الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخدري وعائشة، وجابر بن عبد الله، وأهل مكة أعلم بالسنن التي نقلها عبد الله بن عباس، وأهل الكوفة بالسنن التي نقلها علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وأبو موسى الأشعري، وأهل البصرة بالسنن التي نقلها أنس بن مالك، وأهل الشام بالسنن التي نقلها معاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وأبو ذر الغفاري، ومعاوية بن أبي سفيان، وأهل مصر بالسنن التي نقلها عبد الله بن عمر بن العاص، وأهل مرو بالسنن التي نقلها بريدة الأسلمي، وهكذا.
فإذا روى المدني سنة عن ابن مسعود ليست عند أهل الكوفة، أو الكوفي سنة عن ابن عمر ليست عند أهل المدينة، كان ذلك عند الناقد شبهة وعلامة على العلة.
ولا طريق إلى معرفة هذا دون تمييز هذه المقدمة.
المقدمة السابعة: تمييز المتشابه من الأسماء والكنى والألقاب
.
وقد بينت أهمية هذا النوع من العلم للكشف عن حقيقة الراوي، إذ الاشتباه قد يصير الحديث الواهي صحيحاً، كأن يجد الطالب حديثاً يأتي في إسناده (عن عبد الكريم عن سعيد بن جبير) فيفسره على أنه (عبد الكريم بن مالك الجزري) وهو ثقة، فيقضي بصحة الإسناد، وحقيقته (عبد الكريم بن أبي المخارق) وهو واه متروك.
وتأمل أثر ذلك في المثال التالي: ......
روى الفضل بن موسى السيناني، عن حسين بن واقد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وددت أن عندي خبزة بيضاء من برة سمراء ملبقة بسمن ولبن "، فقام رجل من القوم فاتخذه، فجاء به، فقال:" في أي شيء كان هذا؟ "، قال: في عكة ضب، قال:" ارفعه "(1).
(1) أخرجه أبو داود (رقم: 3818) وابن ماجة (رقم: 3341) والطحاوي في " شرح المعاني "(4/ 199) والعقيلي في " الضعفاء "(1/ 251) والبيهقي في" الكبرى "(9/ 326) و " الشعب "(5/ 113 رقم: 6002) من طرُق عن الفضل بن موسى، به.
وأخرجه أبو نعيم في " الحلية "(10/ 234 رقم 15078) من طريق أبي تُراب عسْكر بن الحصين النخشبيِّ الزاهد، حدثنا نُعيم بن حماد ومعاذ بن أسد، قالا: عن الفضل، به.
لكنه قال: (أيوب السختياني)، وقد رواه الطحاوي من طريقين آخرين عن نعيم بن حماد، والعقيلي من طريق آخر عن معاذ بن أسد (تحرف إلى راشد)، ولم يذْكرا (السختياني)، فزيادته وهْمٌ من أبي تراب، أو إدراج ممن دونه.
قلت: هذا الحديث بإسناد إذا نظره الطالب قال: هذا إسناد نظيف، جميع رجاله ثقات لا يعرفون بتدليس، وأيوب عن نافع عن ابن عمر من أصح الأسانيد، إذ أيوب إذا جاء في مثل هذا الإسناد فهو السختياني الإمام الثقة الحافظ.
لكن أئمة الشأن ردوه وأنكروه:
فمنهم من حمل فيه على حسين بن واقد، كما قال الثقة أحمد بن أصرم: سمعت أحمد بن حنبل، وقيل له في حديث أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي عليه السلام في الملبقة؟ فأنكره أبو عبد الله، وقال:" من روى هذا؟ "، قيل له: الحسين بن واقد، فقال بيده، وحرك رأسه، كأنه لم يرضه (1).
ومنهم من قال: أيوب هذا ليس بالسختياني. كما قال أبو داود بعد أن أخرج الحديث: " هذا حديث منكر، وأيوب ليس هو السختياني ".
ومنهم من عين أن أيوب هذا هو أيوب بن خوط أحد المتروكين الهلكى، ووجدوا حسين بن واقد يروي عنه كما يروي عن السختياني، فدخلت الشبهة من الاشتراك.
فسأل ابن أبي حاتم أباه عن الحديث؟ فقال: " هذا حديث باطل، ولا يشبه أن يكون من حديث أيوب السختياني، ويشبه أن يكون من حديث أيوب بن خوط ".
(1) أخرجه العقيلي (1/ 251).