الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به حديث الراوي، وإلا فإطلاقه لا بجري على الأصول، فإن الجماعة قد تعدل الراوي، ويطلع واحد من أهل الاختصاص على كذبه، فهذا عندهم في التحقيق كاف لإسقاط جميع روايته.
والثاني:
صلاحية نفس الحديث
.
فيعتبر بكل ما لم يثبت أنه: كذب، أو منكر، أو خطأ.
فيصح الاعتبار بما يلي:
أولاً: المنقطع.
ثانياً: المرسل.
ثالثاً: المعضل بسقط اثنين، وذلك فيما يرفعه صغار التابعين أو كبار أتباع التابعين (1)، فإن طال السقط، أو كان في الطبقات المتأخرة فلا ينبغي الاعتداد به؛ لقوة مظنة الوهاء بتتابع العلل، أو من أجل تساهل متأخري الرواة فيمن يحملون عنهم.
رابعاً: حديث المدلس الذي عنعن فيه، أو ثبت تدليسه فيه، ما لم يرجع تدليسه فيه إلى متروك الحديث أو متهم بالكذب.
خامساً: المرسل إرسالاً خفياً.
ولا يصح الاعتبار بما يلي:
أولاً: المعلق حتى يوقف على إسناده، إذ المعلقات ترجع في الأصل إلى الأسانيد، فإن لم يوقف له على إسناد نزل منزلة ما لا أصل له.
ثانياً: المقلوب.
(1) قال الخطيب: " حكم المعضل مثل حكم المرسل في الاعتبار به فقط "(الجامع لأخلاق الراوي 2/ 191).
ثالثاً: المصحف.
رابعاً: المدرج.
خامساً: الشاذ.
سادساً: المعلل المتعين خطؤه.
وهذه لا يعتبر بها من أجل كون الراجح فيها الخطأ، والحديث إذا تبين أنه خطأ فإنه لا يصلح الاعتداد به، إذ الخطأ لن يكون صواباً.
سابعاً: المنكر.
ووجه سقوط الاعتبار به أنه لا يخلو من أن تكون نكارته بسبب المخالفة من الراوي الضعيف، وهذه مرجوحة خطأ، ولا يعتبر بالخطأ.
أو أن تكون نكارته بسبب التفرد، فيخرج عن هذه المسألة؛ لأن الاعتبار إنما يكون بما يوجد له الموافق.
وربما جاءت النكارة بسبب التدليس عن متروك أو متهم.
ثامناً: الموضوع (1).
وعدم الاعتبار بما ثبت أنه كذب أو منكر، ظاهر، وإن تعددت له
(1) قال ابن الصلاح في توكيد طرفٍ مما بينته هنا: " ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه، بل ذلك يتفاوت: فمنه ضعف يزيله ذلك، بأن يكون ضعفه ناشئاً من ضعف حفظ راويه، مع كونه من أهل الصدق والديانة، فإذا رأينا مارواه قد جاء من وجهٍ آخر عرفنا أنه مما قد حفظه، ولم يختلَّ فيه ضبطه له.
وكذلك إذا كان ضعْفه من حيث الإرسال، زال بنَحو ذلك، كما في المرسل الذي يُرسله إمامٌ حافظٌ، إذْ فيه ضعْفٌ قليلٌ يزول بروايته من وجهٍ آخر.
ومن ذلك ضعْفٌ لا يزول بنحو ذلك؛ لقوَّة الضعف وتقاعد هذا الجابر عن جبْره ومُقاومته، وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي مُتهماً بالكذب، أو كون الحديث شاذًّا ". (علوم الحديث، ص: 34) .......
الطرق وكثرت، فلا تعني كثرتها في التحقيق شيئاً؛ لجواز التواطؤ من قبل الكذابين والمتهمين على تنويع الأسانيد للحديث الواحد، فربما نتج تعدد الطرق عن رواية رجل من الضعفاء، عرف بذلك الحديث، فسرقه المتهمون وتداولوه بينهم، يسرقه بعضهم من بعض.
وجائز أن يكون الضعيف الذي ترجع إليه جميع الطرق ممن يعتبر به، ولكن ليس في تلك الطرق ما يشده؛ لوهائها.
وهذا لا يتقى إلا بتمييز ما كان يصلح للاعتبار بحسب رواته من جهة حفظهم وأنهم لم يبلغوا الترك، والسلامة من العلة القادحة في الإسناد أو المتن.
وأمثلة ما لا تعتد به من تعدد الطرق كثيرة.
مثل حديث: " من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من أمر ديناه، بعثه الله يوم القيامة فقيهاً "، فهذا روي من حديث ثلاثة عشر رجلاً من الصحابة، بأسانيد كثيرة كلها واهية ساقطة (1).
وحديث " زر غبا تزدد حبا "، روي من حديث أبي هريرة وأبي ذر وحبيب بن سلمة وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله وعائشة أم المؤمنين، وكلها واهية الأسانيد، وما كان فيه بعض النفس فإنه يفتقر إلى ما يشده.
وقال الزيلعي في شأن أحاديث الجهر بالبسملة في الصلاة: " وأحاديث الجهر وإن كثرت رواتها، لكنها كلها ضعيفه، وكم من حديث كثرت رواته وتعددت طرقه، وهو حديث ضعيف، كحديث الطير (2)، وحديث الحاجم
(1) شَرحت علله في جزء " التبيين لطُرق حديث الأربعين ".
(2)
هوَ ما رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بطيْرٍ، فقال:" اللهم ائْتني بأحبِّ خلْقك إليْك يأكل معي من هذا الطير "، فجاء عليٌّ، فأكل معه. الحديث. انظر طُرقه في " العلل المتناهية " لابن الجوزي (1/ 225 _ 234).