الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحاكم في مواضع كثيرة، وأهمل مواضع أخرى، ونشر " مختصر الذهبي " في هامش " المستدرك "، وحين يقول الحاكم مثلاً:" حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " يختصر ذلك الذهبي بقوله مثلاً: " على شرطهما "، فهذا من الذهبي ليس موافقة ولا مخالفة، وإنما هو سكوت، فلا يصلح أن يضاف إليه القول بالموافقة، فيقال في الحديث:" صححه الحاكم ووافقه الذهبي "، إنما الصواب:" صححه الحاكم وسكت عنه الذهبي "، ولم يبين الذهبي أن سكوته دال على الموافقة.
تنبيهان:
التنبيه الأول: شاع عند بعض المتأخرينَ إطلاق عبارة " الصحاح الستة " ويعنون إضافة للبخاري ومسلم: سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة.
وهذا إطلاق ليس بصحيح، فإن هؤلاء الأئمة غير الشيخين لم يشترطوا صحة الأحاديث التي في كتبهم، وهي وإن كان أكثر ما فيها من الصحيح الثابت؛ إلا أنها تشتمل على الحديث الحسن، والضعيف بأنواع مختلفة من الضعف، بل وفي بعضها المنكر والموضوع.
وما وقع على أغلفة بعض طبعات " الجامع " للترمذي من تسميته بـ" الجامع الصحيح " فإنه من أغلاط الناشرين، والترمذي مؤلف الكتاب لم يطلق وصفه بالصحة، بل إنه علل في كتابه كثيراً من الأحاديث، وإنما سماه:" الجامع "، وكثير من متأخري العلماء سموه " السنن" وجعلوه أحد كتب السنن التالية لـ" الصحيحين " في الترتيب.
وأما قول الحافظ أبي طاهر السلفي وقد ضم السنن عدا ابن ماجة إلى " الصحيحين ": " اتفق على صحتها علماء المشرق والمغرب "(1)، فهذا في كتب " السنن" على اعتبار الأغلب، وقلة الحديث الضعيف فيها.
(1) نقله ابنُ سيد الناس في " النفح الشذي "(1/ 190).
التنبيه الثاني: كتاب " الأحاديث المختارة "، للحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي (المتوفى سنة: 643)، كتاب متأخر التصنيف لتأخر وفاة مؤلفه، عمدته فيما خرجه فيه على تخريج الحديث بأسانيده إلى أصحاب المصنفات، كـ (مسند أبي يعلي) و (معاجم الطبراني) وغيرها، وخطته فيه بينها في صدره بقوله:
" هذه أحاديث اخترتها مما ليس في البخاري ومسلم، إلا أنني ربما ذكرت بعض ما أورده البخاري تعليقاً، وربما ذكرنا أحاديث بأسانيد جياد لها علة، فنذكر بيان علتها حتى يعرف ذلك "(1).
وهذا الكتاب يغلب عليه الحديث الصحيح، لكن فيه ما هو معلل بما يذكره الضياء نفسه في تعليله، كما أشار هنا، وفيه ما يسكت عنه ولا يصح، لكن حرصه على أن يكون منتقى من أجود الحديث ظاهرٌ فيه.
ولا يصلح أن يطلق عليه وصف الصحة، إنما فيه الصحيح الغالب، كما يوجد الصحيح الغالب في كتب السنن المعروفة، غير أنه يمتاز بكون ما فيه من الصحيح فهو مما يزيد على البخاري ومسلم.
وهو فيه أشد احتياطاً من الحاكم، ولذا قدمه طائفة من متأخري العلماء على " المستدرك " للحاكم.
قال ابن تيمية: " هو أصح من صحيح الحاكم "(2)، وكذلك جاء عن الزركشي (3).
وقال تلميذه ابن عبد الهادي المقدسي: " اختاره من الأحاديث الجياد الزائدة على ما في الصحيحين، وهو أعلى مرتبة من تصحيح الحاكم، وهو
(1) الأحاديث المختارة (1/ 69 _ 70) .......
(2)
الفتاوى الكبرى (3/ 48).
(3)
الرسالة المستطرفة، للكتاني (ص: 24).
قريب من تصحيح الترمذي وأبي حاتم البستي، ونحوهما، فإن الغلط في هذا قليل، ليس هو مثل صحيح الحاكم، فإن فيه أحاديث كثيرة يظهر أنها كذب موضوعة، فهذا انحطت درجته عن درجة غيره " (1).
وقال السخاوي: " هي أحسن من المستدرك "(2).
قلت: هو مرتب على مسانيد الصحابة، ولم يكمله.
التنبيه الثالث: كتاب " المنتقى " للحافظ أبي محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري (المتوفى سنة: 306)، كتاب مختصر في أحاديث الأحكام، عامته أحاديث صحيحه إلا شيئاً يسيراً.
التنبيه الرابع: ادعى الإباضية أن أصح كتاب في الحديث بعد كتاب الله تعالى هو " مسند الربيع بن حبيب الأزدي " ويقدمونه على " الصحيحين ".
وهذا " المسند " منسوب إلى الربيع، وهو بصري معروف من أهل المئة الثانية، مقارب في الطبقة للإمام مالك بن أنس، لكنه لم يشتهر عند أهل العلم بالرجال كما اشتهر أعيان طبقته من البصريين أو غيرهم، والأشبه من خلال دراسة ترجمته أنه رجل صدوق له حديث قليل، أما هذا " المسند " الذي سموه بـ " المسند الصحيح " فإنا نقبله لو نقل إلينا من أصل صحيح النسبة إلى الربيع، لكن هذه بغية قصدها بعض معاصري الأباضية منتصراً لثبوت هذا الكتاب، ولم أر عنده غير الدعوى، فليس للكتاب نسخة صحيحة، ولا له إسناد معروف.
* * *
(1) الصارم المنكي (ص: 99).
(2)
فتح المغيث (1/ 38) .......