المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب ما جاء في التشهد في سجدتي السهو] - الكوكب الدري على جامع الترمذي - جـ ١

[رشيد الكنكوهي]

فهرس الكتاب

- ‌تقديمبقلم: فضيلة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي

- ‌مقدمة المحشى

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌أبواب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌[باب ما جاء لا تقبل صلاة إل

- ‌[باب الاستنجاء بالماء]

- ‌[باب ما جاء إذا استيقظ أحدكم إلخ]

- ‌[باب في التسمية عند الوضوء]

- ‌[باب المضمضة والاستنشاق من كف واحد]

- ‌[باب في تخليل اللحية]

- ‌ باب الوضوء مرة مرة، وليس هذا بشيء]

- ‌[باب وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان]

- ‌[باب في النضح]

- ‌[باب كراهية الإسراف في الوضوء]

- ‌[باب الوضوء لكل صلاة]

- ‌[باب في وضوء الرجل والمرأة من إناء واحد]

- ‌[باب ما جاء أن الماء طهور لا ينجسه شيء]

- ‌[باب كراهية البول في الماء الراكد]

- ‌[باب في ماء البحر آه]

- ‌[باب التشديد في البول إلخ]

- ‌[باب ما جاء في بول ما يؤكل لحمه]

- ‌[باب ما جاء في الوضوء من الريح]

- ‌[باب الوضوء من النوم]

- ‌[باب الوضوء مما غيرت النار]

- ‌[باب الوضوء من لحوم الإبل]

- ‌[باب الوضوء من مس الذكر]

- ‌[باب الوضوء من القيء والرعاف]

- ‌[باب الوضوء بالنبيذ]

- ‌[باب في كراهية رد السلام غير متوضئ]

- ‌[باب ما جاء في سور الكلب إلخ]

- ‌[باب ما جاء في سور الهرة، قوله إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات]

- ‌[باب المسح على الخفين، قوله وهذا حديث مفسر]

- ‌[باب في المسح أعلى الخف وأسفله]

- ‌[باب في المسح على الجوربين والنعلين]

- ‌[باب ما جاء في الغسل من الجنابة]

- ‌[باب ما جاء أن تحت كل شعر جنابة]

- ‌[باب ما جاء إذا التقى الختانان إلخ]

- ‌[باب في من يستيقظ ويرى بللا]

- ‌[باب ما جاء في المني والمذي]

- ‌[باب في المذي في الثوب، فقال بعضهم لا يجزئ إلا الغسل]

- ‌[باب في المني يصيب الثوب، صفراء]

- ‌[باب الجنب ينام قبل أن يغتسل إل

- ‌[باب ما جاء في مصافحة الجنب]

- ‌[باب ما جاء في المرأة ترى مثل ما يرى الرجل]

- ‌[باب الرجل يستدفئ بالمرأة بعد الغسل]

- ‌[باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء]

- ‌[باب في المستحاضة

- ‌[باب ما جاء أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة

- ‌[باب المستحاضة تغتسل عند كل صلاة]

- ‌[باب ما جاء في مباشرة الحائض]

- ‌[باب الحائض تتناول الشيء من المسجد]

- ‌[باب في كراهية إتيان الحائض]

- ‌[باب ما جاء في غسل دم الحيض من الثوب]

- ‌[باب كم يمكث النفساء]

- ‌[باب إذا أقيمت الصلاة ووجد أحدكم الخلاء]

- ‌[باب ما جاء في الوضوء من الموطئ]

- ‌[باب ما جاء في التيمم]

- ‌[باب]

- ‌[باب البول يصيب الأرض]

- ‌أبواب الصلاة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ باب التغليس بالفجر]

- ‌[باب ما جاء في تعجيل الظهر]

- ‌[باب الرخصة في السمر بعد العشاء]

- ‌[باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل]

- ‌[باب ما جاء في النوم عن الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة الوسطى أنها العصر]

- ‌[باب الصلاة بعد العصر]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة قبل المغرب]

- ‌[باب ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر]

- ‌[باب ما جاء في الجمع بين الصلاتي

- ‌[باب بدء الأذان]

