الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأما مثل سفيان بن حسين، وسعيد بن بشير، وجعفر بن برقان، وصالح بن أبي الأخضر، ونحوهم، فإذا انفرد أحدهم بما لا يتابع عليه، فإن أئمة الحديث لا يرفعون به رأساً.
وأما إذا روى أحدهم ما يخالف الثقات فيه، فإنه يزداد وهناً على وهن.
فكيف تقدم رواية أمثال هؤلاء على رواية مثل مالك، والليث، ويونس، وعقيل، وشعيب، ومعمر، والأوزاعي، وسفيان، ويحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأضرابهم، هذا مما يستريب من له معرفة بالحديث وعلله في بطلانه " (1).
المسألة الخامسة: عدد الحديث الصحيح
.
باعتبار عد الروايات الحديثية في الكتب، فإن هذا ليس مما يمكن المصير إليه؛ وذلك من أجل انتشار طرق الحديث، فالكتب التي تجمع الأسانيد كثيرة جداً.
كذلك لتعذر ضبط قاعدة تنزل عليها جميع روايات الحديث، فيقال: هذا من الأسانيد مقبول فيعد، وهذا ليس بمقبول فلا يعد.
نعم، جاء عن متقدمي الأئمة أنهم كانوا يسمعون الأسانيد المتعددة للمتن الواحد أحاديث، فيما يحفظه أحدهم.
مثل قول البخاري: " أحفظ مئة ألف حديث صحيح، وأحفظ مئتي ألف حديث غير صحيح "(2).
وقال ابن حجر العسقلاني: " إذا كان الشيخان مع ضيق شرطهما بلغ
(1) الفروسية (ص: 73 _ 74).
(2)
أخرجه ابن عدي في " الكامل "(1/ 226) _ ومن طريقه: الخليلي في " الإرشاد "(3/ 962) والخطيب في " تاريخه "(2/ 25) _ وإسناده مُحتمل .......
جملة ما في كتابيهما بالمكرر هذا القدر (1)، فما لم يخرجاه من الطرق للمتون التي أخرجاها لعله يبلغ هذا القدر أيضاً أو يزيد، وما لم يخرجاه من المتون من الصحيح الذي لم يبلغ شرطهما لعله يبلغ هذا القدر أيضاً أو يقرب منه، فإذا انصاف إلى ذلك ما جاء من الصحابة والتابعين تمت العدة التي ذكر البخاري أنه يحفظها، بل ربما زادت على ذلك، فصحت دعوى ابن الأخرم: إن الذي يفوتهما من الحديث الصحيح قليل، يعني مما يبلغ شرطهما، بالنسبة إلى ما خرجاه " (2).
قلت: وهذا الذي جاء عن حفظ البخاري، ذكر عن غيره ما يشبهه أو يزيد عليه، كالذي قيل في مقدار حفظ أحمد بن حنبل، وأبي زرعة الرازي، لكنه جميعاً إخبار عن حفظ الواحد من هؤلاء الأئمة، لا عن مجموع أسانيد الحديث.
والشأن في كثرة الأحاديث المروية كما قال محمد بن أحمد بن جامع الرازي: سمعت أبا زرعة وقال له رجل: يا أبا زرعة، أليس يقال: حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث؟ قال: " ومن قال ذا؟! قلقل الله أنيابه، هذا قول الزنادقة، ومن يحصي حديث رسول الله؟ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مئة ألف وأربعة عشرة ألفاً من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه "(3).
قلت: أما إذا قال القائل: يمكن ضبط السنن الصحيحة المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم بالعدد، فهذا صحيح، فإن ذلك يقل خروجه عن الكتب الستة الأمهات، فإذا ضممت إليها " المسند " لأحمد بن حنبل، ندر من السنن ما يخرج عنها، وذلك النادر يمكن تتبعه من سائر كتب الحديث.
(1) يعني على ما ذكره قبل هذا النص: أن عدة ما في البخاري بالمكرر (7275) حديثاً، وعدة ما في مسلم بالمكرر أيضاً (12000) حديثاً.
(2)
النكت على ابن الصلاح، لابن حجر (1/ 297 _ 298).
(3)
أخرجه الخطيب في " الجامع "(رقم: 1894) وتكلمت عن إسناده في (القسم الأول) عند الكلام عن الصحابة .......