المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سادسا: أن يثبت عن راوي الحديث ترك عمله به، أو ذهابه إلى خلافه - تحرير علوم الحديث - جـ ٢

[عبد الله الجديع]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالثالنقد الخفي

- ‌الفصل الأولالمراد بالنقد الخفِيِّ وبيانمنزلته وتعيينُ محلَّه

- ‌المبحث الأول:معنى النقد الخفي

- ‌طريقةُ النُّقَّاد فيما يسمَّى (علّة):

- ‌المبحث الثاني:منزلة هذا العلم والطريق إليه

- ‌المبرّزون من أئمة الحديث في معرفة علله:

- ‌هل انتهى الزمن الذي يمكن فيه تمييز العلل الخفية للأحاديث

- ‌المبحث الثالث:تحديد إطار النقد الخفيِّ

- ‌الصورة الأولى: ما أطلق عليه مسمى (العلة) وليس من هذا الباب

- ‌الصورة الثانية: ما أطلق عليه مسمى (العلة) ولا أثر له على ثبوت الحديث

- ‌الصورة الثالثة: ما أطلق عليه مسمى (العلة)، وهو من العلل الظاهرة

- ‌الصورة الرابعة: ما أطلق عليه مسمى (العلة)، وهو صواب

- ‌الفصل الثانيأسباب التَّعليل من خلالمنهج النُّقَّاد

- ‌المبحث الأول:التعليل بالتَّفرُّد

- ‌مسألتان متممتان لمبحث التفرد:

- ‌المبحث الثاني:التعليل بالزيادة

- ‌الأصل الأول: محل وقوع زيادات الثقات

- ‌أولاً: وصل المرسل

- ‌ثانياً: رفع الموقوف

- ‌ثالثاً: الزيادة خلال الإسناد

- ‌الصورة الأولى: زيادة راوٍ خلال الإسناد في موضع عنعنة

- ‌الصورة الثانية: المزيد في متصل الأسانيد

- ‌الصورة الثالثة: زيادة ذكر التحديث والسماع بدل العنعنة

- ‌رابعاً: الزيادة في متن الحديث

- ‌خامساً: الإدراج

- ‌الأصل الثاني: الحكم في زيادة الثقة

- ‌القسم الأول: زيادة الثقة في الإسناد:

- ‌القسم الثاني: زِيادة الثقة في المتن

- ‌المبحث الثالث:التعليل بالمخالفة

- ‌النوع الأول: الشذوذ

- ‌النوع الثاني: مُخالفة القرآن

- ‌النوع الثالث: مخالفة المعروف من السنن النبوية

- ‌النوع الرابع: مخالفة المحسوس

- ‌النوع الخامس: مخالفة العقل

- ‌خلاصة هذا المبحث:

- ‌المبحث الرابع:التعليل بالاختلاف

- ‌معنى الاختلاف على الراوي:

- ‌القسم الأول: اختلاف غير قادح

- ‌القسم الثاني: اختلاف قادح

- ‌الصورة الثانية: الاضطراب

- ‌المبحث الخامس:التعليل بالغلط

- ‌الصورة الأولى: دخول حديث في حديث

- ‌الصورة الثانية: التصحيف في الأسانيد والمتون

- ‌الصورة الثالثة: القلب:

- ‌المبحث السادس:التعليل بالتدليس

- ‌الفصل الثالثقوانين ضبط عمليةتعليل الأحاديث

- ‌المبحث الأولعلم التخريج

- ‌تفسير علم التخريج:

- ‌التخريج بمعنى جمع الطرق والألفاظ:

- ‌من القواعد الواجب اعتبارها في علم التخريج

- ‌أولاً: ملاحظة ألفاظ الإحالة ودلالاتها

- ‌ثالثاً: الأخذ من نسخة مروية بإسناد واحد

- ‌المبحث الثاني:علامات لكشف العلة من منهج المتقدمين

- ‌أولاً: أن يأتي أحد وجهي الرواية على الجادة، والآخر خارجاً عنها

- ‌رابعاً: أن يأتي الحديث موافقاً للمنقول عن أهل الكتاب

- ‌خامساً: أن يكون الثقة يرجع إلى أصول، ولا يوجد ذلك الحديث في أصوله

- ‌سادساً: أن يثبت عن راوي الحديث ترك عمله به، أو ذهابه إلى خلافه

- ‌المبحث الثالث:مقدمات أساسية لكشف العلة الخفية

- ‌المقدمة الأولى: تمييز مراتب الرواة الثقات

- ‌المقدمة الثانية: حفظ الأسانيد المعروفة الصحة، والأسانيد المعللة

- ‌المقدمة الثالثة: تمييز المراسيل، ومن كان معروفاً بالإرسال

- ‌المقدمة الرابعة: تمييز ما يدخل على أحاديث بعض الثقات، وهماً أو تعمداً

- ‌المقدمة الخامسة: تمييز التدليس، ومعرفة ما يقع من بعض الثقات من تدليس الأسماء

- ‌المقدمة السادسة: تمييز بلدان الرواة، ومعرفة ما يتفردون به من السنن

- ‌المقدمة السابعة: تمييز المتشابه من الأسماء والكنى والألقاب

- ‌المقدمة الثامنة: تمييز المقلين من الرواة والمكثرين

- ‌المقدمة التاسعة: تمييز أصح ما يروى في الباب

- ‌المقدمة العاشرة: تمييز الأبواب التي لا يثبت فيها حديث

- ‌المقدمة الحادية عشرة: تفقد صيغ التحمل والأداء

- ‌المقدمة الثانية عشرة: تمييز الإدراج للألفاظ في سياقات المتون

- ‌القسم الثانيأصناف الحديثمن جهة القبول والرد

- ‌الباب الأولالحديث المقبول

- ‌الفصل الأولالحديث الصحيح

- ‌المبحث الأولتعريف الحديث الصحيح

- ‌المراد بشروط صحة الحديث على سبيل الإجمال:

- ‌الشرط الأول: اتصال السند

- ‌الشرط الثاني: عدالة الرواة

- ‌الشرط الثالث: ضبط الرواة

- ‌الشرط الرابع: السلامة من العلل المؤثرة

- ‌المبحث الثاني:تطبيق لإظهار تحقق شروط الحديث الصحيح

- ‌المبحث الثالث:نقد تعريفات الصحيح

- ‌المبحث الرابع:الحديث الصحيح في اصطلاح الترمذي

- ‌الفصل الثانيالحديث الحسن

- ‌المبحث الأول:تعريف الحديث الحسن

- ‌الترمذي و (الحديث الحسن):

- ‌المبحث الثاني:تاريخ هذا (المصطلح)

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث الثالث:تطبيق لتحقيق شروط حسن الحديث

- ‌تطبيق للحديث الحسن لذاته:

- ‌تطبيق للحديث الحسن لغيره:

- ‌الفصل الثالثمباحث في الصحيح والحسن

- ‌المبحث الأول:الكتب في الحديث الصحيح

- ‌ طريقة الشيخين في تخريج حديث من تكلم فيه من الرواة

- ‌المبحث الثاني:ذكر المصنفات المسماة بـ (الصحاح)غير كتابي الشيخين

- ‌1 _ صحيح ابن خزيمة

- ‌2_ صحيح ابن حبان

- ‌3 _ المستدرك على الصحيحين

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث الثالث:الأحاديث المعلقات في " صحيح البخاري

- ‌إطلاق مصطلح (المعلق):

- ‌سبب تعليق الحديث:

- ‌تنبيهان:

- ‌تتمة في مسائل تتصل بالمعلقات:

- ‌المبحث الرابع:السنن الأربعة والمسندأعظم دواوين السنة بعد الصحيحين

- ‌شرط أبي داود في (سننه):

- ‌شرط الترمذي في " سننه

- ‌شرط النسائي في " سننه

- ‌شرط ابن ماجة في " سننه

- ‌شرط أحمد في " المسند

- ‌المبحث الخامس:المستخرجات على " الصحيحين

- ‌فوائد المستخرجات:

- ‌من أمثلة المستخرجات على " الصحيحين

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث السادس:أين يوجد الحديث الصحيح في غيرالكتب الموسومة بالصحة

