[باب في كراهة البزاق في المسجد]

- ‌[باب ما يقول في سجود القرآن]

- ‌[باب ما ذكر فيمن فاته حزبه من الليل فقضاه بالنهار]

- ‌[باب ما جاء من التشديد في الذي يرفع رأسه قبل الإمام

- ‌[باب ما جاء في الذي يصلي الفريضة ثم يؤم الناس]

- ‌[باب الرخصة في السجود على الثوب]

- ‌[باب ما ذكر مما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح إلخ]

- ‌[باب ما ذكر في الالتفات في الصلاة]

- ‌[باب الرجل يدرك الإمام ساجدًا]

- ‌[باب كراهية أن ينتظر الناس الإمام وهم قيام]

- ‌[باب في تطييب المساجد]

- ‌[باب كراهية الصلاة في لحف النساء]

- ‌[باب ما ذكر في قراءة السورتين في ركعة]

- ‌[باب في الاغتسال عندما يسلم الرجل]

- ‌[باب ما ذكر من التسمية في دخول الخلاء]

- ‌[باب ما يستحب من التيمن في الطهور]

- ‌[باب ما يجزئ من الماء]

الفصل: ‌[باب ما جاء في الأذان بالليل

وأفضل الأذكار كلام الله تعالى وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم القرآن على كل حال إلا الجنابة مع ملاحظة ما روى أنه عليه السلام عليه رجل فلم يرد عليه حتى تيمم.

[قوله هذا أصح من الحديث الأول] لأنه ثبت من أكثر الحفاظ هكذا موقوفًا على أبي هريرة مع أن في الحديث الأول (1) انقطاعًا أيضًا.

[قوله فكرهه بعضهم] وإن كان (2) كراهة تنزيهية ورخص في ذلك قوم وهذا أخف من الأول فليس إلا ترك فضيلة ونحن في هذه الطائفة.

[باب ما جاء أن الإمام أحق بالإقامة]

أي لا يقام إلا إذا حضر الإمام إلا إذا خيف فوت الوقت وليس (3) أن يقيموا حتى يحضر الإمام من غير اختيار منه فعلم أن المؤذن إذا أقام فليس على الإمام وجوب الحضور بفوره بل له أن لا يحضر فتعاد الإقامة عند حضوره إن كان بعد زمان.

‌[باب ما جاء في الأذان بالليل

(4)] هذا مما يرد على الطرفين فإنهما لم يجوزا

(1) قلت: الانقطاع لا يختص بالحديث الأول بل مشترك فيهما معًا لرواية الزهري عن أبي هريرة.

(2)

اختلفت نقلة المذاهب في بيان مسلك الأئمة في أذان المحدث فأرجع إلى فروعهم ومذهب الحنفية كما في الهداية أنه يجوز اذان المحدث والوضوء مستحب.

(3)

أي ليس للمصلين أن يقيموا الصلاة ليحضر الإمام اضطرارًا بغير قصده.

(4)

اعلم أنهم أجمعوا على أن الأذان قبل الوقت في غير الفجر لا يجزئ قال ابن قدامة لا نعلم فيه خلافًا، وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن السنة أن يؤذن للصلوات بعد دخول وقتها، انتهى، وأما أذان الفجر فقالت الأئمة الثلاثة وأبو يوسف من الحنفية بجوازه قبل الوقت مع الاختلاف فيما بينهم في وقته فقيل لا يجوز حتى يبقى السدس الأخير وقيل يجوز من نصف الليل وقيل من بعد العشاء، قال الباجي وهذا بعيد، وقال أبو حنيفة ومحمد لا يؤذن لها حتى يطلع الفجر وبه قال الثوري وزفر، كذا في الأوجز.

ص: 226

أن يؤذن قبل الوقت ولو أذن قبل الوقت فالإعادة عندهما واجبة، وأما أبو يوسف فقد اختار جواز التقديم على الوقت في أذان الفجر وهذا لا ينتهض حجة له فإن التأذين المذكور لم يكن تأذين الفجر بل لإيقاظ (1) النوام ولو سلم فلم يثبت الاكتفاء (2) به بل ثبتت إعادته في الوقت فأما أن يقال بجواز التأذين للنوافل وهذا أيضًا خلاف تصريحاتهم فإن علماءنا لم يصرحوا بذلك أو يقال بالتزام التأذين قبل الوقت وهذا أيضًا مخالف لمذهبهم، وأما الشافعية فقد جوزوا كون هذا التأذين لصلاة الفجر (3) غاية ما يلزم من ذلك تكرار الأذان لصلاة واحدة ولا ضير في ذلك فإن تكرار التأذين عند الاحتياج إليه مسلم بين كلمهم فالتفصي عن ذلك إما بما ذهب إليه بعض شراح صحيح البخاري أن تفاوت ما بين الأذانين إنما كان مقدار أن ينزل هذا ويرقي هذا فإن بلالاً كان يؤذن في أول بروق الفجر وهو خفي لا يدركه كل أحد حتى إذا فرغ من تأذينه ودعائه نزل، فلما نزل بلال وعرج عبد الله ابن أم مكتوم

(1) ففي رواية مسلم أنه ينادي ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم، الحديث.

(2)

قال ابن المنذر وطائفة من أهل الحديث والغزالي أنه لا يكتفي به وادعى بعضهم أنه لم يرد في شيء من الحديث ما يدل على الاكتفاء، قال القرطبي هو مذهب واضح، انتهى، وقال ابن قدامة: لأن الأذان قبل الفجر يفوت المقصود من الأعلام بالوقت فلم يجز كبقية الصلوات إلا أن يكون له مؤذنان يحصل الأعلام بأحدهما، انتهى، كذا في الأوجز.

