المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القسم الثاني: زيادة الثقة في المتن - تحرير علوم الحديث - جـ ٢

[عبد الله الجديع]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالثالنقد الخفي

- ‌الفصل الأولالمراد بالنقد الخفِيِّ وبيانمنزلته وتعيينُ محلَّه

- ‌المبحث الأول:معنى النقد الخفي

- ‌طريقةُ النُّقَّاد فيما يسمَّى (علّة):

- ‌المبحث الثاني:منزلة هذا العلم والطريق إليه

- ‌المبرّزون من أئمة الحديث في معرفة علله:

- ‌هل انتهى الزمن الذي يمكن فيه تمييز العلل الخفية للأحاديث

- ‌المبحث الثالث:تحديد إطار النقد الخفيِّ

- ‌الصورة الأولى: ما أطلق عليه مسمى (العلة) وليس من هذا الباب

- ‌الصورة الثانية: ما أطلق عليه مسمى (العلة) ولا أثر له على ثبوت الحديث

- ‌الصورة الثالثة: ما أطلق عليه مسمى (العلة)، وهو من العلل الظاهرة

- ‌الصورة الرابعة: ما أطلق عليه مسمى (العلة)، وهو صواب

- ‌الفصل الثانيأسباب التَّعليل من خلالمنهج النُّقَّاد

- ‌المبحث الأول:التعليل بالتَّفرُّد

- ‌مسألتان متممتان لمبحث التفرد:

- ‌المبحث الثاني:التعليل بالزيادة

- ‌الأصل الأول: محل وقوع زيادات الثقات

- ‌أولاً: وصل المرسل

- ‌ثانياً: رفع الموقوف

- ‌ثالثاً: الزيادة خلال الإسناد

- ‌الصورة الأولى: زيادة راوٍ خلال الإسناد في موضع عنعنة

- ‌الصورة الثانية: المزيد في متصل الأسانيد

- ‌الصورة الثالثة: زيادة ذكر التحديث والسماع بدل العنعنة

- ‌رابعاً: الزيادة في متن الحديث

- ‌خامساً: الإدراج

- ‌الأصل الثاني: الحكم في زيادة الثقة

- ‌القسم الأول: زيادة الثقة في الإسناد:

- ‌القسم الثاني: زِيادة الثقة في المتن

- ‌المبحث الثالث:التعليل بالمخالفة

- ‌النوع الأول: الشذوذ

- ‌النوع الثاني: مُخالفة القرآن

- ‌النوع الثالث: مخالفة المعروف من السنن النبوية

- ‌النوع الرابع: مخالفة المحسوس

- ‌النوع الخامس: مخالفة العقل

- ‌خلاصة هذا المبحث:

- ‌المبحث الرابع:التعليل بالاختلاف

- ‌معنى الاختلاف على الراوي:

- ‌القسم الأول: اختلاف غير قادح

- ‌القسم الثاني: اختلاف قادح

- ‌الصورة الثانية: الاضطراب

- ‌المبحث الخامس:التعليل بالغلط

- ‌الصورة الأولى: دخول حديث في حديث

- ‌الصورة الثانية: التصحيف في الأسانيد والمتون

- ‌الصورة الثالثة: القلب:

- ‌المبحث السادس:التعليل بالتدليس

- ‌الفصل الثالثقوانين ضبط عمليةتعليل الأحاديث

- ‌المبحث الأولعلم التخريج

- ‌تفسير علم التخريج:

- ‌التخريج بمعنى جمع الطرق والألفاظ:

- ‌من القواعد الواجب اعتبارها في علم التخريج

- ‌أولاً: ملاحظة ألفاظ الإحالة ودلالاتها

- ‌ثالثاً: الأخذ من نسخة مروية بإسناد واحد

- ‌المبحث الثاني:علامات لكشف العلة من منهج المتقدمين

- ‌أولاً: أن يأتي أحد وجهي الرواية على الجادة، والآخر خارجاً عنها

- ‌رابعاً: أن يأتي الحديث موافقاً للمنقول عن أهل الكتاب

- ‌خامساً: أن يكون الثقة يرجع إلى أصول، ولا يوجد ذلك الحديث في أصوله

- ‌سادساً: أن يثبت عن راوي الحديث ترك عمله به، أو ذهابه إلى خلافه

- ‌المبحث الثالث:مقدمات أساسية لكشف العلة الخفية

- ‌المقدمة الأولى: تمييز مراتب الرواة الثقات

- ‌المقدمة الثانية: حفظ الأسانيد المعروفة الصحة، والأسانيد المعللة

- ‌المقدمة الثالثة: تمييز المراسيل، ومن كان معروفاً بالإرسال

- ‌المقدمة الرابعة: تمييز ما يدخل على أحاديث بعض الثقات، وهماً أو تعمداً

- ‌المقدمة الخامسة: تمييز التدليس، ومعرفة ما يقع من بعض الثقات من تدليس الأسماء

- ‌المقدمة السادسة: تمييز بلدان الرواة، ومعرفة ما يتفردون به من السنن

- ‌المقدمة السابعة: تمييز المتشابه من الأسماء والكنى والألقاب

- ‌المقدمة الثامنة: تمييز المقلين من الرواة والمكثرين

- ‌المقدمة التاسعة: تمييز أصح ما يروى في الباب

- ‌المقدمة العاشرة: تمييز الأبواب التي لا يثبت فيها حديث

- ‌المقدمة الحادية عشرة: تفقد صيغ التحمل والأداء

- ‌المقدمة الثانية عشرة: تمييز الإدراج للألفاظ في سياقات المتون

- ‌القسم الثانيأصناف الحديثمن جهة القبول والرد

- ‌الباب الأولالحديث المقبول

- ‌الفصل الأولالحديث الصحيح

- ‌المبحث الأولتعريف الحديث الصحيح

- ‌المراد بشروط صحة الحديث على سبيل الإجمال:

- ‌الشرط الأول: اتصال السند

- ‌الشرط الثاني: عدالة الرواة

- ‌الشرط الثالث: ضبط الرواة

- ‌الشرط الرابع: السلامة من العلل المؤثرة

- ‌المبحث الثاني:تطبيق لإظهار تحقق شروط الحديث الصحيح

- ‌المبحث الثالث:نقد تعريفات الصحيح

- ‌المبحث الرابع:الحديث الصحيح في اصطلاح الترمذي

- ‌الفصل الثانيالحديث الحسن

- ‌المبحث الأول:تعريف الحديث الحسن

- ‌الترمذي و (الحديث الحسن):

- ‌المبحث الثاني:تاريخ هذا (المصطلح)

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث الثالث:تطبيق لتحقيق شروط حسن الحديث

- ‌تطبيق للحديث الحسن لذاته:

- ‌تطبيق للحديث الحسن لغيره:

- ‌الفصل الثالثمباحث في الصحيح والحسن

- ‌المبحث الأول:الكتب في الحديث الصحيح

- ‌ طريقة الشيخين في تخريج حديث من تكلم فيه من الرواة

- ‌المبحث الثاني:ذكر المصنفات المسماة بـ (الصحاح)غير كتابي الشيخين

- ‌1 _ صحيح ابن خزيمة

- ‌2_ صحيح ابن حبان

- ‌3 _ المستدرك على الصحيحين

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث الثالث:الأحاديث المعلقات في " صحيح البخاري

- ‌إطلاق مصطلح (المعلق):

- ‌سبب تعليق الحديث:

- ‌تنبيهان:

- ‌تتمة في مسائل تتصل بالمعلقات:

- ‌المبحث الرابع:السنن الأربعة والمسندأعظم دواوين السنة بعد الصحيحين

- ‌شرط أبي داود في (سننه):

- ‌شرط الترمذي في " سننه

- ‌شرط النسائي في " سننه

- ‌شرط ابن ماجة في " سننه

- ‌شرط أحمد في " المسند

- ‌المبحث الخامس:المستخرجات على " الصحيحين

- ‌فوائد المستخرجات:

- ‌من أمثلة المستخرجات على " الصحيحين

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث السادس:أين يوجد الحديث الصحيح في غيرالكتب الموسومة بالصحة

