الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العِبادة إليهم، فقال: لا حُجَّةَ لهم فيه؛ لأنَ الإسناد من جهة الكَسْب، وكَون العبْد مَحلًّا لها.
قال (ش): وهذا يدلُّ على إِمامة البخاري في عِلْم الكَلام، وذُكر للآية تأْويلان:
أحدهما: أن اللَّفظ عامٌّ، والمراد خاصٌّ، وهم أهل السَّعادة، وكلٌّ مُيسَّرٌ لمَا خُلق له.
ثانيهما: خلقَهم مُعَدِّين للعبادة كما تقول: البقَر مخلوقة للحَرْث، وقد يكون فيها ما لا يَحرُث.
* * *
52 - وَالطُّورِ
(سورة الطُّور)
وَقَالَ قتَادَةُ: {مسطورٍ} : مَكْتُوبٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الطُّورُ: الْجَبَلُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ. {رقٍّ مَنْشُورٍ} : صَحِيفَةٍ. {والسقف المرفوع} : سَمَاءٌ. {المسجور} : الْمُوقَدِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: تُسْجَرُ حَتَّى يَذْهَبَ مَاؤُها، فَلَا يَبقَى فِيها قَطْرَةٌ.
وَقَالَ مُجَاهِد: {أَلَتْنَاهُمْ} : نَقَصْنَا.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَمُورُ} : تَدُورُ. {أحلامهم} : الْعُقُولُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {البَرُّ} : اللَّطِيفُ. {كِسْفًا} : قِطْعًا. الْمَنُونُ: الْمَوْتُ.
وَقَالَ غَيْرُ: {يتنازعون} : يتَعَاطَوْنَ.
قوله: (الموقر) هي بالراء، وهي رواية أبي زيد عند الأَصِيْلِي، يُقال: سَجرتُ التَّنُّور: إذا حَميتَه، وسَجرتُ النَّهر: إذا ملأْتَه، وقال الحسَن: إذا ذهب ماؤُه، فلفْظة (سَجَرَ) مشتركةٌ بين الضِّدَّين.
(أحلامهم: العقول) كَنى عن العَقْل بالحِلْم؛ لأنَّه لا يكون إلا بالعَقْل.
(كسفًا: قطعًا)؛ أي: على قراءة فتْح السين كقِرْبة وقِرَب، ومَن قرأه بالسُّكون على التَّوحيد فجمعه: أَكسَاف، وكُسوف.
(المنون: الموت) المَشهور في اللُّغة أنَّه حَوادِث الدَّهر، وبه فسَّره مُجاهِد، وحكى الدَّاوُدي: أنَّه جمعِ: مَنيَّة، وضُعِّف يقول الأَصمَعي: إنَّه واحدٌ لا جمْعَ له، وقول الأخْفش جميعٌ لا واحدَ له.
* * *
4853 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مالكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَن زينَبَ بْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنِّي أَشتكِي، فَقَالَ:"طُوفي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ، وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ"، فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُور.
4854 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثُوني عَنِ
الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هذِهِ الآيَةَ:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} ،كادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ.
قَالَ سُفْيَانُ: فَأَمَّا أَنَا فَإِنَّمَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ. لَمْ أَسْمَعْهُ زَادَ الَّذِي قَالُوا لِي.
(شكوت)؛ أي؛ اشتَكيتُ مرَضي.
(لم أسمعه زاد)؛ أي: لم أَسمعْه زائدًا عليه، لكنَّ أصحابي حدَّثوني عنه الزَّائدَ، وهو من قوله:(فلمَّا بلَغ)، إلى آخِر الحديث.
قال (خ): كان انْزعاجُه عند سَماع الآيةِ؛ لحُسن تلقِّيه مَعناها، ومعرفتِه بما تضمَّنه بَليغ الحُجَّة، واستدراكها بلَطيف طبْعه.
قالوا: معناه: ليس هم أشدُّ خَلْقًا من خَلْق السَّماوات والأرض؛ لأنَّهما خُلقتا من غير شيءٍ، وهم خُلقوا من آدَم، وهو من التُّراب.
والقول الآخر: أنَّ المَعنى: خُلقوا لغير شيءٍ، أي: خُلقوا باطلًا لا يُؤمَرون ولا يُنهون.
قال: وهنا قولٌ ثالثٌ أجوَدُ منهما: وهو أنَّهم خُلقوا من غير خالقٍ، وذلك لا يَجوز، فلا بُدَّ له من خالقٍ، وإذا أنكَروا الإلة الخالقَ؛