المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني:الحديث الضعيف في فضائل الأعمال - تحرير علوم الحديث - جـ ٢

[عبد الله الجديع]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالثالنقد الخفي

- ‌الفصل الأولالمراد بالنقد الخفِيِّ وبيانمنزلته وتعيينُ محلَّه

- ‌المبحث الأول:معنى النقد الخفي

- ‌طريقةُ النُّقَّاد فيما يسمَّى (علّة):

- ‌المبحث الثاني:منزلة هذا العلم والطريق إليه

- ‌المبرّزون من أئمة الحديث في معرفة علله:

- ‌هل انتهى الزمن الذي يمكن فيه تمييز العلل الخفية للأحاديث

- ‌المبحث الثالث:تحديد إطار النقد الخفيِّ

- ‌الصورة الأولى: ما أطلق عليه مسمى (العلة) وليس من هذا الباب

- ‌الصورة الثانية: ما أطلق عليه مسمى (العلة) ولا أثر له على ثبوت الحديث

- ‌الصورة الثالثة: ما أطلق عليه مسمى (العلة)، وهو من العلل الظاهرة

- ‌الصورة الرابعة: ما أطلق عليه مسمى (العلة)، وهو صواب

- ‌الفصل الثانيأسباب التَّعليل من خلالمنهج النُّقَّاد

- ‌المبحث الأول:التعليل بالتَّفرُّد

- ‌مسألتان متممتان لمبحث التفرد:

- ‌المبحث الثاني:التعليل بالزيادة

- ‌الأصل الأول: محل وقوع زيادات الثقات

- ‌أولاً: وصل المرسل

- ‌ثانياً: رفع الموقوف

- ‌ثالثاً: الزيادة خلال الإسناد

- ‌الصورة الأولى: زيادة راوٍ خلال الإسناد في موضع عنعنة

- ‌الصورة الثانية: المزيد في متصل الأسانيد

- ‌الصورة الثالثة: زيادة ذكر التحديث والسماع بدل العنعنة

- ‌رابعاً: الزيادة في متن الحديث

- ‌خامساً: الإدراج

- ‌الأصل الثاني: الحكم في زيادة الثقة

- ‌القسم الأول: زيادة الثقة في الإسناد:

- ‌القسم الثاني: زِيادة الثقة في المتن

- ‌المبحث الثالث:التعليل بالمخالفة

- ‌النوع الأول: الشذوذ

- ‌النوع الثاني: مُخالفة القرآن

- ‌النوع الثالث: مخالفة المعروف من السنن النبوية

- ‌النوع الرابع: مخالفة المحسوس

- ‌النوع الخامس: مخالفة العقل

- ‌خلاصة هذا المبحث:

- ‌المبحث الرابع:التعليل بالاختلاف

- ‌معنى الاختلاف على الراوي:

- ‌القسم الأول: اختلاف غير قادح

- ‌القسم الثاني: اختلاف قادح

- ‌الصورة الثانية: الاضطراب

- ‌المبحث الخامس:التعليل بالغلط

- ‌الصورة الأولى: دخول حديث في حديث

- ‌الصورة الثانية: التصحيف في الأسانيد والمتون

- ‌الصورة الثالثة: القلب:

- ‌المبحث السادس:التعليل بالتدليس

- ‌الفصل الثالثقوانين ضبط عمليةتعليل الأحاديث

- ‌المبحث الأولعلم التخريج

- ‌تفسير علم التخريج:

- ‌التخريج بمعنى جمع الطرق والألفاظ:

