المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السادس:الحديث الشاذ - تحرير علوم الحديث - جـ ٢

[عبد الله الجديع]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالثالنقد الخفي

- ‌الفصل الأولالمراد بالنقد الخفِيِّ وبيانمنزلته وتعيينُ محلَّه

- ‌المبحث الأول:معنى النقد الخفي

- ‌طريقةُ النُّقَّاد فيما يسمَّى (علّة):

- ‌المبحث الثاني:منزلة هذا العلم والطريق إليه

- ‌المبرّزون من أئمة الحديث في معرفة علله:

- ‌هل انتهى الزمن الذي يمكن فيه تمييز العلل الخفية للأحاديث

- ‌المبحث الثالث:تحديد إطار النقد الخفيِّ

- ‌الصورة الأولى: ما أطلق عليه مسمى (العلة) وليس من هذا الباب

- ‌الصورة الثانية: ما أطلق عليه مسمى (العلة) ولا أثر له على ثبوت الحديث

- ‌الصورة الثالثة: ما أطلق عليه مسمى (العلة)، وهو من العلل الظاهرة

- ‌الصورة الرابعة: ما أطلق عليه مسمى (العلة)، وهو صواب

- ‌الفصل الثانيأسباب التَّعليل من خلالمنهج النُّقَّاد

- ‌المبحث الأول:التعليل بالتَّفرُّد

- ‌مسألتان متممتان لمبحث التفرد:

- ‌المبحث الثاني:التعليل بالزيادة

- ‌الأصل الأول: محل وقوع زيادات الثقات

- ‌أولاً: وصل المرسل

- ‌ثانياً: رفع الموقوف

- ‌ثالثاً: الزيادة خلال الإسناد

- ‌الصورة الأولى: زيادة راوٍ خلال الإسناد في موضع عنعنة

- ‌الصورة الثانية: المزيد في متصل الأسانيد

- ‌الصورة الثالثة: زيادة ذكر التحديث والسماع بدل العنعنة

- ‌رابعاً: الزيادة في متن الحديث

- ‌خامساً: الإدراج

- ‌الأصل الثاني: الحكم في زيادة الثقة

- ‌القسم الأول: زيادة الثقة في الإسناد:

- ‌القسم الثاني: زِيادة الثقة في المتن

- ‌المبحث الثالث:التعليل بالمخالفة

- ‌النوع الأول: الشذوذ

- ‌النوع الثاني: مُخالفة القرآن

- ‌النوع الثالث: مخالفة المعروف من السنن النبوية

- ‌النوع الرابع: مخالفة المحسوس

- ‌النوع الخامس: مخالفة العقل

- ‌خلاصة هذا المبحث:

- ‌المبحث الرابع:التعليل بالاختلاف

- ‌معنى الاختلاف على الراوي:

- ‌القسم الأول: اختلاف غير قادح

- ‌القسم الثاني: اختلاف قادح

- ‌الصورة الثانية: الاضطراب

- ‌المبحث الخامس:التعليل بالغلط

- ‌الصورة الأولى: دخول حديث في حديث

- ‌الصورة الثانية: التصحيف في الأسانيد والمتون

- ‌الصورة الثالثة: القلب:

- ‌المبحث السادس:التعليل بالتدليس

- ‌الفصل الثالثقوانين ضبط عمليةتعليل الأحاديث

- ‌المبحث الأولعلم التخريج

- ‌تفسير علم التخريج:

- ‌التخريج بمعنى جمع الطرق والألفاظ:

- ‌من القواعد الواجب اعتبارها في علم التخريج

- ‌أولاً: ملاحظة ألفاظ الإحالة ودلالاتها

- ‌ثالثاً: الأخذ من نسخة مروية بإسناد واحد

- ‌المبحث الثاني:علامات لكشف العلة من منهج المتقدمين

- ‌أولاً: أن يأتي أحد وجهي الرواية على الجادة، والآخر خارجاً عنها

- ‌رابعاً: أن يأتي الحديث موافقاً للمنقول عن أهل الكتاب

- ‌خامساً: أن يكون الثقة يرجع إلى أصول، ولا يوجد ذلك الحديث في أصوله

- ‌سادساً: أن يثبت عن راوي الحديث ترك عمله به، أو ذهابه إلى خلافه

- ‌المبحث الثالث:مقدمات أساسية لكشف العلة الخفية

- ‌المقدمة الأولى: تمييز مراتب الرواة الثقات

- ‌المقدمة الثانية: حفظ الأسانيد المعروفة الصحة، والأسانيد المعللة

- ‌المقدمة الثالثة: تمييز المراسيل، ومن كان معروفاً بالإرسال

- ‌المقدمة الرابعة: تمييز ما يدخل على أحاديث بعض الثقات، وهماً أو تعمداً

- ‌المقدمة الخامسة: تمييز التدليس، ومعرفة ما يقع من بعض الثقات من تدليس الأسماء

- ‌المقدمة السادسة: تمييز بلدان الرواة، ومعرفة ما يتفردون به من السنن

- ‌المقدمة السابعة: تمييز المتشابه من الأسماء والكنى والألقاب

- ‌المقدمة الثامنة: تمييز المقلين من الرواة والمكثرين

- ‌المقدمة التاسعة: تمييز أصح ما يروى في الباب

- ‌المقدمة العاشرة: تمييز الأبواب التي لا يثبت فيها حديث

- ‌المقدمة الحادية عشرة: تفقد صيغ التحمل والأداء

- ‌المقدمة الثانية عشرة: تمييز الإدراج للألفاظ في سياقات المتون

- ‌القسم الثانيأصناف الحديثمن جهة القبول والرد

- ‌الباب الأولالحديث المقبول

- ‌الفصل الأولالحديث الصحيح

- ‌المبحث الأولتعريف الحديث الصحيح

- ‌المراد بشروط صحة الحديث على سبيل الإجمال:

- ‌الشرط الأول: اتصال السند

- ‌الشرط الثاني: عدالة الرواة

- ‌الشرط الثالث: ضبط الرواة

- ‌الشرط الرابع: السلامة من العلل المؤثرة

- ‌المبحث الثاني:تطبيق لإظهار تحقق شروط الحديث الصحيح

- ‌المبحث الثالث:نقد تعريفات الصحيح

- ‌المبحث الرابع:الحديث الصحيح في اصطلاح الترمذي

- ‌الفصل الثانيالحديث الحسن

- ‌المبحث الأول:تعريف الحديث الحسن

- ‌الترمذي و (الحديث الحسن):

- ‌المبحث الثاني:تاريخ هذا (المصطلح)

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث الثالث:تطبيق لتحقيق شروط حسن الحديث

- ‌تطبيق للحديث الحسن لذاته:

- ‌تطبيق للحديث الحسن لغيره:

- ‌الفصل الثالثمباحث في الصحيح والحسن

- ‌المبحث الأول:الكتب في الحديث الصحيح

- ‌ طريقة الشيخين في تخريج حديث من تكلم فيه من الرواة

- ‌المبحث الثاني:ذكر المصنفات المسماة بـ (الصحاح)غير كتابي الشيخين

- ‌1 _ صحيح ابن خزيمة

- ‌2_ صحيح ابن حبان

- ‌3 _ المستدرك على الصحيحين

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث الثالث:الأحاديث المعلقات في " صحيح البخاري

- ‌إطلاق مصطلح (المعلق):

- ‌سبب تعليق الحديث:

- ‌تنبيهان:

- ‌تتمة في مسائل تتصل بالمعلقات:

- ‌المبحث الرابع:السنن الأربعة والمسندأعظم دواوين السنة بعد الصحيحين

- ‌شرط أبي داود في (سننه):

- ‌شرط الترمذي في " سننه

- ‌شرط النسائي في " سننه

- ‌شرط ابن ماجة في " سننه

- ‌شرط أحمد في " المسند

- ‌المبحث الخامس:المستخرجات على " الصحيحين

- ‌فوائد المستخرجات:

- ‌من أمثلة المستخرجات على " الصحيحين

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث السادس:أين يوجد الحديث الصحيح في غيرالكتب الموسومة بالصحة

- ‌المبحث السابع:تصحيح الحديث على شرط الصحيح

- ‌ شرط البخاري

- ‌شرط مسلم

- ‌الواجب اعتباره لفهم شرط الشيخين فيما انتقياه

- ‌المبحث الثامن:مسائل في الحديث الصحيح والحسن

- ‌المسألة الأولى: الحديث الصحيح والحسن كلاهما حجة

- ‌المسألة الثانية: درجات الصحة تتفاوت في القوة بحسب القرائن

- ‌المسألة الثالثة: هل صحة الإسناد توجب صحة الحديث

- ‌المسألة الرابعة: قولهم في الحديث: (رجاله ثقات) هل يعني الصحة

- ‌المسألة الخامسة: عدد الحديث الصحيح

- ‌المسألة السادسة: قولهم: (أصح شيء في الباب)