- ‌[باب ما جاء في الترجيع

- ‌[باب من أذن فهو يقيم]

- ‌[باب كراهة الأذان]

- ‌[باب ما جاء أن الإمام أحق بالإقامة]

- ‌[باب ما جاء في الأذان بالليل

- ‌[باب كراهية الخروج عن المسجد بعد الأذان]

- ‌[باب الأذان في السفر]

- ‌[باب فضل الأذان]

- ‌[باب ما جاء الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن]

- ‌[باب ما يقول إذا أذن المؤذن]

- ‌[باب كم فرض الله على عباده من الصلوات]

- ‌[باب ما جاء في فضل الجماعة]

- ‌[باب فيمن سمع النداء فلا يجيب]

- ‌[باب الرجل يصلي وحده ثم يدرك الجماعة]

- ‌[باب فضل العشاء والفجر في جماعة]

- ‌[باب فضل الصف الأول]

- ‌[باب إقامة الصفوف]

- ‌[باب ما جاء ليليني منكم أولو الأحلام والنهي]

- ‌[باب ما جاء في كراهة الصف بين السواري]

- ‌[باب الصلاة خلف الصف وحده]

- ‌[باب الرجل يصلي ومعه رجل]

- ‌[باب الرجل يصلي مع الرجلين]

- ‌[باب من أحق بالإمامة يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله إل

- ‌[باب في نشر الأصابع عند التكبي

- ‌[باب فضل التكبيرة الأول

- ‌[باب ما جاء في ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم]

- ‌[باب ما جاء أنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب]

- ‌[باب ما جاء في التأمين]

- ‌[باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال]

- ‌[باب رفع اليدين عند الركوع والسجود]

- ‌[باب ما جاء في النهي عن القراءة]

- ‌[باب ما جاء فيمن لا يقيم صله في الركوع والسجود]

- ‌[باب وضع الركبتين]

- ‌[باب ما جاء في السجود على الجبهة والأنف]

- ‌[باب ما جاء في التجافي في السجود]

- ‌[باب ما جاء في وضع اليدين ونصب القدمين]

- ‌[باب إقامة الصلب إذا رفع رأسه]

- ‌[باب كراهية الإقعاء بين السجدتين]

- ‌[باب ما جاء في التشهد التحيات

- ‌[باب منه أيضًا]

- ‌[باب ما جاء في الإشارة]

- ‌[باب ما جاء أن حذف السلام سنة]

- ‌[باب ما يقول إذا سلم]

- ‌[باب ما جاء في القراءة خلف الإمام]

- ‌[باب النوم في المسجد]

- ‌[باب ما جاء في كراهة البيع والشراب وإنشاد الضالة والشعر في المسجد]

- ‌[باب ما جاء في المسجد الذي أسس على التقوى

- ‌[باب ما جاء لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى]

- ‌[باب المشي إلى المسجد]

- ‌[باب القعود في المسجد]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الخمرة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الحصير]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على البسط]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة في الحيطان]

- ‌[باب في كراهية المرور بين يدي المصلي]

- ‌[باب ما جاء لا يقطع الصلاة شيء]

- ‌[باب الصلاة في الثوب الواحد]

- ‌[باب ما جاء في ابتداء القبلة

- ‌[باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة]

- ‌[باب كراهية ما يصلي إليه]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الدابة]

- ‌[باب الصلاة عند النعاس]

- ‌[باب من أم قومًا وهم له كارهون]

- ‌[باب ما جاء إذا صلى الإمام قاعدًا فصلوا قعودًا]

- ‌[باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيًا]

- ‌[باب ما جاء في الإشارة]

- ‌[باب التسبيح للرجال والتصفيق للنساء]

- ‌[باب ما جاء في كراهية التثاؤب في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء إن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم]

- ‌[باب فيمن يتطوع جالسًا]

- ‌[باب ما جاء لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار]

- ‌[باب ما جاء في كراهة مسح الحصى في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في كراهة النفخ في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في النهي عن الاختصار

- ‌[باب التشبيك]

- ‌[باب طول القيام في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في قتل الأسودين في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في سجدتي السهو قبل السلام]

- ‌[باب ما جاء في سجدتي السهو بعد السلام والكلام]

