الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني:
الحديث المعضل
معناه لغة من قولك: (أعضل الأمر) إذا اشتد واستغلق.
وأما في الاصطلاح، فقد أريد به صورة من صور السقط في الإسناد، على ما يأتي تحريره.
ولم يكن إطلاق هذا الوصف (الحديث المعضل) بهذا المعنى شائعاً عند المتقدمين، وإنما كان هذا عندهم مندرجاً تحت المنقطع أو المرسل بعموم معناهما.
وقد استعمل المتقدمون (المعضل) وصفاً للمنكر والموضوع من الحديث، كما بينته في (شرح عبارات الجرح والتعديل).
أما بمعناه المتأخر كصورة من صور السقط في الإسناد، فقد وجدت الحاكم النيسابوري (1) أقدم من أصل لهذا النوع من علوم الحديث، وقسمه إلى قسمين:
الأول: ما أرسله عن النبي صلى الله عليه وسلم من دون التابعي، فيكون قدر السقط منه أكثر من واحد.
(1) في " معرفة علوم الحديث "(ص: 36 ـ 37).
ونقل هذا التعريف عن الإمام علي بن المديني، فمن بعده من الأئمة (1).
والثاني: قول الراوي من أتباع التابعين الموقوف عليه، يوجد نفس ذلك القول من غير طريقه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وإدراج هذا تحت مسمى (الإعضال) توسعٌ، لم أجد من سبق الحاكم إليه، والعالم قد يحدث بالشيء من قول النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يسنده عن أحد، وذلك في مقام الاستشهاد، ولم يزل العلماء يفعلون ذلك.
أما القسم الأول فهو مراد بتعريف هذا اللقب عند بعض السابقين من العلماء.
قال الخطيب: " أما ما رواه تابع التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيسمونه: المعضل، وهو أخفض رتبة من المرسل "(2).
وكذلك هو عند المتأخرين، لكن تعريفه عندهم أشمل من هذا، فهو: ما سقط من إسناده راويان فأكثر على سبيل التوالي.
وصورته: أن يروي مالك حديثاً يقول فيه: عن عمر بن الخطاب، وهو إنما وصل إليه بواسطة (نافع عن عبد الله بن عمر عن عمر)، فأسقط نافعاً وعبد الله، وربما بلغه عن (الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه جده عمر) فأسقط ثلاثة على نسق، وجعله عن عمر.
(1) وجدت فيما ظاهره أنه من كلام أبي داود السجستاني في موضع من " سننه " عقب حديث (رقم: 266) في كفارة من أتى امرأته وهي حائض قوله في رواية: " وهذا مَعضل "، بما يتفق في معناه مع ما ذكره الحاكم هنا عن ابن المديني، لكني لم أتوثَّق من صحة نِسبةِ هذه اللفظة لأبي داود، وانظر تعليق العلامة المحقق محمد عوامة على " السنن " (رقم: 270) .......
(2)
الكفاية (ص: 58).