- ‌المسألة السابعة: أصح الأسانيد

- ‌المسألة الثامنة: قولهم: (حديث جيد)

- ‌المسألة التاسعة: أين يوجد الحديث الحسن

- ‌المسألة العاشرة: أوصاف للحديث تفيد القبول

- ‌المسألة الحادية عشرة: استدلال العالم بحديث، هل يعني تصحيحه له

- ‌الباب الثانيالحديث المردود

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأولألقاب الحديث الضعيفبسبب عدم الاتصال

- ‌المبحث الأولالحديث المنقطع

- ‌الصورة الثانية: أن يكون بدل السقط إبهام لراو

- ‌سبب إبهام الراوي:

- ‌كيف يثبت الانقطاع

- ‌المبحث الثاني:الحديث المعضل

- ‌طريق معرفة المعضل:

- ‌المبحث الثالث:الحديث المرسل

- ‌نقد تعريفات المرسل:

- ‌مثال المرسل:

- ‌طريق تمييز المرسل:

- ‌المبحث الرابع:مسائل في الانقطاع والإرسال

- ‌المسألة الأولى: تداخلُ استعمال مصطلح (المنقطع) في (المرسل) عند السلف:

- ‌المسألة الثانية: المفاضلة بين المراسيل

- ‌القول في مراسيل سعيد بن المسيب:

- ‌قولهم في مراسيل عروة بن الزبير:

- ‌قولهم في مراسيل الحسن البصري:

- ‌قولهم في مراسيل جماعة آخرين:

- ‌المسألة الثالثة: حكم الحديث المرسل:

- ‌المسألة الرابعة: رواية الصحابي ما لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس:الحديث المدلس

- ‌النوع الأول: تدليس الوصل

- ‌القسم الأول: تدليس الإسناد

- ‌القسم الثاني: تدليس التسوية

- ‌سبب وقوع التدليس في الإسناد:

- ‌النوع الثاني: تدليس الأسماء

- ‌تحرير الفرق بين (التدليس) و (الإرسال الخفي):

- ‌تاريخ التدليس:

- ‌مذاهب أهل العلم في خبر المدلس:

- ‌الترجيح:

- ‌تنبيه:التهمة للثقة بالتدليس دون دليل من قبيل الجرح المبهم

- ‌كيف يعرف التدليس

- ‌طبقات المدلسين:

- ‌فائدة في الرواة الوارد عليهم مظنة التدليس:

- ‌الصيغة التي يندفع بها التدليس عن الموصوف به:

- ‌تتمة في مسائل في التدليس:

- ‌الفصل الثانيألقاب الحديث الضعيفبسبب جرح الراوي

- ‌المبحث الأول:حديث المجهول

- ‌المبحث الثاني:الحديث اللين

- ‌المبحث الثالث:الحديث المقلوب

- ‌الصورة الأولى: قلب في الإسناد

- ‌الصورة الثانية: قلب في المتن

- ‌الصورة الثالثة: التحول من حديث إلى حديث

- ‌المبحث الرابع:الحديث المصحف

- ‌طريق معرفة التصحيف أو التحريف في الرواية:

- ‌المبحث الخامس:الحديث المدرج

- ‌القسم الأول: مدرج الإسناد

- ‌القسم الثاني: مدرج المتن

- ‌طريق معرفة الإدراج:

- ‌المبحث السادس:الحديث الشاذ

- ‌ زيادات الثقات

- ‌ المزيد في متصل الأسانيد

- ‌المبحث السابع:الحديث المعلل

- ‌المبحث الثامن:الحديث المضطرب

- ‌المبحث التاسع:الحديث المنكر

- ‌تفسير مصطلح (المنكر) في كلام المتقدمين:

- ‌المبحث العاشر:الحديث الموضوع

- ‌بداية ظهور الكذب في الحديث:

- ‌أسباب تعمد وضع الحديث:

- ‌السبب الأول: الطعن على الإسلام، والتشكيك فيه

- ‌السبب الثاني: نصرة الأهواء:

- ‌السبب الثالث: الترغيب في الأعمال الصالحة

- ‌السبب الرابع: الرغبة في استمالة السامعين

- ‌مصادر المتون الموضوعة:

- ‌مسائل في الموضوع:

- ‌المسألة الأولى: مصطلح (حديث لا أصل له)