- ‌[باب ما جاء في التشهد في سجدتي السهو]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة في النعال]

- ‌[باب ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة]

- ‌[باب في نسخ الكلام في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة عند التوبة]

- ‌[باب متى يؤمر الصبي بالصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الرجل يحدث بعد التشهد]

- ‌[باب ما جاء إذا كان المطر فالصلاة في الرحال]

- ‌[باب التسبيح في إدبار الصلاة]

- ‌[باب ما جاء في الصلاة على الدابة في الطين والمطر]

- ‌[باب ما جاء في الاجتهاد في الصلاة]

- ‌[باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة]

- ‌[باب من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة]

- ‌[باب ما جاء في الكلام بعد ركعتي الفجر]

- ‌[باب ما جاء في الاضطجاع بعد ركعتي الفجر]

- ‌[باب ما جاء إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكنوبة]

- ‌[باب فيمن تفوته الركعتان قبل الفجر

- ‌[باب ما جاء أنه يصليهما في البيت]

- ‌[باب ما جاء في فضل التطوع

- ‌[باب منه

- ‌أبواب الوتر

- ‌[باب ما جاء في فضل الوتر]

- ‌[باب ما جاء أن الوتر ليس بحتم]

- ‌[باب ما جاء في الوتر بخمس]

- ‌[باب ما جاء ما يقرأ في الوتر]

- ‌[باب ما جاء في الوتر على الراحلة]

- ‌[باب ما جاء في صلاة الضحى]

- ‌[باب صلاة الحاجة]

- ‌[باب صلاة الاستخارة]

- ‌[باب صلاة التسبيح]

- ‌أبواب الجمعة

- ‌[باب فضل الجمعة]

- ‌[باب ما جاء أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة]

- ‌[باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر]

- ‌[باب ما جاء في الخطبة على المنبر]

- ‌[باب القراءة على المنبر]

- ‌[باب في استقبال الإمام إذا خطب]

- ‌[باب في الركعتين إذا جاء الرجل والإمام يخطب]

- ‌[باب ما جاء في كراهية الاحتباء والإمام يخطب]

- ‌[باب رفع الأيدي في الدعاء على المنبر]

- ‌[باب فيمن يدرك من الجمعة ركعة]

- ‌[باب ما جاء في السفر يوم الجمعة]

- ‌[باب السواك والطيب يوم الجمعة]

- ‌أبواب العيدين

- ‌[باب في صلاة العيدين قبل الخطبة]

- ‌[باب أن صلاة العيدين بغير أذان ولا إقامة]

- ‌[باب القراءة في العيدين]

- ‌[باب التكبير في العيدين

- ‌[باب لا صلاة قبل العيدين ولا بعدها

- ‌[باب في خروج النساء في العيدين]

- ‌[باب ما جاء في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العيد في طريق ورجوعه من طريق]

- ‌[باب في الأكل يوم الفطر قبل الخروج]

- ‌أبواب السفر

- ‌[باب الجمع بين الصلاتين

- ‌[باب في صلاة الكسوف]

- ‌[باب ما جاء في صلاة الخوف]

- ‌[باب خروج النساء]

- ‌[باب في كراهة البزاق في المسجد]

- ‌[باب ما يقول في سجود القرآن]

- ‌[باب ما ذكر فيمن فاته حزبه من الليل فقضاه بالنهار]

- ‌[باب ما جاء من التشديد في الذي يرفع رأسه قبل الإمام

- ‌[باب ما جاء في الذي يصلي الفريضة ثم يؤم الناس]

- ‌[باب الرخصة في السجود على الثوب]

- ‌[باب ما ذكر مما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح إلخ]

- ‌[باب ما ذكر في الالتفات في الصلاة]

- ‌[باب الرجل يدرك الإمام ساجدًا]

- ‌[باب كراهية أن ينتظر الناس الإمام وهم قيام]

- ‌[باب في تطييب المساجد]

- ‌[باب كراهية الصلاة في لحف النساء]

- ‌[باب ما ذكر في قراءة السورتين في ركعة]

- ‌[باب في الاغتسال عندما يسلم الرجل]

- ‌[باب ما ذكر من التسمية في دخول الخلاء]