- ‌المبحث السابع:تصحيح الحديث على شرط الصحيح

- ‌ شرط البخاري

- ‌شرط مسلم

- ‌الواجب اعتباره لفهم شرط الشيخين فيما انتقياه

- ‌المبحث الثامن:مسائل في الحديث الصحيح والحسن

- ‌المسألة الأولى: الحديث الصحيح والحسن كلاهما حجة

- ‌المسألة الثانية: درجات الصحة تتفاوت في القوة بحسب القرائن

- ‌المسألة الثالثة: هل صحة الإسناد توجب صحة الحديث

- ‌المسألة الرابعة: قولهم في الحديث: (رجاله ثقات) هل يعني الصحة

- ‌المسألة الخامسة: عدد الحديث الصحيح

- ‌المسألة السادسة: قولهم: (أصح شيء في الباب)

- ‌المسألة السابعة: أصح الأسانيد

- ‌المسألة الثامنة: قولهم: (حديث جيد)

- ‌المسألة التاسعة: أين يوجد الحديث الحسن

- ‌المسألة العاشرة: أوصاف للحديث تفيد القبول

- ‌المسألة الحادية عشرة: استدلال العالم بحديث، هل يعني تصحيحه له

- ‌الباب الثانيالحديث المردود

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأولألقاب الحديث الضعيفبسبب عدم الاتصال

- ‌المبحث الأولالحديث المنقطع

- ‌الصورة الثانية: أن يكون بدل السقط إبهام لراو

- ‌سبب إبهام الراوي:

- ‌كيف يثبت الانقطاع

- ‌المبحث الثاني:الحديث المعضل

- ‌طريق معرفة المعضل:

- ‌المبحث الثالث:الحديث المرسل

- ‌نقد تعريفات المرسل:

- ‌مثال المرسل:

- ‌طريق تمييز المرسل:

- ‌المبحث الرابع:مسائل في الانقطاع والإرسال

- ‌المسألة الأولى: تداخلُ استعمال مصطلح (المنقطع) في (المرسل) عند السلف:

- ‌المسألة الثانية: المفاضلة بين المراسيل

- ‌القول في مراسيل سعيد بن المسيب:

- ‌قولهم في مراسيل عروة بن الزبير:

- ‌قولهم في مراسيل الحسن البصري:

- ‌قولهم في مراسيل جماعة آخرين:

- ‌المسألة الثالثة: حكم الحديث المرسل:

- ‌المسألة الرابعة: رواية الصحابي ما لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس:الحديث المدلس

- ‌النوع الأول: تدليس الوصل

- ‌القسم الأول: تدليس الإسناد

- ‌القسم الثاني: تدليس التسوية

- ‌سبب وقوع التدليس في الإسناد:

- ‌النوع الثاني: تدليس الأسماء

- ‌تحرير الفرق بين (التدليس) و (الإرسال الخفي):

- ‌تاريخ التدليس:

- ‌مذاهب أهل العلم في خبر المدلس:

- ‌الترجيح:

- ‌تنبيه:التهمة للثقة بالتدليس دون دليل من قبيل الجرح المبهم

- ‌كيف يعرف التدليس

- ‌طبقات المدلسين:

- ‌فائدة في الرواة الوارد عليهم مظنة التدليس:

- ‌الصيغة التي يندفع بها التدليس عن الموصوف به:

- ‌تتمة في مسائل في التدليس:

- ‌الفصل الثانيألقاب الحديث الضعيفبسبب جرح الراوي

- ‌المبحث الأول:حديث المجهول

- ‌المبحث الثاني:الحديث اللين

- ‌المبحث الثالث:الحديث المقلوب

- ‌الصورة الأولى: قلب في الإسناد

- ‌الصورة الثانية: قلب في المتن

- ‌الصورة الثالثة: التحول من حديث إلى حديث

- ‌المبحث الرابع:الحديث المصحف

- ‌طريق معرفة التصحيف أو التحريف في الرواية:

- ‌المبحث الخامس:الحديث المدرج

- ‌القسم الأول: مدرج الإسناد

- ‌القسم الثاني: مدرج المتن

- ‌طريق معرفة الإدراج:

- ‌المبحث السادس:الحديث الشاذ

- ‌ زيادات الثقات

- ‌ المزيد في متصل الأسانيد

- ‌المبحث السابع:الحديث المعلل

- ‌المبحث الثامن:الحديث المضطرب

- ‌المبحث التاسع:الحديث المنكر

- ‌تفسير مصطلح (المنكر) في كلام المتقدمين:

- ‌المبحث العاشر:الحديث الموضوع

- ‌بداية ظهور الكذب في الحديث:

- ‌أسباب تعمد وضع الحديث:

- ‌السبب الأول: الطعن على الإسلام، والتشكيك فيه

- ‌السبب الثاني: نصرة الأهواء:

- ‌السبب الثالث: الترغيب في الأعمال الصالحة

- ‌السبب الرابع: الرغبة في استمالة السامعين

- ‌مصادر المتون الموضوعة:

- ‌مسائل في الموضوع:

- ‌المسألة الأولى: مصطلح (حديث لا أصل له)

- ‌المسألة الثالثة: الكتب المؤلفة في تمييز الأحاديث الموضوعة

- ‌المسألة الرابعة: مما يساعد على تمييز الموضوع في الحديث: معرفة أبواب مخصوصة

- ‌الفصل الثالثحكم الاعتباربالحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول:تفسير الاعتبار

- ‌المبحث الثاني:تمييز ما يصلح للاعتبار

- ‌ صلاحية الراوي

- ‌ صلاحية نفس الحديث

- ‌تنبيه:الاعتبار بالطرق المرجوحة التي دل النظر على أنها خطأ، لا يصح

- ‌المبحث الثالث:تقوية الحديث بتعدد الطرق

- ‌الشرط الأول: أن يكون حديثاً له نفس درجة المجبور به من جهة من يضاف إليه

- ‌الشرط الثاني: أن يكون في أدنى درجاته مما يصلح الاعتبار به

- ‌مناقشة قول الشافعي فيما يتقوى به المرسل:

- ‌الشرط الرابع: أن يوجد فيه معنى المجبور به إن لم يطابقه في لفظه

- ‌الفصل الرابعاستعمالالحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول:حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف

- ‌المبحث الثاني:الحديث الضعيف في فضائل الأعمال

الفصل: ‌سادسا: أن يثبت عن راوي الحديث ترك عمله به، أو ذهابه إلى خلافه

ويشبهه: أن يعاد حديث الثقة إلى أصل غيره من الثقات ممن شاركه في السماع، فلا يوجد الحديث فيه على الوجه الذي ذكره.

مثل: قال أحمد بن منصور الرمادي: قلت لعلي بن المديني: حدثني بعض مشايخنا المصريين، عن ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرة، عائشة، قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين: فذكر الحديث.

فحرك رأسه، وضحك، قال: ليس هذا بشيء، وقال: جرير بن حازم إنما سمع من يحيى بن سعيد بالبصرة مع حماد بن زيد في كتاب حماد بن زيد، وهذا الحديث إنما رواه حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن الزهري، قال: قالت عائشة: أصبحت أنا وحفصة صائمتين.

وليس هذا من حديث عمرة، إنما سمعه يحيى بن سعيد من الزهري، والزهري إنما سمعه من رجل لا يعرفه، حدثه به بعض من يدخل على عائشة، عن عائشة (1).

‌سادساً: أن يثبت عن راوي الحديث ترك عمله به، أو ذهابه إلى خلافه

.

وهذا مسألة شائعة في الأصول على خلاف وتفصيل، لكنها أيضاً طريق جرى كبار نقاد الحديث على اعتباره في تعليل الحديث، كعلامة على العلة، أو تكون هي العلة، فيقضى على ناقلها بالوهم إن كان من الثقات، أو الضعف إن كان ممن دونهم.

وله أمثلة كثيرة، منها.

تضعيف جميع ما روي عن أبي هريرة في المسح على الخفين، بما جاء عنه في إنكاره.