- ‌المسألة الثالثة: الكتب المؤلفة في تمييز الأحاديث الموضوعة

- ‌المسألة الرابعة: مما يساعد على تمييز الموضوع في الحديث: معرفة أبواب مخصوصة

- ‌الفصل الثالثحكم الاعتباربالحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول:تفسير الاعتبار

- ‌المبحث الثاني:تمييز ما يصلح للاعتبار

- ‌ صلاحية الراوي

- ‌ صلاحية نفس الحديث

- ‌تنبيه:الاعتبار بالطرق المرجوحة التي دل النظر على أنها خطأ، لا يصح

- ‌المبحث الثالث:تقوية الحديث بتعدد الطرق

- ‌الشرط الأول: أن يكون حديثاً له نفس درجة المجبور به من جهة من يضاف إليه

- ‌الشرط الثاني: أن يكون في أدنى درجاته مما يصلح الاعتبار به

- ‌مناقشة قول الشافعي فيما يتقوى به المرسل:

- ‌الشرط الرابع: أن يوجد فيه معنى المجبور به إن لم يطابقه في لفظه

- ‌الفصل الرابعاستعمالالحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول:حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف

- ‌المبحث الثاني:الحديث الضعيف في فضائل الأعمال

الفصل: ‌المبحث السادس:الحديث الشاذ

‌المبحث السادس:

الحديث الشاذ

الشذوذ هو: مخالفة الثقة في روايته لمن هو أقوى منه، وقعت المخالفة في المتن أو السند.

والأقوى منه قد يكون ثقة آخر، وقد يكون عدداً حاصلاً بمجموعهم رجحان إتقانهم على إتقانه.

كما أنه إذا وقع فقد يكون في سند أو بعض سند، ومتن أو بعض متن.

وقد عرفه الشافعي بقوله: " ليس الشاذ من الحديث: أن يروي الثقة حديثاً لم يروه غيره، إنما الشاذ من الحديث: أن يروي الثقات حديثاً، فيشذ عنهم واحد، فيخالفهم "(1).

وعرفه الحاكم بقوله: " حديث يتفرد به ثقة من الثقات، وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة "(2).

(1) أخرجه ابن أبي حاتم في " آداب الشافعي ومناقبه "(ص: 233) بإسناد صحيح ، ونحوه (ص: 234).

(2)

معرفة علوم الحديث (ص: 119)، وفي سؤالات مسعود السجزي له (النص: 150) قال: " بهْز بن حكيم بن معاوية بن حيْدة القشيري من ثقات البصريين ممن يُجمع حديثه، وإنما أسقط من الصحيح روايته عن أبيه عن جده؛ لأنها شاذةٌ لا مُتابع لها في الصحيح ". قلت: بل لم يُخرجاها لأنها دون شرطهما في القوة، وإلا فهي جيدة قوية .......

ص: 1018

ثم استدل بتعريف الشافعي للشاذ، وبين التعريفين مفارقة، وهي أن الشافعي اشترط لصحة الوصف بالشذوذ المخالفة من قبل الثقة، واقتصر الحاكم على مجرد تفرد الثقة بما لم يأت عن غيره.

والتحقيق أن تعريف الشافعي يبطل تعريف الحاكم الذي استشهد به، فإنه نفى أن يكون الشذوذ تفرد الثقة، والحاكم يجعله تفرد الثقة، وأكده بالمثال الذي مثل به، وهو حديث معاذ بن جبل في جمع الصلاتين في غزوة تبوك، وهو حديث لم تأت في إسناده ولا في متنه مخالفة من ثقة، ولكنه حديث فرد.

والحاكم حكم عليه بالشذوذ، بل زعم أن الحديث موضوع، مع أنه قال:" لا نعرف له علة نعلله بها "(1).

والتحقيق: أن تفرد الثقة بحديث من غير مخالفة لا يعد من الشذوذ، بل وقوع المخالفة شرط في الشذوذ، أو ما ينزل منزلة المخالفة، كزيادة الثقة المتوسط الرفع أو الوصل وليس محله في الإتقان محل من تسلم زيادته على من لم يأت بها، هذه هي القاعدة (2).

مثال الشذوذ في الإسناد:

حديث حماد بن سلمة، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن يزيد الخطمي، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل، ويقول:" اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك "(3).

(1) معرفة علوم الحديث (ص: 120).

(2)

انظر الكلام حول التفرد في (النقد الخفي).

