الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقرئ وشيخه سعيد من ثقات المصريين ومتقنيهم، وقد بينا السماع، على أنهما لم يعرفا بتدليس، وأبو مرحوم هذا مصري لا بأس به، أطلق ابن معين تضعيفه بعبارة مجملة فسرتها عبارة النسائي فيه، قال:" أرجو أنه لا بأس به "، وهذا هو الصدوق الذي في حفظه لين، والذي يحسن حديثه بعد النظر والتحري، وشيخه سهل هذا لا بأس به إذا روى عنه من يعتد به، وأبوه معاذ الجهني صحابي، فحيث أثبت التحري أن هذين الصدوقين أبا مرحوم وسهلاً رويا ما له أصل من حديث غيرهما، فحديثهما حسن.
تطبيق للحديث الحسن لغيره:
أخرج ابن حبان وغيره (1)، من حديث الصلت بن مسعود، قال: حدثنا مسلم بن خالد، قال: حدثنا شريك بن أبي نمر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس للنساء وسط الطريق ".
فهذا الحديث بهذا الإسناد ليس بالقوي، اختل فيه من شروط القبول شرط الضبط في أحد رواته، وهو مسلم بن خالد، وهو المعروف بالزنجي، كان سيء الحفظ، ضعيفاً فيما يتفرد به.
لم نجد بعد النظر في الإسناد علة سوى ذلك، فقلنا: ما نخشاه من سوء حفظ مسلم فجائز أن يندفع بالوقوف على الحديث لفظاً أو معنى من غير طريقه.
فوجدنا الحديث أخرجه الدولابي وغيره (2) من طريق محمد بن يوسف
(1) صحيح ابن حبان (12/ 415 _ 416 رقم: 5601). وأخرجه ابن أبي عاصم في " كتاب الديات "(ص: 190) وابنُ عدي في " الكامل "(5/ 9) ومن طريقه: البيهقي في " الشعب "(6/ 174 رقم: 7823) من طريق الصلْت، به.
(2)
أخرجه الدولابي في " الكنى والأسماء "(رقم: 273) والبيهقي في " الشعب "(رقم: 7821) وله عنده متابعة هاشم بن القاسم لسُفيان عن ابن أبي ذئب .......
الفريابي، عن سفيان الثوري، عن ابن أبي ذئب، عن الحارث بن الحكم، عن أبي عمرو بن حماس، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ليس للنساء سراة الطريق ".
والسراة فسرها بعض الرواة: وسط الطريق.
وهذه طريق ثابته إلى ابن أبي ذئب.
لكن أدخل مرة بينه وبين الحارث: ابن شهاب الزهري، كما أخرجه الطبراني بإسناد فيه لين (1)، ولو صحت الزيادة فالزهري هو الحافظ الإمام، والحارث بن الحكم هو الضمري يعتبر بحديثه، صالح للاعتبار، لم يجرح، ووثقه ابن حبان (2)، وإن كان المحفوظ رواية ابن أبي ذئب عنه لا الزهري، فابن أبي ذئب لم يكن يروي إلا عن ثقة سوى رجل واحد، ليس الحارث بن الحكم به، وابن حماس غير مشهور، ففيه لين بهذا الاعتبار، ثم إن شرط الاتصال إلى منتهى الإسناد قد تخلف، فهذا مرسل، ولم يصب من جعل لابن حماس صحبة.
وقد روي من طريق ابن حماس متصلاً بإسناد دون هذا.
أخرجه أبو داود وغيره (3) من طريق عبد العزيز بن محمد الداروردي، عن أبي اليمان الرحال، عن شداد بن أبي عمرو بن حماس، عن أبيه، عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري، عن أبيه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو
(1) في " المعجم الأوسط "(4/ 34 رقم: 3042).
(2)
الثقات (6/ 172).
(3)
هو في " سنن أبي داود "(رقم: 5272)، وأخرجه كذلك: البيهقي في " الآداب "(رقم: 971) و " الشعب "(رقم: 7822) والمزي في " التهذيب "(12/ 401 _ 402) جميعاً من طريق الدراوَرْدي به.
وللمزي أيْضاً من طريق الدراوردي عن أبي اليمان عن شداد عن أبي أسيد، باللفظ المختصر، أسْقط من إسناده السابق رجلين، وهو راجعٌ إلى نفس العلة.
خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء:" استأخرن، فإنه ليس لكن أن تَحْقُقْنَ (1) الطريق، عليكن بحافات الطريق "، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به.
قلت: وهذه مخالفة في الإسناد ضعيفة، وسياقٌ مفصل لا يشهد له اللفظ المتقدم لاختصاره، وإن كان معناه متضمن فيه بصيغة أدنى في شدة الحكم.
أما ضعفها فمن جهة أن أبا اليمان هذا غير مشهور، وشداداً شيخه مجهول.
فالعبرة برواية ابن حماس المرسلة، فهي العاضد الذي يدفع عن رواية مسلم بن خالد أثر سوء حفظه، وبها يكون حديث أبي هريرة حسناً.
***
(1) قال ابن الأثير: " هو أن يركبن حُقها، وهو وسَطها "(النهاية 1/ 415) .......