الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثها: من كان يحدث عن شيخ مجروح فيسميه باسم ثقة، وهماً.
كما وقع لأبي أسامة في روايته عن (عبد الرحمن بن يزيد بن تميم)، وهو ضعيف، فيقول فيه:(عبد الرحمن بن يزيد بن جابر)، وهذا ثقة.
المقدمة الثانية: حفظ الأسانيد المعروفة الصحة، والأسانيد المعللة
.
وذلك يستفاد بطريقين: فتارة بتصريح أهل المعرفة، وتارة: بالممارسة لهذا الفن.
كالذي قالوا فيه: أصح الأسانيد كذا، ويقابله: أوهى الأسانيد، والدرجات التي بين ذلك.
والأنموذج المفيد في تمييز أصح الأسانيد: كتاب " تقريب الأسانيد " للحافظ زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي (المتوفى سنة: 806)، فقد بناه على أصح الأسانيد التي هي موازين الحديث الصحيح.
وهذا تلخيص لتلك الأسانيد بحسب الصحابة:
1 _
أصحاب نافع مولى ابن عمر، عنه، عن عبد الله بن عمر.
2 _
أبو الزناد عبد الله بن ذكوان، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
3 _
أصحاب القاسم بن محمد، عنه، عن عائشة.
4 _
أصحاب الزهري، عنه عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه.
وعنه، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
وعنه، عن عروة بن الزبير، عن عائشة.
وعنه، عن عبيد الله بن عتبة، عن ابن عباس.
وعنه، عن أنس بن مالك.
5 _
أصحاب قتادة بن دعامة السدوسي، عنه، عن أنس.
6 _
أصحاب ثابت البناني، عنه، عن أنس.
7 _
أصحاب محمد بن سيرين، عنه، عن أبي هريرة.
وعنه، عن عبيدة السلماني، عن علي بن أبي طالب.
8 _
أصحاب إبراهيم النخعي، عنه، عن علقمة، (أو الأسود)، عن عبد الله بن مسعود.
9 _
أصحاب سعيد المقبري، عنه، عن أبي هريرة.
10 _
أصحاب أبي سلمة بن عبد الرحمن، عنه، عن أبي هريرة.
11 _
أصحاب عمرو بن دينار، عنه عن جابر بن عبد الله.
12 _
أصحاب محمد بن المنكدر، عنه عن جابر بن عبد الله.
13 _
أصحاب يزيد بن أبي حبيب، عنه، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر.
وهكذا.
ومن ذلك معرفة الأسانيد التي دارت عليها الأحاديث الصحيحة، وشاعت واشتهرت، كثابت البناني عن أنس، يقابلها الأسانيد الواهية كأبان بن أبي عياش عن أنس.
قال علي بن المديني: " لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة، ثم بعده سليمان بن المغيرة، ثم بعده حماد بن زيد، وهي صحاح، وروى عنه حميد شيئاً، فأما جعفر فأكثر عن ثابت وكتب مراسيل، وكان فيها أحاديث مناكير. . وفي أحاديث معمر عن ثابت أحاديث غرائب ومنكرة، جعل: ثابت عن أنس أن النبي صل الله عليه وسلم كان كذا، شيء ذكره، وإنما هذا حديث أبان بن أبي عياش عن أنس "(1).
(1) العلل، لابن المديني (ص: 72) حُميدٌ في السياق هو الطويل، وجعفرٌ هوَ ابن سليمان، ومَعْمرٌ هوَ ابنُ راشدٍ.
وقال ابن المديني: " أحاديث هشام عن الحسن عامتها تدور على حوشب، وأما أحاديثه عن محمد فصحاح "(1).
وبين ابن المديني من دارت عليهم الأحاديث في الأمصار الإسلامية، ومن انتهت إليهم، وخلاصة ذلك فيما يلي:
الإسناد يدور على ستة: لأهل المدينة: ابن شهاب الزهري، ولأهل مكة: عمرو بن دينار، ولأهل البصرة: قتادة بن دعامة السدوسي، ويحيى بن أبي كثير، ولأهل الكوفة: أبي إسحاق السبيعي، وسليمان بن مهران الأعمش.
ثم صار علم هؤلاء الستة إلى: لأهل المدينة: مالك بن أنس، ومحمد بن إسحاق، ولأهل مكة: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وسفيان بن عيينة، ولأهل البصرة: سعيد بن أبي عروبة، وحماد بن سلمة، وأبي عوانة، وشعبة بن الحجاج، ومعمر بن راشد، ولأهل الكوفة: سفيان بن سعيد الثوري، ولأهل الشام: الأوزاعي: ولأهل واسط: هشيم بن بشير.
ثم انتهى علم هؤلاء إلى: يحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ووكيع بن الجراح، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن آدم (2).
فتمييز النقلة بمثل هذا من أسس تمييز علل الحديث، إذ هذه مقاييس يميز بها حفظ الراوي وخطؤه، أي يقوم إسناد هؤلاء مقام الميزان لسائر من يشاركهم الرواية بمثل تلك الأسانيد، موافقة ومخالفة.
(1) العلل، لابن المديني (ص: 63). وهشام هو ابن حسان، والحسن هو البصري، وحوشبٌ هو ابنُ مسلم من أصحاب الحسن، ومُحمد هو ابنُ سيرين.
(2)
العلل، لابن المديني (ص: 36 _ 40) .......
وأمثلة ذلك كثيرة في علل الحديث.
ونقربه بالمثالين التاليين.
الأول: روى عبد السلام بن حرب عن يزيد بن عبد الرحمن أبي خالد الدالاني، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس:
أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم نام وهو ساجد، حتى غط أو نفخ، ثم قام يصلي، فقلت: يا رسول الله، إنك قد نمت. قال:" إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً؛ فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله "(1).
قلت: وهذا حديث معلول عند جميع الحفاظ، كأحمد بن حنبل والبخاري وأبي داود والترمذي وابن عدي والدارقطني وغيرهم، وما شذ عنهم أحد فقواه إلا ابن جرير الطبري، والعلة فيه تعود إلى وجوه (2)، لكن ما نعنيه منها هنا: أن الدالاني في حفظه ضعف، وقد جاء عن قتادة بما لم يأت به أصحاب قتادة المعروفون به والمعتنون بحديثه، من الثقات المتقنين، لذا قال أبو داود السجستاني: ذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل، فانتهرني؛ استعظاماً له، وقال:" ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة؟ "، ولم يعبأ بالحديث (3).
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه "(1/ 132) _ وعنه: أحمد في " المسند " وابنه عبد الله (4/ 160 رقم 2315) وأبو يعلى (4/ 369 رقم: 2487) _ وعَبد بن حميد (رقم: 659) وأبو داود (رقم: 202) _ ومن طريقه: البيهقي في " المعرفة "(1/ 361) _ والترمذي في " الجامع "(رقم: 77) و " العلل الكبير "(1/ 148) والطحاوي في " شرح المشكل "(9/ 49 رقم 3429) والطبراني في " الكبير "(12/ 157 رقم: 12748) وابنُ عدِي في " الكامل "(9/ 166) والدارقطني في " سننه "(1/ 259 _ 160) وابن شاهين في " ناسخ الحديث ومنسوخه "(رقم: 195) والبيهقي في " السنن "(1/ 121) و " الخلافيات "(رقم: 402) من طُرق عن عبد السلام، به.
(2)
كما شرحت ذلك في كتاب " علل الحديث ".
(3)
ذكر ذلك عقب رواية الحديث في " السنن "، وبنحوه كذلك في " مسائل الإمام أحمد " رواية أبي داود (ص: 355).