- ‌من القواعد الواجب اعتبارها في علم التخريج

- ‌أولاً: ملاحظة ألفاظ الإحالة ودلالاتها

- ‌ثالثاً: الأخذ من نسخة مروية بإسناد واحد

- ‌المبحث الثاني:علامات لكشف العلة من منهج المتقدمين

- ‌أولاً: أن يأتي أحد وجهي الرواية على الجادة، والآخر خارجاً عنها

- ‌رابعاً: أن يأتي الحديث موافقاً للمنقول عن أهل الكتاب

- ‌خامساً: أن يكون الثقة يرجع إلى أصول، ولا يوجد ذلك الحديث في أصوله

- ‌سادساً: أن يثبت عن راوي الحديث ترك عمله به، أو ذهابه إلى خلافه

- ‌المبحث الثالث:مقدمات أساسية لكشف العلة الخفية

- ‌المقدمة الأولى: تمييز مراتب الرواة الثقات

- ‌المقدمة الثانية: حفظ الأسانيد المعروفة الصحة، والأسانيد المعللة

- ‌المقدمة الثالثة: تمييز المراسيل، ومن كان معروفاً بالإرسال

- ‌المقدمة الرابعة: تمييز ما يدخل على أحاديث بعض الثقات، وهماً أو تعمداً

- ‌المقدمة الخامسة: تمييز التدليس، ومعرفة ما يقع من بعض الثقات من تدليس الأسماء

- ‌المقدمة السادسة: تمييز بلدان الرواة، ومعرفة ما يتفردون به من السنن

- ‌المقدمة السابعة: تمييز المتشابه من الأسماء والكنى والألقاب

- ‌المقدمة الثامنة: تمييز المقلين من الرواة والمكثرين

- ‌المقدمة التاسعة: تمييز أصح ما يروى في الباب

- ‌المقدمة العاشرة: تمييز الأبواب التي لا يثبت فيها حديث

- ‌المقدمة الحادية عشرة: تفقد صيغ التحمل والأداء

- ‌المقدمة الثانية عشرة: تمييز الإدراج للألفاظ في سياقات المتون

- ‌القسم الثانيأصناف الحديثمن جهة القبول والرد

- ‌الباب الأولالحديث المقبول

- ‌الفصل الأولالحديث الصحيح

- ‌المبحث الأولتعريف الحديث الصحيح

- ‌المراد بشروط صحة الحديث على سبيل الإجمال:

- ‌الشرط الأول: اتصال السند

- ‌الشرط الثاني: عدالة الرواة

- ‌الشرط الثالث: ضبط الرواة

- ‌الشرط الرابع: السلامة من العلل المؤثرة

- ‌المبحث الثاني:تطبيق لإظهار تحقق شروط الحديث الصحيح

- ‌المبحث الثالث:نقد تعريفات الصحيح

- ‌المبحث الرابع:الحديث الصحيح في اصطلاح الترمذي

- ‌الفصل الثانيالحديث الحسن

- ‌المبحث الأول:تعريف الحديث الحسن

- ‌الترمذي و (الحديث الحسن):

- ‌المبحث الثاني:تاريخ هذا (المصطلح)

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث الثالث:تطبيق لتحقيق شروط حسن الحديث

- ‌تطبيق للحديث الحسن لذاته:

- ‌تطبيق للحديث الحسن لغيره:

- ‌الفصل الثالثمباحث في الصحيح والحسن

- ‌المبحث الأول:الكتب في الحديث الصحيح

- ‌ طريقة الشيخين في تخريج حديث من تكلم فيه من الرواة

- ‌المبحث الثاني:ذكر المصنفات المسماة بـ (الصحاح)غير كتابي الشيخين

- ‌1 _ صحيح ابن خزيمة

- ‌2_ صحيح ابن حبان

- ‌3 _ المستدرك على الصحيحين

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث الثالث:الأحاديث المعلقات في " صحيح البخاري

- ‌إطلاق مصطلح (المعلق):

- ‌سبب تعليق الحديث:

- ‌تنبيهان:

- ‌تتمة في مسائل تتصل بالمعلقات:

- ‌المبحث الرابع:السنن الأربعة والمسندأعظم دواوين السنة بعد الصحيحين

- ‌شرط أبي داود في (سننه):

- ‌شرط الترمذي في " سننه

- ‌شرط النسائي في " سننه

- ‌شرط ابن ماجة في " سننه

- ‌شرط أحمد في " المسند

- ‌المبحث الخامس:المستخرجات على " الصحيحين

- ‌فوائد المستخرجات:

- ‌من أمثلة المستخرجات على " الصحيحين

- ‌تنبيهان:

