الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع:
الحديث الصحيح في اصطلاح الترمذي
يقول الترمذي كثيراً في حكمه على الأحاديث المخرجة في " جامعه ": " حديث حسن صحيح "، في جملة اصطلاحات أخرى، تبيين سائرها في موضعه.
فما مراده هنا بهذه العبارة؟
أوجدنا النظر والتتبع لما حكم عليه من الحديث بذلك، أنه أراد به: الحديث من رواية الثقات العدول المتقنين، المحفوظ غير الشاذ، والذي جاء معناه من غير وجه (1).
فإن زاد: (غريب) فيكون حسناً صحيحاً بذلك اللفظ بذلك الإسناد، ولا يمنع مجيء معناه من وجه آخر، كما هو الشأن في أكثر أحاديث الثقات.
وفرق ما بين وصف الحديث بكونه (صحيحاً) أو (حسناً صحيحاً) أن الوصف بالصحة المجردة غير مشروط أن يكون معناه جاء من وجه آخر، فبهذا الاعتبار يكون قوله:(حسن صحيح) أقوى مرتبة من القول: (صحيح)
(1) وانظر شرح علل الترمذي، لابن رجب (1/ 385، 386، 388).
فقط؛ من جهة أنه صحيح لذاته، وأن معناه جاء من غير وجه، فله عاضد من غيره (1).
ولكثرة استعمال الترمذي لهذه الصيغة ظن كثير من الناس أنه أقدم من عرف عنه ذلك، وليس كذلك، بل وقع استعماله في كلام شيخه البخاري، كما نقل الترمذي عنه شيئاً من ذلك، وأبي حاتم الرازي، لكن قليلاً.
فمنه قول ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه إبراهيم بن شيبان، عن يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أبي إدريس، عن عبد الله بن حوالة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يجندون أجناداً؟ قال: " هو صحيح حسن غريب" (2).
وقال: سألت أبي عن حديث رواه يحيى بن حمزة، عن زيد بن واقد، عن مغيث بن سمي، عن عبد الله بن عمرو، قال: قيل: يا رسول الله، أي الناس أفضل؟ قال:" محموم القلب، صدوق اللسان "، قالوا: صدوق اللسان نعرف، فما محموم القلب؟ قال:" هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا غل ولا حسد "، قالوا: من يليه يا رسول الله؟ قال: " الذي يشنأ الدنيا، ويحب الآخرة "، قالوا: ما نعرف هذا فينا إلا رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن يليه؟ قال:" مؤمن في خلق حسن "، قال أبي:" هذا حديث صحيح حسن، وزيد محله الصدق، وكان يرى رأي القدر "(3).
* * *
(1) ذكر معنى ذلك ابن رجب في " شرح العلل "(1/ 388).
(2)
علل الحديث، لابن أبي حاتم (رقم: 1001) .......
(3)
علل الحديث (رقم: 1873).