المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كيف يعرف التدليس - تحرير علوم الحديث - جـ ٢

[عبد الله الجديع]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالثالنقد الخفي

- ‌الفصل الأولالمراد بالنقد الخفِيِّ وبيانمنزلته وتعيينُ محلَّه

- ‌المبحث الأول:معنى النقد الخفي

- ‌طريقةُ النُّقَّاد فيما يسمَّى (علّة):

- ‌المبحث الثاني:منزلة هذا العلم والطريق إليه

- ‌المبرّزون من أئمة الحديث في معرفة علله:

- ‌هل انتهى الزمن الذي يمكن فيه تمييز العلل الخفية للأحاديث

- ‌المبحث الثالث:تحديد إطار النقد الخفيِّ

- ‌الصورة الأولى: ما أطلق عليه مسمى (العلة) وليس من هذا الباب

- ‌الصورة الثانية: ما أطلق عليه مسمى (العلة) ولا أثر له على ثبوت الحديث

- ‌الصورة الثالثة: ما أطلق عليه مسمى (العلة)، وهو من العلل الظاهرة

- ‌الصورة الرابعة: ما أطلق عليه مسمى (العلة)، وهو صواب

- ‌الفصل الثانيأسباب التَّعليل من خلالمنهج النُّقَّاد

- ‌المبحث الأول:التعليل بالتَّفرُّد

- ‌مسألتان متممتان لمبحث التفرد:

- ‌المبحث الثاني:التعليل بالزيادة

- ‌الأصل الأول: محل وقوع زيادات الثقات

- ‌أولاً: وصل المرسل

- ‌ثانياً: رفع الموقوف

- ‌ثالثاً: الزيادة خلال الإسناد

- ‌الصورة الأولى: زيادة راوٍ خلال الإسناد في موضع عنعنة

- ‌الصورة الثانية: المزيد في متصل الأسانيد

- ‌الصورة الثالثة: زيادة ذكر التحديث والسماع بدل العنعنة

- ‌رابعاً: الزيادة في متن الحديث

- ‌خامساً: الإدراج

- ‌الأصل الثاني: الحكم في زيادة الثقة

- ‌القسم الأول: زيادة الثقة في الإسناد:

- ‌القسم الثاني: زِيادة الثقة في المتن

- ‌المبحث الثالث:التعليل بالمخالفة

- ‌النوع الأول: الشذوذ

- ‌النوع الثاني: مُخالفة القرآن

- ‌النوع الثالث: مخالفة المعروف من السنن النبوية

- ‌النوع الرابع: مخالفة المحسوس

- ‌النوع الخامس: مخالفة العقل

- ‌خلاصة هذا المبحث:

- ‌المبحث الرابع:التعليل بالاختلاف

- ‌معنى الاختلاف على الراوي:

- ‌القسم الأول: اختلاف غير قادح

- ‌القسم الثاني: اختلاف قادح

- ‌الصورة الثانية: الاضطراب

- ‌المبحث الخامس:التعليل بالغلط

- ‌الصورة الأولى: دخول حديث في حديث

- ‌الصورة الثانية: التصحيف في الأسانيد والمتون

- ‌الصورة الثالثة: القلب:

- ‌المبحث السادس:التعليل بالتدليس

- ‌الفصل الثالثقوانين ضبط عمليةتعليل الأحاديث

- ‌المبحث الأولعلم التخريج

- ‌تفسير علم التخريج:

- ‌التخريج بمعنى جمع الطرق والألفاظ:

- ‌من القواعد الواجب اعتبارها في علم التخريج

- ‌أولاً: ملاحظة ألفاظ الإحالة ودلالاتها

- ‌ثالثاً: الأخذ من نسخة مروية بإسناد واحد

- ‌المبحث الثاني:علامات لكشف العلة من منهج المتقدمين

- ‌أولاً: أن يأتي أحد وجهي الرواية على الجادة، والآخر خارجاً عنها

- ‌رابعاً: أن يأتي الحديث موافقاً للمنقول عن أهل الكتاب

- ‌خامساً: أن يكون الثقة يرجع إلى أصول، ولا يوجد ذلك الحديث في أصوله

- ‌سادساً: أن يثبت عن راوي الحديث ترك عمله به، أو ذهابه إلى خلافه

- ‌المبحث الثالث:مقدمات أساسية لكشف العلة الخفية

- ‌المقدمة الأولى: تمييز مراتب الرواة الثقات

- ‌المقدمة الثانية: حفظ الأسانيد المعروفة الصحة، والأسانيد المعللة

- ‌المقدمة الثالثة: تمييز المراسيل، ومن كان معروفاً بالإرسال

- ‌المقدمة الرابعة: تمييز ما يدخل على أحاديث بعض الثقات، وهماً أو تعمداً

- ‌المقدمة الخامسة: تمييز التدليس، ومعرفة ما يقع من بعض الثقات من تدليس الأسماء

- ‌المقدمة السادسة: تمييز بلدان الرواة، ومعرفة ما يتفردون به من السنن

- ‌المقدمة السابعة: تمييز المتشابه من الأسماء والكنى والألقاب

- ‌المقدمة الثامنة: تمييز المقلين من الرواة والمكثرين

- ‌المقدمة التاسعة: تمييز أصح ما يروى في الباب

- ‌المقدمة العاشرة: تمييز الأبواب التي لا يثبت فيها حديث

- ‌المقدمة الحادية عشرة: تفقد صيغ التحمل والأداء

- ‌المقدمة الثانية عشرة: تمييز الإدراج للألفاظ في سياقات المتون

- ‌القسم الثانيأصناف الحديثمن جهة القبول والرد

- ‌الباب الأولالحديث المقبول

- ‌الفصل الأولالحديث الصحيح

- ‌المبحث الأولتعريف الحديث الصحيح

- ‌المراد بشروط صحة الحديث على سبيل الإجمال:

- ‌الشرط الأول: اتصال السند

- ‌الشرط الثاني: عدالة الرواة

- ‌الشرط الثالث: ضبط الرواة

- ‌الشرط الرابع: السلامة من العلل المؤثرة

- ‌المبحث الثاني:تطبيق لإظهار تحقق شروط الحديث الصحيح

- ‌المبحث الثالث:نقد تعريفات الصحيح

- ‌المبحث الرابع:الحديث الصحيح في اصطلاح الترمذي

- ‌الفصل الثانيالحديث الحسن

- ‌المبحث الأول:تعريف الحديث الحسن

- ‌الترمذي و (الحديث الحسن):

- ‌المبحث الثاني:تاريخ هذا (المصطلح)

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث الثالث:تطبيق لتحقيق شروط حسن الحديث

- ‌تطبيق للحديث الحسن لذاته:

- ‌تطبيق للحديث الحسن لغيره:

- ‌الفصل الثالثمباحث في الصحيح والحسن

- ‌المبحث الأول:الكتب في الحديث الصحيح

- ‌ طريقة الشيخين في تخريج حديث من تكلم فيه من الرواة

- ‌المبحث الثاني:ذكر المصنفات المسماة بـ (الصحاح)غير كتابي الشيخين

- ‌1 _ صحيح ابن خزيمة

- ‌2_ صحيح ابن حبان

- ‌3 _ المستدرك على الصحيحين

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث الثالث:الأحاديث المعلقات في " صحيح البخاري

- ‌إطلاق مصطلح (المعلق):

- ‌سبب تعليق الحديث:

- ‌تنبيهان:

- ‌تتمة في مسائل تتصل بالمعلقات:

- ‌المبحث الرابع:السنن الأربعة والمسندأعظم دواوين السنة بعد الصحيحين

- ‌شرط أبي داود في (سننه):

- ‌شرط الترمذي في " سننه

- ‌شرط النسائي في " سننه

- ‌شرط ابن ماجة في " سننه

- ‌شرط أحمد في " المسند

- ‌المبحث الخامس:المستخرجات على " الصحيحين

- ‌فوائد المستخرجات:

- ‌من أمثلة المستخرجات على " الصحيحين

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث السادس:أين يوجد الحديث الصحيح في غيرالكتب الموسومة بالصحة

