الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة المؤلف
اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على السيد المدرة (1) الكريم، محمد الهادي إلى منهج قويم، وعلى آله وأصحابه الفائزين، من بركاته بحظ جسيم، أحلهم الله في النعيم المقيم.
وبعد فهذا ما كتبه العبد الأواه عفا الله عنه، ما اقترف على نفسه وجناه، أوان حضرتي جناب السيد الجليل مولاي ومولى كل مؤمن نبيل، فما كان فيه من صواب يتلقى بالقبول فمن الله، ثم من المولى الأستاذ المنتجع لكل سؤل، وما كان من خطأ موجب للرد والإزراء فمني، وأني لي الاستقامة والاستواء، هذا، وعلى الله التوكل وبه الاعتماد إنه ولي العصمة والسداد وبيده أزمة التوفيق والرشاد.
اعلم أولاً: أن موضوع علم الحديث هو ذات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من حيث إنه رسول ونبي، وهذا أولى مما قيل: إن موضوع هذا الفن أقواله صلى الله عليه وسلم أو أقواله وأفعاله وأحواله، وأيًا ما كان فشرف هذا العلم أبين من أن يبين بشرف موضوعه والاحتياج إليه في امتثال أمره تعالى:{وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ} وقوله تبارك وتعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} إلى غير ذلك، فوجب البحث عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحواله وأقواله وأفعاله، لامتثال ما أمر به والانتهاء عما نهى عنه، وغايته، الفوز برضوان الله تعالى ورسوله، ومن ثم يظهر أن البدعة، وإن كانت حسنة فيما يبدو للناس ففيها قبح ظاهر، كما لا يخفى.
(1) قال المجد: المدره كمنبر السيد الشريف والمقدم في اللسان واليد عن الخصومة والقتال، انتهى.
وثانيًا: إن سلسلة مولانا الأستاذ أدام الله مجده، كسلسلة (1) مولانا أحمد على المرحوم السهارنفوري غير أن المولى المحقق حصل القراءة والإجازة والسماع من الشاه عبد الغني (2) الدهلوي، وهو والمولوي أحمد علي من الشاه إسحاق رحمة الله عليهم أجمعين.
فباقي السلسلة متفقة وهي مطبوعة في بعض كتب الحديث المطبوعة في مطبع المولوي أحمد علي المرحوم كسنن الترمذي وصحيح البخاري ومسلم رحمهم الله تعالى، ثم أعلم أن أكثر النسخ المتداولة بأيدينا التي هي مطبوعة، قد نقلت من النسخة التي أتى بها المولى أحمد علي (3) من العرب، وكان ابتداء الإسناد فيها من قوله أخبرنا الشيخ أبو الفتح إلى آخر ما قال: ولعل التي كتب هي عليها نسخة أحد تلامذة الشيخ أبي الفتح حيث ذكر فيها أخبرنا الشيخ أبو الفتح، ثم استمر الأمر على ذلك من غير أن يزاد فيه رأوا أو ينقص مع أن ابتداء الكتاب من قوله أبواب الطهارة وأن التزام إدخال الإسناد فيه فلا بد من إدخال كل قارئ وطالب أستاذه حتى نقول أخبرنا الحبر القمقام والبحر الزاخر الطمطام مولانا العلامة الألمعي الأوحد المولى المشتهر بشريف اسمه رشيد أحمد، لا زالت سرادق مجده ممدودة وحياض إفاداته مشفوهة مورودة، قال: أخبرنا الشيخ العالم الرباني مولانا الشاه عبد الغني نور الله مرقده قال: أخبرنا الشيخ المحدث المشتهر في الآفاق مولانا الشاه
(1) لما كان سند مولانا أحمد علي مطبوعًا في أوائل الكتب، كما سيأتي أحال حضرة الشيخ سنده على سنده ونبه على الفرق الذي كان بينهما في أسفل السند.
(2)
قلت: وأخذ الشيخ عبد الغني عن والده أيضًا، كما في مقدمة الأوجز، وله أسانيد شهيرة طبعت باسم اليانع الجني في أسانيد الشيخ عبد الغني.
(3)
وحكى المولى رضي المرحوم عن تقرير الشيخ، أن المولى أحمد علي كان ينسخ الكتاب من الصبح إلى الظهر، ثم يقرأ على مولانا الشاه محمد إسحاق بعد الظهر.
إسحاق أحله الله من جنة الفردوس أعلاها، وجازاه على حسن سعيه من المثوبة أسناها وأغلاها إلى آخر ما هو مذكور في أوائل الكتب التي أشرنا إليها عن قريب فلا علينا أن نترك سرد الإسناد إلى المؤلف رحمة الله تعالى.