- ‌المبحث السابع:تصحيح الحديث على شرط الصحيح

- ‌ شرط البخاري

- ‌شرط مسلم

- ‌الواجب اعتباره لفهم شرط الشيخين فيما انتقياه

- ‌المبحث الثامن:مسائل في الحديث الصحيح والحسن

- ‌المسألة الأولى: الحديث الصحيح والحسن كلاهما حجة

- ‌المسألة الثانية: درجات الصحة تتفاوت في القوة بحسب القرائن

- ‌المسألة الثالثة: هل صحة الإسناد توجب صحة الحديث

- ‌المسألة الرابعة: قولهم في الحديث: (رجاله ثقات) هل يعني الصحة

- ‌المسألة الخامسة: عدد الحديث الصحيح

- ‌المسألة السادسة: قولهم: (أصح شيء في الباب)

- ‌المسألة السابعة: أصح الأسانيد

- ‌المسألة الثامنة: قولهم: (حديث جيد)

- ‌المسألة التاسعة: أين يوجد الحديث الحسن

- ‌المسألة العاشرة: أوصاف للحديث تفيد القبول

- ‌المسألة الحادية عشرة: استدلال العالم بحديث، هل يعني تصحيحه له

- ‌الباب الثانيالحديث المردود

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأولألقاب الحديث الضعيفبسبب عدم الاتصال

- ‌المبحث الأولالحديث المنقطع

- ‌الصورة الثانية: أن يكون بدل السقط إبهام لراو

- ‌سبب إبهام الراوي:

- ‌كيف يثبت الانقطاع

- ‌المبحث الثاني:الحديث المعضل

- ‌طريق معرفة المعضل:

- ‌المبحث الثالث:الحديث المرسل

- ‌نقد تعريفات المرسل:

- ‌مثال المرسل:

- ‌طريق تمييز المرسل:

- ‌المبحث الرابع:مسائل في الانقطاع والإرسال

- ‌المسألة الأولى: تداخلُ استعمال مصطلح (المنقطع) في (المرسل) عند السلف:

- ‌المسألة الثانية: المفاضلة بين المراسيل

- ‌القول في مراسيل سعيد بن المسيب:

- ‌قولهم في مراسيل عروة بن الزبير:

- ‌قولهم في مراسيل الحسن البصري:

- ‌قولهم في مراسيل جماعة آخرين:

- ‌المسألة الثالثة: حكم الحديث المرسل:

- ‌المسألة الرابعة: رواية الصحابي ما لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس:الحديث المدلس

- ‌النوع الأول: تدليس الوصل

- ‌القسم الأول: تدليس الإسناد

- ‌القسم الثاني: تدليس التسوية

- ‌سبب وقوع التدليس في الإسناد:

- ‌النوع الثاني: تدليس الأسماء

- ‌تحرير الفرق بين (التدليس) و (الإرسال الخفي):

- ‌تاريخ التدليس:

- ‌مذاهب أهل العلم في خبر المدلس:

- ‌الترجيح:

- ‌تنبيه:التهمة للثقة بالتدليس دون دليل من قبيل الجرح المبهم

- ‌كيف يعرف التدليس

- ‌طبقات المدلسين:

- ‌فائدة في الرواة الوارد عليهم مظنة التدليس:

- ‌الصيغة التي يندفع بها التدليس عن الموصوف به:

- ‌تتمة في مسائل في التدليس:

- ‌الفصل الثانيألقاب الحديث الضعيفبسبب جرح الراوي

- ‌المبحث الأول:حديث المجهول

- ‌المبحث الثاني:الحديث اللين

- ‌المبحث الثالث:الحديث المقلوب

- ‌الصورة الأولى: قلب في الإسناد

- ‌الصورة الثانية: قلب في المتن

- ‌الصورة الثالثة: التحول من حديث إلى حديث

- ‌المبحث الرابع:الحديث المصحف

- ‌طريق معرفة التصحيف أو التحريف في الرواية:

- ‌المبحث الخامس:الحديث المدرج

- ‌القسم الأول: مدرج الإسناد

- ‌القسم الثاني: مدرج المتن

- ‌طريق معرفة الإدراج:

- ‌المبحث السادس:الحديث الشاذ

- ‌ زيادات الثقات

- ‌ المزيد في متصل الأسانيد

- ‌المبحث السابع:الحديث المعلل

- ‌المبحث الثامن:الحديث المضطرب

- ‌المبحث التاسع:الحديث المنكر

- ‌تفسير مصطلح (المنكر) في كلام المتقدمين:

- ‌المبحث العاشر:الحديث الموضوع

- ‌بداية ظهور الكذب في الحديث:

- ‌أسباب تعمد وضع الحديث:

- ‌السبب الأول: الطعن على الإسلام، والتشكيك فيه

- ‌السبب الثاني: نصرة الأهواء:

- ‌السبب الثالث: الترغيب في الأعمال الصالحة

- ‌السبب الرابع: الرغبة في استمالة السامعين

- ‌مصادر المتون الموضوعة:

- ‌مسائل في الموضوع:

- ‌المسألة الأولى: مصطلح (حديث لا أصل له)

- ‌المسألة الثالثة: الكتب المؤلفة في تمييز الأحاديث الموضوعة

- ‌المسألة الرابعة: مما يساعد على تمييز الموضوع في الحديث: معرفة أبواب مخصوصة

- ‌الفصل الثالثحكم الاعتباربالحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول:تفسير الاعتبار

- ‌المبحث الثاني:تمييز ما يصلح للاعتبار

- ‌ صلاحية الراوي

- ‌ صلاحية نفس الحديث

- ‌تنبيه:الاعتبار بالطرق المرجوحة التي دل النظر على أنها خطأ، لا يصح

- ‌المبحث الثالث:تقوية الحديث بتعدد الطرق

- ‌الشرط الأول: أن يكون حديثاً له نفس درجة المجبور به من جهة من يضاف إليه

- ‌الشرط الثاني: أن يكون في أدنى درجاته مما يصلح الاعتبار به

- ‌مناقشة قول الشافعي فيما يتقوى به المرسل:

- ‌الشرط الرابع: أن يوجد فيه معنى المجبور به إن لم يطابقه في لفظه

- ‌الفصل الرابعاستعمالالحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول:حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف

- ‌المبحث الثاني:الحديث الضعيف في فضائل الأعمال

الفصل: ‌القسم الثاني: زيادة الثقة في المتن

فهذا الحديث مما اختلف فيه رفعاً ووقفا (1)، والصناعة الحديثية بناءً على الأصل المتقدم في قبول زيادة الثقة لا تُساعد على قبول زيادة الرفع من جهة حِفظ من زادها، ولكنه اعتضد بكون هذا وإن كان الراجح فيه الوقف بناءً على القواعد، لكنه مرفوعاً حُكماً، إذ مثله لا يُقال من قبل الرأي، فكانت هذه قرينة مُرجحة لزيادة الرَّفع في التحقيق.

التنبيه الثاني: من الثقات المتقنين من كانوا يُوقِفون الحديث تَقصيراً، وغيرهم يَرفعه، فمن تبيَّن ذلك منه لم يَصحَّ أن يُقام صَنيعه مُخالفة مُعتبرة للثقة الذي رفع الحديث.

كقول أبي بكر المُروذيِّ: سألته (يعني أحمد بن حنبل) عن هشام بن حسان؟ فقال: " أيوب وابنُ عوْن أحب إليَّ " وحسَّن أمر هشام، وقال:" قد روى أحاديث رَفعها أوْقفوها، وقد كانَ مذْهبهم أن يُقصروا بالحديث ويوقفوه "(2).

‌القسم الثاني: زِيادة الثقة في المتن

.

مَذهب جُمهور أهل الفقه والأصول قَبولها، ونسب بَعضهم إلى الإمام أبي حنيفة أنه ردَّها (3).

والتحقيق: أن مَذهب أبي حنيفة الذي يتبين من صنيع أصْحابه: قبولُ زيادة الثقة، كما وَجدته في كلام الطحاوي (4)، وتعلق به المتأخرون في مَواضع، كابن الهُمام (5)، وذكروه على التسليم.