(1) أخرجه المقدمي في آخر كتاب " التاريخ "(ص: 155 _ 156).

ص: 754

نعم، الأحاديث المروية عن أبي هريرة في إثبات المسح عديدة، لكنها معلولة بغير علة (1)، غير أن مخالفتها المروي عنه في إنكار المسح من جملة تلك الأدلة على ضعفها.

والرواية عن أبي هريرة بترك المسح جاءت عنه من وجهين:

الأول: عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، قال: سألت أبا هريرة عن المسح على الخفين؟ قال: فدخل أبو هريرة دار مروان بن الحكم، فبال، ثم دعا بماء فتوضأ، وخلع خفيه، وقال: ما أمرنا الله أن نمسح على جلود البقر والغنم (2).

والثاني: عن أبي رزين، قال: قال أبو هريرة: ما أبالي، على ظهر خفي مسحت، أو على ظهر حمار (3).

وهذان خبران صحيحان عن أبي هريرة، ظاهران في مذهبه في ترك المسح على الخفين، وقد حكم بثبوتها عن أبي هريرة مسلم بن الحجاج، وقال:" ولو كان قد حفظ المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجدر الناس وأولاهم للزومه والتدين به، فلما أنكره. . . بان ذلك أنه غير حافظ المسح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن من أسند ذلك عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، واهي الراوية، أخطأ فيه إما سهواً أر تعمداً ".

قال مسلم بعد إيراده إحدى الطرق عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في

(1) كما بينت ذلك في " علل الحديث ".

(2)

أخرجه مسلم في " التمييز "(رقم: 89) قال: حدثنا مُحمد بن المثنى، حدثنا محمد، حدثنا شُعبةُ، عن يزيد بن زاذِي (في الأصل: زاذان)، قال: سمعت أبا زُرعة، به.

قلت: وهذا إسنادٌ صحيح، ومُحمد هو ابن جَعفر غنْدرٌ.

(3)

أخرجه ابنُ أبي شيبة (1/ 186) قال: حدثنا يونس بن محمد، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا إسماعيل بن سُميْع، قال: حدثني أبو رَزين، به.

قلت: هذا إسناد صحيح، وأبو رَزين اسمه مَسْعود بن مالك.

ص: 755

إثبات المسح: " هذه الرواية في المسح عن أبي هريرة ليست محفوظة، وذلك أن أبا هريرة لم يحفظ المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم، لثبوت الرواية عنه بإنكاره المسح على الخفين "(1).

وسئل الدارقطني عن الأحاديث الواردة عن أبي هريرة في المسح، فذكر خمسة من طرقها، ثم قال:" قال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر، وكلها باطلة، ولا يصح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح "(2).

ومع صحة الرواية بإنكار المسح عن أبي هريرة، وجدت ابن عبد البر يقول فيه:" لا يثبت "(3)، ولم يعلله بشيء، وتبعه على ذلك جماعة ممن جاء بعده، وقوله هذا خلاف قول أحمد ومسلم.

بل سبق الشافعي إلى إثبات الرواية بالإنكار عن أبي هريرة، فقال:" ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين، فأنكر المسح علي بن أبي طالب وعائشة وابن عباس وأبو هريرة، وهؤلاء أهل علم بالنبي صلى الله عليه وسلم، ومسح عمر وسعد وابن عمر وأنس بن مالك، وهؤلاء أهل علم به "(4).

قلت: فهذا مثال لتعليل الروية أو الروايات بمجيئها على خلاف الثابت المحفوظ عن راويها من رأيه ومذهبه.

(1) التمييز (ص: 209).

(2)

العلل (8/ 276)، وحكي ابنُ حجر في " التلخيص " (1/ 158) قال:" قال أحمد: لا يصحُّ حديث أبي هريرة في إنكار المسح، وهو باطلٌ "، كذا قال، وما نقله الدارقطني عن أحمد هوَ الصواب، وبمعناه كذلك نقل ابنُ رجبٍ عن أحمد في " شرح العلل "(2/ 797)، وفي نصٍّ ساقه ابنُ عبد البر في " التمهيد "(11/ 139) من رواية أبي بكر الأثرم عن أحمد أنَّ أبا هريرة كانَ لا يرى المسح، مما يوكِّدُ خطأ حِكاية إنكار أحمد للرواية بترك المسح عن أبي هريرة، وإنما أنكر الرواية عنه بإثبات المسح.