- ‌المبحث السادس:أين يوجد الحديث الصحيح في غيرالكتب الموسومة بالصحة

- ‌المبحث السابع:تصحيح الحديث على شرط الصحيح

- ‌ شرط البخاري

- ‌شرط مسلم

- ‌الواجب اعتباره لفهم شرط الشيخين فيما انتقياه

- ‌المبحث الثامن:مسائل في الحديث الصحيح والحسن

- ‌المسألة الأولى: الحديث الصحيح والحسن كلاهما حجة

- ‌المسألة الثانية: درجات الصحة تتفاوت في القوة بحسب القرائن

- ‌المسألة الثالثة: هل صحة الإسناد توجب صحة الحديث

- ‌المسألة الرابعة: قولهم في الحديث: (رجاله ثقات) هل يعني الصحة

- ‌المسألة الخامسة: عدد الحديث الصحيح

- ‌المسألة السادسة: قولهم: (أصح شيء في الباب)

- ‌المسألة السابعة: أصح الأسانيد

- ‌المسألة الثامنة: قولهم: (حديث جيد)

- ‌المسألة التاسعة: أين يوجد الحديث الحسن

- ‌المسألة العاشرة: أوصاف للحديث تفيد القبول

- ‌المسألة الحادية عشرة: استدلال العالم بحديث، هل يعني تصحيحه له

- ‌الباب الثانيالحديث المردود

- ‌مدخل

- ‌الفصل الأولألقاب الحديث الضعيفبسبب عدم الاتصال

- ‌المبحث الأولالحديث المنقطع

- ‌الصورة الثانية: أن يكون بدل السقط إبهام لراو

- ‌سبب إبهام الراوي:

- ‌كيف يثبت الانقطاع

- ‌المبحث الثاني:الحديث المعضل

- ‌طريق معرفة المعضل:

- ‌المبحث الثالث:الحديث المرسل

- ‌نقد تعريفات المرسل:

- ‌مثال المرسل:

- ‌طريق تمييز المرسل:

- ‌المبحث الرابع:مسائل في الانقطاع والإرسال

- ‌المسألة الأولى: تداخلُ استعمال مصطلح (المنقطع) في (المرسل) عند السلف:

- ‌المسألة الثانية: المفاضلة بين المراسيل

- ‌القول في مراسيل سعيد بن المسيب:

- ‌قولهم في مراسيل عروة بن الزبير:

- ‌قولهم في مراسيل الحسن البصري:

- ‌قولهم في مراسيل جماعة آخرين:

- ‌المسألة الثالثة: حكم الحديث المرسل:

- ‌المسألة الرابعة: رواية الصحابي ما لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس:الحديث المدلس

- ‌النوع الأول: تدليس الوصل

- ‌القسم الأول: تدليس الإسناد

- ‌القسم الثاني: تدليس التسوية

- ‌سبب وقوع التدليس في الإسناد:

- ‌النوع الثاني: تدليس الأسماء

- ‌تحرير الفرق بين (التدليس) و (الإرسال الخفي):

- ‌تاريخ التدليس:

- ‌مذاهب أهل العلم في خبر المدلس:

- ‌الترجيح:

- ‌تنبيه:التهمة للثقة بالتدليس دون دليل من قبيل الجرح المبهم

- ‌كيف يعرف التدليس

- ‌طبقات المدلسين:

- ‌فائدة في الرواة الوارد عليهم مظنة التدليس:

- ‌الصيغة التي يندفع بها التدليس عن الموصوف به:

- ‌تتمة في مسائل في التدليس:

- ‌الفصل الثانيألقاب الحديث الضعيفبسبب جرح الراوي

- ‌المبحث الأول:حديث المجهول

- ‌المبحث الثاني:الحديث اللين

- ‌المبحث الثالث:الحديث المقلوب

- ‌الصورة الأولى: قلب في الإسناد

- ‌الصورة الثانية: قلب في المتن

- ‌الصورة الثالثة: التحول من حديث إلى حديث

- ‌المبحث الرابع:الحديث المصحف

- ‌طريق معرفة التصحيف أو التحريف في الرواية:

- ‌المبحث الخامس:الحديث المدرج

- ‌القسم الأول: مدرج الإسناد

- ‌القسم الثاني: مدرج المتن

- ‌طريق معرفة الإدراج:

- ‌المبحث السادس:الحديث الشاذ

- ‌ زيادات الثقات

- ‌ المزيد في متصل الأسانيد

- ‌المبحث السابع:الحديث المعلل

- ‌المبحث الثامن:الحديث المضطرب

- ‌المبحث التاسع:الحديث المنكر

- ‌تفسير مصطلح (المنكر) في كلام المتقدمين:

- ‌المبحث العاشر:الحديث الموضوع

- ‌بداية ظهور الكذب في الحديث:

- ‌أسباب تعمد وضع الحديث:

- ‌السبب الأول: الطعن على الإسلام، والتشكيك فيه

- ‌السبب الثاني: نصرة الأهواء:

- ‌السبب الثالث: الترغيب في الأعمال الصالحة

- ‌السبب الرابع: الرغبة في استمالة السامعين

- ‌مصادر المتون الموضوعة:

- ‌مسائل في الموضوع:

- ‌المسألة الأولى: مصطلح (حديث لا أصل له)

- ‌المسألة الثالثة: الكتب المؤلفة في تمييز الأحاديث الموضوعة

- ‌المسألة الرابعة: مما يساعد على تمييز الموضوع في الحديث: معرفة أبواب مخصوصة

- ‌الفصل الثالثحكم الاعتباربالحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول:تفسير الاعتبار

- ‌المبحث الثاني:تمييز ما يصلح للاعتبار

- ‌ صلاحية الراوي

- ‌ صلاحية نفس الحديث

- ‌تنبيه:الاعتبار بالطرق المرجوحة التي دل النظر على أنها خطأ، لا يصح

- ‌المبحث الثالث:تقوية الحديث بتعدد الطرق

- ‌الشرط الأول: أن يكون حديثاً له نفس درجة المجبور به من جهة من يضاف إليه

- ‌الشرط الثاني: أن يكون في أدنى درجاته مما يصلح الاعتبار به

- ‌مناقشة قول الشافعي فيما يتقوى به المرسل:

- ‌الشرط الرابع: أن يوجد فيه معنى المجبور به إن لم يطابقه في لفظه

- ‌الفصل الرابعاستعمالالحديث الضعيف

- ‌المبحث الأول:حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف

- ‌المبحث الثاني:الحديث الضعيف في فضائل الأعمال

الفصل: ‌المبحث الثاني:الحديث الضعيف في فضائل الأعمال

‌المبحث الثاني:

الحديث الضعيف في فضائل الأعمال

شاع عند أكثر المتأخرين التساهل في الأحاديث الضعيف في فضائل الأعمال، وأطلق بعضهم عده مذبها ًلأهل العلم من أئمة الحديث، وتحرير القول في صحة هذا المذهب لا بد له من سياق المنقول عن أهل العلم من أئمة الحديث ممن يتعلق بنسبة ذلك إليهم، وتبيين مرادهم به.

فأما النصوص المروية عنهم، فجاءت عن: سفيان الثوري، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وأبي زكريا العنبري، فإليكها:

1 _

روي عن سفيان الثوري لإسناد ضعيف، قال:" لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام إلا من الرؤساء المشهورين بالعلم الذين يعرفون الزيادة والنقصان، ولا بأس بما سوى ذلك من المشايخ "(1).

2 _

وصح عن عبدة بن سليمان، قال: قيل لابن المبارك، وروى عن

(1) أخرجه ابن عدي (1/ 257) _ ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية "(ص: 212) _ والرامهرمزي في " المحدث الفاصل "(ص: 406، 417 _ 418) والخطيب في " الجامع لأخلاق الراوي "(رقم: 1266) من طرقٍ عن رواد بن الجراح، عن سفيان، به.

قلت: وإسناده ضعيف، رواد ضعيف الحديث، والأسانيد بهذا الخبر إليه غير نقية.

ص: 1108

رجل حديثاً، فقيل: هذا رجل ضعيف، فقال:" يحتمل أن يروى عنه هذا القدر أو مثل هذه الأشياء ".

قال أبو حاتم الرازي: قلت لعبدة: مثل أي شيء كان؟ قال: " في أدب، في موعظة، في زهد، أو نحو هذا "(1).

3 _

وصح عن عبد الرحمن بن مهدي، قال:" إذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والأحكام شددنا في الأسانيد وانتقدنا الرجال. وإذا روينا في فضائل الأعمال والثواب والعقاب والمباحات والدعوات، تساهلنا في الأسانيد "(2).

وروي عن أحمد بن حنبل نحوه، ولا بثبت عنه (3).