- ‌[باب ما يستحب من التيمن في الطهور]

- ‌[باب ما يجزئ من الماء]

الفصل: ‌[باب ما جاء في التشهد في سجدتي السهو]

هذا تعريض بالأحناف في تفصيلهم بين ما جلس في الرابعة وبين ما لم يجلس فيها بأن فرقهم هذا مخالف للحديث فإن الرواية لم تفصل بينهما، والجواب أن واقعة الفعل لا عموم لها فإن قيامه صلى الله عليه وسلم من الرابعة إلى الخامسة لا يخلو من أن يكون قبل القعود أو بعده فإن كان بعده لم يثبت الحكم فيما إذا قام قبله وإن كان القيام إلى الخامسة قبله لم يثبت الحكم فيما إذا قام إلى الخامسة بعده فعليكم أن تثبتوا أحد هذين (1) الشقين أو وقوع الفعل الواحد منه صلى الله عليه وسلم بحيث يشملهما، ولنا أن نقول إن وضع السجدة لسهو إنما هو لانجبار ما يقع من النقصان في الواجبات كما هو مسلم للفريقين فلو تطرق نقص في الأركان لا ينجبر بسجدتي السهو ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الرواية الآتية للساهي أن يبن على أقل المرتبتين اللتين شك فيهما لئلا يلزم نقص في الأركان إذ لو كان كذلك لم ينجبر بسجدة السهو فلما كان كذلك كان الفرق بينما إذا جلس في الرابعة وبينما إذا لم يجلس بينها لا يخفي وجهه ومعنى كون التخليط حظ (2) الشيطان سروره بالإساءة بالمصلي وإنه يضيع فيه وقته وقد ينجر ذلك إلى مفاسد عديدة.

[باب ما جاء في التشهد في سجدتي السهو]

.

قوله [فسها فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم] هذا ظاهر في إثبات ما ذهب إليه الإمام من إثبات (3) التشهد بعد سجدتي السهو ولا يخفى أن تركهم أحاديث

(1) ولا يشكل على الحنفية إلا بعد إثبات أنه صلى الله عليه وسلم لم يجلس على الرابعة وهو لم يثبت بعد بل هو محتمل ولا يحتاج الحنفية إلى إثبات القعدة كما هو ظاهر لأنهم قالوا إن القعدة فرض كما هو ثابت فلا يترك إلا بنص يخالفه صريحًا لا بمحتمل على أن حمل فعله صلى الله عليه وسلم على المتفق عليه أولى من الحمل على المختلف فيه كذا في الأوجز

(2)

وهذه اللفظة لم ترو في حديث الباب لكن تروى في روايات السهو ففسرها الشيخ تكميلاً للفائدة.

(3)

ومذاهب الأئمة في ذلك كما في الأوجز، قال ابن قدامة: يكبر للسجود والرفع منه سواء كان قبل السلام أو بعده فإن كان قبل السلام سلم عقبه وإن كان بعده تشهد وسلم سواء كان محله بعد السلام أو كان قبل السلام فنسيه إلى ما بعده وهذا مذهب الحنابلة وبه قال الشافعي وفي الاستذكار أن البويطي نقل عن الشافعي أنه رأى التشهد بعدهما واجبًا وأما إذا سجد بعد السلام فهل يتشهد بسط فيه الاختلاف، وقال في آخره نقل المزني في المختصر قال سمعت عن الشافعي يقول إذا كانتا بعد السلام تشهد وإن كانت قبل السلام أجزاه التشهد الأول وقال عياض ومذهب مالك إذا كانتا بعد السلام يتشهد، واختلف عنه هل يتشهد قبل السلام وقال العيني عندنا يتشهد وعند الشافعي في الصحيح لا يتشهد، انتهى ما في الأوجز مختصرًا، وفي الدر المختار: سجدتان وتشهد وسلام لأن سجود السهو يرفع التشهد قال ابن عابدين: أي يرفع قراءته حتى لو سلم بمجرد رفعه من سجدتي السهو صحت صلاته ويكون تاركًا للواجب، انتهى.