(3)

أخرجه ابن أبي شيبة (4/ 386) وأحمد (6/ 144) والدارمي (رقم 2127) وأبو داود (رقم: 2134) والترمذي في " الجامع "(رقم: 1140) و " العلل "(1/ 448) والنسائي (رقم: 3943) وابن ماجة (رقم: 1971) وابن أبي حاتم في " العلل "(رقم: 1279) والطحاوي في " شرح المشْكل "(رقم: 232، 233) وابن حبان (رقم: 4205) والحاكم (2/ 187 رقم: 2761) والبيهقي في " الكبرى "(7/ 298) والخطيب في " الموضع لأوهام الجمع والتفريق "(2/ 107) من طرق عن حماد بن سلمة، بإسناده به.

ص: 1019

حماد بن سلمة ثقة، لكنه تفرد بوصل هذا الحديث.

قال أبو زرعة الراوي: " لا أعلم أحداً تابع حماداً على هذا "(1).

قلت: خالفه حماد بن زيد وإسماعيل بن علية وعبد الوهاب الثقفي، فقالوا: عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث (2).

وهذه رواية مرسلة، وحماد بن زيد وابن علية وعبد الوهاب كل واحد منهم أوثق من حماد بن سلمة، فكيف بهم مجتمعين؟.

فلذا حكم جماعة من الحفاظ بترجيح روايتهم المرسلة.

فرجح أبو زرعة الرازي الإرسال.

وقال الترمذي بعد ذكر مخالفة حماد بن زيد وغير واحد لابن سلمة: " وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة "، وكان في " العلل " سأل البخاري عنه؟ فأشار إلى تعليله بإرسال حماد بن زيد له.

وكذلك أعقبه النسائي بذكر إرسال ابن زيد له، مشيراً إلى علته.

(1) علل الحديث، لابن أبي حاتم (رقم: 1279).

(2)

أخرجه ابن جرير في " تفسيره "(5/ 315) من طريق حماد بن زيد. وابن أبي شيبة (4/ 386) وابنُ سعد في " الطبقات "(8/ 168) عن ابنِ عُلية. وابن جرير أيضاً (5/ 314) من طريق ابنِ عُلية وعبد الوهاب.

وكان قد أخرجه عن عبد الوهاب بواسطة مُحمد بن بشار عنه، بالرواية المرسلة، وأخرجه (5/ 315) عن سُفيان بن وكيع، عن عبد الوهاب، بمثل رواية حماد بن سلمة موصولة، لكن هذه رواية ضعيفة، ابنُ وكيع ضعيف، وخالف ابن بشار الثقة الحافظ عن عبد الوهاب .......

ص: 1020

وحاصله: أن رواية الجماعة (محفوظة) ورواية ابن سلمة (شاذة).

وهذا مثال للشذوذ مع أن وجه المخالفة فيه ليس على معنى المعارضة للرواية الأخرى، وإنما جاء من جهة أن حماد بن سلمة ليس في الإتقان في درجة من يستقل عن الجماعة بزيادة، لما له من الأوهام مع ثقته.

مثال الشذوذ في المتن:

ما رواه همام بن يحيى، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس بن مالك، قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه ".

قال فيه أبو داود: " هذا حديث منكر، وإنما يعرف عن ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ورق، ثم ألقاه، والوهم فيه من همام، ولم يروه إلا همام "(1).

قلت: أراد أبو داود بالمنكر الشاذ؛ لأن مخالفة الثقة شذوذ لا نكارة، وهمام ثقة، لكن هذا معنى اصطلاحي واسع، وإنما ذكرت هذا الحديث مثالاً للتنبيه أيضاً على إطلاقهم النكارة على الشذوذ، بجامع الوهم والخطأ في كلٍّ.

وما ذكره من تفرد همام به بهذا اللفظ صحيح بالنظر إلى وروده من طريق ثقة، وإلا فقد جاء من وجه آخر ضعيف لا يعتبر به.

وقد قال النسائي: " هذا الحديث غير محفوظ "(2)، وهذه العبارة ألصق بالاصطلاح من عبارة أبي داود.

والحديث شاذ لمخالفة سياق متنه لما هو المحفوظ من رواية أصحاب الزهري كيونس بن يزيد الأيلي وشعيب بن أبي حمزة وإبراهيم بن سعد

(1) سنن أبي داود (رقم: 19).

(2)

السنن الكبرى (رقم: 9542).

ص: 1021