قوله [أخبرنا] والفرق بين لفظي أخبرنا وحدثنا، أن الثاني مشير إلى قراءة الأستاذ، والأول إلى قراءة التلميذ عليه، وقولهم: قرئ عليه، وأنا أسمع إلى أنه كان في جملة من حضر ثمة، ولم يكن قارئًا بنفسه واختلفوا في ترجيح (1) الراجح منها.
قوله [المروزي] نسبة إلى مرو زيدت فيه الزاء على غير قياس.
قوله [الثقة الأمين] صفة (2) الشيخ أبي العباس فهو فاعل قوله أقر
(1) أي من قراءة الشيخ أو قراءة التلميذ، قال القارئ: اختلفوا في القراءة على الشيخ هل تساوى السماع من لفظه أو هي دونه أو فوقه على ثلاثة أقوال، فذهب مالك وأصحابه ومعظم أهل الحجاز والبخاري إلى التسوية بينهما، وذهب أبو حنيفة وابن أبي ذئب إلى ترجيح القراءة على الشيخ على السماع من لفظه، وروى عن مالك أيضًا، وذهب جمهور أهل الشرق إلى ترجيح السماع على القراءة عليه، وصححه زين العراقي والنووي وغيرهما، كما بسط في مقدمة أوجز المسالك إلى موطأ الإمام مالك.
(2)
اختلف مشايخ الدرس في توجيه العبارة على أقوال أوجهها ما أفاده الشيخ الحبر كلها -نور الله مرقده ويرد مضجعه- إذ على هذا التوجيه تتحد النسخ المختلفة كلها، فإن النسخ ليس في بعضها لفظ فأقر، بل فيها أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب بن فضل التاجر المروزي المحبوبي الشيخ الثقة الأمين، هكذا في المصرية، ونحو ذلك في بعض النسخ المكتوبة وعلى هذه النسخ كلها هو صفة للشيخ أبي العباس لا غير فالأوجه أن يجعل صفة له في النسخ الهندية التي بأيدينا أيضًا، كما لا يخفى على الفطن.
وأبو محمد عبد الجبار قائله لا كما زعم بعضهم أن الموصوف به وفاعل الفعل المذكور الشيخ أبو الفتح المذكور في وسط السند، إذ لو كان الأمر على ما قال لكان هذا التقرير في آخر السند بعد قوله الترمذي الحافظ، كما هو ظاهر لا يخفى على من له ممارسة بالفن بل المعنى أن تلاميذ أبي العباس لما قرأوا الكتاب على أستاذهم أبي العباس كما هو مفهوم، قوله أنبأنا المذكور (1)، قال لهم أبو العباس نعم، والبعض الآخرون لما استشكلوا الجمع بين قوله أخبرنا وبين قوله أقريه الشيخ لغفلتهم عن اصطلاح القوم حذفوا تلك الجملة عن الكتاب وأنت تعلم أنه صحيح لا ريب فيه ولا ريبة فإن التلميذ إذا قرأ على الأستاذ فلا بد من سكوته، وهو إقرار بقرينة المقام أو إقراره أو إنكاره، ولما كان الشيخ صرح ههنا بالإقرار، ذكره التلميذ تنصيصًا، ولم لم يصرح بالإقرار لكان محمولاً عليه أيضًا، إذ لو كان هناك إنكار لما ساغ الرواية بعد منسوبًا إليه، فأفهم واغتنم ولا تكن من الغافلين.
قوله [الترمذي] وكان -رضي الله تعالى عنه- أكمه وكان (2) من أرشد تلامذة الإمام أبي عبد الله البخاري، ملازمًا لمجلسه، وقد أخذ عنه البخاري عدة (3) أحاديث ولم يتفق ذلك لأحد غيره من تلامذة البخاري.
(1) هكذا في الأصل والظاهر لفظ أخبرنا بدله، فإن المذكور في الكتاب لفظ أنا، وهو مخفف أخبرنا عند أهل الأصول.
(2)
قلت: اختلف فيه أهل الرجال، فقيل هكذا، وقيل ذهب بصره لشدة بكائه في الله، وقيل غير ذلك.
(3)
منها ما ذكره الحافظ في تهذيبه: قال الترمذي في حديث أبي سعيد: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك سمع متى يعني البخاري هذا الحديث، وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ سمع من أبي عيسى أبو عبد الله البخاري وغيره.