ص: 360

التشهد بعد اتفاقهم على أن زيادة الثقة معتبرة رفض للقاعدة المقررة ولذلك ترى الإمام قال بالتشهد بعد سجدتي السهو وحمل الروايات التي لم يذكر فيها ذلك على أن الراوي لم يذكره كما لم يذكر في حديث أبي هريرة السلام بل قال ثم سجد مثل سجوده أو أطول فليحفظ قوله [وقال أصح من الحديث إلخ] هذا تعريض بالحنفية في أخذهم حديث الأكل في الصائم دون المصلي (1) مع أن الثاني أصح من الأول والجواب (2) مشهور، وأيضًا ففيه تعريض بالفرق بين العمد والنسيان في أكل الصائم دون (3) أكل المصلي فهما سواء في الصلاة ثم إن هؤلاء استدلوا برواية

(1) أي دون حديث الكلام للمصلي وهو حديث أبي هريرة المذكور.

(2)

لعل الشيخ أراد ما هو المشهور بين العلماء أن حالة الصلاة مذكرة فاعتبر السهو فيها مفسدة بخلاف الصوم.

(3)

هكذا في الأصل والظاهر عندي دون الكلام للمصلي إذ لا تعرض في الرواية لأكل المصلي وإنما تعرضوا بكلام المصلي وحاصل قولهم تمثيل كلام المصلي بأكل الصائم في التفريق بين السهو والعمد فتأمل.

ص: 361

ذي اليدين الواردة في الباب على أنه لو تكلم أحد في صلاته (1) خطأ أو نسيانًا لم تفسد صلاته وأيضًا فإنهم احتجوا على مرامهم هذا (2) بما ورد من أن ابن مسعود حين قدم من الحبشة سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فلم يرد عليه وقد ثبت أن قدومه كان بمكة فعلم أن الكلام إنما كان نسخه بمكة، وأثبت الأحناف في جوابه أن قدومه كان بالمدينة والحق أنه قدم مرتين أتى أولاً بمكة ثم لما رأى المشركين لا يألون عن الإيذاء ولا يقصرون عن الذي كانوا عليه قبل رجع إلى الحبشة ثانيًا ثم لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة مهاجرًا وشاع الخبر قدم ابن مسعود (3) هناك فلا

(1) هذا مذهب الشافعية وفي الأوجز أن الأئمة الأربعة بعدما أجمعوا على أن من تكلم في صلاته عالمًا عامدًا وهو لا يريد إصلاحها إن صلاته فاسدة، كما نقل عليه الإجماع ابن المنذر وغيره اختلفوا في بعض أنواع الكلام واختلفت الروايات عن الإمام أحمد كثيرًا والتي استقرت عليها الروايات عنه أن الكلام يفسد الصلاة مطلقًا وهو قول الحنفية قولاً واحدًا، وقالت الشافعية يبطلها الكلام العمد ولو لمصلحة الصلاة مع العلم بتحريمه وإنه في صلاة فلا تبطل بقليل الكلام ناسيًا للصلاة أو سبق إليه لسانه وجهل تحريمه فيها. وقالت المالكية في الراجح من مذهبهم أن قليل الكلام لإصلاح الصلاة لا يفسد وإن كان عمدًا وقال سحنون: ما في قصة ذي اليدين وقع على غير القياس فيقتصر به على مورد النص، انتهى ما في الأوجز مختصرًا.

(2)

رواه الشيخان وغيرهما ولفظ البخاري كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا وقال إن في الصلاة شغلاً وحقق الحافظ في الفتح أن رجوعه كان مرتين.

(3)

قال النيموي: أما ما زعمه ابن حبان من أن تحريم الكلام كان بمكة فهو باطل قد رده غير واحد من أهل العلم، وأما ما قال ابن مسعود أن ذلك وقع لما رجعنا من عند النجاشي فإنما أراد به الرجوع الثاني من أرض الحبشة إلى المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم يتجهز إلى برد وإليه ذهب الحافظ ابن حجر في الفتح، وأما ما زعمه البيهقي من خلافه فقد رده العلامة ابن التركماني في الجوهر النفي، انتهى.

