الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
تعريف الحديث الصحيح
المتحرر في تعريف الحديث الصحيح من مجموع عبارات المتقدمين واستعمالهم، هو:
الحديث الذي يجمع الشروط الأربعة التالية:
الأول: اتصال السند.
والثاني: عدالة الرواة.
والثالث: ضبط الرواة.
والرابع: السلامة من العلل المؤثرة.
وجرى المتأخرون على جعل نفي الشذوذ شرطاً مستقلاً غير نفي العلة، والتحقيق: أنه صورة من صور العلل المؤثرة، وأئمة النقاد في هذا الفن أعلوا بالشذوذ في معنى التعليل بسائر العلل غير الظاهرة.
والحديث إذا حقق الشروط المتقدمة مجتمعة فهو (الحديث الصحيح لذاته)، وإن تخلف شرط فلا يوصف بالصحة.
ومن عبارات الأئمة المتقدمين في تعريف الحديث الصحيح ما يلي: 1 _ قال الشافعي: " ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أموراً:
منها: أن يكون من حدث به ثقة في دينه.
معروفاً بالصدق في حديثه.
عاقلاً لما يحدث به.
عالماً بما يحيل معاني الحديث من اللفظ.
وأن يكون ممن يؤدي الحديث بحروفه كما سمع، لا يحدث به على المعنى؛ لأنه إذا حدث به على المعنى وهو غير عالم بما يحيل معناه، لم يدر لعله يحيل الحلال إلى الحرام، وإذا أداه بحروفه فلم يبق وجه يخاف فيه إحالته الحديث.
حافظاً إذا حدث به من حفظه.
حافظاً لكتابه إذا حدث من كتابه.
إذا شرك أهل الحفظ في الحديث وافق حديثهم.
بريا من أن يكون مدلساً: يحدث عمن لقي ما لم يسمع منه، ويحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يحدث الثقات خلافه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ويكون هكذا من فوقه ممن حدثه حتى ينتهى بالحديث موصولاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو إلى من انتهي به إليه دونه؛ لأن كل واحد منهم مثبت لمن حدثه، ومثبت على من حدث عنه، فلا يستغني في كل واحد منهم عما وصفت " (1).
2_
وقال أبو بكر الحميدي: " فإن قال قائل فما الحديث الذي يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلزمنا الحجة به؟
(1) الرسالة (النص: 1000 _ 1002) .......
قلت: هو أن يكون الحديث ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، متصلاً غير مقطوع، معروف الرجال، أو يكون حديثاً متصلاً حدثنيه ثقة معروف عن رجل جهلته، وعرفه الذي حدثني عنه، فيكون ثابتاً يعرفه من حدثنيه عنه حتى يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإن لم يقل كل واحد ممن حدثه:(سمعت) أو: (حدثنا) حتى ينتهي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإن أمكن أن يكون بين المحدث والمحدث عنه واحد أو أكثر؛ لأن ذلك عندي على السماع؛ لإدراك المحدث من حدث عنه حتى ينتهي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولازم صحيح يلزمنا قبوله ممن حمله إلينا إذا كان صادقاً، مدركاً لمن روى ذلك عنه.
مثل شاهدين شهدا عند حاكم على شهادة شاهدين، يعرف الحاكم عدالة اللذين شهدا عنده، ولم يعرف عدالة من شهدا على شهادته، فعليه إجازة شهادتهما على شهادة من شهدا عليه، ولا يقف عن الحكم بجهالته بالمشهود على شهادتهما.
فهذا الظاهر الذي يحكم به، والباطن ما غاب عنا من وهم المحدث، وكذبه، ونسيانه، وإدخاله بينه وبين من حدث عنه رجلاً أو أكثر، وما أشبه ذلك مما يمكن أن يكون ذلك على خلاف ما قال؛ فلا نكلف علمه، إلا بشيء ظهر لنا، فلا يسعنا حينئذ قبوله؛ لما ظهر لنا منه " (1).
3_
وقال الحافظ محمد بن يحيى الذهلي: " لا يجوز الاحتجاج إلا بالحديث الموصل غير المنقطع، الذي ليس فيه رجل مجهول، ولا رجل مجروح (2).
4 _
وقال ابنه الثقة يحيى بن محمد بن يحيى الذهلي: " لا يكتب الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى يرويه ثقة عن ثقة، حتى يتناهى الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة، ولا يكون فيهم رجل مجهول، ولا رجل مجروح، فإذا ثبت
(1) أخرجه الخطيب في " الكفاية "(ص: 63 _ 64) وإسناده صحيح.
(2)
أخرجه الخطيب في " الكفاية "(ص: 56) وإسناده جيد.