4 _

وروي عن أحمد بن حنبل، قال:" أحاديث الرقاق يحتمل أن يتساهل فيها، حتى يجيء شيء فيه حكم"(4).

5 _

وقال أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري (أحد الثقات): " الخبر إذا ورد لم يحرم حلالاً ،لوم يحل حراماً، ولم يوجب حكماً، وكان في ترغيب أو ترهيب، أو تشديد أو ترخيص، وجب الإغماض عنه والتساهل في رواته "(5).

(1) أخرجه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل "(1/ 1 / 30 _ 31) وإسناده صحيح .......

(2)

أخرجه الحاكم في " المستدرك "(1/ 490 بعد رقم: 1801) وفي " المدخل إلى كتاب الإكليل "(ص: 29) والبيهقي في " دلائل النبوة "(1/ 34) والخطيب في " الجامع "(رقم: 1267) وإسناده صحيح.

(3)

أخرجه الخطيب في " الكفاية "(ص: 213) بإسناده إلى أحمد أنه قال: " إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشددنا في الأسانيد، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يَضع حُكماً ولا يَرفعه تساهلنا في الأسانيد "، وفي إسناده أحمد بن مُحمد بن الأزهر السجزي مُتهم بالكذب.

(4)

أخرجه الخطيب في " الكفاية "(ص: 213) عن كتاب " العلل " لأبي بكر الخلال، وهو كتاب لا يرويه الخطيب بسندٍ مُتصل، بل يقول فيه:" حُدثت عن عبد العزيز بن جعفر، أخبرنا الخلال "، ولولا ذاك فهو خبرٌ صحيح عن أحمد.

(5)

أخرجه الخطيبب في " الكفاية "(ص: 213) بإسناد صحيح.

ص: 1109

قلت: هذه النصوص عن هؤلاء الأئمة دلت جميعاً على أن الأحاديث التي تروى في غير إثبات الشرائع والأحكام، كانوا يتساهلون في روايتها وكتابتها عن الضعفاء؛ وذلك لثبوت أصولها في الجملة، ولكونها لم تأت بحكم ليس في المحفوظ المعلوم.

وليس في شيء من قولهم جواز الحكم بنسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، إنما غايته جواز ذكرها وكتابتها في الكتب، وإن لم يوجد ما يشدها لذاتها.

ومن هذا أيضاً قولهم في بعض الرواة: يقبل في الرقائق وشبهها، لا في الأحكام، ومن أمثلته:

1 _

قال سفيان بن عيينة: " لا تسمعوا من بقية ما كان في سنة واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره "(1).

2 _

وقال أحمد بن حنبل في (رشدين بن سعد): " رشدين ليس به بأس في أحاديث الرقاق "(2).

3 _

وسئل أحمد بن حنبل عن (النظر بن إسماعيل أبي المغيرة)؟ فقال: " قد كتبنا عنه، ليس هو بقوي، يعتبر بحديثه، ولكن ما كان من رقائق "(3).

4 _

ونقل أبو الفضل عباس بن محمد الدوري عن أحمد بن حنبل قال: " أما محمد بن إسحاق فهو رجل تكتب عنه هذه الأحاديث " كأنه يعني المغازي ونحوها " فأما إذا جاء الحلال والحرام أردنا قوماً هكذا " ،

(1) أخرجه ابن أبي حاتم في " تقدمة الجرح والتعديل "(ص: 41) وفي " الجرح والتعديل "(1/ 1 / 435) _ ومن طريقه: الخطيب في " الكفاية "(ص: 212) _ من طريق يحيى بن المغيرة، قال: سمعْت ابن عيينة، به. وإسناده صحيح.

(2)

هوَ من رواية الميموني عن أحمد في " العلل " رواية المروذي وغيره (النص: 481)، وكذلك أخرجه العقيلي في " الضعفاء "(2/ 67).

(3)

العلل، رواية أبي بكر المروذي (النص: 218) .......

ص: 1110

وقبض أبو الفضل أصابع يده الأربع من كل يد ولم يضم الإبهام (1).

