الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصورة الثانية: التصحيف في الأسانيد والمتون
.
وهذا يقع في المتن وفي الإسناد، كما بينته في (الحديث المصحف).
فمثاله في الإسناد:
ما رواه زهير بن معاوية، عن واصل بن حيان البجلي، حدثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
" الكمأة دواء العين، وإن العجوة من فاكهة الجنة، وإن هذه الحبة السوداء دواء من كل داء إلا الموت "(1).
قلت: إسناد هذا الحديث ظاهره الصحة، ولكن الحال أن زهيراً قد تحرف عليه اسم شيخه فيه، وصوابه:(صالح بن حيان).
بين ذلك جماعة من كبار الأئمة:
قال أحمد بن حنبل وذكر صالح بن حيان: " غلط زهير في اسمه، فقال: واصل بن حيان "(2).
وقال يحيى بن معين وذكر زهير بن معاوية: " يخطىء عن صالح بن حيان، يقول: واصل بن حيان، ولم يرَ واصل بن حيان "(3).
وقال أبو حاتم الرازي وسأله ابنه عن هذا الحديث: " أخطأ زهير مع إتقانه، هذا هو صالح بن حيان، وليس هو واصل، وصالح بن حيان ليس بالقوي، هو شيخ، ولم يدرك زهير واصلاً "(4).
(1) أخرجه أحمد (5/ 346).
(2)
سؤالات أبي داود (النص: 8).
(3)
تاريخ يحيى بن معين، رواية الدوري (النص: 2127)، وروى الآجري عن أبي داود عن يحيى نَحوه (سؤالاته، النص: 509).
(4)
علل الحديث، لابن أبي حاتم (رقم: 2182).
قلت: وكذلك روى هذا الحديث عن صالح بن حيان: محمد بن عبيد الطنافسي (1)، وعبدة بن سليمان (2).
ومثاله في المتن:
ما روي عن حديج بن معاوية، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي هريرة وأبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:" الإيمان كلمات ".
سأل ابن أبي حاتم الرازي أباه عنه؟ فقال: " خطأ، وإنما هو: ألا إنما هو كلمات: سبحان الله، والحمد لله. ورواه جماعة كثيرة عن حديج هكذا، ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق، عن الأغر، عن أبي هريرة، وأبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلمات من قالهن: سبحان الله، والحمد لله، الحديث ".
قال أبو حاتم: " قال لنا أبو حصين (3): رأيت في كتاب أبي هذا الحديث: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الا)، وقد تآكل ما بعده، فجاء الرازيون فلقنوه: (الإيمان كلمات)، وإنما موضعه موضع دارس قد تآكل "(4).
قلت: وهذا الحشو لموضع السقط أبدع للحديث معنى لم يأت به، كما لا يخفى.
قلت: ومثل هذا نراه اليوم يقع كثيراً من كثير من المتعرضين لنشر كتب العلم ومصادر السنن، منهم من ينشأ تحريفه من سوء قراءته لنص الأصل، ومنهم من يقع له ذلك بسبب إقحامه على النص ما ليس منه، كتعليق في هامش المخطوط ليس لحقاً مصححاً، يدخله على النص، أو يزيد
(1) أخرجه أحمد (5/ 351) والروياني (رقم: 23).
(2)
أخرجه ابن عدي (5/ 81).
(3)
اسمه: عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن يونس، كوفي ثقة.
(4)
علل الحديث، لابن أبي حاتم (رقم: 1958 _ 1959).
من كتب التخرج والإحالة ما لم يكن في النص، وهذا من أقبح ما يكون، وقد رأينا من يخرج الحديث من كتاب آخر فيجده في الفرع المخرج عنه موصولاً، وهو في أصل الذي تحمل ثقل الأمانة فيه مرسل أو منقطع، فيزيد الوصل من فرع التخريج، فيجعله موصلاً، وقد يكون الإرسال في أصله علة للوصل في فرع التخريج.
وكشف هذا النوع من أخطاء الثقات أيسر مما سواه من علل الحديث، كالقلب والوهم بمخالفة الثقات، أو التفرد عنهم بما تقوم الشبهة فيه.
كما قال مسلم بن الحجاج: " الذي يدور به معرفة الخطأ في رواية ناقل الحديث إذا هم اختلفوا فيه من جهتين:
أحدهما: أن ينقل الناقل حديثاً بإسناد، فينسب رجلاً مشهوراً بنسب في إسناد خبره خلاف نسبته التي هي نسبته، أو يسميه باسم سوى اسمه، فيكون خطأ ذلك غير خفي على أهل العلم حين يرد عليهم " (1).
ومثل لذلك، فمن تلك الأمثلة (2):
1_
قول النعمان بن راشد: عن الزهري، عن أبي الطفيل عمرو بن واثلة.
قال مسلم: " ومعلوم عند عوام أهل العلم أن اسم أبي الطفيل عامر، لا عمرو ".
2 _
قول مالك: عن الزهري: عن عباد، وهو من ولد المغيرة بن شعبة.
قال مسلم: " وإنما هو عباد بن زياد بن أبي سفيان، معروف النسب عند أهل النسب، وليس من المغيرة بسبيل ".
(1) التمييز (ص: 170).
(2)
انظر: التمييز (ص: 171).