الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَتُقَطِّعُوَا أَرحَامَكُمْ}
(باب: {وَتُقَطِّعُوَا أَرحَامَكُم} [
محمد: 22])
4830 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرَّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ، قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ. قَالَتْ: هذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قَالَ: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أصلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ! قَالَ: فَذَاكِ".
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤا إِنْ شِئتمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} .
4831 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمزَةَ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي أبو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بهذَا، ثُمَّ قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اقْرَؤا إِنْ شِئتم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ} .
4832 -
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي الْمُزَرَّدِ بِهذَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَاقْرَؤُا إِنْ شِئتم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ} .
الحديث الأول، والثاني، والثالث:
(فرغ)؛ أي: قضاه، وأتَمَّه.
(الرحم)؛ أي: القَرابة.
(فأخذت بحَقْوي الرحمن) بفتح المهملة، وسُكون القاف، وبالواو: الإِزَار، والخَضر: مَشَدُّ الإِزَار.
قال (ش): كذا عند ابن السَّكَن، وسقَط قوله:(بحِقْوَي الرَّحمن) مرةً من بعض النُّسَخ.
قال القَابِسِيُّ: أبَى أبو زَيدٍ أنْ يقرأَ لنا هذا الحَرْف لإشْكاله، قال: وهو ثابتٌ لكنْ مع تَنْزيه الله تعالى، وقيل: المُراد: أخذتْ بقائمةٍ من قوائم العَرْش.
(مَهْ)؛ أي: اكفُف، وهو اسم فِعلٍ، وقال ابن مالك: وهي هنا (ما) الاستفهامية، حُذفت ألفها، ووقف عليها بهاء السَّكت.
قال: والشائع أن لا يُفعَل بها ذلك إلا وهي مَجرورةٌ، ومِن استعمالها غيرَ مجرورةٍ قول ابن أَبي ذِئْب: قَدمتُ المَدينة، ولأَهلها ضَجيجٌ بالبُكاء كضَجيجِ الحَجيج أَهلُّوا بالإِحْرام، فقلتُ: مَهْ، فقِيل لي: تُوفِّي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
والحديث من المُتشابه، ففيه طريقتَا التَّفويض والتَّأويل.
قال البَيْضاوي: لمَّا كان مِن عادة المُستجِيْر أنْ يَأخُذ بذَيلِ المُستَجار به، أو بطَرَفِ رِدائه، وإزارِه، ورُبَّما أخَذ بحِقْوَي إزاره مبالغةً في الاستِجارة، فكأنَّه يُشير إلى أن يَحرسَه، ويَذبَّ عنه ما يُؤذيه كما يَحرُس ما تَحت إزاره، ويَذبُّ عنه، كأنَّه لاصِقٌ به، لا يَنفكُّ، استُعير ذلك
للرَّحِم كما يُقال: نَمنَعُه مما نَمنعَ منه أُزُرنا، فاستَعاذ بالله من القَطيعة.
وقال الطِّيْبيُّ: هذا القَول مبنيٌّ على الاستعارة التمثيلية، شبَّه حالَ الرَّحِم وافتقارَها إلى الصِّلة بحال مُستجيرٍ يأخُذ بحِقْوَي المُستجارِ به، أو هي مَكنيَّةٌ بأَنْ يُشبَّه الرَّحم بانسانٍ مُستَجير بمن يذبُّ عنه ما يُؤذيه، ثم أُسنِد على سبيل الاستِعارَة التَّخييلية ما هو لازمُ المُشبَّه به من القِيام؛ لتكون قرينةً مانعةً عن إرادة الحقيقة، ثم رُشِّحت الاستعارةُ بالقَول، والأَخْذ، ولفْظ:(بحِقْوَي الرَّحمن) استعارةٌ أُخرى.
قال (ك): وتَثْنية (حِقْو) للتأْكيد؛ لأنَّ الأَخْذ باليدَين آكَدُ في الاستِجارة من الأَخْذ باليد الواحدة.
قال (ن): الرَّحم معنًى من المَعاني لا يَتأتَّى منه القيام، ولا الكلام، فالمُراد تعظيم شأنها، وفَضيلةُ واصِلِها، وإثْم قاطِعها.
قال: ولا خِلافَ أنَّ صِلةَ الرَّحم واجبةٌ في الجُملة، وقطيعتها معصيةٌ، والصِّلة دَرَجاتٌ بعضها أرفَعُ من بعضٍ، وأدناها صِلَتُها بالكلام ولو بالسَّلام، ويختلف ذلك بالقُدرة، والحاجَة.
واختُلف في حَدِّ الرَّحِم، فقيل: المَحارِم، وقيل: عامٌّ في كل مَحرَمٍ من ذَوي الأرحام في المِيْراث.
(هذا) الإشارةُ للمَقام، أي: قِيامِي هذا قِيامُ العائذ بكَ من قَطيعة الرَّحم، ووصْلُ الله هو إيْصال الرَّحمة إليه، وقطْعها قَطْعه.
* * *