(3)

التمهيد (11/ 138).

(4)

الأم: (14/ 598).

ص: 756

ورأيت أحمد بن حنبل أعمل هذا الأصل أيضاً (1).

ومما يتصل بهذا الأصل: تعليل زيادة في الحديث مع كونها من رواية الثقة؛ من أجل أنها جاءت على خلاف المحفوظ من رأي الصحابي راوي الحديث.

قال أحمد بن حنبل: " كان شعبة يتهيب حديث ابن عمر: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى. يعني يتهيبه للزيادة التي فيها: (والنهار)؛ لأنه مشهور عن ابن عمر من وجوه: (صلاة الليل)، ليس فيه: (والنهار)، وروى نافع أن ابن عمر: كان لا يرى بأساً أن يصلي بالنهار أربعاً. وبعضهم قال: أنه كان يصلي بالنهار أربعاً فلو كان حفظ ابن عمر عن النبي عليه السلام: (صلاة النهار مثنى مثنى) لم يكن يرى أن يصلي بالنهار أربعاً، وقد روي عن عبد الله بن عمر قوله: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى "(2).

سابعاً: أن يدل على نكارة الحديث ما يجده الناقد من نفرة منه ينزه عن مثلها الوحي وألفاظ النبوة.

والمقصود أن يقع ذلك الشعور لمن عايش المفردات والمعاني النبوية حتى أصبح وهو يحرك لسانه بالألفاظ النبوية، وكأنه يتذوق منها ريق النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا قد يرد عليه من الرواية ما يجد له مرارة أو بعض مرارة، فيرد على قلبه الحرج في نسبة مثل ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون ذلك

(1) قال أبو داود السجستاني: سمعت أحمد (يعني ابنَ حنبل) ذكر حديثاً لصالح بن كيْسان، عن الحارث بن فُضيْل الخَطمي، عن جعفر بن عبد الله بن الحكم، عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، عن أبي رافع، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم:" يكون أمراءُ، يقولون ما لا يَفعلون، فمن جاهدهم بيده ". قال أحمد: " جَعفرٌ هذا هو أبو عبد الحميد بن جعفر، والحارث بن فُضيْل ليس بمحمودٍ في الحديث، وهذا الكلام لا يُشبه كلام ابن مسعود، ابنُ مسعود يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصْبروا حتى تلْقوني "(مسائل الإمام أحمد، رواية أبي داود ص: 307).

(2)

مسائل الإمام أحمد، رواية أبي داود (ص: 294)، ومعناه (ص: 310).

ص: 757

الشعور علامة على علة في الرواية، توجب عليه بحثاً عن محل الغلط منها حتى يقف عليه.

وليس المقصود أن ينصب الناقد هواه ومزاجه مجرداً لقبول الحديث أو رده، فإن الرأي يخطئ مهما اعتدل وراقب صاحبه ربه، والهوى لا تعصم منه نفس.

ومما وجدته يصلح لهذا مثالاً، حديث بقي في القلب منه غصة زماناً، حتى اطمأنت النفس لعلته، وهو حديث أبي سعيد الخدري: أن رجلاً أتى بابنة له إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابنتي هذه أبت أن تزوج، قال: فقال لها: " أطيعي أباك "، قال: فقالت: لا، حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته، فرددت عليه مقالتها، قال: فقال: " حق الزوج على زوجته أن لو كان به قرحة فلحستها، أو انتثر منخراه صديداً أو دماً ثم لحسته ما أدت حقه "، قال: فقالت: والذي بعثك بالحق، لا أتزوج أبداً، قال: فقال: " لا تنكحوهن إلا بإذنهن ".

