الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه وسلم لما تفرغ عن حاجته وكاد الرجل أن يغيب عن مرأى نظره تيمم فرد عليه السلام بقي الجواب من أنه صلى الله عليه وسلم كيف أخر الجواب مع وجوبه ويمكن أن يقال إنه صلى الله عليه وسلم علم من حال المسلم ومن حال نفسه الشريفة أنه لا يفوته الرد عليه فإنه كان بمحضر منه وظن أنه لا يغيب عنه إلى أن يتمم أحب أن يرد عليه وهو طاهر مع أن رد السلام على من سلم على من يقضي حاجته غير واجب (1) فكان الرد مجرد فضل ولطف وتأخير في التفضل لا ضير فيه وكذلك من سلم على الآكل والقارئ وغيرهما لم يجب رده ولو رد هؤلاء على المسلم كان حسنًا وإحسانًا، وفيه دلالة على استحباب الطهارة للعبادات التي لا تشترط لها الطهارة وأن التيمم في مثل هذا جائز مع القدرة على الماء ولو استنبط من هذا المقام جواز الاكتفاء بالتيمم لكل قربة خيف (2) فوتها على انتظار الماء كالجنائز والأعياد مما يفوت إلى غير خلف لم يبعد أيضًا.
[باب ما جاء في سور الكلب إلخ]
قد اختلفت الروايات في تطهير سور
(1) صرح بذلك عامة الفقهاء، وفي ابن ماجة عن جابر بن عبد الله أن رجلاً مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم على فإنك إن فعلت ذلك لم أرد عليك وهذا يؤيد ما أفاده الشيخ أن الرد كان تفضلاً.
(2)
وفي البذل عن العيني استدل به الطحاوي على جواز التيمم للجنازة عند خوف فواتها وهو قول الكوفيين والليث والاوزاعي لأنه صلى الله عليه وسلم تيمم في الحضر لأجل فوت الرد ومنع مالك والشافعي وأحمد وهو حجة عليهم، انتهى، وقال ابن رسلان: استدل به البخاري على جواز التيمم لمن خاف فوت الوقت وحجة لأحد القولين عن مالك في التيمم للجنازة، انتهى، قلت: وإذا يمكن أن يستدل به على جوازه لخوف فوت الوقت وهو فوت إلى خلف فأولى أن يستدل به على جوازه لخوف فوت الجنازة.
الكلب كما ستقف عليها ومذهب الحنفية فيه مثل مذهبهم في سائر النجاسات المغلظة من غير تفاوت (1) إلا أن الأنصار لما لم يكن فيهم مبالاة بأمر الكلاب لكثرة ملابستهم بأهل الكتاب وكانوا يتساهلون في التحامي عنها غلظ فيها في أول الأمر ويرشدك إليه الأمر بقتلها ثم لما تمكنت نجاستها في نفوسهم ورسخت المنافرة عن مخالطتها عاد أمر نجاستها إلى ما هو أمر سائر النجاسات وعلى هذا فلا تنافي ما بين تلك الروايات فإن لكل من روايات الغسل سبعًا أو ثمانيًا محملاً (2) صحيحًا لا يخالف روايات الغسل ثلاثًا، وكذلك كل رواية في ذلك فهي واردة على حسب ما ناسب هذا المقام من التغليظ هذا عندنا، وأما مالك (3) رحمه الله فقد يرد عليه في تلك
(1) جمعًا بين الروايات كما سيأتي ولأن أبا هريرة الراوي روايات التسبيع أفي بالثلاث والآثار عنه في ذلك صحيحة عديدة ذكرها النيموي على أن روايات التسبيع يحتمل الندب وبعض الحنفية صرحوا بندبيه التسبيع ولا إشكال إذ ذاك في اختلاف الروايات ولا اضطراب.
(2)
وإلا فاضطربت الروايات جدًا لما فيها من الأمر بالتسبيع والتثمين وغيرهما وتعفير الثامنة والسابعة وأولاهن وأخراهن وإحداهن، وقال ابن العربي: ضعف مالك غسل الإناء من ولوغه فقيل لأن القرآن عارضه قال الله تعالى {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} ولم يأمر بغسل ما أصاب من لعابه من الصيد وهذا بين جدًا وقيل ضعفه لأن وجوب الغسل لا يظهر فيه لعدم سبب الوجوب لما أذن في اتخاذه فعارضه حديث الهرة أيضًا ويحتمل ضعفه لأجل اختلاف الروايات فيه ويحتمل ضعفه لأنه لا يتحقق أن غسله للنجاسة أو العبادة وغير ذلك.
(3)
قال ابن قدامة قال مالك والأوزاعي وداؤد: سور الكلب والخنزير طاهر يتوضأ به ويشرب وإن ولغا في طعام لم يحرم أكله، وقال الزهري: يتوضأ به إذا لم يجد غيره، وقال عبدة بن أبي لبابة والثوري وابن الماجشون وابن مسلمة يتوضأ به ويتيمم.