وأحْسب الوهْم دخل على من نسب ردَّ الزيادة لأبي حنيفة، من جهة مذْهبه في النَّصَّين المستقلين، في أحدهما من الحُكم ما ليس في الآخر،

(1) كما شرحته في كتاب " الأجوبة المرْضية "(ص: 17 _ 21).

(2)

العلل ومعرفة الرجال، رواية المرُّوذي (النص: 78).

(3)

البرهان، لإمام الحرمين (1/ 662)، المنخول، للغزالي (ص: 283)، المستصفى، له (ص: 194).

(4)

انظر: شرح مشكل الآثار، للطحاوي (12/ 440).

(5)

انظر: شرح فتح القدير، لابن الهمام (2/ 68).

ص: 691

يتراخى أحدهما، فليس من مذهبه بناء المطلق على المقيد ولا العام على الخاص في هذه الحالة، وإنما يرى المتأخر منهما ناسخاً، وإلا تعارضا، في تفصيل يُعرف من أصول مذهبه (1).

وليست هذه المسألة من باب زيادة الثقة في الحديث الواحد المعين.

وكذلك الشأن عنْد أهل الصنعة، أهل الحديث، فإن الزيادة في المتن عندهم مَقبولة إذا كانَ من جاء بها ثِقة مُتقنا، لم يَقم دليل على وهمه فيها.

فكذلك كان أحمد بن حنبل يرى، كما سيأتي بعض قوله، وعلى ذلك جرى منهج الشيخين البُخاري ومسلم، فخرَّجا الكثير من مُتون الحديث يزيد الرُّواة فيها على بعضهم، يُصححان كل ذلك.

وسأل عبدُ الرحمن بنُ أبي حاتم أباه وأبا زُرعة عن حديث رواه أبو إسحاق السبيعي عن حارثة بن مُضرِّب في قصة ابن النواحة، الزيادة التي يزيد أبو عوانة أنه قال:" وكفَّلهم عشائرهم ": هو صحيح؟ فقالا: " رواه الثوري ولم يذكره هذه الزيادة، إلا أن أبا عوانة ثقة، وزيادة الثقة مقبولة "(2).

(1) انظر: شرح التلويح على التوضيح، للسعد التفتازاني (2/ 36)، و: كشف الأسرار عن أصول البزدوي، لعلاء الدين البخاري (3/ 110 _ 112).

(2)

علل الحديث لابن أبي حاتم (رقم: 1397) ومن قول أبي حاتم في قبول الزيادة أيضاً (رقم: 361).

وقصة ابنِ النواحة هذه صحيحة الإسناد، أخرجهما البيهقي في " الكبرى "(6/ 77 و 8/ 206) والخطيب في " الموضح لأوهام الجمع والتفريق "(2/ 107 _ 108) من طريق أبي عوانة، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مُضرِّب، قال: صليت الغداة مع عبد الله بن مسعود، فذكر الحديث، وفيه الزيادة المذكورة من قول جَرير بن عبد الله والأشعث بن قيس، فيما أشارا به على ابن مسعود.

وعلق الزيادة المشار إليها البخاري في " صحيحه " في (كتاب الكفالة)(2/ 801).

والتحقيق أن أبا عوانة لم يتفرد بها عن أبي إسحاق، بل تابعه عليها: إسرائيل بن يونس. فيما أخرجه الطحاوي في " شرح المشكل "(11/ 312 _ 313).

والحديث بدونها رواه الأعمش وسُفيان الثوري وقيس بن الربيع عن أبي إسحاق، في تفصيل له محلٌّ آخر.

ص: 692

وذكر الخطيب في قبول الزيادة من الثقة أو ردّها من متن الخبر مذاهب، ورجح منها قول الجُمهور، وهو: أن الزيادة الواردة في متن خبر مقبولة مُطلقاً، ومعمولٌ بها، إذا كان راويها عدْلاً حافظاً ومُتقناً ضابطاً (1).

والوجه في قبولها: أن الثقة إذا انفرد بحديث لم يأت به غيره، فهو صحيح مُحتجٌّ به، فإذا كانَ يُقبل تفرده بالحديث، فتفرَّده بالزيادة أولى بالقبول.

