الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وبكسر التي في الطور) أي: مَصدرًا.
(وينصبان)؛ أي: يُفتحان، وبعضُهم يُعبِّر عن الفتح بالنَّصب، وبالعكس، والقُرَّاء السَّبْعة متفِقون على كسر ما في (الطُّور)، ففتْحها من الشَّواذِّ.
* * *
{وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}
(باب: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: 30])
4848 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثَنَا حَرَمِيٌّ، حَدَّثَنَا شعْبةُ، عَنْ قتادَةَ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"يُلْقَى فِي النَّارِ، وَتَقُولُ: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟} حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ، فتقُولُ: قَطِ قَط".
الحديث الأول:
(قدمه) هذا من مَشاهير أحاديث الصِّفات المُشْكِلة.
قال (ن): والعُلَماء فيه على مَذْهبين: التَّفويض، والتَّأويل، فقيل: المُراد بالقَدَم المُتقدِّم، أي: يضَع اللهُ تعالى فيها مَن قَدَّمَه لها من أهل العذَاب، أو قَدَمَ بعض المَخلوقين، فيَعود الضمير في قدَمه إلى المَخلوق المَعلوم، أو هناك مَخلوق اسمه القَدَم.
قال: وأما الرِّجْل فيجوز أنْ يُريد به الجَماعة من النَّاس كما يقال: رِجْلٌ من جَرادٍ، أي: قطعةٌ منه.
وقال (خ): ومثْل هذه الأسماء يُراد بها إثْبات معانٍ، لا حَظَّ لظاهر الأَسماء فيها من طَريق الحقيقة كما يُراد بوَضْع القَدَم والرِّجل عليها نَوعٌ من الزَّجْر لها والتَّسكين، كما يقول القائل لشيءٍ يُريد مَحوَه وإبطالَه: جعَلتُه تَحتَ رِجْلي، ووضَعتُه تحت قدَمي ونحوه، فالمُراد تَذليل جهنَّم عند طُغيانها، وقَولها: هل مِن مَزيدٍ؟.
قال (ك): ويَحتمل أنْ يعود الضَّمير إلى المَزيد، ويُراد بالقَدَم الآخِر؛ لأنَّه آخِر الأعضاء، أي: حتى يضَع اللهُ آخِرَ أهل النَّار فيها.
(قط قط) بالتَّخفيف والسُّكون، وبكسر القاف، ويُروى:(قَطْنِي، قَطْنِي)، و (قَطِي قَطِي)، ومعنى الكُلِّ: حَسْبي، وكَفاني، قاله (ع).
وقال السَّفَاقُسي: فيه رواياتٌ: فتْح القاف وسُكون الطَّاء، وفتْح القاف وكسر الطاء من غير تنوينٍ، وفتح القاف وكسر الطَّاء بالتَّنوين، فهذه ثلاث لُغاتٌ مع فتْح القاف، والرَّابعة بكسر القاف، وسُكون الطَّاء، وقيل: إنَّ (قَطِ): صوتُ جهنَّم.
* * *
4849 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِميَرِيُّ سَعِيدُ بْنُ يَحيَى بْنِ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ -وَأكثَرُ مَا كَانَ يُوقِفُهُ أَبو سُفْيَانَ-: "يُقَالُ لِجَهنَّمَ: هلِ امتَلأْتِ؟ وَتَقُولُ: هلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ فَيَضَعُ الرَّبُّ تبارك وتعالى قَدَمَهُ
عَلَيْها، فتقُولُ: قَطِ قَطِ".
الثاني:
(رفعه، وأكثر ما كان يوقفه أبو سفيان)؛ أي: إنَّه لم يَرفَع الحديث مرَّةً، ورفَعَه أُخرى.
وقوله: (يُوقفُه)، كذا وقَع رُباعيًّا، والمَشهور: وقَف يَقِفُ، فيحتَمل أنْ يكون رفعَه ثم لم يَرفعْه.
ولهذا أسقَطَها الأَصِيْلِي، وتَرَك موضعَها بَياضًا كراهةً لروايتها، وقد رُوي كراهيةُ ذلك عن مالك.
قال (خ): أُضيف القَدَمُ في رواية أبي هريرة إلى الله تعالى، إلا أنَّ الرَّاوي كان يقِفَه مرةً ويَرفعه أُخرى، وفي رواية أنَس رفْعه قطْعًا، ولكنْ لم يُصرِّح بإضافته إلى الله عز وجل.
وحاصله: أنه إما صَرَّح بالإضافة من غير رفعٍ، وإما رفَع من غير تصريحٍ بالإضافة.
* * *
4850 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ همَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تَحَاجَّتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: مَا لِي لَا يدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُم؟ قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ
وَتَعَالَى- لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحمتي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابٌ أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَبكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُها، فَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ، فتقُولُ: قَطٍ قَطٍ قَطٍ، فَهُنَالِكَ تَمتَلِئُ، ويُزْوَى بَعْضُها إِلَى بَعض، وَلَا يَظْلِمُ اللهُ عز وجل مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ، فَإِنَّ الله عز وجل يُنْشِئُ لَها خَلْقًا".
الثالث:
(تحاجت الجنة والنار) قال (ن): هذا الحديث على ظاهِره، وأنَّ الله تعالى يَخلق في الجنَّة والنار تَمييزًا يُدركان به، ويَقدران على الاحتِجاج.
(بالمتكبرين والمتجبرين) هو مِن عطف الشَّيء على مُرادفه تأكيدًا، وقيل: بينهما فَرقٌ، فالمُتكبِّر: المُتعظِّم بما ليس فيه، والمُتجبِّر: المَمنوع الذي لا يُنال إليه، وقيل: الذي لا يَكتَرثُ بأمرٍ.
(وسقطهم) بفتح المهملة، والقاف، أي: الضُّعَفاء المحتَقَرون السَّاقطُون عن أَعيُن النَّاس.
فإنْ قيل: ما معنى الحَصْر وقد يدخُل الجنَّة غيرُ الضُّعَفاء من الأنْبياء، والمُرسَلين، والمُلوك العادلة، والعُلَماء المَشهورين؟
قيل: إما باعتبار الأَغلَب، أو أنَّ المُراد بالضَّعيف السَّاقِط هو الخاضع لله، المُذِلُّ نَفْسَهُ لله تعالى، المُتواضع للخَلْق، ضِدُّ المُتكبِّر المُتجبِّر.