الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد أشار إلى هذا الاستنباط جل المفسرين أمثال: الثعلبي، والبغوي، وأبو حيان، والبيضاوي، والخازن، والشنقيطي.
(1)
وقد استنبط من هذه الآية أيضاً أن سبب تقديم رسولنا صلى الله عليه وسلم على سائر الأربعة مع تقدمهم عليه في الرسالة، أن في ذلك تعظيماً وتشريفاً له، وتكريماً لشأنه، عليه الصلاة والسلام، قال ابن كثير:" بدأ بالخاتم لشرفه صلوات الله عليه، وبيانا لعظم مكانته، ثم رتبهم بحسب وجودهم في الزمان ".
(2)
وممن قال بذلك أيضاً: البيضاوي، وأبو السعود، والشوكاني.
(3)
عدم جواز الطلاق قبل النكاح لدلالة الترتيب
.
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب 49].
• قال السمعاني رحمه الله: " في الآية دليل على أن الطلاق لا يجوز قبل النكاح؛ لأنه رتب الطلاق على النكاح فدل على أنه لا يتقدمه ".
(4)
(1)
انظر: الكشف والبيان (8/ 10)، ومعالم التنزيل (6/ 320)، والبحر المحيط (8/ 455)، وأنوار التنزيل (4/ 365)، ولباب التأويل (3/ 410)، وأضواء البيان (6/ 233).
(2)
تفسير القرآن العظيم (6/ 382).
(3)
انظر: أنوار التنزيل (4/ 365)، وإرشاد العقل السليم (5/ 320)، وفتح القدير (6/ 21).
(4)
تفسير السمعاني (4/ 294).
الدراسة:
لما رتب الرب سبحانه الطلاق بعد النكاح، استنبط السمعاني بدلالة الالتزام أنه لا يكون هناك طلاق بدون نكاح، لأن يلزم من الطلاق وجود النكاح وذلك لعلة الترتيب والتراخي في الآية.
الموافقون:
وافق السمعاني على هذا الاستنباط الفقهي أكثر الفقهاء المفسرين بل هو منقول عن الإمامين الشافعي، وأحمد بن حنبل، وجمهور السلف
(1)
، بل وزادوا التعيين، بحيث لو عين امرأة قبل نكاحها بأن يطلقها لم يقع هذا الطلاق، فضلا أن يقول لو تزوجت أي امرأة فهي طالق.
قال السعدي: "ويستدل بهذه الآية، على أن الطلاق، لا يكون إلا بعد النكاح، فلو طلقها قبل أن ينكحها، أو علق طلاقها على نكاحها، لم يقع، لقوله: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} فجعل الطلاق بعد النكاح، فدل على أنه قبل ذلك، لا محل له".
(2)
وممن ذكر هذا الاستنباط الفقهي من قبل السعدي: الشافعي، والقرطبي، وابن القيم، وابن كثير، والعثيمين.
(3)
المخالفون:
خالف مالك وأبو حنيفة في القول بعدم وقوع الطلاق، وقالوا أنه يقع الطلاق حتى لو لم يكن هناك نكاح بعد، وحجتهم الدلالة الظاهرة في قول القائل:
(1)
انظر أحكام القرآن للشافعي (1/ 130)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (6/ 440).
(2)
تفسير السعدي ص 668.
(3)
انظر: أحكام القرآن للشافعي (1/ 130)، والجامع لأحكام القرآن (14/ 202)، وإعلام الموقعين (4/ 116)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (6/ 440)، وتفسير القرآن العظيم لابن عثيمين (5/ 78).
إن تزوجت فلانة فهي طالق، وقالوا بوقوع الطلاق، لأنه ألزم على نفسه الطلاق شريطة النكاح. وقد ذكر الجصاص في أحكامه هذا القول، وقال بأن قوله، والقائلين به هو الصحيح، وأنكر القول المخالف له.
(1)
النتيجة:
ما ذهب إليه السمعاني، والموافقون له من قبله، ومن بعده، من أن تعليق الطلاق قبل النكاح لا يصح، وهذا هو الصحيح لما دلت عليه الآية التي اقتضت التراخي للطلاق بعد النكاح، ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا طلاق إلا فيما تملك ولا عتق إلا فيما تملك ولا بيع إلا فيما تملك)
(2)
، ولما أثر عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه تلا قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} ، ثم قال: فلا يكون طلاق حتى يكون نكاح"
(3)
. وهذان الحديثان بذاتهما يبطلان قول المخالف الذي ليس له أساس ولا دليل، والله أعلم.
(1)
انظر: أحكام القرآن للجصاص (5/ 232)، وقد اختلف مالك وأبو حنيفة فيمن يقع عليه الطلاق، فقال مالك: لا يقع الطلاق إلا على من عينت، وخالفه أبو حنيفة بقوله أنه لو قال:" كل امرأة أتزوجها فهي طالق فإن كل امرأة يتزوجها بعد هذا الكلام تطلق منه". انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (6/ 240).
وقد ذكر ابن عطية، وابن كثير، والشوكاني كلا القولين، وأبطلوا قول مالك، وأبي حنيفة، المخالف لما تقتضيه دلالات نصوص القرآن وصريح السنة، وما هو عليه جمهور السلف، للاستزادة انظر: المحرر الوجيز (5/ 315)، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (6/ 240)، وفتح القدير (6/ 59).
(2)
أخرجه أبو داود في سننه - باب في الطلاق قبل النكاح - حديث 2192 (2/ 224)، قال عنه الألباني حديث حسن، انظر: إرواء الغليل (6/ 173).
(3)
أخرجه الحاكم في مستدركه - كتاب التفسير - باب في تفسير سورة الأحزاب حديث 3567 (2/ 454)، قال عنه حديث صحيح على شرط الشيخين.