وسئل عبد الله بن أحمد بن حنبل عن (محمد بن إسحاق)؟ فقال: كان أبي يتتبع حديثه ويكتبه كثيراً بالعلو والنزول، ويخرجه في (المسند)، وما رأيته اتقى حديثه قط، قيل له: يحتج به؟ قال: " لم يكن يحتج به في السنن"(2).

قلت: وهذه العبارات وشبهها في الرواة، صريحة في منع قبول الحديث في إثبات حكم شرعي إلا من طريق الثقات المتقنين، إنما يتسهل عمن دونهم في نقل ما ليس بشرائع، وهذا لا يتعدى كتابة حديث هؤلاء، وجواز إيراده في الكتب في غير أبواب الشرائع، تارة لاعتنائهم به، كابن

(1) أخرجه الدوري في " تاريخ يحيى بن مَعين "(النص: 231) ومن طريقه: البيهقي في " دلائل النبوة "(1/ 37 _ 38).

(2)

أخرجه الخطيب في " تاريخه "(1/ 230) وإسناده جيد.

قلت: وقد عابَ ابنُ حزم على من ذهب هذا المذهب في الرجال، فقال:" مما غلطَ فيه بعْضُ أصْحاب الحديث أن قال: فلانٌ يُحتمل في الرقائق، ولا يُحتمل في الأحكام "، قال:" وهذا باطل؛ لأنه تقسيم فاسدٌ لا برْهان عليه، بل البرهان يُبطله، وذلك أنه لا يخلو كلُّ أحد في الأرض من أن يكون فاسقاً أو غير فاسق، فإن كان غير فاسق كان عدْلاً، ولا سبيل إلى مرْتبةٍ ثالثة، فالعدل ينْقسم إلى قسميْن: فقيه، وغير فقيه، فالفقيه العدْل مقبولٌ في كل شيء، والفاسق لا يُحتمل في شيء، والعدْل غير الحافظ لا تُقبل نذارته خاصة في شيء من الأشياء؛ لأنَّ شرْط القبول الذي نصَّ الله تعالى عليه ليس موجوداً فيه، ومنْ كان عدْلاً في بعْض نقْله فهو عدْلٌ في سائره، ومن المحالِ أن يجوز قبول بعض خبره ولا يجوز قبول سائره، إلا بنصٍّ من الله تعالى، أو إجماع في التفريق بين ذلك، وإلا فهو تحكُّم بلا برْهانٍ، وقوْلٌ بلا علم، وذلك لا يحلُّ ". (الإحكام في أصول الأحكام 1/ 143).

قلت: وهذا استدْراك ضعيف، فإنَّ الحفْظ يتفاوت، والخطأ فيه واردٌ، والواقع مثْبتٌ أن الراوي يعتني بحديث بعْض شيوخه فيكون له مُتقناً، دون حديثه عن غيرهم، فلا يأتي بالحديث على وجهه، وهذا مُتميزٌ في عدد من الرواة، فإن رددْنا جميع حديثه، أنْكرنا ما هو صحيح محفوظ منه مما أمكننا معرفته وتمييزه، وإن قبلْنا جميع حديثه، قبلْنا منه الخطأ وما لم يحْفظه من الحديث، كذلك هنا جهةُ التفريق حاصلةٌ فيما يرويه الراوي الصدوق الذي لم يرْق صدْقه إلى درجةِ الاحتجاج؛ لسوءِ حفظه، يروي ما له أصْلٌ معروف من الأحكام من غير طريقه، ولا يأتي في حديثه إلا بترغيب أو ترهيب مثلاً، فهذا لا يثْبت بما نقله شريعةٌ، وإنما قصد من ذهب إلى التسهيل فيه أن الرقائق لا يُطلب فيها التشديد لعدم إضافتها إلى الدين ما ليس منه.

ص: 1111

إسحاق في " السير والمغازي "، وتارة لخفة أمر ما ينقلونه ورجوعه في الجملة إلى فضيلة عمل معلوم الثبوت في نفسه من غير طريق الضعيف.

