الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الروايات ما لا يخفي وذلك لأنه رضى الله تعالى عنه لم يقل بنجاسة الماء ما لم يتغير شيء من أوصافه الثلاثة ومن المعلوم أن شرب الكلب في ظرف ولو لم يكن الماء فيه كثيرًا لا يؤثر فيه تغيرًا فكيف أمروا بالغسل بتلك المبالغة ورام أصحابه التفصي عنه بأن الأمر بتطهير الأواني وإراقة الماء بولوغ الكلاب ليس مبنيًا على نجاسة وإنما ذلك لضرر فيه مختص بالكلاب من بين سائر أنواع الحيوانات هذا وإن المالكية (1) قد وافقونا على أن تطهير بول الكلب لا يفضل تطهير سائر النجاسات فنجاسة بوله أدون من نجاسة سورة الذي سموها ضررًا بالخاصية والله تعالى أعلم، والشافعية (2) رجحوا بحال الإسناد كما هو دأبهم.
[باب ما جاء في سور الهرة، قوله إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات]
هذه العلة عامة تناول كل ما كان من هذا القبيل مما يكثر ملابسته وذلك للحرج في التحامي منه وهذا الحديث أصل كبير يتفرع منه أصول: منها (3) قولهم الضرر
(1) بخلاف الشافعية والحنابلة فإن حكم البول عندهما في الكلب حكم السور صرح بذلك ابن حجر في شرح المنهاج وابن قدامة في المعنى.
(2)
فإن الشافعية رجحوا روايات التسبيع وبه قال مالك في الواحدة من أربع روايات له، وبه قال أحمد في واحدة من روايته والرواية الأخرى له المشهورة في الشروح ترجيح روايات التثمين وفي الروض المربع يجزئ في غسل النجاسات كلها ولو من كلب أو خنزير إذا كانت على الأرض غسلة وعلى غير الأرض سبع إحداها بالتراب في نجاسة كلب أو خنزير وفي نجاسة غيرهما سبع بلا تراب، انتهى، والحنابلة والشافعية رجحوا روايات التتريب إذ قالوا بها، والمالكية لم يقولوا بالتتريب فتكلموا على هذه الزيادة كما بسطت في المطولات.
(3)
وتحت كل أصل منها فروع كثيرة بسطها صاحب الأشباه إذ قال القاعدة الرابعة المشقة تجلب التيسير وبيان ذلك أن أسباب التخفيف سبعة السفر والمرض والإكراه والنسيان والجهل والعسر وعموم البلوى والنقص ثم قال القاعدة الخامسة الضرر يزال وبيان ما يبتني عليها من أبواب الفقه وما تتعلق بها قواعد الأولى الضرورات تتيح المحظورات إلى آخر ما بسطه.
مسقط والحرج مدفوع والمشقة تجلب التيسير ويؤيد كل ذلك قوله تعالى {لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} .
ثم إن قوله [فرآني أنظر إليه إلخ] دلالة على أنها إنما تعجبت لما رأت ذلك الأمر مخالفًا لقاعدة الشرع الذي هو أصل في حرمة السور من حرمة اللحم فلحم الهرة لما كان معلوم النجاسة كان سوره (1) كذلك لما أن السور معتبر باللحم أو لأنه صلى الله عليه وسلم لعله أمر بالتحامي عنها أولاً حكمًا بنجاسة سورها ثم رخص فيه فلما لم يبلغها نسخ الحرمة تعجبت من فعله المخالف لعلمها أو لأن حرمتها أو تقذرها كان مستقرًا في الطبائع فرأت فعله ذلك مخالفًا له فتعجبت لأجله.
(1) واختلفت الأئمة في سورها فقالت الأئمة الثلاثة طاهر، وقال الإمام الأعظم مكروه بكراهة تحريمية أو تنزيهية قولان: قال في الدر المختار طاهر للضرورة مكروه تنزيهًا في الأصح إن وجد غيره وإلا لم يكره أصلاً كأكله للفقير واستدلت الحنفية بروايات سردها الشيخ في البذل والطحاوي في شرح الآثار فيها الأمر بغسل الإناء من ولوغ الهرة منها حديث أبي هريرة عند الترمذي إذا ولغت الهرة غسلت مرة وغير ذلك من الروايات المرفوعة والموقوفة ومنها حديث الهر سبع وأجاب الطحاوي عن حديث الباب بأنها محمولة على مماسة الثياب وغيرها لأن المرفوع منه قوله صلى الله عليه وسلم ((ليست بنجس)) لا يثبت طهارة السور والإصغاء فعل أبي قتادة مستدلاً بهذا المرفوع على أن الحديث أعله ابن مندة وغيره لجهالة كبشه وحميدة كما في الأوجز وحديث الباب في دقيق النظر يؤيد من قال بالكراهة التنزيهية.