الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث:
الحديث المقلوب
وهو ثلاث صور بحسب القلب، منها يتبين معناه:
الصورة الأولى: قلب في الإسناد
.
وهو أن يقلب الراوي اسم راو في الإسناد فيقول مثلاً: (معاذ بن سعد) بدل (سعد بن معاذ)، أو (مرة بن كعب) بدل (كعب بن مرة) .......
فإن كان الاسم لواحد لم يؤثر ويكون خطأ ممن قلبه، أما إن كان صيره بالقلب رجلاً آخر، فلا يشكل على صحة الرواية إذا كانا ثقتين أو ضعفها إذا كانا ضعيفين، إنما يقدح فيها لو كان أحدهما ثقة والآخر ضعيفاً، ويعل بذلك الإسناد، فيكون الوصف بالقلب بسبب خطأ الراوي حكماً على الحديث بالضعف.
كما وقع لعبد العزيز بن محمد الدراوردي، قال أحمد بن حنبل:" ما حدث عن عبيد الله بن عمر، فهو عن عبد الله بن عمر "، وفي رواية:" ربما قلب حديث عبد الله العمري، يرويه عن عبيد الله بن عمر "(1).
قلت: الدراوردي سمع من عبيد الله بن عمر العمري وهو ثقة، وسمع
(1) أخرجه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل "(2/ 2 / 395، 396).
من عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف، فكان ربما قلب أحاديث عبد الله فجعلها عن عبيد الله، مما أوقعه في رواية المنكرات عن عبيد الله، والتي أصلها أحاديث عبد الله، فصار حديثه ضعيفاً عن عبيد الله، وإن كان الدراوردي ثقة في غيره.
ومن مثال وقوع ذلك من الراوي دون أن يقدح في نفس حديثه وإن كان خطأ منه، من أجل قلبه من ثقة إلى ثقة، قول الحافظ يحيى بن محمد بن صاعد:" انقلبت على إبراهيم بن صرمة نسخة ابن الهاد، فجعلها عن يحيى بن سعيد في الأحاديث كلها "، قال:" انقلبت عليه وكان عنده عن ابن الهاد عن عبد الله بن دينار، فقال: عن يحيى بن سعيد عن ابن دينار، في الأحاديث كلها "(1).
قلت: فلو سلم ابن صرمة من جرح سوى وقوع هذا منه، لما أضر في روايته؛ من أجل العلم بكونها في الأصل عن ثقة، وهو قد انتقل بها من ثقة إلى ثقة، لكن الرجل ضعيف.
ومن أسوأ أمثلة القلب: ما نقله ابن أبي حاتم، قال: سئل أبو زرعة عن حديث رواه ابن المبارك، عن عنبسة بن سعيد، عن الشعبي، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يستقاد من الجرح حتى يبرأ "؟ قال أبو زرعة: " هو مرسل مقلوب " (2).
يعني أبو زرعة أن صوابه: (ابن المبارك عن عنبسة بن سعيد عن جابر عن الشعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذا قلب مفسد جداً، ليس في تصيير المرسل موصولاً فقط؛ إذ الشعبي تابعي، بل جابر هذا في حال الوصل هو جابر بن عبد الله الأنصاري
(1) نقله ابن عدي في " الكامل "(1/ 408).
(2)
علل الحديث، لابن أبي حاتم (رقم: 1371) .......