الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرَّحْمَنِ -هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ-، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ، لَهُ زَبِيبَتَانِ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتِهِ -يَعْنِي: بِشِدْقَيْهِ- يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنْزُكَ"، ثُمَّ تَلَا هَذ الآيَةَ:{وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
(مُثّلَ)؛ أي: صُوِّرَ له مالُه.
(شُجاعًا)؛ أي: حَيَّةً.
(أقْرَع)؛ أي: مُنْحَسِر شَعر الرَّأْس لكثْرة سُمِّه.
(زَبِيبَتان) بفتح الزاي، وكسر الموحَّدة الأُولى: هما النُّقطتان السَّوداوان فَوق العَين، وقيل: النَّابان.
(بِلِهْزِمتيه) بكسر اللام، والزاي.
سبَق شرحه في (باب: إثم مانع الزكاة).
* * *
(باب: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آل عمران: 186])
4566 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زيدٍ رضي الله عنهما أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم -
رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زيدٍ وَرَاءَهُ، يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، قَالَ: حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أبُيٍّ فَإِذَا فِي الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَفِي الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللهِ ابْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ، ثُمَّ وَقَفَ، فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَيُّهَا الْمَرْءُ! إِنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ، إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلَا تُؤْذِينَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا، ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ! فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا، ثُمَّ رَكَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَابَّتَهُ، فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَا سَعْدُ! أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟ " -يُرِيدُ: عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ- "قَالَ كَذَا وَكَذَا". قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ! اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ! لَقَدْ جَاءَ اللهُ بِالْحَقِّ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ، لَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ، فَيُعَصِّبُونه بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا أَبَى اللهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ اللهُ، شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ
ما رَأَيْتَ. فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ كمَا أَمَرَهُمُ اللهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى، قَالَ اللهُ عز وجل:{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} الآيَةَ، وَقَالَ اللهُ:{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَأَوَّلُ الْعَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللهُ بِهِ، حَتَّى أَذِنَ اللهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَدْرًا، فَقَتَلَ اللهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ بْنُ سَلُولَ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ. فَبَايَعُوا الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم عَلَى الإسْلَامِ، فَأسْلَمُوا.
(قَطيفة)؛ أي: دِثَار مُخمَّل، أي: مُهَدَّب.
(فَدَك) بفتح الفاء، والمهملة: قَريةٌ على مَرحلتين من المدينة.
(واليهود) عطفٌ على المُشركين، أو على العَبَدة، وفي بعضها وقع لفظ:(والمُسلمين) مرَّةً أُخرى بعد اليهود، فلعلَّ في بعض النُّسَخ كان أولًا، وفي بعضها آخِرًا، فجمَع النَّاسخ بينهما.
(لا أحسن) بلفْظ أَفْعَل التَّفضيل، وهو جواب الشَّرط، وهو إنْ كان على مذهب الكوفيِّين، وأما عند البصريين فدليلُ الجواب.
ويجوز في: (أحسَن) الرفع على أنه خبَرُ (لا)، والاسم محذوفٌ، أي: لا شَيءَ أحسَنُ من هذا، وهذا اعترافٌ منه بفَصاحة القُرآن،
وحُسنه، والنَّصب صفةٌ لاسمِ (لا) المَحذوف، والخبَر الجارُّ والمَجرور بعدَه، أو محذوفٌ، والجارُّ متعلِّقٌ بـ (أحسَن)، أي: لا شيءَ أحسَن من كلام هذا، أو نصبٌ بفعل محذوفٍ، أي: ألا فَعلتَ أحسَن من هذا؟، وحُذف الاستفهام؛ لظُهور معناه.
ويُروى: (لا أُحْسِن) بضم الهمزة، ويُروى:(لا حسن) بحذْفها.
(والمشركون واليهود) عطفُ خاصٍّ على عامٍّ.
(سكنوا) بالنون أو بالمثنَّاة، روايتان.
(أبو حُباب) بضم المهملة، وخفَّة الموحَّدة الأُولى، والتَكْنِيَة هنا لا يَلزم أن تكون تَكْرمةً، بل للشُّهرة ونحوها.
(ولقد اصطلح) في بعضها بلا واوٍ، إما بدَلًا، أو عطْفَ بيانٍ، أو بتقديرِ عاطفٍ.
(البُحيرة) مصغَّر: بَحْرة ضِدُّ البَرِّ، أي: البُلَيدة، يُقال: هذه بَحرتُنا، أي: بَلْدَتنا، والمراد مدينة النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
(فيعصبوه) في بعضها: (فيَعصِبُونَه) بالنون، أي: يجعلُونه رئيسًا ويُسوِّدونه، وكان الرَّئيس مُعصبًا لما يُعصب برأْيه من الأمر.
وقيل: بل كان الرُّؤَساء يَعصِبون رؤُوسهم بعِصابةٍ يُعرَفون بها.
وقال (ش): قال أبو البَقاء: الوَجْه في رفْع (فيَعصِبونه): أنْ يكون في الكلام مبتدأٌ محذوفٌ، تقديره: فهُم يَعصِبونَه، أو فإذا هم يَعصِبُونه، ولو رُوي:(يَعصِبُوه) بحذف النُّون لكان مَعطوفًا على