الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بلاغة التعبير باللمس دون الرؤية
.
قال تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الأنعام 7]
• قال السمعاني رحمه الله: " فإن قال قائل: لم لم يقل: فرأوه بأعينهم؟ قيل: لأن اللمس أبلغ في إيقاع العلم من الرؤية، لأن السحر يجري على المرئي، ولا يجري على الملموس، لأن الملموس يصير مرئيا، والمرئي لا يصير ملموسا، فذكر اللمس ليكون أبلغ
…
ومعناه: أنه لا ينفع معهم شيء فإنا وإن أنزلنا عليهم ما اقترحوا قالوا إن هذا إلا سحر مبين ".
(1)
الدراسة:
استنبط السمعاني من هذه الآية استنباطاً بلاغياً، مفاده أن التعبير باللمس للكتاب أبلغ من التعبير بالرؤية والمعاينة له، وذلك أن كفار قريش نسبوا كل ما نُزِّل على محمد صلى الله عليه وسلم إما بالسحر أو بالشعر أو بالكهانة أو غير ذلك، ومع ذلك أراد الله أن يبين بأنهم لو لمسوا الكتاب مع أن اللمس لا يجري فيه السحر لما زال جحدهم وكفرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالكتاب المنزل عليه، ولما زال النسبة لهذا الكتاب بأنه سحر مستمر ودائم.
(1)
تفسير السمعاني (2/ 89).
قال ابن عادل الحنبلي: " وذكر اللمس ولم يذكر المعاينة، لأن اللمس أبلغ في إيقاع العلم من الرؤية، ولأن السحر يجري على المرئي، ولا يجري على الملموس".
(1)
وقد وافق السمعاني على هذا الاستنباط: الماوردي، والزمخشري، وابن الجوزي، وأبو حيان.
(2)
وقد ذكر استنباط آخر يؤيد المعنى المستنبط الأول، وذلك بأن التعبير باليد في الملامسة دون سائر الأعضاء فيه مبالغة في التأكيد باللمس لأن اليد أقوى في اللمس والإدراك من بقية الأعضاء، ومع ذلك لا يزيدهم هذا وغيره إلا عنادا واستكبارا. ذكره ابن الجوزي، وأبو حيان.
(3)
(1)
اللباب في علوم الكتاب (8/ 36). وقد ذكر الماوردي ثلاثة أوجه في سبب تخصيص ذكر اللمس دون المعاينة منها ما ذكر أعلاه وهي: أولا: أن نزوله مع الملائكة وهم لا يرون بالأبصار، فلذلك عبر عنه باللمس دون الرؤية، ثانيا: لأن الملموس أقرب من المرئي، ثالثا: لأن السحر يتخيل في المرئيات، ولا يتخيل في الملموسات. انظر: النكت والعيون (2/ 95).
(2)
انظر: النكت والعيون (2/ 95)، والكشاف (2/ 6)، وزاد المسير (2/ 299)، والبحر المحيط (4/ 61).
(3)
انظر: زاد المسير (2/ 299)، والبحر المحيط (4/ 78).