(3)

قلت: كون هذا التأذين لصلاة الفجر مشكل جدًا لأنه يفوت المقصود بالأذان كما تقدم قريبًا عن ابن قدامة، قال الباجي: والذي يظهر لي أنه ليس في الآثار ما يقتضي أن الأذان قبل الفجر هو لصلاة الفجر فإن كان الخلاف في الأذان في ذلك الوقت فالآثار حجة لمن أثبته وإن كان الخلاف في المقصود به فيحتاج إلى ما بين ذلك من اتصال الأذان إلى الفجر أو غير ذلك مما يدل عليه، انتهى، كذا في الأوجز.

ص: 227

فقيل له أصبحت أصبحت وكان مدار ذلك على ما ذهب إليه بعض فقهائنا أن حرمة الطعام على الصائم ليس من انبلاج الفجر إنما هو على التبين إذ على هذا التقدير كلا التأذينين يقعان في الوقت، وأما على مذهب من قال بحرمة الأكل من حين الانبلاج فليس لصحة ذلك التأويل من سبيل إذ قول النبي صلى الله عليه وسلم كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم إنما هو تصريح بوقوع الأكل بعد أذان بلال لا يقال إذا كان تفاوت بين الأذانين مقدار العروج والنزول فكيف يمكن في ذلك المقدار من الزمان الأكل والشرب قلنا إن طعامهم كان علقمة (1) لا يحتاج فيها إلى كثير وقت فإنما هي تميرات وشربة ماء ويمكن الجواب عن أصل الإيراد الواقع على الأحناف بتسليم إباحة الأذان لغير الفرائض وقد ثبت مثل ذلك في الشرع فإن النبي عليه السلام أمر بالأذان عند الحريق وظهور الغول وغير ذلك ولا يبعد استنباط ذلك عن كلام الفقهاء أيضًا فإنهم قالوا بسنية الأذان للفرائض الخمس فحسب، وأما إباحته لغيرها (2) فغير منفى.

[قال أبو عيسى هذا حديث غير محفوظ] اشتبه الأمر في الجمع بين هذين الحديثين: حديث أن العبد نام، وحديث أن بلالاً يؤذن بليل على هؤلاء الفحول فأجابوا بما ليس له مسحة من القبول وأقروا بتضعيف إحدى الروايتين من غير شاهد عليه عدول وما ذلك إلا ميل عن الصراط السوي أو عدول، وتقرير الحافظ في هذا المقام ظاهر لا يحتاج إلى حل وبيان لكنه يرد عليه أن تضعيف إحدى

(1) قال في المجمع يجتزئ بالعلقة أي يكتفي بالمبلغة من الطعام وهو بضم عين أي قدر ما يمسك الرمق يريد القليل، انتهى.

(2)

ففي الأوجز مشروعيته في أذن المولود وعند تغول الغيلان وإذا استصعبت دابته وساء خلق رجل يحسن الأذان في أذنه وفي أذنه المهموم والمصروع والغضبان وعند مزدحم الجيش وعند الحريق ولمن ضل الطريق في أرض قفر، انتهى.

ص: 228

هاتين الروايتين إنما هو مبني على كون مورد الحديثين واحدًا ولم يبين وعلى كون بلال متعينًا للأذان الأول وعبد الله بن أم مكتوم للثاني وذلك غير متيقن كيف (1) وقد سبق عن قريب أن زياد بن الحارث أذن في الفجر فالجمع بين الحديثين بأن بلالاً كان يؤذن أحيانًا بالليل وأحيانًا بعد الفجر وكذلك ابن أم مكتوم مرة كذا ومرة كذا فاتفق أن بلالاً نام يوم توبته لتأذين الفجر مع أن الأذان الأول قد قاله غير بلال في وقته في الليل فلما استيقظ بلال ورأى ضياء ولغفلة نومه لم يميزه (2) عن ضياء الفجر بادر إلى التأذين الذي كانوا انتظروه لصلاة الفجر وحرمة الطعام والشراب فلما كان الفجر لم ينبلج أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنداء أن العبد نام حتى لا يعتدوا به، وبذلك يصح أثر عمر فإنه كان يعلم أن تأذين الفجر لا يصح إلا بعد الفجر فأمر بإعادة الأذان فعلم أن حديثي أن العبد نام ولا يمنعكم أذان بلال كلاهما صحيح فإنما هما واقعتان ونداء نوم العبد كمان لتأذين صلاة الفجر قبل انبلاج الفجر وبذلك عرفت جواب ما يرد على ظاهر قوله أن بلالاً يؤذن بليل

(1) بل وقد ورد عكس حديث الباب رواه أبو الوليد وكذا أخرجه ابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان من طرق عن عائشة وكذلك أخرجه الطحاوي والطبراني من طريق آخر وادعى ابن عبد البر وجماعة أنه مقلوب وأن الصواب حديث الباب، قال الحافظ: وكنت أميل إلى ذلك إلى ان رأيت الحديث في صحيح ابن خزيمة من طريقين آخرين عن عائشة، وفي بعض ألفاظه ما يبعد وقوع الوهم فيه ثم جمع بينهما بأن الأذان كان بينهما نوبًا وحكى هذا الجمع عن ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما.

(2)

فقد روى عن ابن عمر أن بلالاً أذن قبل الفجر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما حملك على ذلك فقال استيقظت وأنا وسنان فظننت أن الفجر طلع فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي بالمدينة ثلاثًا أن العبد قد نام، الحديث، رواه البيهقي وإسناده حسن قاله النيموي.

ص: 229