ويبين ابن تيمية الوجه في ترخيص من رخص من العلماء بالضعيف في الفضائل، فيقول:" أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت إذا لم يعلم أنه كذب، وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي، وروي في فضله، حديث لا يعلم أنه كذب، جاز أن يكون الثواب حقا، ولم يقل أحد من الأئمة: إنه يجوز أن يجعل الشيء واجباً أو مستحباً بحديث ضعيف، ومن قال هذا فقد خالف الإجماع. وهذا كما أنه لا يجوز أن يحرم شيء إلا بدليل شرعي، لكن إذا علم تحريمه، وروي حديث في وعيد الفاعل له، ولم يعلم أنه كذب، جاز أن يرويه، فيجوز أن يروى في الترغيب والترهيب ما لم يعلم أنه كذب لكن فيما علم أن الله رغب فيه أو رهب منه بدليل آخر غير هذا الحديث المجهول حاله "(1).

قلت: فهذا وجه هذه المسألة عند من قال بها من الأئمة، دون تعرض منهم إلى صيغة الأداء لمثل هذا الحديث.

وعلمنا من النظر في صنيعهم أنهم تركوا من المجروحين خلائق ومنعوا من الحديث عنهم بشيء، وعلمنا أن منهم من كانوا يستعملون (الحديث الحسن) بالمعنى الاصطلاحي فيسمونه (الضعيف)، كما وقع من أحمد بن حنبل، وعلمنا منهم من يعتبر قلة ما أتى به الراوي من المنكرات في الأصول، ويحترز عما تبين فيه خطؤه في غير الأصول، ويخرج ما لا ينبني عليه عمل، إعمالاً لصدق ذلك الراوي في الجملة، كما وقع للبخاري حين جرح في " الصحيح " أحاديث لجماعة في الرقائق وتحاشاهم في الأحكام.

(1) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص: 162 _ 163) .......

ص: 1112

فاعتبار ذلك منهم واجب لفهم طبيعة ما قصدوه من التسهيل في هذه المسألة.

كذلك، فإن أولئك المرخصين فيه من السلف، معلوم عنهم سياق الإسناد، كما يدل عليه المعهود من صنيعهم، وما تشير إليه عباراتهم المتقدمة من تعيين التساهل في الأسانيد، فيحدثون بالشيء من تلك الأخبار بأسانيدها، ومن أسند فقد أحال، والإسناد لمن يفهمه، لا لمن لا يفهمه.

وهذا المعنى بهذا القدر لم يجر عليه حال المتساهلين من المتأخرين في هذه المسألة، بل إنهم جاوزوا طريقة أولئك العلماء من السلف في ثلاثة أمور ضرورية:

أولها: أنهم حذفوا الإسناد غالباً، وكان السلف يسوقون الأسانيد.

وثانيها: أنهم ترخصوا في التحديث به للعامة منسوباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، دون بيان، والعامة ربما اعتقدوا بسماعه أو قراءته في الكتب صحة نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وثالثها: أنهم جاوزوا فيه الضعيف الصالح للاعتبار، إلى الواهي والمنكر والموضوع.

فمن فعل هذا لم يصح له دعوى الاقتداء بترخيص من ترخص بذلك من السلف، لتجاوزه الصفة التي قصدوا .......

فلما رأى بعض أعيان الأئمة المتأخرين ذلك التوسع عمدوا إلى ضبط التسهيل في هذه المسألة بشروط، هي ضوابط لازمة للتحديث بالحديث الضعيف في الفضائل لمن رأى اختيار هذا المذهب، فإليكها محررة من عبارة الحافظ ابن حجر العسقلاني، قال رحمه الله:

" إن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة:

الأول: متفق عليه، أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين، والمتهمين بالكذب، ومن فحش غلطه.

ص: 1113

الثاني: أن يكون مندرجاً تحت أصل عام، فيخرج ما يخترع بحيث لا يكون له أصل أصلاً.

الثالث: أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته؛ لئلا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله.

قال: الأخيران عن ابن عبد السلام، وعن صاحبه ابن دقيق العيد والأول نقل العلائي الاتفاق عليه " (1).

قلت: وهذه قيود لا يفهمها إلا من له بالحديث عناية، يميز شديد الضعف من خفيفه، أما أن يسترسل في ذلك من ليس الحديث مهنته فهذا يخشى عليه الوقوع في جملة القائلين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل.

* * *

(1) نقل هذا النص عن ابن حَجر تلميذه: الحافظ السخاوي في " القول البديع "(ص: 363 _ 364) عن خطِّ ابنِ حجرٍ كتبَ له به .......

ص: 1114