ص: 362

يتم الجواب إلا بما نقلنا من العيني من أن مثل هذه القصة قد وقعت في أيام عمر فاستأنف الصلاة ولم ينكر عليه في ذلك أحد مع أن عمر نفسه كان في قصة ذي اليدين هذه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يتوهم خفاء القضية عليه أيضًا، إذ قد ورد في الروايات أنه كان فيهم أبو بكر وعمر (1) فهاباه أن يكلماه، وأما ما قالت الشافعية من أن أبا هريرة كان أسلم زمن خيبر وهو يروي حديث الكلام في الصلاة مع أن قوله تعالى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} كان نزوله بمكة فعلم أن المنهي عنه من الكلام هو الذي يكون من عمد وكلام الخاطئ والناس غير مفسد، فالجواب عنه أما أولاً فبأن الراوي كثيرًا ما يروي عن صحابي آخر ولا ينافيه لو وقع في إحدى الروايات نسبة الفعل إلى أبي هريرة نفسه بقوله صلينا (2) فإن ما فعله بعض

(1) كما ورد في رواية الشيخين وغيرهما.

(2)

مال إليه الطحاوي فحمله على المجاز واستشهد عليه بقول النزال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لم يدركه وبقول طاؤس: قدم علينا معاذ ابن جبل وهو لم يحضره وبقول الحسن: خطبنا عتبة بن غزوان وهو لم يشهده إنما يريدون بذلك قومهم قلت: وروى عن أبي هريرة بنفسه أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفطر إذا أصبح الرجل جنبًا ثم لما كرر السؤال قال: حدثني الفضل، ورواية مسلم بلفظ بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال النيموي: ليس بمحفوظ، ثم ذكر الكلام عليه قلت: ويدل عليه أن ابن عمر نص بأن إسلام أبي هريرة كان بعد ما قتل ذو اليدين أخرجه الطحاوي قال النيموي: رجالهم كلهم ثقات إلا العمري فاختلف فيه، قواه غير واحد وضعفه النسائي وغيرهم ثم أثبت أن حديثه لا ينحط عن درجة الحسن سيما في نافع وهذا من روايته عن نافع.

ص: 363

قوم ينسب إليهم كلهم وهو غير قليل في المحاورات كما قال الله تعالى مخاطبًا ليهود زمانه صلى الله عليه وسلم {وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ} الآية مع أن الاتجاه والأفعال التي ذكرت بعده لم تكن وقعت إلا من آبائهم (1) ولهم وكذلك قوله تعالى {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} الآية، وأما ثانيًا فبأن البقرة مدنية ولذلك ترى الشافعية يذهبون في تفسير هذه الآية إلى معان أخر غير ما هو الظاهر المطابق للروايات فإن زيد بن أرقمن روى (2) إنا كنا نتكلم خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة إلى أن نزلت هذه الآية ثم فرع على نزولها سكوتهم حيث قال فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام فكيف يمكن أن تكون الآية مدنية (3) وأما ثالثًا فلأن زيد بن أرقم راوى هذه الرواية التي ذكرناها لما كان من الأنصار وهو نفسه قائل بأنا كنا نتكلم خلفه فكيف يمكن تأويله وحمله على أن ذلك كان في مكة وكان النسخ هناك، فإن قيل إسناد الكلام إليهم كإسناد الصلاة إلى أبي هريرة فإن زيد بن أرقم لعله روى هذا الكلام عن غيره وإنما نسبه إلى كنيسة أبي هريرة الصلاة إلى نفسه قلنا هذا مع منافاته لكون الآية مدنية يرد أن الناس ما كانوا (4) بمكة كانوا يصلون لأنفسهم فرادى لا خلفه صلى الله عليه وسلم، ويقوى ذلك ما ورد في أبي داؤد من أنهم حين جاء بهم معاذ وهم في الصلاة أخذوا في الإشارة إليه وقال فيه أيضًا إن المسبوق كان يخبر في أثناء

(1) أي وقعت لآبائهم.

(2)

قال النيموي: رواه الجماعة إلا ابن ماجة قلت: وسيأتي عند المصنف في التفسير وسيأتي شيء من الكلام عليه في التقرير والحاشية.

(3)

كذا في الأصل والصواب على الظاهر بدله مكية.

(4)

أي ما داموا بمكة.

ص: 364