الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمثال الثاني: روى قران بن تمام، عن أيمن بن نابل، عن قدامة بن عبد الله بن عمار العامري، قال:" رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت على ناقته، ويستلم الحجر بمحجنه "(1).
قال أبو حاتم الرازي: " لم يرو هذا الحديث عن أيمن إلا قران، ولا أراه محفوظاً، أين كان أصحاب أيمن بن نابل عن هذا الحديث؟ "(2).
ومن الأصول في هذا الباب أيضاً: معرفة النسخ التي تروى بها الأحاديث الكثيرة، وتمييز ما يصح منها مما لا يصح، ثم استعمال كشف علل الاختلاف فيها بحسب مراتب رواة تلك النسخ عن أصحابها، وذلك مثل:
نسخة سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن جده.
ونسخة بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده.
ونسخة عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
وهذه النسخ من حيث الجملة ثابتة من صاحب النسخة إلى منتهى الإسناد، والنظر في عللها من جهة أصحاب سهيل وبهز وعمرو، في مواضع اتفاقهم واختلافهم وانفرادهم.
المقدمة الثالثة: تمييز المراسيل، ومن كان معروفاً بالإرسال
من الرواة، وتبين مواضع سماعهم من عدمه.
ويدل على الطريق: معرفة الفرق بين التدليس والإرسال، ومعرفة تواريخ الرواة.
(1) أخرجه عبد الله بن أحمد في " زَوائد المسند "(24/ 138 _ 139 رقم 15414) وأبو يعلى (2/ 229 رقم: 928) والفاكهي في " تاريخ مكة "(رقم: 469) وابن قانع في " معجم الصحابة "(2/ 358) والطبراني في " الأوسط "(9/ 14 _ 15 رقم: 8024) و " الكبير "(19/ 38 رقم: 80) وابن عدي في " الكامل "(2/ 147) وأبو نعيم في " معرفة الصحابة "(4/ 2348 رقم 5771) من طرق عن قرَّان، به.
والمِحجن: عصا معقوفة الرأس.
(2)
علل الحديث (رقم: 886) .......
ومما ينبه عليه من هذا على التعيين أمور ثلاثة:
أولها: أن يكشف الغلط في التصريح بالسماع من الثقة، وأن الصواب الإرسال، وهذا من أغمضها.
مثل: سماع محمد بن كعب القرظي من ابن مسعود، والحسن البصري من أبي هريرة.
ومن مثاله في روايات الثقات:
ما رواه أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، عن صفوان بن عمرو، عن يحيى بن جابر الطائي، قال: سمعت النواس بن سمعان، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم؟ قال: " البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يعلمه الناس "(1).
قال أبو حاتم الرازي: " هذا حديث خطأ، لم يلق ابن جابر النواس ".
قال ابن أبي حاتم: " الخطأ يدل أنه من أبي المغيرة فيما قال: (سمعت النواس)، وذلك أن إسماعيل بن عياش روى عن صفوان بن عمرو عن يحيى بن جابر عن النواس، لم يذكر السماع، فيحتمل أن يكون أرسله، ويحيى بن جابر كان قاضي حمص، يروي عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن النواس "(2).
قلت: وكذلك وقع في بعض الرواية عن أبي المغيرة على مثل ما ذكره ابن أبي حاتم عن ابن عياش (3)، وتابع ابن عياش على روايته كذلك:
(1) أخرجه ابنُ أبي حاتم الرازي في " علل الحديث "(رقم: 1849) والطبراني في " مُسند الشاميين "(رقم: 980) والبيهقي في " الشعب "(5/ 457 رقم: 7273) من طرق عن أبي المغيرة، بذكْر السماع بين يحيى بن جابر والنواس.
(2)
علل الحديث، لابن أبي حاتم (رقم: 1849).
(3)
أخرجه أحمد (29/ 180 رقم 17632) والدارمي (رقم: 2687) كلاهما عن أبي المغيرة بالعنعنة.
أبو اليمان الحكم بن نافع (1)، وروى الحديث معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه، عن النواس، فكان دليلاً آخر على أن يحيى بن جابر أرسله؛ لما عرف من روايته عن النواس بواسطة (2).
وثانيها: الانقطاع في محل قامت القرائن على قوة الاتصال فيه، كالإدراك والقدم واحتمال اللقاء.
كرواية سعيد بن المسيب عن أنس.
ومما ينبغي التنبه له هنا أيضاً: أن لا تغتر بترجيح الاتصال في موضع بينوا فيه الإرسال، استدلالاً بتصحيح بعض أهل العلم حديثاً جاء من ذلك الوجه، كما يقع بعض ما يصححه الترمذي، وإن كان قليلاً.
وثالثها: ملاحظة الرواة الذين سمعوا من بعض الشيوخ حديثاً أو عدداً، ولم يسمعوا منهم ما سواها.
كرواية الحكم بن عتيبة عن مقسم.
ويلاحظ في هذا: من سمع يسيراً، وأخذ ما سواه إجازة أو وجادة، كالحسن البصري عن سمرة بن جندب، وأبي سفيان عن جابر بن عبد الله، ولا أعني بذلك تسليم وقوف الإرسال هنا؛ لما قدمت في الكلام على (ركن
(1) أخرجه يعقوب بن سفيان في " المعرفة والتاريخ "(2/ 339) والطبراني في " مسند الشاميين (رقم: 980) وابن قانع في " معجم الصحابة " (3/ 163) والبيهقي في " الشعب " (6/ 236 رقم 7995).
قلت: عطف الطبراني رواية أبي المغيرة بذكر سماع يحيى بن جابر من النواس على رواية أبي اليمان، فقال:(حدثنا أبو زرعة، حدثنا أبو اليمان، ح، وحدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة، حدثنا أبو المغيرة، قالا: حدثنا صفوان .. ).
فحمل سِياق أبي اليمان على سياق أبي المغيرة، وذكْر السماع إنما هو في رواية أبي المغيرة، ولذا، فإن من أخرجه عن أبي اليمان مُفرداً لا يذكر فيه سَماعاً بين يحيى بن جابر والنواس.
(2)
شرحت علة هذه الرواية بذكْر السماع في كتاب " علل الحديث " .......