- ‌المبحث السابع:تصحيح الحديث على شرط الصحيح

- ‌ شرط البخاري

- ‌شرط مسلم

- ‌الواجب اعتباره لفهم شرط الشيخين فيما انتقياه

- ‌المبحث الثامن:مسائل في الحديث الصحيح والحسن

- ‌المسألة الأولى: الحديث الصحيح والحسن كلاهما حجة

- ‌المسألة الثانية: درجات الصحة تتفاوت في القوة بحسب القرائن

- ‌المسألة الثالثة: هل صحة الإسناد توجب صحة الحديث

- ‌المسألة الرابعة: قولهم في الحديث: (رجاله ثقات) هل يعني الصحة

- ‌المسألة الخامسة: عدد الحديث الصحيح

- ‌المسألة السادسة: قولهم: (أصح شيء في الباب)

- ‌المسألة السابعة: أصح الأسانيد

- ‌المسألة الثامنة: قولهم: (حديث جيد)

- ‌المسألة التاسعة: أين يوجد الحديث الحسن

- ‌المسألة العاشرة: أوصاف للحديث تفيد القبول

- ‌المسألة الحادية عشرة: استدلال العالم بحديث، هل يعني تصحيحه له

- ‌الباب الثانيالحديث المردود

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأولألقاب الحديث الضعيفبسبب عدم الاتصال

- ‌المبحث الأولالحديث المنقطع

- ‌الصورة الثانية: أن يكون بدل السقط إبهام لراو

- ‌سبب إبهام الراوي:

- ‌كيف يثبت الانقطاع

- ‌المبحث الثاني:الحديث المعضل

- ‌طريق معرفة المعضل:

- ‌المبحث الثالث:الحديث المرسل

- ‌نقد تعريفات المرسل:

- ‌مثال المرسل:

- ‌طريق تمييز المرسل:

- ‌المبحث الرابع:مسائل في الانقطاع والإرسال

- ‌المسألة الأولى: تداخلُ استعمال مصطلح (المنقطع) في (المرسل) عند السلف:

- ‌المسألة الثانية: المفاضلة بين المراسيل

- ‌القول في مراسيل سعيد بن المسيب:

- ‌قولهم في مراسيل عروة بن الزبير:

- ‌قولهم في مراسيل الحسن البصري:

- ‌قولهم في مراسيل جماعة آخرين:

- ‌المسألة الثالثة: حكم الحديث المرسل:

- ‌المسألة الرابعة: رواية الصحابي ما لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس:الحديث المدلس

- ‌النوع الأول: تدليس الوصل

- ‌القسم الأول: تدليس الإسناد

- ‌القسم الثاني: تدليس التسوية

- ‌سبب وقوع التدليس في الإسناد:

- ‌النوع الثاني: تدليس الأسماء

- ‌تحرير الفرق بين (التدليس) و (الإرسال الخفي):

- ‌تاريخ التدليس:

- ‌مذاهب أهل العلم في خبر المدلس:

- ‌الترجيح:

- ‌تنبيه:التهمة للثقة بالتدليس دون دليل من قبيل الجرح المبهم

- ‌كيف يعرف التدليس

- ‌طبقات المدلسين:

- ‌فائدة في الرواة الوارد عليهم مظنة التدليس:

- ‌الصيغة التي يندفع بها التدليس عن الموصوف به:

- ‌تتمة في مسائل في التدليس:

- ‌الفصل الثانيألقاب الحديث الضعيفبسبب جرح الراوي

- ‌المبحث الأول:حديث المجهول

- ‌المبحث الثاني:الحديث اللين

- ‌المبحث الثالث:الحديث المقلوب

- ‌الصورة الأولى: قلب في الإسناد

- ‌الصورة الثانية: قلب في المتن

- ‌الصورة الثالثة: التحول من حديث إلى حديث

- ‌المبحث الرابع:الحديث المصحف

- ‌طريق معرفة التصحيف أو التحريف في الرواية:

- ‌المبحث الخامس:الحديث المدرج

- ‌القسم الأول: مدرج الإسناد

- ‌القسم الثاني: مدرج المتن

- ‌طريق معرفة الإدراج:

- ‌المبحث السادس:الحديث الشاذ

- ‌ زيادات الثقات

- ‌ المزيد في متصل الأسانيد

- ‌المبحث السابع:الحديث المعلل

- ‌المبحث الثامن:الحديث المضطرب

- ‌المبحث التاسع:الحديث المنكر

- ‌تفسير مصطلح (المنكر) في كلام المتقدمين:

- ‌المبحث العاشر:الحديث الموضوع

- ‌بداية ظهور الكذب في الحديث:

- ‌أسباب تعمد وضع الحديث:

- ‌السبب الأول: الطعن على الإسلام، والتشكيك فيه

- ‌السبب الثاني: نصرة الأهواء:

- ‌السبب الثالث: الترغيب في الأعمال الصالحة

- ‌السبب الرابع: الرغبة في استمالة السامعين

- ‌مصادر المتون الموضوعة:

- ‌مسائل في الموضوع:

- ‌المسألة الأولى: مصطلح (حديث لا أصل له)

- ‌المسألة الثالثة: الكتب المؤلفة في تمييز الأحاديث الموضوعة

- ‌المسألة الرابعة: مما يساعد على تمييز الموضوع في الحديث: معرفة أبواب مخصوصة

- ‌الفصل الثالثحكم الاعتباربالحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول:تفسير الاعتبار

- ‌المبحث الثاني:تمييز ما يصلح للاعتبار

- ‌ صلاحية الراوي

- ‌ صلاحية نفس الحديث

- ‌تنبيه:الاعتبار بالطرق المرجوحة التي دل النظر على أنها خطأ، لا يصح

- ‌المبحث الثالث:تقوية الحديث بتعدد الطرق

- ‌الشرط الأول: أن يكون حديثاً له نفس درجة المجبور به من جهة من يضاف إليه

- ‌الشرط الثاني: أن يكون في أدنى درجاته مما يصلح الاعتبار به

- ‌مناقشة قول الشافعي فيما يتقوى به المرسل:

- ‌الشرط الرابع: أن يوجد فيه معنى المجبور به إن لم يطابقه في لفظه

- ‌الفصل الرابعاستعمالالحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول:حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف

- ‌المبحث الثاني:الحديث الضعيف في فضائل الأعمال

الفصل: ‌كيف يعرف التدليس

ثانياً: وجدنا من الرواة من يتنازع في إطلاق وصف التدليس عليه، بمنزلة اختلافهم في جرح الراوي وتعديله.

قال أبو داود السجستاني في (مغيرة بن مقسم الضبي): " مغيرة لا يدلس، سمع مغيرة من إبراهيم مئة وثمانين حديثاً "(1).

وقال العجلي: " كان (يعني مغيرة) يرسل الحديث عن إبراهيم، وإذا أوقف أخبرهم عمن سمعه "(2).

قلت: وهذا من قول العجلي يثبت تدليسه عن إبراهيم، فكأن أبا داود أراد غالب أمره.

ثالثاً: وجدنا بعض من أطلق عليه وصف التدليس استفيد ذلك فيه من جهة وقوعه منه في روايته عن بعض شيوخه دون سائرهم، فإطلاق العبارة يوهم اندراج جميعهم.

وذلك مثل رواية أبي حرة واصل بن عبد الرحمن البصري عن الحسن البصري، فإنه كان يدلس عنه، وضُعف فيه من أجل أنه لم يسمع منه إلا شيئاً يسيراً، وكان يقول في سائر روايته عنه:(عن الحسن)، فكلامهم فيه بالتدليس محصور في الحسن خاصة، لا في سائر شيوخه أو حديثه.

فهذه الأسباب موجبة لتمييز معنى لفظ التدليس وصحته ووجهه، فأما اللفظ المجمل فلا يصح اعتماده لرد الحديث المعنعن للراوي الثقة يرويه عن شيوخه.

‌كيف يعرف التدليس

؟

يعرف التدليس في الراوية بطرق:

الأولى: تفقد السماع من فم الراوي نفسه.

(1) سؤالات الآجري لأبي داود (النص: 166).

(2)

ترتيب ثقات العجلي (النص: 1777).

ص: 982

وذلك كثير الأمثلة من صنيع الأئمة في توقيف الراوي على ما سمع وما لم يسمع، يستكشفون به وقوع التدليس أو عدم السماع.