كما نقل صالحُ بن أحمد عن أبيه في زيادةِ (من المسلمين) في حديثِ ابن عمر في زكاة الفِطر، قال:" قد أنكر على مالك هذا الحديث، ومالكٌ إذا انفرد بحديث فهو ثقة، وما قال أحدٌ ممن قال بالرأي أثْبتَ منه في الحديث "(2).

فهو يقول: إذا انفرد بحديث فهو ثقة، فكذلك يَجب أن تُقبل الزيادة يتفرد بها.

فإن قيل: الحديث الواحد يُمكن أن يَسْمعه الراوي دون أن يُشاركه أحدٌ، أما الزيادة في متن حديث مَسموع لغيره كما هو مسموع له، لا يحفظ فيه ذلك الغير تلك الزيادة، فيَنبغي أن يكون دليلاً على خطئها.

قيل: كلَاّ، وذلك لوُجوه، منها:

أولاً: مَظنة أن يكون الراوي يُحدث بالحديث في الأحوال والأزمانِ المختلفة واقعٌ صحيحٌ، فتحديثه بالحديث تارة ببعض الاختصار وتارة بالتمام غير ممتنع (3)، فسمعه النقلة على الوجهين.

ثانيا: كما أنه لا يَمتنع أن يحضر الجماعة المجلس الواحد، فيسمعوا

(1) الكفاية (ص: 597)، وانظر: الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم (2/ 90 _ 91).

(2)

مسائل الإمام أحمد، رواية ابنه صالح (النص: 1160).

(3)

ذكر معنى هذا الخطيب في " الكفاية "(ص: 598).

ص: 693

الحديث جميعاً، فيحفظ بعضهم ما لا يحفظه الآخر، وإذا جاز أن يَسمع الراوي الحديث فينساه كله، فأولى من ذلك صِحة احتمال نِِسيان بعضه.

ثالثاً: وكذلك فإن بعض الرواة عن ذلك الشيخ قد يَعمد إلى اختصار الحديث، فلا يجوز أن يكون صنيعه قادحاً في رواية من جاء بلفظ أتم من لفظه.

وللزَّيْلعي في زيادة الثقات في المتون تفصيل مُعتبرٌ، يؤيد ما تقدم من أن القبولَ مَشروطٌ بإتقان الراوي لها، وعدم خطئه فيها، فإنه قال في شأن زيادة ذكْر البَسملة في حديث أبي هريرة من رواية نُعيم المُجمر عنه: " فإن قيل: قدْ رواها نُعيم المجمر، وهو ثقةٌ، والزيادة من الثقة مقْبولة.

قلنا: ليس ذلك مُجمعاً عليه، بل فيه خلاف مَشهورٌ:

فمن الناس من يقبل زيادة الثقة مُطلقاً، ومنهم من لا يَقبلها، والصحيح التفصيل، وهوَ أنها تُقبل في موضعٍ دون موضع.

فتُقبل إذا كان الراوي الذي رواها ثِقةً حافظاً ثبْتاً، والذي لم يذكرها مثله، أو دونه في الثقة، كما قبل الناس زيادة مالك بن أنس، قوله:" من المسلمين " في صدقة الفِطر، واحتج بها أكثر العلماء.

وتُقبل في موْضع آخر لقرائن تخصها.

ومن حكم في ذلك حُكماً عاماً فقد غلط، بل كلُّ زيادة لها حكم يخصها، ففي مَوْضعٍ يُجزم بِصِحَّتها، كزيادة مالك.

وفي موضع يغلب على الظن صحتها، كزيادة سَعْد بن طارق في حديث:" جُعلت الأرْضُ مسْجداً، وجعلت ترْبتُها لنا طَهُوراً "، وكزيادة سُليمان التميمي في حديث أبي موسى:" وإذا قرأ فأنصتوا ".

وفي موضع يُجزم بخطأ الزيادة، كزيادة مَعمر ومن وافقه، قوله:" وإن كانَ مائِعاَ فلا تقْربوه "، وكزيادة عبد الله بن زياد ذِكْر البسملة في حديث:

ص: 694

" قسمت الصلاة بيني وبين عبْدي نصْفين "، وإن كان مَعْمرٌ ثقةً، وعبد الله بن زياد ضعيفاَ، فإن الثقة قد يَغلط.

