الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعلة في منع التعليل بمجرد موافقة ما عند أهل الكتاب، أن الوحي الذي أنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم جاء مصدقاً لما جاء به النبيون من قبل، وفي القرآن الكثير مما يوافق ما عند أهل الكتاب، فتأمل.
ولم أجد في منهج أهل العلم بالحديث مثالاً واحداً أعلوا به رواية ثقة بمجرد وقوع تلك الموافقة، حتى يقوم دليل على وهم الثقة، كأن يروي ثقة حديثاً عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يوجد من رواية من هو أوثق منه عن أبي هريرة عن كعب الأحبار، يحكيه عن التوراة.
ولكني وجدت بعض أهل زماننا ممن ليس من هذا العلم في شيء يشكك في بعض الحديث؛ لكونه وجد نظيره في التوراة التي عند اليهود.
كما سمعت من أحدهم في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعاً " الحديث (1).
قال: " هذا آية في التوراة ".
وأقول: لو صح ما زعمه ما ضر ذلك في صحته حديثاً عن نبينا صلى الله عليه وسلم، فيكون من العلم المصدق لما عند أهل الكتاب.
خامساً: أن يكون الثقة يرجع إلى أصول، ولا يوجد ذلك الحديث في أصوله
.
مثاله: قول أبي داود السجستاني: سمعت أحمد (يعني ابن حنبل) سئل عن حديث إبراهيم بن سعد عن أبيه، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:" الأئمة من قريش "؟ قال: " ليس هذا في كتب إبراهيم، لا ينبغي أن يكون له أصل "(2).
وقال أبو حاتم الرازي: سألت أحمد بن حنبل عن حديث سليمان بن
(1) متفق عليه: أخرجه البُخاري (رقم: 5873) ومسلم (رقم: 2841).
(2)
مسائل الإمام أحمد، رواية أبي داود (ص: 289).
موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا نكاح إلا بولي "، وذكرت له حكاية ابن علية؟ فقال:" كتب ابن جريج مدونة، فيها أحاديثه، من حدث عنهم، ثم لقيت عطاء، ثم لقيت فلاناً، فلو كان محفوظاً عنه لكان هذا في كتبه ومراجعاته "(1).
وقال ابن أبي حاتم الرازي: سمعت أبي وذكر حديث إبراهيم بن سليمان أبي إسماعيل المؤدب، عن هرير بن عبد الرحمن، بن رافع بن خديج، عن جده رافع، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لبلال:" نور بالفجر قدر ما يبصر القوم مواقع نبلهم ".
قال أبي: " روى أبو بكر بن أبي شيبة هذا الحديث عن أبي نعيم، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن هرير بن عبد الرحمن، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبي: " وسمعنا من أبي نعيم كتاب إبراهيم بن إسماعيل، الكتاب كله، فلم يكن لهذا الحديث فيه ذكر، وقد حدثنا غير واحد عن أبي إسماعيل المؤدي ".
قلت لأبي: الخطأ من أبي نعيم، أو من أبي بكر بن أبي شيبة؟ قال:" أرى قد تابع أبا بكر رجل آخر، إما محمد بن يحيى أو غيره، فعلى هذا يدل أن الخطأ من أبي نعيم " يعني أن أبا نعيم أراد أبا إسماعيل المؤدب، وغلط في نسبته، ونسب إبراهيم بن سليمان إلى إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع (2).
قلت: الحكم بخطأ أبي نعيم فيه محل نظر، فقد توبع عليه (3)، لكني قصدت التمثيل باتباع النقاد هذا الطريق لكشف علة الحديث.
(1) علل الحديث، لابن أبي حاتم (رقم: 1224).
(2)
علل الحديث (رقم: 400) كما قال أبو حاتم قبل ذلك (رقم: 385): " حدثنا هارون بن معروف وغيره عن أبي إسماعيل إبراهيم بن سليمان المؤدب، عن هُرَير، وهو أشبه " أي من رواية أبي نعيم.
(3)
كما بينت ذلك في تعليقي على " تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن أبي نُعيم عالياً " لأبي نُعيم الأصبهاني (رقم: 54).