كما كان يصنع شعبة بن الحجاج في حق من ذكر من شيوخه بالتدليس، كقتادة وأبي إسحاق السبيعي، وهو أبرز من شاع عنه ذلك من الأقدمين في تتبع السماع، والحكايات الصحيحة عنه في ذلك كثيرة جداً، وكان لا يدلس أبداً، وكان شديداً جداً في إنكار التدليس.

فكان يقول مثلاً: " كنت أتفقد فم قتادة، فإذا قال: سمعت، أو: حدثنا، حفظت، وإذا قال: حدث فلان، تركته "(1).

وكذلك ربما فعل سفيان الثوري، وإن كان ربما وقع منه التدليس في الشيء النادر.

قال عبد الرحمن بن مهدي: " كنت مع سفيان عند عكرمة (يعني ابن عمار)، فجعل يوقفه على كل حديث على السماع "(2).

وفي رواية، قال ابن مهدي:" قال لي سفيان الثوري بمنى: مر بنا إلى عكرمة بن عمار اليمامي، قال: فجعل يملي على سفيان، ويوقفه عند كل حديث: قل حدثني، سمعت "(3).

(1) أخرجه عُثمان الدارمي في " تاريخه "(النص: 703) وابن أبي حاتم في " التقدمة "(ص: 161، 169) والبغوي في " الجعديات "(رقم: 1074) وعبد الله بن أحمد في " العلل "(النص: 5077) والخطيب في " الكفاية "(ص: 517) بإسناد صحيح. وروى ابنُ أبي حاتم كذلك في " التقدمة "(ص: 169 _ 170) و " الجرح والتعديل "(1/ 1 / 34، و 2/ 1 / 370) والبغوي أيضاً (رقم: 1073، 1075) وعبد الله في " العلل "(النص: 5068) والرامهرمزي (ص: 522) وابنُ عدي (1/ 151) والحاكم في " المدخل إلى كتاب الإكليل "(ص: 43) والخليلي في " الإرشاد "(2/ 487) والخطيب في " الكفاية " وابنُ عبد البر في " التمهيد "(1/ 35) معناه من غير وجه .......

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في " تقدمة الجرح والتعديل "(ص: 68) بإسناد صحيح.

(3)

أخرجه ابن أبي حاتم في " تقدمة الجرح "(ص: 117) وإسناده صحيح.

ص: 983

وقال يحيى القطان: " شهدت سفيان يقول لأبي الأشهب: قل سمعت، قل سمعت "(1).

وقد جرى يحيى القطان على منهاج شيخه شعبة في التشديد في التدليس، والتنقيب والبحث عن السماع، حتى جاء عن أحمد بن حنبل: لم لا تقول ليحيى بن سعيد: قل حدثنا؟ فقال: " مثل يحيى يقال له: قل حدثنا؟! "(2).

قلت: يعني أن مثله لا يتفقد منه السماع؛ لأنه لا يروي إلا متصلاً.

وعن مالك بن أنس قال: " كنا نجلس إلى الزهري وإلى محمد بن المنكدر، فيقول الزهري: قال ابن عمر كذا كذا، فإذا كان بعد ذلك جلسنا إليه، فقلنا له: الذي ذكرت عن ابن عمر من أخبرك به؟ قال: ابنه سالم "(3).

الثانية: مقارنة الأسانيد، فيكشف بذلك من أسقط في موضع العنعنة للشيخ المعين، مع إدراك ذلك الشيخ وسماعه في الأصل ممن عنعن عنه.

وذلك مثل: حديث رافع بن خديج، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر ".

هذا الحديث رواه سفيان الثوري وسفيان بن عيينة وأبو خالد سليمان بن حيان الأحمر ويحيى بن سعيد القطان، وهؤلاء كلهم ثقات، عن محمد بن عجلان، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رافع، به.

(1) أخرجه ابن أبي حاتم في " تقدمة الجرح "(ص: 82) وإسناده صحيح.

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في " التقدمة "(ص: 233 _ 234) وإسناده جيد.

(3)

أخرجه أحمد في " العلل "(النص: 476) _ ومن طريقه: ابن عبد البر في " التمهيد "(1/ 37) _ وابن سعد في " الطبقات "(ص: 179 _ القسم المتمم) وإسناده صحيح .......

ص: 984

ورواه جماعة عن محمد بن إسحاق صاحب السيرة، عن عاصم بن عمر، ولم يقل في شيء من الروايات:(حدثني عاصم).