وفي موضع يَغلب على الظن خطؤها، كزيادة مَعمرٍ في حديث ماعز " الصلاة عليه "، رواها البُخاري في (صحيحه)، وسُئل هل رواها غيرُ معْمر؟ فقال: لا، وقد رواه أصحاب السنن الأربعة عن معمر، وقال فيه:" ولم يُصلِّ عليه "، فقد اختلف على معمرٍ في ذلك، والراوي عن معمرٍ هو عبد الرزاق وقد اختلف عليه أيضاً، والصواب أنه قال:" ولم يُصلِّ عليه ".

وفي موْضع يُتوقف في الزيادة، كما في أحاديث كثيرة.

وزيادة نُعيم المُجمر التسمية في هذا الحديث مما يُتوقف فيه، بلْ يغلب على الظن ضَعفه " (1).

قلت: قد يناقش الزَّيْلعي في بعض ما مثَّل به، ولكن ما أشار إليه من عدم تنزيل الزيادة من الثقة منزلة القبول مُطلقاً، صحيحٌ في الجملة.

تنبيهان:

التنبيه الأول: الراوي يبلغه الحديث أو يسمعه بواسطة عن شيخٍ، ثُم يلقى ذلك الشيخ فيحمله عنه بعُلوِّ دون واسِطة، فيقع تَحديثه به تارة بالواسطة، وتارة بعَدمها.

هذه الصورة إذا انتفت فيها شُبهة الغلط، فالحديث مَحفوظ من الوجهين، ولا يُعدُّ ذلك اختلافاً مؤثراً.

لكن يجب أن يكون مَحلُّ وقوع الاختلاف على الراوي نَفسه، ومن اختلفا أو اختلفوا عليه ثقتان أو ثقاتٌ، وهو ثقةٌ كذلك، أماَّ إذا وقع الاختلاف بين النقلة في طبقة أدنى من طبقةِ من روى عن ذلك الشيخِ، فمَظنةُ الغلط أرْجح.

(1) نصب الراية (1/ 336 _ 337).

ص: 695

مثال هذه المسألة:

ما رواه يزيد بن أبي حبيب، عن عراك بن مالك، أنه بَلغه، أن نوْفل بن معاوية، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من الصلاة صَلاةُ، من فاتته فكأنما وُتر أهله وماله "، قال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " هي صلاة العصر "(1).

ورواه جعفر بن ربيعة، أنَّ عِراك بن مالك حدثه، أن نَوْفل بن معاوية حدثه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من فاتته صلاة العصْر فكأنما وُتر أهله وماله "(2).

قال الخطيب: " والحُكم يوجب القَضاء في هذا الحديث لجعفر بن ربيعة بثبوت إيصاله الحديث؛ لثقته وضبطه، ورواية الليث (3) ليست تكذيباً له؛ لجواز أن يكون عِراك بلغه هذا الحديث عن نوفل بن معاوية، ثم سمعه منه بعد، فرواه على الوجهين جميعاً "(4).

التنبيه الثاني: قال ابن حبان: " لا نقبل شيئاً منها إلا عمن كان الغالب عليه الفقه، حتى يُعلم أنه كان يرْوى الشيء ويَعلمه، حتى لا يُشك فيه أنه أزاله عن سننه أو غيَّره عن معناه، أم لا "(5).

قلت: هذا مما انفرد به ابن حبان، واشترط ثِقة الناقل وعدم الدليل على وهمه فيما زاد يدفع المظِنة التي ذكرها ابن حبان.

(1) أخرجه النسائي (رقم: 479) والخطيب في " الكفاية "(ص: 583) من طريق الليث ابن سعد، عن يزيد، به.

(2)

أخرجه النسائي (رقم: 478) والبيهقي في " الشعب "(رقم: 2846) والخطيب في " الكفاية "(ص: 583 _ 584) من طريق حَيوة بن شريح، أنبأنا جعفر، به.

(3)

يعني ابن سعد راويه عن يزيد بن أبي حبيب.

(4)

الكفاية (ص: 584).

(5)

الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (1/ 159).

ص: 696