قلت: فهذا الحديث فيما ذكر فيه من وصف حق الزوج على الزوجة بهذه الألفاظ المنفرة المستنكرة، ليس في شيء من المعهود في سنة أعف خلق الله صلى الله عليه وسلم، والذي أوتي الحكمة وفصل الخطاب وجوامع الكلم، وقد فصل الله في كتابه ونبيه ذو الخلق العظيم صلى الله عليه وسلم في سنته الحقوق بين الزوجين بأجمع العبارات وأحسن الكلمات، كلها من باب قول ربنا عز وجل:{ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة: 228].

وأما علة الحديث فما هي مجرد النفرة من صيغة تلك العبارات، وإنما روى هذا الحديث جعفر بن عون، قال: حدثني ربيعة بن عثمان، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن نهار العبدي، عن أبي سعيد، به (1).

(1) أخرجه ابنُ أبي شيبة (4/ 303) والنسائي في " الكبرى "(رقم: 5386) والبزار (رقم: 1465) _ كشف الأستار) وابن حبان (9/ 472 رقم: 4164) والدارقطني (3/ 237) والحاكم (2/ 188 _ 189 رقم: 2767) والبيهقي في " الكبرى "(7/ 291) من طرق عن جعفر بن عون، به، واللفظ لابن أبي شيبة والبزار.

ص: 758

قال البزار: " لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد، ولا رواه عن ربيعة إلا جعفر ".

وقال الحاكم: " حديث صحيح الإسناد "، فتعقبه الذهبي بجرح ربيعة.

وكنت اغتررت مدة بكون ربيعة هذا قد أخرج له مسلم في " الصحيح "(1) حديثه " المؤمن القوي "، من روايته عن محمد بن يحيى بن حبان، محتجاً به، فأجريت أمره على القبول في هذا الحديث.

والتحقيق أن تخريج مسلم له لا يصلح الاحتجاج به بإطلاق، فمسلم قد ينتقي من حديث من تكلم فيه وكان الأصل فيه الثقة، فيخرج من حديثه ما تبين له كونه محفوظاً.

أما هذا الحديث فالشأن كما ذكر البزار من تفرد جعفر به عن ربيعة، وهو إسناد فرد مطلق.

وربيعة هذا قال يحيى بن معين ومحمد بن سعد: " ثقة "، وقال النسائي:" ليس به بأس "، لكن قال أبو زرعة الرازي:" إلى الصدق ما هو، وليس بذاك القوي "، وقال أبو حاتم الرازي:" منكر الحديث، يكتب حديثه "(2).

قلت: والجرح إذا بان وجهه وظهر قدحه فهو مقدم على التعديل، كما شرحته في محله من هذا الكتاب، فالرجل أحسن أحواله أن يكون حسن الحديث بعد أن يزول عما يرويه التفرد، فيروي ما يروي غيره، أو يوجد لحديثه أصل من غير طريقه بما يوافقه.

وليس كذلك في هذا الحديث.

(1) أخرجه مسلم (رقم 2664).

(2)

انظر ترجمته في " الجرح والتعديل "(1/ 2 / 477) و " الطبقات " لابن سعد (ص: 396 _ التتمة)" وتهذيب الكمال "(9/ 133).

ص: 759

وعلى هذا المعنى يحمل ما روي من حديث أبي حميد وأبي أسيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إذا سمعتم الحديث عني، تعرفه قلوبكم، وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم قريب، فأنا أولاكم، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم، وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم بعيد، فأنا أبعدكم منه ".

وهذا _ فيما أرى _ حديث في صحته نظر (1)، ولو صح فمحمله: أن يكون شعور العارف بالسنن المخالط للعلم النبوي، المجتهد في البراءة من الهوى، دليلاً على علة في الرواية، لا يجرؤ على القول بها والطعن على الحديث حتى يقف على وجهها.

* * *

(1) جمعت طرقه، وبينت علله في كتابي " علل الحديث "، وقد أخرجه أحمد (25/ 456 رقم: 16058 _ الرسالة و 5/ 425) وابن سعد في " الطبقات "(1/ 387) والبزار (رقم: 187 _ زوائده) والطحاوي في " شرح مُشكل الآثار "(15/ 344 رقم: 6067) وابن حبان في " صحيحه "(رقم 63) وغيرهم.

ص: 760