وهذه متابعة لابن عجلان، هكذا أوهم ابن إسحاق بتدليسه، وكشفت رواية أخرجها الإمام أحمد (1) عن حقيقة ذلك قال فيها: حدثنا يزيد (وهو ابن هارون)، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، قال: أنبأنا ابن عجلان، عن عاصم، بباقي الإسناد به.

فعاد الحديث لابن عجلان، فتأمل كيف أوهم التدليس طريقاً جديداً للحديث، ولو كان ابن عجلان ضعيفاً وأسقط، وبقي في السند الثقات لأوهم القبول، وقد عهد ابن إسحاق بكثرة التدليس، وهو يدلس عن مجروحين.

الثالثة: معرفة قدر ما روى الراوي عن شيخه متصلاً، فإذا روى عنه غير ذلك علمنا أنه إنما تلقاه عنه بواسطة، فأسقطها.

لكن هذا الطريق يوجب تحريا ًشديداً قبل الجزم به.

فلو اعتمدت مثلاً قول يحيى بن سعيد القطان: " كان ابن جريج لا يصحح أنه سمع من الزهري شيئاً "، قال:" فجهدت به في حديث: إن ناساً من اليهود غزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسهم لهم. فلم يصحح أنه سمع من الزهري. ولم يسمع ابن جريج من مجاهد إلا حديثاً واحداً "(فطلقوهن في قبل عدتهن). ولم يسمع ابن جريج من ابن طاوس إلا حديثاً في محرم أصاب ذرات، قال: فيها قبضات من طعام. ولم يسمع الحجاج بن أرطاة من الشعبي إلا حديثاً: لا تجوز صدقة حتى تقبض " (2).

فهذا لا يسلم على إطلاقه فيمن ذكر، ولا يصلح أن يبنى عليه بمجرده

(1) في " مُسنده "(3/ 465).

(2)

أخرجه ابن أبي حاتم في " التقدمة "(ص: 245) بإسناد صحيح إلى يحيى.

ص: 985

مثلاً أن يكون جميع ما يرويه ابن جريج عن الزهري غير هذا الحديث مما لم يسمعه منه، فيحمل على أن ابن جريج دلس فيه؛ وذلك لأننا وجدنا في أحاديث كثيرة يقول فيها ابن جريج:(أخبرني الزهري) وغير ذلك من صيغ التحمل المباشر.

وقد قال سفيان بن عيينة: " ابن جريج جاء إلى الزهري بأحاديث، فقال: أريد أن أعرضها عليك، فقال: كيف أصنع بشغلي؟ قال: فأرويها عنك؟ قال: نعم "(1).

وقال أحمد بن حنبل: " ابن جريج عرض، وهو يقول: سألت ابن شهاب "(2).

وقال علي بن المديني: " ابن جريج لم يسمع من ابن شهاب شيئاً، إنما عرض له عليه "، قال:" وقال يحيى (يعني القطان): قال لي سفيان بن حبيب: بلى قد سمع منه كذا كذا، قال: فأتيته، فسألته عنه؟ فقال: ما أدري، سمعته أو قرأته "(3).

قلت: عرض على الزهري، وطائفة من الأئمة منهم الزهري نفسه يرون العرض كالسماع.

إذاً، فلا تحمل روايته عنه لغير الحديث المذكور لو ذكر السماع على

(1) أثر صحيح. أخرجه الخطيب في " الكفاية "(ص: 457) من طريق مُحمد بن عباد، عن سُفيان به، وإسناده جيد.

ورَوى ابن عيينة عنه معنى ذلك كذلك في قصة ابن جريج من غير هذا الوجه، أخرجه الرامهرمزي (ص: 436) والخطيب في " الكفاية "(ص: 457).

(2)

أخرجه البغوي في " الجعديات "(رقم: 2962) عن مُحمد بن علي الجوزجاني المعروف بحمدان الوراق عن أحمد، وإسناده صحيح، الجوزجاني من أصحاب أحمد بغدادي ثقة .......

(3)

أخرجه يعقوب بن سفيان في " المعرفة "(2/ 139) _ ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية "(ص: 388) بأوله _ وإسناده صحيح.

ص: 986