الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخطأ، بل هي أخبار متصلة، إلا أن تكون معنعنة، فتحمل على مظنة التدليس.
وكذلك، ثبت سماع ابن جريج من عبد الله بن طاوس لغير الحديث المذكور (1).
وأما مجاهد، فقد روى ابن جريج عنه كثيراً في التفسير، لكنها مدلسة عن ثقة معروف، كما قال ابن حبان:" ما سمع التفسير عن مجاهد غير القاسم بن أبي بزة. نظر الحكم بن عتيبة وليث بن أبي سليم وابن أبي نجيح وابن جريج وابن عيينة في كتاب القاسم، ونسخوه، ثم دلسوه عن مجاهد "(2).
طبقات المدلسين:
وباعتبار ما تقدم بيانه وترجيحه من مذاهب أهل العلم في رواية من ذكر أو اشتهر بالتدليس، فإن مما يساعد لمعرفة المدلسين اعتبار تقسيمهم إلى طبقات، بحسب من يقدح وصفه به في رواياته ومن لا بقدح.
وقد ذهب جماعة من متأخرين الحفاظ إلى تقسيمهم إلى خمس طبقات:
الأولى: من لم يوصف به إلا نادراً، بحيث إنه لا ينبغي عده فيهم، مثل: يحيى بن سعيد الأنصاري، وهشام بن عروة.
(1) ووجدت النص عن يحيى القطان قد حدَّث به يحيى بن مَعين عنه في " تاريخه "(النص: 543) وفيه: (طاوس) لا (ابن طاوس)، وكذلك في نسخه من " التقدمة " لابن أبي حاتم، كما في الهامش، فإن كان كذلك فإن ابن جريج روى عن طاوس شيئاً معنعناً.
(2)
مشاهير علماء الأمصار (ص: 146)، ونحوه في " الثقات "(7/ 331). وعدم سماع ابن جريج التفسير من مجاهد هو قول يحيى القطان، كما نقله عنه يحيى بن معين في " تاريخه " (النص: 4499) .......
والثانية: من احتمل الأئمة تدليسه، واحتج به أصحاب الصحيح وإن لم يبين السماع، لإمامته، أو قلة تدليسه، أو لكونه لا يدلس إلا عن ثقة، مثل: الزهري، والأعمش، وسفيان الثوري.
قلت: الإمامة ليست معياراً لقبول حديثه لو كان كثير التدليس، فابن جريج إمام، لكن لا تقبل عنعنته لكثرة تدليسه، سوى ما يرويه عن عطاء والتفسير عن مجاهد.
والثالثة: من توقف فيهم جماعة من العلماء، فلم يحتجوا إلا بما بينوا فيه السماع، مثل: أبي إسحاق السبيعي، وأبي الزبير المكي.
والرابعة: من اتفقوا على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم، إلا بما بينوا فيه السماع، لغلبة ذلك منهم، وكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجهولين، مثل: محمد بن إسحاق، وبقية بن الوليد.
والخامسة: من ضعفوا بأمر آخر مع جرحهم بالتدليس، مثل: أبي سعد البقال.
هذه القسمة والتمثيل للحفاظ العلائي بتصرف، وهي أدق وألصق بالمذاهب المنقولة عن السلف من قسمة من جاء بعده (1).
لكن محاكمة من أطلقت فيه العبارة من أولئك الرواة يحتاج إلى تحرير في حق كل راو مذكور به على سبيل الاستقلال، بمنزلة تحرير ألفاظ الجرح والتعديل فيه، لما تقدم بيانه من كون إطلاق اسم التدليس على الراوي إنما هو من قبيل الجرح المجمل.
وكثير من المتأخرين من العلماء وطلبة هذا العلم صاروا إلى تقليد ابن حجر فيمن سماهم في " طبقات المدلسين " من تأليفه، وسلموا له بمجرد إيراده للراوي فيما اصطلحه (الطبقة الثالثة) وما بعدها لرد حديثه بمجرد
(1) جامع التحصيل (ص: 130 _ 131).